العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

بيوتهن... تكريم رفيع

الجمعة ١٠ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬عاطف‭ ‬الصبيحي

ننظر‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬العزيز‭ ‬لنقتبس‭ ‬منه‭ ‬مظهرا‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬تكريم‭ ‬المرأة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬المرأة‭ ‬حين‭ ‬تكون‭ ‬زوجة،‭ ‬نستعرض‭ ‬وصايا‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لنا،‭  ‬بحق‭ ‬هذه‭ ‬المرأة،‭ ‬كصنو‭ ‬للرجل‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬اختلاف‭ ‬بسيط‭ ‬يستدعيه‭ ‬التكوين‭ ‬الخلقي‭ ‬لكل‭ ‬منهما،‭ ‬وهو‭ ‬اختلاف‭ ‬لا‭ ‬ينقص‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬منهما،‭ ‬ولا‭ ‬يبخس‭ ‬أيهما‭ ‬شيئاً،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬بهذا‭ ‬التباين‭ ‬الخلقي‭ ‬بينهما‭ ‬تجلت‭ ‬أبهى‭ ‬صور‭ ‬الجمال‭ ‬والكمال‭ ‬والتكامل‭ ‬بين‭ ‬الاثنين،‭ ‬والنظرة‭ ‬القرآنية‭ ‬الحضارية‭ ‬تجاه‭ ‬المرأة‭ ‬هي‭ ‬مرجعيتنا‭ ‬الأساس‭ ‬والأصل‭ ‬الذي‭ ‬نؤوب‭ ‬إليه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬عن‭ ‬رسولنا‭ ‬الكريم‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

والمرأة‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬الإنساني‭ ‬تناوبت‭ ‬عليها‭ ‬أفكار‭ ‬وأحوال‭ ‬ونظريات‭ ‬ومواقف،‭ ‬تأرجحت‭ ‬بينها‭ ‬المرأة‭ ‬بين‭ ‬الإفراط‭ ‬والتفريط،‭ ‬وكانت‭ ‬مجنيا‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حقب‭ ‬التاريخ،‭ ‬حتى‭ ‬حين‭ ‬ظنوا‭ ‬أنهم‭ ‬أكرموها،‭ ‬فأهانوها‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬يشعرون،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬القول‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ ‬الكريم،‭ ‬فأطّر‭ ‬شخصيتها‭ ‬وحقوقها‭ ‬وواجباتها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ثابت،‭ ‬لا‭ ‬يجري‭ ‬عليه‭ ‬التغير‭ ‬ولا‭ ‬التحويل،‭ ‬أنصفها‭ ‬حق‭ ‬الإنصاف‭ ‬وآيات‭ ‬الكتاب‭ ‬الكريم‭ ‬تنطق‭ ‬بذلك‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬حصر‭ ‬صور‭ ‬التكريم‭ ‬الرباني‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬واحد،‭ ‬لكن‭ ‬نعمد‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬واحد،‭ ‬لنلقي‭ ‬عليه‭ ‬بعضاً‭ ‬من‭ ‬الضوء،‭ ‬ولن‭ ‬نفيه‭ ‬حقه،‭ ‬لكنها‭ ‬إضاءة‭ ‬وحسب‭.‬

الإضاءة‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬نقطة‭ ‬محورية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المرء‭ ‬رجلا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬امرأة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬الحاسمة‭ ‬المفصلية‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬كزوجين،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬البيت‭ ‬–السكن–‭ ‬فما‭ ‬زال‭ ‬البيت‭ ‬منسوباً‭ ‬إلى‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬يتيمة‭ ‬سنأتي‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬حينها‭.‬

أكثر‭ ‬ما‭ ‬استوقفني‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬ولا‭ ‬تخرجوهن‭ ‬من‭ ‬بيوتهن‮»‬‭ ‬ونسبة‭ ‬البيت‭ ‬إلى‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬حرجة‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬حين‭ ‬يحتدم‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الأزواج،‭ ‬وتكون‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬جرف‭ ‬هاو‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬كزوجة،‭ ‬فأثبت‭ ‬لها‭ ‬البيت،‭ ‬وكان‭ ‬الأمر‭ ‬الإلهي‭ ‬واضحا‭ ‬بعدم‭ ‬إخراجها‭ ‬من‭ ‬بيتها،‭ ‬فعلى‭ ‬الرجل‭ ‬الخروج،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬البيت‭ ‬من‭ ‬حر‭ ‬ماله‭ ‬بالكامل،‭ ‬وكان‭ ‬الخطاب‭ ‬موجها‭ ‬إلى‭ ‬النبي‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬الطلاق‭ (‬يا‭ ‬أيها‭ ‬النبي‭ ‬إذا‭ ‬طلقتم‭ ‬النساء‭ ‬فطلقوهن‭ ‬لعدتهن‭ ‬وأحصوا‭ ‬العدة‭ ‬واتقوا‭ ‬الله‭ ‬ربكم‭ ‬لا‭ ‬تخرجوهن‭ ‬من‭ ‬بيوتهن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يأتين‭ ‬بفاحشة‭ ‬مبينة‭ ‬وتلك‭ ‬حدود‭ ‬الله‭ ‬ومن‭ ‬يتعد‭ ‬حدود‭ ‬الله‭ ‬فقد‭ ‬ظلم‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬تدري‭ ‬لعل‭ ‬الله‭ ‬يُحدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أمراً‭).‬

الآية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬إذا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفعل‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬إذا‮»‬‭ ‬حتمي‭ ‬الحصول‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬وبما‭ ‬إنه‭ ‬حتمي‭ ‬الحدوث،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬إطار‭ ‬أخلاقي‭ ‬يحكمه‭ ‬وينظمه،‭ ‬فكان‭ ‬النص‭ ‬بأمره‭ ‬الصارم‭ ‬للنبي‭ ‬ولمن‭ ‬تبعه‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬بتقوى‭ ‬الله‭ ‬فيهن،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬حين‭ ‬الخلاف‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الانفصال‭.‬

ولكن‭ ‬الاستثناء‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬الإلهي‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬الزوجة‭ ‬بفاحشة‭ ‬مبينة،‭ ‬وهذا‭ ‬نادر‭ ‬الحصول،‭ ‬وأندر‭ ‬منه‭ ‬إثباته،‭ ‬ولكن‭ ‬إن‭ ‬اجتمعت‭ ‬جميع‭ ‬أركان‭ ‬هذه‭ ‬الفاحشة،‭ ‬فهنا‭ ‬وهنا‭ ‬فقط‭ ‬تُخرج‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬بيتها،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فعل‭ ‬شائن‭ ‬لا‭ ‬طاقة‭ ‬للرجال‭ ‬على‭ ‬تحمله‭.‬

هذا‭ ‬جانب‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬إنصاف‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬الله،‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬يتم‭ ‬تغييب‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬المطلقة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬انتصاراً‭ ‬للذات‭ ‬والنفس‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الزوجين،‭ ‬وقلما‭ ‬من‭ ‬يلتزم‭ ‬بهذه‭ ‬التعاليم‭ ‬الربانية،‭ ‬وفي‭ ‬المقال‭ ‬القادم‭ ‬سنعرض‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا