العدد : ١٦٩٩٤ - الأربعاء ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٤ - الأربعاء ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

المستشفيات الـخـاصة..ارتقاء بالقطاع الطبي أم استثمارات تجارية ؟

تحقيق: محمد الساعي

الأحد ٣٠ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

أطباء: إذا تخلت المستشفيات الخاصة عن رسالتها الإنسانية.. تحولت إلى دكاكين!

د. الــعــرادي: مــــــن دون اســــتــراتيـجـــــية واضــــــحــة.. سـنبـقـى ندور في دائرة مفرغة

د. الــمــيــر: الأطـبـاء الـشـرفـاء هم من رفعوا أســـعـــارهـــم حـفــاظــا علـى جـودة الـخـدمــات

د. الدلال: يـقـع الطبـيـب في الـفـخ إذا لـم يــحـترم الـشـعــرة الـدقــيـقـة بـين الطـب والـعـمـل الـتجـاري

الطب الخاص: لسنا ندا للسلمانية.. وكادر الأطباء سبب كاف لهجرة الكفاءات


 

في‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الموضوع،‭ ‬أعادت‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬معاناة‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬جانبين،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬تأخر‭ ‬المواعيد‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي‭ ‬بشكل‭ ‬قد‭ ‬يتجاوز‭ ‬العام‭. ‬والجانب‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬معاناة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬من‭ ‬تحول‭ (‬بعض‭) ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬الى‭ ‬مراكز‭ ‬استثمارية‭ ‬تجارية‭ ‬بحتة‭ ‬يتففن‭ ‬فيها‭ (‬بعض‭) ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬إرهاق‭ ‬كاهلهم‭ ‬ونهش‭ ‬البقية‭ ‬الباقية‭ ‬من‭ ‬دنانيرهم‭ ‬بتحاليل‭ ‬وطلبات‭ ‬ربما‭ ‬غير‭ ‬ضرورية‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تبادلهم‭ ‬المرضى‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ (‬نفعني‭ ‬وانفعك‭). ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يضع‭ ‬المواطن‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره‭ ‬بين‭ ‬المطرقة‭ ‬والسندان،‭ ‬مطرقة‭ ‬السلمانية‭.. ‬وسندان‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬تساؤلات‭ ‬مهمة‭: ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬استطاع‭ ‬قطاع‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬عن‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬بالمملكة؟‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالخدمات‭ ‬الطبية؟‭ ‬أم‭ ‬بقيت‭ ‬المراكز‭ ‬والمستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬مجرد‭ ‬مشاريع‭ ‬تجارية؟‭ ‬من‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬مراقبة‭ ‬الطبيب‭ ‬وقراراته؟‭ ‬ثم‭.. ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬قد‭ ‬انتشرت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬نسبي‭ ‬للتأمين‭ ‬الصحي،‭ ‬لماذا‭ ‬لاتزال‭ ‬السلمانية‭ ‬تعاني‭ ‬ذات‭ ‬الضغط‭.. ‬وربما‭ ‬أسوأ؟

تساؤلات‭ ‬ناقشناها‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الطبي‭ ‬الخاص‭. ‬

 

دكاكين‭!‬

نبدأ‭ ‬رحلتنا‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬مع‭ ‬العضو‭ ‬المؤسس‭ ‬ورئيس‭ ‬مجلس‭ ‬ادارة‭ ‬مستشفى‭ ‬ابن‭ ‬النفيس‭ ‬السابق،‭ ‬استشاري‭ ‬جراحة‭ ‬العظام‭ ‬والمفاصل‭ ‬واصابات الملاعب،‭ ‬د‭. ‬علي‭ ‬جعفر‭ ‬العرادي،‭ ‬لنسـأله‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬تحولت‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬فعلا‭ ‬الى‭ ‬مشاريع‭ ‬تجارية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬إنسانية؟‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أجاب‭ ‬عليه‭ ‬بقوله‭: ‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬ننكر‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭. ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬هنا‭ ‬ان‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬جذور‭ ‬المشكلة‭. ‬فأولا‭ ‬يفترض‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬التراخيص‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الطبية‭ ‬الخاصة‭ ‬مقننة،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬له‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬مشروع‭ ‬تجاري،‭ ‬وخاصة‭ ‬ان‭ ‬لدينا‭ ‬توجها‭ ‬جادا‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬تطوير‭ ‬السياحة‭ ‬العلاجية‭. ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬له‭ ‬متطلبات‭ ‬منها‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬خدمات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬صحية‭ ‬راقية‭ ‬فقط،‭ ‬وإلا‭ ‬تحول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬الى‭ ‬دكاكين‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬استراتيجية‭ ‬البلد‭. ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬ان‭ ‬نشيد‭ ‬بدور‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنظيم‭ ‬المهن‭ ‬والخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬‮«‬نهرا‮»‬‭ ‬في‭ ‬المراقبة‭ ‬الصارمة‭ ‬والمتابعة‭ ‬المستمرة،‭ ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬الى‭ ‬أصل‭ ‬المشكلة‭ ‬وهي‭ ‬تقنين‭ ‬التراخيص‭. ‬فمثلا‭ ‬قبل‭ ‬منح‭ ‬أي‭ ‬ترخيص‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نسأل‭: ‬ماذا‭ ‬سيقدم‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الطبي‭ ‬للبلد‭ ‬وللخدمات‭ ‬الطبية؟‭ ‬ماهي‭ ‬المسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬سينهض‭ ‬بها‭.‬؟‭. ‬فلطالما‭ ‬ناديت‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬بأن‭ ‬يخصص‭ ‬صندوق‭ ‬خيري‭ ‬بكل‭ ‬مؤسسة‭ ‬طبية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ودعم‭ ‬غير‭ ‬القادرين‭.‬

لذلك‭ ‬اشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬صحية‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الصورة‭ ‬الطاغية،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬افتقدت‭ ‬المؤسسة‭ ‬الصحية‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬تجارية‭ ‬وإلى‭ ‬دكاكين‭! ‬بل‭ ‬للأسف‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬ننظر‭ ‬اليها‭ ‬كدكاكين‭ ‬وليس‭ ‬مؤسسات‭ ‬صحية‭ ‬أو‭ ‬مستشفيات‭. ‬وهذا‭ ‬جور‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المريض‭. ‬لذلك‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬جهود‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬لتأسيس‭ ‬مؤسسات‭ ‬صحية‭ ‬صحيحة‭ ‬تخدم‭ ‬المجتمع‭ ‬والدولة،‭ ‬فنحن‭ ‬لسنا‭ ‬اقل‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬بل‭ ‬نحن‭ ‬قادرون‭ ‬فعلا‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬مستويات‭ ‬السياحة‭ ‬العلاجية،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬أعطيت‭ ‬المجال‭ ‬لمؤسسات‭ ‬رخيصة‭ ‬بحجة‭ ‬المنافسة‭ ‬او‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬رخيصة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬جودة‭ ‬التشخيص‭ ‬الصحيح،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬كلفته‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭. ‬وبالتالي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نكون‭ ‬واقعيين،‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تريد‭ ‬علاجا‭ ‬صحيحا،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬مكلفا‭ ‬لأنه‭ ‬يتطلب‭ ‬فحوصات‭ ‬وتحاليل‭ ‬مسبقة‭. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الانصاف‭ ‬مقارنة‭ ‬الامر‭ ‬بمؤسسات‭ ‬أخرى‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬أرخص‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬بنفس‭ ‬الكفاءة،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬كلفة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬إعطاء‭ ‬علاجات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تحليلات‭ ‬كافية‭. ‬

ثم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬حدثت‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬اشرت‭ ‬اليها‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬صحية‭ ‬كبيرة‭ ‬وشعرت‭ ‬أنه‭ ‬طلب‭ ‬منك‭ ‬تحاليل‭ ‬غير‭ ‬ضرورية،‭ ‬لديك‭ ‬إمكانية‭ ‬اختيار‭ ‬الأطباء‭ ‬الذين‭ ‬تثق‭ ‬فيهم‭. ‬فهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬البحرينيين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة‭ ‬العالية‭ ‬والسمعة‭ ‬الطيبة‭. ‬ففي‭ ‬النهاية‭ ‬هي‭ ‬مهنة‭ ‬إنسانية‭ ‬ويجب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطباء‭ ‬ان‭ ‬يتقوا‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬المرضى‭ ‬والا‭ ‬يكثروا‭ ‬من‭ ‬طلبات‭ ‬أي‭ ‬امر‭ ‬غير‭ ‬ضروري‭. ‬فالمستشفى‭ ‬الطبي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬مشروع‭ ‬طبي،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬ان‭ ‬تربح،‭ ‬ولكن‭ ‬حقق‭ ‬أرباحا‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬الدور‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭. ‬

تخفيف‭ ‬الضغط

{‭ ‬في‭ ‬رأيك،‭ ‬الى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬استطاعت‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ان‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬عن‭ ‬السلمانية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر؟

{{‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬وجود‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬يسهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬العامة‭. ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشكاوى‭ ‬بخصوص‭ ‬نقص‭ ‬الاسرة،‭ ‬وتزايد‭ ‬الكلفة‭ ‬الاجمالية‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بسبب‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية،‭ ‬كان‭ ‬للمستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬واستقطاب‭ ‬اعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المراجعين‭ ‬خاصة‭ ‬المقتدرين‭.‬

ولكن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الجوانب‭ ‬ربما‭ ‬تعيق‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭. ‬فمثلا،‭ ‬المبدأ‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تعمل‭ ‬به‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬هو‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭. ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬القطاعين‭ ‬ليسا‭ ‬ندين‭ ‬لبعضهما‭ ‬وانما‭ ‬يكملان‭ ‬بعضهما‭ ‬بعضا‭. ‬

إلا‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬نظرة‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬انها‭ ‬منافس‭ ‬للمستشفيات‭ ‬الحكومية،‭ ‬وهذا‭ ‬امر‭ ‬خاطئ،‭ ‬لأنه‭ ‬ببساطة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬المنافسة‭ ‬متكافئة‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬وامكانيات،‭ ‬لذلك‭ ‬مسؤولية‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬هي‭ ‬اكمال‭ ‬الأدوار‭ ‬وتخفيف‭ ‬العبء‭ ‬عن‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬وجود‭ ‬اشبه‭ ‬باتفاقية‭ ‬تفاهم‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكامل‭. ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬المعدات‭ ‬مثلا،‭ ‬يمكن‭ ‬للمستشفيات‭ ‬العامة‭ ‬ان‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المعدات،‭ ‬لان‭ ‬هذا‭ ‬المريض‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يعالج‭ ‬في‭ ‬الخاص‭ ‬سيتجه‭ ‬الى‭ ‬السلمانية‭ ‬مثلا،‭ ‬أي‭ ‬عدنا‭ ‬الى‭ ‬نفس‭ ‬الإشكالية‭ ‬وهي‭ ‬زيادة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬السلمانية‭. ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬يمكنني‭ ‬القول‭ ‬بأننا‭ ‬لا‭ ‬نلمس‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬دائما‭. ‬

فمثلا،‭ ‬في‭ ‬احدى‭ ‬الحالات‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬مناظير‭ ‬الأمعاء‭ ‬بالسلمانية،‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬المسؤولية‭ ‬قدمنا‭ ‬هذه‭ ‬المعدات‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬استيراد‭ ‬مناظير‭ ‬للسلمانية‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬نفس‭ ‬هذه‭ ‬المعاملة‭ ‬في‭ ‬المقابل‭. ‬ففي‭ ‬احدى‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬باشرتها،‭ ‬وكانت‭ ‬كسرا‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬أحد‭ ‬المرضى‭. ‬والعملية‭ ‬تتطلب‭ ‬أنواعا‭ ‬من‭ (‬المسامير‭ ‬الخاصة‭). ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬المقاسات‭ (‬100‭ ‬ملم‭) ‬غير‭ ‬متوافر‭ ‬لدينا‭. ‬فاتصلت‭ ‬بالوزارة‭ ‬وطلبت‭ ‬شراء‭ ‬عدد‭ ‬منها‭ ‬او‭ ‬تعويضهم‭ ‬بأدوات‭ ‬اخرى‭. ‬ولكن‭ ‬رفضوا‭ ‬الامر‭. ‬ما‭ ‬اضطرنا‭ ‬الى‭ ‬توصيل‭ ‬الامر‭ ‬الى‭ ‬أعلى‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬وتكرار‭ ‬المحاولة‭ ‬حتى‭ ‬حصلنا‭ ‬عليها‭. ‬والسؤال‭ ‬هنا‭: ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتوافر‭ ‬هذه‭ ‬المعدات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬فسيضطر‭ ‬المرضى‭ ‬الى‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬السلمانية‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتزايد‭ ‬الضغط‭. ‬

أضف‭ ‬الى‭ ‬ذلك،‭ ‬ان‭ ‬تزايد‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬السلمانية‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬يخلق‭ ‬إشكاليات‭ ‬كثيرة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المراجعين‭ ‬يعزفون‭ ‬عن‭ ‬التوجه‭ ‬الى‭ ‬السلمانية‭ ‬وتفضيل‭ ‬العيادات‭ ‬الخاصة‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الإشكاليات‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬بهجرة‭ ‬العقول‭ ‬والكفاءات‭ ‬من‭ ‬الطب‭ ‬العام‭ ‬لأسباب‭ ‬منها‭ ‬الدخل‭ ‬وعدم‭ ‬التقدير‭ ‬الذي‭ ‬يستحقونه‭. ‬وبالمقابل‭ ‬وجدت‭ ‬هذه‭ ‬الكفاءات‭ ‬نفسها‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭. ‬فمثلا‭ ‬عندنا‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬ابن‭ ‬النفيس،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90‭% ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬هم‭ ‬بحرينيون‭. ‬

أين‭ ‬المشكلة؟

{‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬للمستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء،‭ ‬ولا‭ ‬ننكر‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬جادة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬السلمانية،‭ ‬ولكن‭ ‬بنفس‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬ننكر‭ ‬ان‭ ‬المشكلة‭ ‬مازالت‭ ‬مستمرة‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭. ‬اين‭ ‬تكمن‭ ‬الإشكالية‭ ‬في‭ ‬رأيك،‭ ‬وهل‭ ‬هي‭ ‬مشكلة‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للحل‭ ‬أساسا؟‭ ‬

{{‭ ‬بالإمكان‭ ‬حل‭ ‬المشكلة،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬إدارية‭. ‬فعندما‭ ‬تخصص‭ ‬ميزانية‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الصحيح‭ ‬وتبتعد‭ ‬عن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإشكاليات‭ ‬القائمة،‭ ‬وتركز‭ ‬امكانياتك‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬المشكلة‭ ‬مع‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬المجاملات،‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تتجاوز‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العقبات‭. ‬

{{‭ ‬لنكن‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية،‭ ‬هناك‭ ‬زيادة‭ ‬سكانية‭ ‬متفاقمة،‭ ‬ميزانيات‭ ‬مقلصة،‭ ‬موارد‭ ‬محدودة،‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬نتوقع‭ ‬هذه‭ ‬الازمة؟

{{‭ ‬نعم‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬المطردة‭ ‬مشكلة‭ ‬متفاقمة،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬ان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬يمتلكون‭ ‬تأمينا‭ ‬صحيا،‭ ‬وهناك‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬مقتدرون‭ ‬يمكنهم‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭. ‬وهنا‭ ‬الفئات‭ ‬الأخرى‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬عليها‭ ‬وتقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬لها‭ ‬بالجودة‭ ‬والوقت‭ ‬المناسب‭. ‬والقطاع‭ ‬العام‭ ‬يبقى‭ ‬مسؤولا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفئات‭. ‬واستشهد‭ ‬هنا‭ ‬بخطاب‭ ‬فيدل‭ ‬كاسترو‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬عندما‭ ‬اعتبر‭ ‬ان‭ ‬خصخصة‭ ‬قطاعي‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬امر‭ ‬غير‭ ‬صحي‭ ‬لأنها‭ ‬تبقى‭ ‬مسؤولية‭ ‬الحكومات،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ضرورة‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬لهما‭ ‬الأولوية‭ ‬لانهما‭ ‬أساس‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تحدث‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬يعاني‭ ‬مشاكل‭ ‬صحية‭ ‬أو‭ ‬ثقافية‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تبعا‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬الميزانيات‭ ‬هو‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬ومواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬المتزايدة‭. ‬

ثم‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نضع‭ ‬النقاط‭ ‬على‭ ‬الحروف؟‭ ‬إدارة‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تتبع‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬كما‭ ‬كانت،‭ ‬صحيح‭ ‬ان‭ ‬الاستقلالية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مطلوبة‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬متوازية‭ ‬مع‭ ‬توفير‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والطاقات‭ ‬والعناصر‭ ‬المناسبة‭ ‬للارتقاء‭ ‬بالخدمات‭. ‬ولا‭ ‬ندعي‭ ‬هنا‭ ‬ان‭ ‬الحلول‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سهلة‭ ‬او‭ ‬سريعة‭ ‬بعصا‭ ‬سحرية،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬توضع‭ ‬البرامج‭ ‬المناسبة‭ ‬لذلك‭ ‬والا‭ ‬نبقى‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬مفرغة‭.‬

مشاكل‭ ‬متوقعة

محطة‭ ‬أخرى‭ ‬ننتقل‭ ‬اليها‭ ‬ضمن‭ ‬نقاشنا‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬وهي‭ ‬جمعية‭ ‬أصحاب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصحية‭ ‬الخاصة،‭ ‬وتحديد‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬الجمعية‭ ‬الدكتور‭ ‬حسين‭ ‬المير،‭ ‬لنسأله‭ ‬بداية‭ ‬عن‭ ‬تحليله‭ ‬الخاص‭ ‬لاستمرار‭ ‬مشكلة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬السلمانية،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬تخفيف‭ ‬هذا‭ ‬الضغط‭. ‬

أولا‭ -‬يجيبنا‭ ‬المير‭- ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والإدارات‭ ‬المعنية‭ ‬يقدمون‭ ‬ما‭ ‬يمكنهم‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬طبية‭ ‬مشهودة‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬واعتقد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الظلم‭ ‬ان‭ ‬نوجه‭ ‬اللوم‭ ‬إلى‭ ‬إدارة‭ ‬المستشفى‭ ‬او‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬ابعاد‭ ‬المشكلة‭.‬

فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة،‭ ‬تبقى‭ ‬التحديات‭ ‬قائمة،‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬نتوقع‭ ‬مشاكل‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمواعيد‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬السلمانية‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬أن‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬تغييرات‭ ‬جذرية‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬تضاعف‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬بمعنى‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬نموا‭ ‬موازيا‭ ‬للنمو‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭. ‬بل‭ ‬إذا‭ ‬شئنا‭ ‬الدقة،‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬البحرين‭ ‬تحتاج‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬إلى‭ ‬مستشفيين‭ ‬آخرين‭ ‬بحجم‭ ‬السلمانية‭.‬

ومن‭ ‬التحديات‭ ‬ايضا‭ ‬صعوبة‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالعقول‭ ‬والكفاءات‭ ‬لأن‭ ‬الرواتب‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬الى‭ ‬طموحاتهم،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنهم‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬الضعف‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجاورة‭. ‬وهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬الوزارة‭ ‬نفسها‭ ‬وانما‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬كادر‭ ‬الأطباء‭ ‬ليس‭ ‬مفصولا‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭. ‬وبالمقابل‭ ‬دوام‭ ‬الطبيب‭ ‬أطول‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الموظف‭ ‬العادي،‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬ويكون‭ ‬تحت‭ ‬الطلب‭ ‬والاستدعاء‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭. ‬

وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬إدارية‭ ‬يمكن‭ ‬معالجتها‭. ‬فمثلا‭ ‬يشير‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬كلفة‭ ‬غسيل‭ ‬الكلى‭ ‬يكلف‭ ‬70‭ ‬دينارا‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬الواحدة‭. ‬ولكن‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬كلفتها‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬45-50‭ ‬دينارا‭. ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تحال‭ ‬الحالات‭ ‬الى‭ ‬الطب‭ ‬الخاص،‭ ‬وبذلك‭ ‬يقل‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬السلمانية‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وتوافر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬يوميا‭. ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬المساحات‭ ‬المستخدمة‭ ‬لمرضى‭ ‬غسيل‭ ‬الكلى‭ ‬لاستيعاب‭ ‬عدد أكبر من المرضى‭.‬

ونفس‭ ‬الامر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأشعات‭ ‬بأنواعها‭ ‬والمناظير‭ ‬وغيرها،‭ ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالطب‭ ‬الخاص‭ ‬تقلل‭ ‬الضغط‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس‭. ‬لذلك‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬احدى‭ ‬المشكلات‭ ‬هي‭ ‬عدم‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬بل‭ ‬أحيانا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬شبه‭ ‬منافسة‭. ‬فمثلا‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬الكبير‭ ‬عليهم،‭ ‬تتحول‭ ‬أحيانا‭ ‬الى‭ ‬اشبه‭ ‬بمستشفيات‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ (‬التشغيل‭ ‬الذاتي‭) ‬وتغطية‭ ‬المصاريف،‭ ‬وبالتالي‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬طرق‭ ‬تجارية‭ ‬مثل‭ ‬محاولة‭ ‬استقطاب‭ ‬شركات‭ ‬واندية‭ ‬وعيادات‭ ‬وغيرها‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬الضغط‭. ‬وبالطبع،‭ ‬فإن‭ ‬المريض‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬الأولية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬المريض‭ ‬الذي‭ ‬يتعالج‭ ‬بالمجان‭ ‬يضطر‭ ‬الى‭ ‬الانتظار‭!‬

الترخيص‭ ‬متاح‭ ‬للجميع

{‭ ‬وهل‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬السلمانية‭ ‬فعلا؟

{{‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭. ‬فمن‭ ‬دون‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كنا‭ ‬سنعيش‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية‭. ‬بدليل‭ ‬انه‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬تصلنا‭ ‬حالات‭ ‬لمرضى‭ ‬من‭ ‬السلمانية‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬انتظار‭ ‬المواعيد‭ ‬البعيدة‭ ‬في‭ ‬السلمانية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬أسهمت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬وصارت‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬كثيرة‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬سابقا،‭ ‬مثل‭ ‬العمليات‭ ‬الدقيقة‭ ‬كاستبدال‭ ‬مفاصل‭ ‬وزراعة‭ ‬القوقعة‭ ‬وعمليات‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬وجراحات‭ ‬الأورام‭ ‬والبنكرياس‭ ‬والكبد‭ ‬وغيرها‭.‬

{‭ ‬ولكن‭ ‬الشكاوى‭ ‬كثيرة‭ ‬بأن‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬استغل‭ ‬هذه‭ ‬الحاجة‭ ‬وبات‭ ‬يرفع‭ ‬الأسعار‭ ‬ويتفنن‭ ‬في‭ ‬تحميل‭ ‬المراجع‭ ‬مصاريف‭ ‬مضاعفة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬ضرورية؟

{{‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأسعار،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أولا‭ ‬أن‭ ‬كلفة‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬بالبحرين‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭. ‬نعم‭ ‬الأسعار‭ ‬ترتفع،‭ ‬ولكن‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬ننظر‭ ‬الى‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الزوايا‭.‬

ولنبدأ‭ ‬بالمصاريف‭ ‬الأساسية‭. ‬فقد‭ ‬ارتفعت‭ ‬رسوم‭ ‬تقاعد‭ ‬الموظفين‭ ‬5‭%‬،‭ ‬وهذه‭ ‬كلفة‭ ‬إضافية‭. ‬الإيجارات‭ ‬ارتفعت،‭ ‬كلفة‭ ‬الكهرباء‭ ‬تضاعفت‭ ‬300‭%‬،‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نستخدمها‭ ‬ارتفعت‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬دينارا‭ ‬الى‭ ‬25‭. ‬بعض‭ ‬الرسوم‭ ‬الحكومية‭ ‬ارتفعت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬اضعاف‭. ‬تخيل‭ ‬تراخيص‭ ‬الموظفين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تكلف‭ ‬عشرة‭ ‬دنانير‭ ‬سنويا‭ ‬للشخص‭ ‬أصبحت‭ ‬مائة‭ ‬دينار‭. ‬تصور‭ ‬ان‭ ‬سجل‭ ‬المقاولات‭ ‬مثلا‭ ‬50‭ ‬دينارا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬سجل‭ ‬المستشفى‭ ‬بات‭ ‬3000‭ ‬دينارا‭ ‬في‭ ‬السنة‭. ‬عدا‭ ‬عن‭ ‬رسوم‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للبيئة‭ ‬والتجارة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬التي‭ ‬كثير‭ ‬منها‭ ‬لا‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الاخرى‭. ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬رواتب‭ ‬الأطباء‭ ‬ليست‭ ‬كباقي‭ ‬الموظفين‭. ‬هل‭ ‬تعلم‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬صنف‭ ‬دواء‭ ‬يستورده‭ ‬الوكيل‭ ‬يدفع‭ ‬عليه‭ ‬سنويا‭ ‬300‭ ‬دينار؟‭ ‬وهذه‭ ‬الرسوم‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬السابق‭. ‬

أمام‭ ‬ذلك‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬ترتفع‭ ‬رسوم‭ ‬الزيارة‭ ‬للطبيب؟‭ ‬بل‭ ‬بعض‭ ‬الخدمات‭ ‬نقدمها‭ ‬بخسارة‭ ‬بسبب‭ ‬العقود‭.‬

وهنا‭ ‬اقولها‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬ان‭ ‬الأطباء‭ ‬الشرفاء‭ ‬المحافظين‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬المهنة‭ ‬وجودة‭ ‬الخدمات‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬رفعوا‭ ‬أسعارهم،‭ ‬لأنهم‭ ‬رفضوا‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬طبية‭ ‬بجودة‭ ‬أقل‭. ‬وإلا‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الرسوم‭ ‬وتحمل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأعباء‭ ‬المضاعفة؟‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬مواد‭ ‬أرخص‭ ‬وخدمات‭ ‬أقل‭ ‬جودة‭.‬

{‭ ‬هذا‭ ‬صحيح،‭ ‬ولكن‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬متاجرة‭ ‬بالمريض‭ ‬وتحميله‭ ‬تكاليف‭ ‬ترهق‭ ‬كاهله‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضرورة‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬من‭ ‬مهنة‭ ‬إنسانية‭. ‬ألا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬تتحول‭ ‬المؤسسات‭ ‬الطبية‭ ‬الى‭ ‬مشاريع‭ ‬تجارية؟

{{‭ ‬الرسالة‭ ‬الإنسانية‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬الطب،‭ ‬فحتى‭ ‬الشرطي‭ ‬والإطفائي‭ ‬والمحامي‭ ‬والمدرس‭ ‬كلها‭ ‬مهن‭ ‬ذات‭ ‬رسالة‭ ‬إنسانية‭. ‬

ولكن‭ ‬دعني‭ ‬اسألك‭ ‬هنا،‭ ‬عندما‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬لمشروع‭ ‬طبي،‭ ‬ترى‭ ‬ان‭ ‬الاسم‭ ‬الرسمي‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الرخص‭ ‬والسجلات‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬استثماري،‭ ‬أي‭ ‬انه‭ ‬يصنف‭ ‬كمشروع‭ ‬تجاري‭!‬

‭ ‬لذلك‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬وهي‭ ‬السماح‭ ‬لأي‭ ‬مستثمر‭ ‬كان‭ ‬بافتتاح‭ ‬مركز‭ ‬طبي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حتى‭ ‬اشتراط‭ ‬تاريخ‭ ‬طبي‭ ‬او‭ ‬تخصص‭ ‬او‭ ‬اشتراط‭ ‬إضافة‭ ‬خدمات‭ ‬متقدمة‭. ‬حتى‭ ‬العامل‭ ‬عندك‭ ‬أو‭ ‬البواب‭ ‬إذا‭ ‬امتلك‭ ‬مبلغا‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬يمكنه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬افتتاح‭ ‬مركز‭ ‬طبي‭. ‬وهنا‭ ‬بالتأكيد‭ ‬يكون‭ ‬تركيز‭ ‬هذا‭ ‬المستثمر‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أرباح‭. ‬والمشكلة‭ ‬تتفاقم‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الطبيب‭ ‬تحت‭ ‬سلطة‭ ‬رجل‭ ‬الاعمال‭ ‬الذي‭ ‬يطالب‭ ‬إدارة‭ ‬المستشفى‭ ‬والأطباء‭ ‬بتحقيق‭ ‬أرباح‭ ‬سنوية‭.. ‬أو‭ ‬إنهاء‭ ‬عقودهم‭! ‬وهو‭ ‬من‭ ‬يوظف‭ ‬الطبيب‭ ‬ويرقيه‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الامر‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الطبية‭ ‬هو‭ ‬العكس،‭ ‬أي‭ ‬يكون‭ ‬الأطباء‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يديرون‭ ‬المؤسسة‭. ‬وبعض‭ ‬المستثمرين‭ ‬أساسا‭ ‬غير‭ ‬مقيمين،‭ ‬بل‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬المستشفى‭ ‬الخاص‭ ‬الذي‭ ‬يمتلكه‭ ‬كأي‭ ‬شركة‭ ‬أخرى‭ ‬يمتلكها‭. ‬

ثم‭ ‬إن‭ ‬وجود‭ ‬فئة‭ ‬تمارس‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬التي‭ ‬أشرت‭ ‬اليها‭ ‬لا‭ ‬يسيء‭ ‬الى‭ ‬القطاع‭ ‬الطبي‭ ‬الخاص‭ ‬ككل‭. ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬مهنة‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬فاسدة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعممها‭ ‬على‭ ‬المهنة‭ ‬كلها‭. ‬

ومن‭ ‬الانصاف‭ ‬هنا‭ ‬الإشادة‭ ‬بدور‭ ‬الجهات‭ ‬الرقابية‭ ‬مثل‭ (‬نهرا‭) ‬في‭ ‬وضع‭ ‬عقوبات‭ ‬صارمة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ثبوت‭ ‬أي‭ ‬مخالفة‭. ‬ولكن‭ ‬العتب‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬التراخيص‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬استثمار‭ ‬طبي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضوابط‭. ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬للجهات‭ ‬المعنية‭: ‬أنتم‭ ‬من‭ ‬حولتهم‭ ‬الطب‭ ‬الى‭ ‬مشروع‭ ‬استثماري‭! ‬انظر‭ ‬الى‭ ‬أغلب‭ ‬المراكز‭ ‬التي‭ ‬فتحت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أغلبها‭ ‬تجميل‭ ‬وليزر‭ ‬وتقويم‭ ‬اسنان‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬ذات‭ ‬المردود‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬عامة‭. ‬

الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬اود‭ ‬الإشارة‭ ‬اليه،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الطبيب‭ ‬قد‭ ‬يضطر‭ ‬الى‭ ‬اجراء‭ ‬الفحوصات‭ ‬الكثيرة‭ ‬تجنبا‭ ‬للوقوع‭ ‬في‭ ‬الأخطاء‭ ‬والمساءلة،‭ ‬ولكن‭ ‬يعتقد‭ ‬المريض‭ ‬انها‭ ‬محاولة‭ ‬لاستغلاله‭. ‬فمثلا‭ ‬أحد‭ ‬الاطباء‭ ‬مؤخرا،‭ ‬أراد‭ ‬ان‭ ‬يجري‭ ‬عملية‭ ‬ختان‭ ‬لطفل‭ ‬عمره‭ ‬حوالي‭ ‬عامين،‭ ‬وهو‭ ‬عمر‭ ‬كبير‭ ‬نسبيا،‭ ‬وفي‭ ‬الغالب‭ ‬يتم‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬التخدير‭ ‬الكلي‭. ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬الوضع‭ ‬المادي‭ ‬لعائلة‭ ‬الطفل‭ ‬ضعيف،‭ ‬أخبرهم‭ ‬الطبيب‭ ‬بأنه‭ ‬سيستخدم‭ ‬مخدرا‭ ‬موضعيا‭. ‬وخلال‭ ‬العملية‭ ‬تحرك‭ ‬الطفل‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬جرح‭ ‬بالمنطقة‭ (‬من‭ ‬دون‭ ‬عاهة‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬اضطر‭ ‬الامر‭ ‬الى‭ ‬اللجوء‭ ‬الى‭ ‬خياطة‭ ‬الجرح‭ ‬ومتابعات‭ ‬متعددة،‭ ‬ولجأ‭ ‬والد‭ ‬الطفل‭ ‬الى‭ ‬مقاضاة‭ ‬الطبيب‭. ‬والسؤال‭ ‬هنا‭: ‬هل‭ ‬كان‭ ‬تصرف‭ ‬الطبيب‭ ‬بواقع‭ ‬استغلالي‭ ‬أم‭ ‬إنساني؟‭ ‬نعم‭ ‬هو‭ ‬ارتكب‭ ‬خطأ‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬بحسن‭ ‬نية،‭ ‬لكنه‭ ‬مستقبلا‭ ‬لن‭ ‬يفكر‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬تغليب‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭.‬

امتصاص‭ ‬الأزمة

نشد‭ ‬رحالنا‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬الكندي‭ ‬التخصصي،‭ ‬لنلتقي‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬استشارية‭ ‬أمراض‭ ‬وجراحة‭ ‬اللثة،‭ ‬والرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للمستشفى‭ ‬الدكتورة‭ ‬ابتسام‭ ‬الدلال،‭ ‬لنبحث‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬اتفاقها‭ ‬او‭ ‬اختلافها‭ ‬مع‭ ‬الآراء‭ ‬السابقة‭. ‬وانطلاقة‭ ‬الحديث‭ ‬كانت‭ ‬حول‭ ‬مساهمة‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬نظيره‭ ‬العام‭ ‬وامتصاص‭ ‬ولو‭ ‬نزر‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬المتفاقم‭ ‬على‭ ‬السلمانية‭ ‬تحديدا‭. ‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬تجيبنا‭ ‬عليه‭ ‬الدكتور‭ ‬ابتسام‭ ‬بقولها‭: ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬لعب‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬حدة‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بطبيعة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭.‬

وتضيف‭: ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬نلحظ‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬لأسباب‭ ‬عدة،‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬تزايد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وكذلك‭ ‬ارتفعت‭ ‬نسب‭ ‬بعض‭ ‬الأمراض‭ ‬مثل‭ ‬أورام‭ ‬القولون‭ ‬والصدر‭ ‬وغيرها،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬بقيت‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‭ ‬لمستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬ثابتة‭. ‬وهذه‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬والحاجة‭ ‬المتنامية‭ ‬الى‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية،‭ ‬تمكن‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬امتصاصها‭.‬

كما‭ ‬لعب‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بمستويات‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬وأسهم‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬مميزة‭ ‬مثل‭ ‬أقسام‭ ‬الاشعة‭ ‬والمناظير‭ ‬والعمليات‭ ‬الجراحية‭ ‬وغيرها‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تضم‭ ‬فيه‭ ‬السلمانية‭ ‬حوالي‭ ‬ألف‭ ‬سرير،‭ ‬فإن‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬يضم‭ ‬مالا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬500‭ ‬سرير‭ ‬بنسبة‭ ‬إشغال‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬60‭-‬70‭%.‬

ولولا‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الطب‭ ‬الخاص،‭ ‬لكانت‭ ‬الأزمة‭ ‬والمشكلة‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬في‭ ‬السلمانية‭. ‬وهناك‭ ‬مستشفيات‭ ‬خاصة‭ ‬أثبتت‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬جدا،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬المستويات‭. ‬ولا‭ ‬اقصد‭ ‬هنا‭ ‬المباني‭ ‬أو‭ ‬التسهيلات‭ ‬المقدمة،‭ ‬وانما‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭. ‬

كما‭ ‬قامت‭ ‬بعض‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬بمهمة‭ ‬استيعاب‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الاطباء‭ ‬والممرضات‭ ‬والفنيين‭ ‬البحرينيين‭ ‬الجدد‭ ‬وتدريبهم‭ ‬وتأهيلهم‭ ‬ليكونوا‭ ‬مرغوبين‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬القطاع‭ ‬الطبي‭ ‬وهذه‭ ‬خدمة‭ ‬وطنية‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬بشكل‭ ‬أساس،‭ ‬حيث‭ ‬تنتقل‭ ‬هذه‭ ‬الكوادر‭ ‬الى‭ ‬المستشفيات الحكومية‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نشير‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬مهم‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬الحكومية‭ ‬تبقى‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الإمكانيات‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬معينة‭ ‬مثل‭ ‬العناية‭ ‬المركزة‭ ‬والوحدات‭ ‬المتخصصة‭ ‬كوحدات‭ ‬القلب‭ ‬وعلاج‭ ‬السرطان‭. ‬فهذه‭ ‬الجوانب‭ ‬تكون‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬هي‭ ‬الاقدر‭ ‬على‭ ‬توفيرها‭ ‬وبمستويات‭ ‬عالية‭ ‬نظرا‭ ‬للإمكانيات‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭. ‬

يضاف‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تطور‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬المميزة‭ ‬المقدمة‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬الحكومية‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬يسهم‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭. ‬وما‭ ‬يساعدنا‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬الجيدة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬او‭ ‬الخاص‭ ‬هو‭ ‬صغر‭ ‬المساحة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭. ‬

{ بصراحة‭.. ‬هل‭ ‬تعتقدين‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬والعام‭ ‬حاليا‭ ‬علاقة‭ ‬تكاملية‭ ‬أم‭ ‬تنافسية؟

{{‭ ‬حاليا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بعلاقة‭ ‬تنافسية،‭ ‬وربما‭ ‬عندما‭ ‬يطبق‭ ‬التأمين‭ ‬الصحي‭ ‬الشامل‭ ‬سيخلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬الإيجابي‭. ‬

وإجمالا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬تسعى‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬تكاملية‭. ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬ولد‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬ويحتاج‭ ‬الى‭ ‬عناية‭ ‬مركزة،‭ ‬اين‭ ‬سيذهب؟‭ ‬بالطبع‭ ‬الى‭ ‬السلمانية‭. ‬بمعنى‭ ‬ان‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الحكومة‭ ‬هي‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬بالبحرين،‭ ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬ليستكمل‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العمليات‭ ‬المعقدة‭ ‬وبأياد‭ ‬بحرينية‭ ‬ذات‭ ‬كفاءة‭ ‬عالية‭ ‬تدربت‭ ‬أساسا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭. ‬وفي‭ ‬فترات‭ ‬سابقة‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬لجنة‭ ‬كنت‭ ‬عضوا‭ ‬فيها،‭ ‬هدفها‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقة‭ ‬التكاملية‭ ‬التامة‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬الطبيين‭ ‬الخاص‭ ‬والعام،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التدريب‭. ‬لذلك‭ ‬اليوم‭ ‬عندما‭ ‬احتاج‭ ‬مثلا‭ ‬الى‭ ‬تدريب‭ ‬معين‭ ‬في‭ ‬الاشعة،‭ ‬أستطيع‭ ‬بكل‭ ‬سهولة‭ ‬ان‭ ‬أرسل‭ ‬الفنيين‭ ‬البحرينيين‭ ‬الى‭ ‬السلمانية‭ ‬ليتلقوا‭ ‬التدريب‭ ‬الكافي‭ ‬مجانا‭. ‬صحيح‭ ‬اننا‭ ‬لم‭ ‬نستطع‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬العلاقة‭ ‬التكاملية‭ ‬النموذجية‭ ‬لأسباب‭ ‬لوجستية‭ ‬وأخرى‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬التراخيص،‭ ‬ولكن‭ ‬العلاقة‭ ‬تبقى‭ ‬تعاونية‭ ‬مميزة‭. ‬

مشروع‭ ‬استثماري‭.. ‬في‭ ‬الطب

{‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬طبيعة‭ ‬الأدوار‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬الطب‭ ‬الخاص‭ ‬بالمملكة،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬المقبول‭ ‬أن‭ ‬تشوب‭ ‬هذه‭ ‬الأدوار‭ ‬شكاوى‭ ‬متكررة‭ ‬حول‭ ‬تحول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬الى‭ ‬استثمارات‭ ‬تجارية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المراجع‭ ‬المغلوب‭ ‬على‭ ‬أمره؟

{{‭ ‬الحديث‭ ‬يطول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬ولا‭ ‬ننكر‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬فعلا‭. ‬فهناك‭ ‬ممارسات‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬الى‭ ‬مستوى‭ ‬الظاهرة‭ ‬المنتشرة،‭ ‬فإنها‭ ‬تسيئ‭ ‬للقطاع‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬

أولا‭ ‬هناك‭ ‬شعرة‭ ‬دقيقة‭ ‬جدا‭ ‬بين‭ ‬الطب‭ ‬وبين‭ ‬العمل‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬الطب‭. ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تحترم‭ ‬هذه‭ ‬الشعرة،‭ ‬يقع‭ ‬الطبيب‭ ‬في‭ ‬الفخ‭ ‬التجاري‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نرفضه‭ ‬تماما‭ ‬كمهنيين‭. ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬احترام‭ ‬حدود‭ ‬هذه‭ ‬الشعرة‭ ‬هي‭ ‬مسؤولية‭ ‬الطبيب‭ ‬نفسه،‭ ‬وليس‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يتمتع‭ ‬الطبيب‭ ‬بالشعور‭ ‬المهني‭ ‬والإنساني‭ ‬تجاه‭ ‬المريض‭. ‬فمثلا‭ ‬الزيارات‭ ‬اللاحقة‭ ‬بعد‭ ‬العملية‭ ‬او‭ ‬العلاج،‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬بسيطة‭ ‬وقصيرة‭. ‬فما‭ ‬الداعي‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬مكلفة‭ ‬على‭ ‬المريض؟‭ ‬ولماذا‭ ‬أطلب‭ ‬تحاليل‭ ‬وأشعة‭ ‬غير‭ ‬لازمة‭ ‬طالما‭ ‬يمكنني‭ ‬معرفة‭ ‬العلة‭. ‬هذه‭ ‬الشعرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬أهلية‭ ‬الطبيب‭ ‬واحترامه‭ ‬للمهنة‭. ‬

بنفس‭ ‬الوقت‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نشير‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬مهم‭ ‬هو‭ ‬اننا‭ ‬اعتدنا‭ ‬ان‭ ‬تقدم‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬لنا‭ ‬مجانا‭. ‬وهنا‭ ‬عندما‭ ‬يتجه‭ ‬البعض‭ ‬الى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬يفاجأ‭ ‬بحجم‭ ‬الكلفة‭. ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تتناسب‭ ‬وطبيعة‭ ‬الكلفة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬والمعدات‭ ‬والرسوم‭ ‬والرواتب‭ ‬والاسعار‭ ‬التي‭ ‬تتحملها‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬والمستشفيات‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬ارتفعت‭ ‬بعض‭ ‬التكاليف‭ ‬والرسوم‭ ‬عشرة‭ ‬أضعاف،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬لم‭ ‬ترتفع‭ ‬بهذه‭ ‬النسب‭. ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬عندما‭ ‬نفتح‭ ‬باب‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الطبي‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬الواسع،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬ان‭ ‬تحدث‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل‭. ‬فما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬الاستثمار‭ ‬الموجه‭ ‬والمدروس‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬لتوفير‭ ‬خدمات‭ ‬جديدة‭ ‬ومتطورة‭. ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬مثلا‭ ‬ان‭ ‬نفتح‭ ‬عشرات‭ ‬المراكز‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بنفس‭ ‬النشاط‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬صغير‭ ‬وسوق‭ ‬محدود،‭ ‬مثل‭ ‬الليزر‭ ‬والجلدية‭ ‬والأسنان‭! ‬جميعها‭ ‬تقدم‭ ‬نفس‭ ‬الخدمات‭. ‬هذا‭ ‬الامر‭ ‬يحولها‭ ‬الى‭ ‬دكاكين‭ ‬بسبب‭ ‬المنافسة،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬تعمد‭ ‬الى‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأقل‭ ‬كلفة‭ ‬والاقل‭ ‬خطورة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬اننا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬متطورة‭ ‬مثل‭ ‬العلاج‭ ‬الاشعاعي‭ ‬للسرطان‭ ‬والعلاج‭ ‬الكيميائي‭ ‬والحالات‭ ‬المعقدة‭ ‬كنقل‭ ‬الأعضاء‭ ‬وغيرها‭. ‬

{‭ ‬هل‭ ‬يعتبر‭ ‬المستشفى‭ ‬الخاص‭ ‬مشروعا‭ ‬طبيا‭ ‬أم‭ ‬تجاريا‭ ‬استثماريا‭ ‬في‭ ‬رأيك؟

{{‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬استثماري،‭ ‬ولكنه‭ ‬استثمار‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي‭ ‬وفي‭ ‬العلاج،‭ ‬وليس‭ ‬بالأموال‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الامر‭ ‬حساسا‭ ‬ودقيقا‭. ‬نعم‭ ‬من‭ ‬حقك‭ ‬ان‭ ‬تحقق‭ ‬أرباحا‭ ‬ولكن‭ ‬بالطرق‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬السليمة‭. ‬بمعنى‭ ‬لا‭ ‬تستثمر‭ ‬وكأنك‭ ‬بنك‭ ‬او‭ ‬شركة‭ ‬تجارية،‭ ‬بل‭ ‬استثمر‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬لك‭ ‬تحقيق‭ ‬ربح‭ ‬معقول،‭ ‬مع‭ ‬تطوير‭ ‬الخدمات‭ ‬والمعدات‭ ‬والخدمات‭ ‬المقدمة‭.‬

ولا‭ ‬ننسى‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المستشفيات‭ ‬تقدم‭ ‬تخفيضات‭ ‬خاصة‭ ‬وإجراءات‭ ‬علاجية‭ ‬مجانية‭ ‬مراعية‭ ‬النواحي‭ ‬الإنسانية‭. ‬وبعض‭ ‬هذه‭ ‬الاجراءات‭ ‬تتم‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجمعيات‭ ‬والصناديق الخيرية‭.‬

{‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬هذه‭ ‬المستشفيات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬وليس‭ ‬أطباء،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يضاعف‭ ‬حدة‭ ‬المشكلة؟

{{‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭. ‬ودعني‭ ‬أضرب‭ ‬لك‭ ‬مثالا،‭ ‬احدى‭ ‬الطبيبات‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬ممن‭ ‬تتمتع‭ ‬بمهنية‭ ‬وضمير‭ ‬حي،‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬آخر‭. ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬رجل‭ ‬الاعمال‭ ‬صاحب‭ ‬المستشفى‭ ‬يسألها‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬يومي‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬العمليات‭ ‬والأشعات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والتحاليل‭ ‬المكلفة‭. ‬وعندما‭ ‬تخبره‭ ‬ان‭ ‬الحالات‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تستدعي،‭ ‬يسألها‭ ‬باستنكار‭: ‬إذن‭ ‬كيف‭ ‬أحقق‭ ‬أرباحا؟

لذلك‭ ‬نفضل‭ ‬دائما‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الأطباء‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يقومون‭ ‬بإدارة‭ ‬المستشفيات‭ ‬وليس‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬يطلبون‭ ‬تحقيق‭ ‬نسبة‭ ‬أرباح‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت،‭ ‬شخصيا‭ ‬كنت‭ ‬ولا‭ ‬أزال‭ ‬معارضة‭ ‬لوجود‭ ‬سجل‭ ‬تجاري‭ ‬للأطباء‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا