العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أبو الجعافر عرَّافاً (2)

قدمت‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬أوراق‭ ‬اعتمادي‭ ‬كعرّاف‭ ‬وقارئ‭ ‬طوالع‭ ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬خبرات‭ ‬اكتسبتها‭ ‬بالمراقبة‭ ‬والقراءة‭ ‬والمتابعة،‭ ‬ولكون‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬أهلي‭ ‬كانوا‭ ‬ضحايا‭ ‬دجالين‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬معشار‭ ‬خبراتي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬مهنتي‭ ‬هي‭ ‬الصحافة‭/‬الإعلام،‭ ‬فستكون‭ ‬تكهناتي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬ولن‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬‮«‬الشرخ‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

نعم‭ ‬فغايتي‭ ‬هي‭ ‬ان‭ ‬أصبح‭ ‬عرافا‭ ‬دوليا‭ ‬وليس‭ ‬إقليميا،‭ ‬لسبب‭ ‬بدهي‭ ‬وهو‭ ‬ان‭ ‬أحوال‭ ‬الشرخ‭ ‬الأوسط‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬مهارات‭ ‬عراف،‭ ‬بل‭ ‬يستطيع‭ ‬طفل‭ ‬تم‭ ‬فصله‭ ‬من‭ ‬الروضة‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬أدائه‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬ان‭ ‬يتكهن‭ ‬بمجريات‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬لعشر‭ ‬سنوات،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التكهن‭ ‬بمآلات‭ ‬الأحوال‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وسوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬للسنوات‭ ‬الخمس‭ ‬المقبلة،‭ ‬ولست‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬مهارات‭ ‬وادعاء‭ ‬امتلاك‭ ‬قدرات‭ ‬خارقة،‭ ‬للتكهن‭ ‬بأن‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬سترى‭ ‬توالدا‭ ‬شرسا‭ ‬للبعوض‭ ‬بسبب‭ ‬المستنقعات‭ ‬الراكدة،‭ ‬وظهور‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التماسيح‭ ‬الجائعة‭ ‬في‭ ‬المستنقعات‭ ‬الهادرة‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬بفعل‭ ‬هجرة‭ ‬موسم‭ ‬الربيع‭ ‬عن‭ ‬المنطقة،‭ ‬وحلول‭ ‬الخريف‭ ‬مكانه‭ ‬ببروقه‭ ‬ورعوده‭ ‬وسيوله‭ ‬وصواعقه‭.‬

وذكرت‭ ‬أنني‭ ‬إعلامي،‭ ‬وأن‭ ‬مهنتي‭ ‬هي‭ ‬متابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬وتحليل‭ ‬نتائجها‭ ‬ودلالاتها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬قدراتي‭ ‬كعراف‭ ‬–‭ ‬وإن‭ ‬شئت‭ ‬قل‭ ‬‮«‬دجال‮»‬‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬معطيات‭ ‬ووقائع‭ ‬غير‭ ‬مشكوك‭ ‬في‭ ‬صحتها،‭  ‬وكما‭ ‬ذكرت‭ ‬مرارا‭ ‬في‭ ‬مقالاتي‭ ‬فعندنا‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لأي‭ ‬حزب‭ ‬مستقبل‭ ‬سياسي،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يقوده‭ ‬شخص‭ ‬يحمل‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬سيد‮»‬‭ ‬ويناديه‭ ‬الأتباع‭ ‬‮«‬سيدي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬انه‭ ‬سليل‭ ‬بيت‭ ‬تجري‭ ‬البركات‭ ‬في‭ ‬دمائه‭ ‬جيلا‭ ‬بعد‭ ‬جيل،‭ ‬ولأن‭ ‬السودانيين‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬‮«‬الأسياد‮»‬‭ ‬ما‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬فيهم‭ ‬أي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬البركة،‭ ‬بفتح‭ ‬الباء،‭ ‬فقد‭ ‬استنتجوا‭ ‬أنهم‭ ‬أهل‭ ‬‮«‬بِرْكة‮»‬‭ - ‬بكسر‭ ‬الباء‭ ‬وتسكين‭ ‬الراء‭ - ‬راكدة‭ ‬تتوالد‭ ‬فيها‭ ‬الطفيليات‭ ‬والباكتيريا‭ ‬الخبيثة،‭ ‬بدليل‭ ‬ان‭ ‬السودان‭ ‬صار‭ ‬يتقدم‭ ‬الى‭ ‬الخلف‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬بمرور‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

ولو‭ ‬قلت‭ ‬عني‭ ‬إنني‭ ‬دجال‭ ‬فاعلم‭ ‬ان‭ ‬الدجل‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬عيباً،‭ ‬فالسياسة‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬أساسها‭ ‬الدجل‭ ‬والخديعة،‭ ‬وفي‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬متقدمة‭ ‬تجد‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬العرافين‭ ‬والكهان‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬‮«‬محترمة‮»‬‭ ‬مثل‭ ‬هيئة‭/‬مركز‭/‬معهد‭ ‬البحوث‭ ‬الاستراتيجية‭/ ‬استشراف‭ ‬المستقبل،‭ ‬يقدمون‭ ‬قراءاتهم‭ ‬لمجريات‭ ‬الأمور‭ ‬للحكومات،‭ ‬وتعمل‭ ‬حكومة‭ ‬ما‭ ‬بمقتضى‭ ‬مشوراتهم،‭ ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تدفع‭ ‬ثمناً‭ ‬غالياً‭ ‬لذلك‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬ليغوص‭ ‬في‭ ‬المستنقع‭ ‬العراقي،‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬مستشاروه‭ ‬الذين‭ ‬يزعمون‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬استقراء‭ ‬الأحداث‭ ‬والتكهن‭ ‬بمجرياتها‭ ‬ومآلاتها،‭ ‬قد‭ ‬قالوا‭ ‬إن‭ ‬غزو‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬للعراق‭ ‬سيكون‭ ‬كارثة‭ ‬على‭ ‬الأمريكان،‭ ‬ولكنهم‭ ‬قالوا‭ ‬له‭:  ‬سيقابلك‭ ‬العراقيون‭ ‬بالهتاف‭ (‬بالروح‭ ‬وبالدم‭ ‬نفديك‭ ‬يا‭ ‬بشبوش‭..  ‬خلصنا‭ ‬من‭ ‬قراقوش‭..  ‬البعث‭ ‬طلع‭ ‬فاشوش‭)‬،‭ ‬وصدق‭ ‬المسكين‭ ‬العرافين‭ ‬ذوي‭ ‬الكرافتات‭ ‬فكان‭ ‬مصيره‭ ‬مصير‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭.. ‬بس‭ ‬هناك‭ ‬فرق‭..  ‬صدام‭ ‬مات‭ ‬وارتاح‭ ‬من‭ ‬عناء‭ ‬الدنيا،‭ ‬وجورج‭ ‬بوش‭ ‬مازال‭ ‬‮«‬حية‭ ‬تسعى‮»‬‭ ‬تطارده‭ ‬اللعنات،‭ ‬لأن‭ ‬سياساته‭ ‬الخرقاء‭ ‬التي‭ ‬استندت‭ ‬إلى‭ ‬تكهنات‭ ‬عرافين‭ ‬بلهاء‭.‬

خلال‭ ‬العام‭ ‬المقبل،‭ ‬تشير‭ ‬تحركات‭ ‬كوكب‭ ‬زحل‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬برج‭ ‬البصل،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سوريا‭ ‬والسودان‭ ‬ستشهدان‭ ‬شهر‭ ‬عسل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستتوفر‭ ‬فيهما‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬لأنهما‭ ‬ستنعمان‭ ‬باستقرار‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬العراقي،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬رزق‭ ‬الهبل‭ ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬التنابلة،‭ ‬فهلموا‭ ‬إلى‭ ‬الخرطوم‭ ‬ودمشق‭ ‬و«بالمرة‮»‬‭ ‬الى‭ ‬الحديدة‭ ‬وبنغازي،‭ ‬ومارسوا‭ ‬بيع‭ ‬القات‭ ‬والكيت‭ ‬كات،‭ ‬والشاورما‭ ‬وتزوير‭ ‬العملة،‭ ‬والشيشة‭ ‬والحشيشة،‭  ‬وسيفن‭ ‬أب‭ ‬وسيفن‭ ‬داون‭.  ‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬باتت‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬مفاعلات‭ ‬نووية،‭ ‬وتأكيدا‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬المفاعلات‭ ‬ستكون‭ ‬للأغراض‭ ‬السلمية‭ ‬فإنها‭ ‬ستعمل‭ ‬بالكهرباء‭ ‬والديزل‭ ‬والفحم‭. ‬وهناك‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المفاعلات‭.. ‬ولا‭ ‬تحمل‭ ‬هم‭ ‬لأنك‭ ‬خريج‭ ‬‮«‬أدبي‮»‬‭ ‬وسمعت‭ ‬أن‭ ‬المفاعلات‭ ‬تحتاج‭ ‬عادة‭ ‬إلى‭ ‬دارسي‭ ‬الفيزياء‭ ‬والكيمياء‭ ‬والرياضيات‭..  ‬ده‭ ‬كلام‭ ‬أهل‭ ‬الغرب‭ ‬الكفار،‭ ‬فطالما‭ ‬أن‭ ‬بكالوريوس‭ ‬الجغرافيا‭ ‬يؤهلك‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬رئيس‭ ‬حسابات‮»‬،‭ ‬وماجستير‭ ‬في‭ ‬تنس‭ ‬الطاولة‭ ‬يجعلك‭ ‬مديراً‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬المعلومات،‭ ‬فإن‭ ‬مفاعلاتنا‭ ‬المرتقبة‭ ‬ستكون‭ ‬مفتوحة‭ ‬لكل‭ ‬‮«‬ساقط‮»‬‭ ‬إعدادية‭ ‬والمكوجية‭ ‬والعربجية‭ ‬المسوين‭ ‬حالهم‭ ‬‮«‬مسقفين‮»‬‭ ‬وهذه‭ ‬الكلمة‭ ‬ترمز‭ ‬الى‭ ‬المثقف‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬التسقيف‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ - ‬بالمصري‭ - ‬التصفيق‭. ‬

وأهم‭ ‬مؤهل‭ ‬تسلح‭ ‬به‭ ‬نفسك‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة‭ ‬شجرة‭ ‬عائلة‭ ‬بلاستيكية‭ ‬‮«‬تهبل‮»‬‭ ‬أو‭ ‬مصاهرة‭ ‬عائلة‭ ‬لديها‭ ‬شجرة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭..  ‬ولو‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬شجرة‭ ‬عائلتك‭ ‬مزورة،‭ ‬فبإمكانك‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬وإبلاغها‭ ‬بأن‭ ‬بلدك‭ ‬ينتج‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬وتدخل‭ ‬بلدك‭ ‬ظافراً‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬ستأتي‭ ‬لتدمير‭ ‬تلك‭ ‬الأسلحة،‭ ‬صحيح‭ ‬أنك‭ ‬بذلك‭ ‬ستكون‭ ‬تنبلا،‭ ‬ولكن‭ ‬تنبل‭ ‬بفلوس‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬تنبل‭ ‬يأكل‭ ‬عظمه‭ ‬السوس‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا