العدد : ١٦٩٩٩ - الاثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٩ - الاثنين ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٤ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

خلاصة تقرير ديوان «الرقابة»:
المعاقون يعانون

تحقيق: محمد الساعي

الأحد ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

حمل‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬مؤشراتٍ‭ ‬وأرقاما‭ ‬مقلقة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمعاقين‭. ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعدُّ‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬السباقة‭ ‬والرائدة‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬يحتوي‭ ‬التقرير‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬خلاصتها‭ ‬معاناة‭ ‬كبيرة‭ ‬يعانيها‭ ‬ذوو‭ ‬الإعاقة‭ ‬وأسرهم‭ ‬باختلاف‭ ‬نوع‭ ‬الإعاقة‭.‬

كشف‭ ‬التقرير‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يبت‭ ‬في‭ ‬طلبات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬مخصص‭ ‬الإعاقة‭ ‬لمدد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬طلبات‭ ‬صرف‭ ‬الأجهزة‭ ‬التعويضية‭ ‬للأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬لم‭ ‬تبت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الطلبات‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬31‭ ‬شهرا،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭! ‬بل‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بصرف‭ ‬المعينات‭ ‬والأجهزة‭ ‬التي‭ ‬وافقت‭ ‬عليها‭ ‬اللجنة‭ ‬قبل‭ ‬21‭ ‬شهرا‭. ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬بيَّن‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬الشديدة‭ ‬يضطرون‭ ‬إلى‭ ‬الانتظار‭ ‬47‭ ‬شهرا‭ ‬للالتحاق‭ ‬بمراكز‭ ‬التأهيل‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬التعليم‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬العامة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بطيف‭ ‬التوحد،‭ ‬أفاد‭ ‬التقرير‭ ‬بأن‭ ‬المراكز‭ ‬ودور‭ ‬الرعاية‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬أية‭ ‬خدمات‭ ‬رعاية‭ ‬وتأهيل‭ ‬لفئة‭ ‬المصابين‭ ‬بالتوحد‭. ‬وهناك‭ ‬359‭ ‬مصابا‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الانتظار‭ ‬لدى‭ ‬المراكز‭ ‬الأهلية‭. ‬هذا‭ ‬عدا‭ ‬ملاحظات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬عدم‭ ‬صيانة‭ ‬ثمانية‭ ‬مبان‭ ‬تابعة‭ ‬لمجمع‭ ‬الإعاقة‭ ‬بعد‭ ‬استخدامها‭ ‬للعزل‭ ‬فترة‭ ‬الجائحة،‭ ‬وعدم‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬بإلزام‭ ‬المنشآت‭ ‬توظيف‭ ‬ذي‭ ‬الإعاقة‭ ‬بنسبة‭ ‬2%‭.‬

بالمقابل‭ ‬كانت‭ ‬ردود‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭: ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬الأقسام‭ ‬المعنية،‭ ‬الترتيب‭ ‬مع‭ ‬الوزارات،‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬حصر‭ ‬حالات،‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الدراسات،‭ ‬الأخذ‭ ‬بالتوصيات،‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الطلبات،‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الجهات،‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تخصيص‭ ‬مراكز‭ ‬تأهيل‭.‬

والسؤال‭ ‬هنا‭: ‬نحن‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أو‭ ‬المقبول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الوزارة‭ ‬الموقرة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬المشوار،‭ ‬ومازالت‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬دراسة‭ ‬الحلول‭ ‬أو‭ ‬البدء‭ ‬بها‭!. ‬عقب‭ ‬صدور‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية،‭ ‬طافت‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والمراكز‭ ‬المعنية‭ ‬بفئات‭ ‬الإعاقة‭ ‬بالبحرين،‭ ‬وناقشنا‭ ‬معهم‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬التقرير‭ ‬من‭ ‬تأخر‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬والأجهزة‭. ‬لنطرحها‭ ‬أمام‭ ‬المسؤولين‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعاد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭.‬


 

قوائم انتظار طويلة.. نقص في الخدمات.. سنوات للبت في الطلبات وصرف الأجهزة


 

31 شهرا للبت فـي طلبات الأجهزة التعويضية!

«الحراك»: مقاسات أغلب المعاقين تتغير وهم ينتظرون الكراسي التي فصّلت لهم

تدخّل العنصر البشري سبَّب الظلم فـي تطبيق القوانين.. وبعض الوزارات تفصّل كي توفر!


كما‭ ‬أسلفنا،‭ ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الطلبات‭ ‬للأجهزة‭ ‬التعويضية‭ ‬وغيرها‭ ‬تبقى‭ ‬تنتظر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬العام،‭ ‬وبعض‭ ‬الحالات‭ ‬تنتظر‭ ‬منذ‭ ‬31‭ ‬شهرا‭.‬

للوقوف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬اتجهنا‭ ‬إلى‭ ‬المركز‭ ‬البحريني‭ ‬للحراك‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أول‭ ‬مركز‭ ‬يعنى‭ ‬بشؤون‭ ‬المعاقين‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬وتحدثنا‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬المركز‭ ‬عادل‭ ‬سلطان‭ ‬المطوع،‭ ‬وسألناه‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬هذا‭ ‬التأخر‭. ‬وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬أجاب‭:‬

‮«‬نعم‭ ‬هناك‭ ‬تأخير،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تواصلي‭ ‬المستمر‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية،‭ ‬أجد‭ ‬عدة‭ ‬تبريرات‭ ‬لذلك‭ ‬منها‭ ‬الميزانية‭ ‬أو‭ ‬لجنة‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬الطلبات،‭ ‬أو‭ ‬انتظار‭ ‬المناقصات‭ ‬أو‭ ‬تأخر‭ ‬الشركة‭ ‬المعنية‭ ‬بتوفير‭ ‬الأجهزة‭ ‬وغيرها‭. ‬وأيا‭ ‬كانت‭ ‬الأسباب‭ ‬فإن‭ ‬المتضرر‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬المعاق‭.‬

لذلك‭ ‬نواجه‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تشتكي‭ ‬من‭ ‬الانتظار‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬القائمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المساعدة‭ ‬المطلوبة‭. ‬وللأسف‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬أن‭ ‬نقدم‭ ‬شيئا‭. ‬وأكثر‭ ‬مشكلة‭ ‬نواجهها‭ ‬هي‭ ‬الكراسي‭ ‬المتحركة‭. ‬فهذه‭ ‬الكراسي‭ ‬يتم‭ ‬تفصيلها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مختصين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬حسب‭ ‬الإعاقة‭ ‬والعمر‭ ‬والوزن‭. ‬وبعد‭ ‬البت‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬الطلب‭ ‬يتم‭ ‬جمع‭ ‬الطلبات‭ ‬وطرحها‭ ‬في‭ ‬مناقصة‭ ‬تأخذ‭ ‬وقتا‭ ‬ثم‭ ‬ترسل‭ ‬إلى‭ ‬الشركة‭ ‬المصنعة‭ ‬وهكذا‭. ‬

في‭ ‬السابق‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الأمر‭ ‬يستغرق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭-‬6‭ ‬أشهر،‭ ‬ولكن‭ ‬بات‭ ‬الأمر‭ ‬يتأخر‭ ‬سنوات‭. ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬مشكلة‭ ‬أخرى،‭ ‬هل‭ ‬ستكون‭ ‬مقاسات‭ ‬الشخص‭ ‬عند‭ ‬تسلم‭ ‬الكراسي‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬الطويلة‭ ‬هي‭ ‬نفسها؟‭ ‬هل‭ ‬سيكون‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬المواصفات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬عامين؟‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬منهم‭ ‬تكون‭ ‬مختلفة‭ ‬كأن‭ ‬يزيد‭ ‬وزن‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬ينقص‭. ‬وأحيانا‭ ‬يتسلمون‭ ‬كراسي‭ ‬غير‭ ‬التي‭ ‬طلبوها‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬التي‭ ‬يحتاجونها،‭ ‬ولكنهم‭ ‬كما‭ ‬يؤكدون‭ ‬يجبرون‭ ‬على‭ ‬تسلمه‭ ‬أو‭ ‬عليهم‭ ‬انتظار‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬قادمة‭! ‬

ويضيف‭ ‬المطوع‭: ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬الوزارة‭ ‬غير‭ ‬مقصرة‭ ‬معنا‭ ‬وهي‭ ‬تبذل‭ ‬جهودا‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا،‭ ‬وأسعار‭ ‬بعض‭ ‬الكراسي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب‭ ‬والتفاصيل‭ ‬تمس‭ ‬الصورة‭ ‬الجميلة‭ ‬لهذه‭ ‬الخدمات‮»‬‭.‬

*‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬توظيف‭ ‬المعاقين‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنشآت‭ ‬حسب‭ ‬القانون؟

**‭ ‬هناك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬والشابات‭ ‬ممن‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬العمل،‭ ‬والمشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬التوظيف‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬مطابقة‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬لوضع‭ ‬المعاق‭. ‬أو‭ ‬ألا‭ ‬يمتلك‭ ‬مواصلات،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬توفرت‭ ‬المواصلات‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬مرافق‭ ‬صحية‭ ‬ومنحدرا‭ ‬خاصا‭ ‬للكراسي‭. ‬لذلك‭ ‬نبادر‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬بتوفير‭ ‬هذه‭ ‬المرافق‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬توظف‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬المحسنين‭ ‬وبعض‭ ‬التجار‭.‬

وهناك‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬الذي‭ ‬هضم‭ ‬حق‭ ‬المعاقين،‭ ‬فلماذا‭ ‬التمييز‭ ‬مثلا‭ ‬بين‭ ‬الإعاقات‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬المعاقين‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬دينار‭. ‬ولماذا‭ ‬حرمان‭ ‬النسبة‭ ‬الكبيرة‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬إعانة‭ ‬200‭ ‬دينار‭ ‬واقتصارها‭ ‬على‭ ‬100؟‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أحيانا‭ ‬حتى‭ ‬الأدوية‭ ‬أو‭ ‬المستلزمات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمعاق‭. ‬والأمر‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬طريقة‭ ‬احتساب‭ ‬المدخول،‭ ‬حيث‭ ‬يجمع‭ ‬مدخول‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬ككل،‭ ‬وإذا‭ ‬وصل‭ ‬دخل‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬1500‭ ‬دينار‭ ‬يحرم‭ ‬المعاق‭ ‬من‭ ‬العلاوة‭!.‬

مبلغ‭ ‬الإعانة

في‭ ‬المركز‭ ‬البحريني‭ ‬للحراك‭ ‬الدولي،‭ ‬التقينا‭ ‬أيضا‭ ‬بالنائب‭ ‬السابق‭ ‬وأمين‭ ‬سر‭ ‬المركز‭ ‬عبدالحميد‭ ‬النجار،‭ ‬حيث‭ ‬يعمل‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬ويتعايش‭ ‬معهم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬وكانت‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬باقي‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬السابق‭ ‬جهود‭ ‬لإقرار‭ ‬ورفع‭ ‬علاوة‭ ‬المتقاعدين‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬دينار‭. ‬وكانت‭ ‬فرصة‭ ‬أن‭ ‬نسأله‭ ‬عما‭ ‬شاب‭ ‬تطبيق‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أجاب‭ ‬عنه‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬عملنا‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬السابق‭ ‬على‭ ‬مراجعة‭ ‬وإقرار‭ ‬قوانين‭ ‬تعنى‭ ‬بذوي‭ ‬الإعاقة،‭ ‬وأقر‭ ‬المجلس‭ ‬مبلغا‭ ‬يعد‭ ‬رمزيا‭ ‬يغطي‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬احتياج‭ ‬المعاق‭ ‬وهو‭ ‬200‭ ‬دينار‭. ‬

وفي‭ ‬الواقع‭ ‬القيادة‭ ‬والحكومة‭ ‬غير‭ ‬مقصرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬والتوجيهات‭ ‬موجودة‭. ‬لذلك‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬القوانين‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬وتفصيلها‭ ‬بما‭ ‬يناسب‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭. ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬صريح‭ ‬وواضح،‭ ‬ولكن‭ ‬تدخل‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬سبّب‭ ‬الظلم‭ ‬للمعاقين،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معايير‭ ‬التقييم‭ ‬لمن‭ ‬يستحق‭ ‬مائة‭ ‬دينار‭ ‬أو‭ ‬مائتين‭. ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬عممنا‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المعاقين،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬استخدمت‭ ‬القوانين‭ ‬الداخلية‭ ‬للوزارة‭ ‬للتفصيل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وضوح‭ ‬القانون‭. ‬وبعض‭ ‬الوزارات‭ ‬تفصل‭ ‬كي‭ ‬توفر‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬معاقين‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجاورة‭ ‬يصلون‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الرفاهية‭ ‬وليس‭ ‬الحاجات‭ ‬الأساسية،‭ ‬بل‭ ‬توفر‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬خادما‭ ‬خاصا‭ ‬للمعاق‭ ‬بجانب‭ ‬الامتيازات‭ ‬الأخرى‭. ‬وبالتالي‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬المحدود‭ ‬وتوفير‭ ‬المرافق‭ ‬هي‭ ‬أمور‭ ‬تعتبر‭ ‬بسيطة‭ ‬جدا‭ ‬وأساسية‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬المعاق‭. ‬

ثم‭ ‬انظر‭ ‬إلى‭ ‬مدد‭ ‬الانتظار‭ ‬الطويلة‭ ‬لتوفير‭ ‬الخدمات،‭ ‬فلدينا‭ ‬معاقون‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الحراك‭ ‬وصلوا‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬اليأس‭ ‬وهم‭ ‬ينتظرون‭ ‬الأجهزة‭ ‬أو‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬طلباتهم‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬بات‭ ‬يصاب‭ ‬باليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬عندما‭ ‬نحدثهم‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬طلب‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭.‬

 

مكفوفون ينتظرون التوظيف.. وديوان الرقابة: لا إلزام للمنشآت بتوظيف ذوي الإعاقة بنسبة 2%!


يحدثنا‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬الصداقة‭ ‬للمكفوفين‭ ‬حسين‭ ‬الحليبي‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقة‭ ‬البصرية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬حديثه‭ ‬أننا‭ ‬محظوظون‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بالقيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬والتعاون‭ ‬المجتمعي‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬الخدمات‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة‭. ‬

مضيفا‭: ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬الأجهزة‭ ‬والتقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬غالية‭ ‬تماما،‭ ‬ونحن‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والخاصة‭. ‬ولكن‭ ‬بعض‭ ‬الأجهزة‭ ‬تصل‭ ‬قيمتها‭ ‬الى‭ ‬2700‭ ‬دينار‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬وبعض‭ ‬الحالات‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬سريع‭. ‬فمثلا‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬البصر‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬نظارات‭ ‬طبية‭ ‬خاصة،‭ ‬هي‭ ‬مكلفة‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬قيمة‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬دينار‭. ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬نساعدهم‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬جميعهم‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬المبلغ‭ ‬المتبقي‭. ‬وهناك‭ ‬حالات‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬السمع‭ ‬ويحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬سماعات‭ ‬للأذن‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمتها‭ ‬700‭ ‬دينار،‭ ‬ولكنهم‭ ‬يبقون‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الانتظار‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭.‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬طموحاتنا‭ ‬هي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬أكبر‭ ‬وأسرع‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يشمل‭ ‬التوظيف‭. ‬فلدينا‭ ‬مؤهلون‭ ‬عاطلون‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬وهم‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭. ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬العلاوة‭ ‬التي‭ ‬أقرت‭ ‬بمبلغ‭ ‬200‭ ‬دينار‭ ‬لم‭ ‬تصرف‭ ‬إلا‭ ‬لفئة‭ ‬محدودة‭ ‬وليس‭ ‬للجميع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الكفيف‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الإعاقات‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬متطلبات‭ ‬وتكاليف‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإعاقة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬شديدة‭. ‬فالشخص‭ ‬العادي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬المقعد‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬سيارة‭ ‬مثلا،‭ ‬ولكن‭ ‬الكفيف‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬التنقل‭ ‬خطوات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مرافق‭.  ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬إننا‭ ‬نعاني‭ ‬من‭ ‬نقض‭ ‬الامتيازات‭ ‬والخدمات‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الوزارات‭ ‬الخدمية‭ ‬مثل‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يشمل‭ ‬التخفيضات‭ ‬والمميزات‭ ‬لذوي‭ ‬الإعاقة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المساندة‭ ‬للمعاقين‭ ‬موجودة‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬ولكننا‭ ‬ربما‭ ‬نعاني‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭.  ‬

 

أولياء أمور: نعيش حالة قلق وضغوطا نفسية.. وتأنيب ضمير


نموذج‭ ‬آخر‭ ‬للحالات‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬تأخر‭ ‬توفير‭ ‬الأجهزة‭ ‬التعويضية‭ ‬هو‭ ‬الطفلة‭ ‬عائشة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬إعاقة‭ ‬الصمم‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سماعات‭ ‬خاصة‭. ‬

يشرح‭ ‬والدها‭ ‬الحالة‭: ‬‮«‬حدث‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬سماعة‭ ‬الجهاز‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬الأذن،‭ ‬وعندما‭ ‬راجعنا‭ ‬الوزارة‭ ‬أخبرونا‭ ‬أن‭ ‬القطع‭ ‬المطلوبة‭ ‬غير‭ ‬متوفرة‭. ‬وهنا‭ ‬كان‭ ‬علينا‭ ‬الانتظار‭ ‬سنة‭ ‬ونصف‭ ‬السنة‭ ‬حتى‭ ‬توفرت‭ ‬القطع‭ ‬المطلوبة‭ ‬وتم‭ ‬استبدالها‭. ‬ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬أنه‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬ابنتي‭ ‬تخضع‭ ‬لبرنامج‭ ‬تأهيلي‭ ‬للنطق،‭ ‬وبسبب‭ ‬تعطل‭ ‬الجهاز‭ ‬توقف‭ ‬البرنامج‭ ‬وحدثت‭ ‬انتكاسة،‭ ‬وبعدها‭ ‬اضطررنا‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الصفر‮»‬‭.‬

ويضيف‭ ‬والد‭ ‬الطفلة‭ ‬عائشة‭: ‬قبل‭ ‬مدة‭ ‬احتجنا‭ ‬إلى‭ ‬استبدال‭ ‬قطعة‭ ‬خارجية‭ ‬للسماعة‭. ‬فتوجهت‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬وأخبروني‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬متوفرة،‭ ‬وبحثت‭ ‬في‭ ‬الصيدليات‭ ‬المتخصصة‭ ‬وكان‭ ‬نفس‭ ‬الرد‭. ‬

واستمر‭ ‬الوضع‭ ‬شهرا‭ ‬كاملا‭ ‬حتى‭ ‬وفرتها‭ ‬لي‭ ‬المستشفى‭ ‬العسكري‭. ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يجعلني‭ ‬شخصيا‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬قلق‭ ‬مستمر‭ ‬وضغوط‭ ‬نفسية‭ ‬سواء‭ ‬بسبب‭ ‬التكاليف‭ ‬التي‭ ‬يتكبدها‭ ‬أو‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬مشكلة‭ ‬بسبب‭ ‬تأخر‭ ‬توفير‭ ‬الأجهزة‭ ‬والقطع‭. ‬فولي‭ ‬الأمر‭ ‬أمله‭ ‬بعد‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬يشعر‭ ‬بتأنيب‭ ‬الضمير‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬معاناة‭ ‬ابنته‭ ‬أو‭ ‬ابنه‭ ‬وهو‭ ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬المساعدة‭.‬

 

لا مراكز حكومية للتوحديين.. والانتظار يصل إلى ست سنوات!


كما‭ ‬أسلفنا،‭ ‬ذكر‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬أن‭ ‬المراكز‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬الرعاية‭ ‬للمصابين‭ ‬بالتوحد‭. ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬359‭ ‬حالة‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الانتظار‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬ناقشناه‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬التوحديين‭ ‬البحرينية‭ ‬السيد‭ ‬زكريا‭ ‬السيد‭ ‬هاشم،‭ ‬الذي‭ ‬لفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مراكز‭ ‬حكومية‭ ‬تحتضن‭ ‬المصابين‭ ‬بطيف‭ ‬التوحد،‭ ‬والمراكز‭ ‬الموجودة‭ ‬حاليا‭ ‬والبالغ‭ ‬عددها‭ ‬37‭ ‬مركزا‭ ‬كلها‭ ‬أهلية‭ ‬وهي‭ ‬استثمارية‭. ‬وبعض‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬فيها‭ ‬شواغر‭ ‬كثيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬الدعم‭ ‬المخصص‭ ‬من‭ ‬الوزارة‭ ‬والبالغ‭ ‬1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬يوجه‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬مراكز‭ ‬خاصة‭ ‬فقط،‭ ‬وهذه‭ ‬المراكز‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬قوائم‭ ‬انتظار‭ ‬طويلة‭. ‬حيث‭ ‬تتكفل‭ ‬الوزارة‭ ‬بالنسبة‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الرسوم‭ ‬ويتحمل‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬النسبة‭ ‬الباقية‭. ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬قوائم‭ ‬الانتظار‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭.‬

*إجمالا‭ ‬كم‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬بالتوحد‭ ‬في‭ ‬البحرين؟

**‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬فيه‭ ‬جدل‭ ‬كبير‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬إحصائيات‭ ‬دقيقة‭ ‬لذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬لا‭ ‬تشخص‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تدرج‭ ‬ضمن‭ ‬القوائم‭ ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬مسجلة‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬وغير‭ ‬مسجلة‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬العكس‭. ‬

ولكني‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬متابعتي‭ ‬الشخصية‭ ‬للحالات‭ ‬أؤكد‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬1500‭ ‬حالة،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭. ‬والمقلق‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬الحالات‭ ‬تتزايد‭ ‬لدينا،‭ ‬والمقلق‭ ‬أكثر‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬عدة‭ ‬حالات‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬واحد‭. ‬فهذا‭ ‬ما‭ ‬يسبب‭ ‬عبئا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭. ‬فالحالة‭ ‬الواحدة‭ ‬تستنزف‭ ‬جهدا‭ ‬وميزانية‭ ‬كبيرة،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بعدة‭ ‬حالات؟‭!‬

ثم‭ ‬هناك‭ ‬مشكلة‭ ‬أخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭. ‬فدور‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬ينتهي‭ ‬عند‭ ‬تشخيص‭ ‬الحالة،‭ ‬وعندها‭ ‬يتم‭ ‬إرسال‭ ‬الحالة‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬التنمية‭ ‬للتقديم‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬فقط‭. ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬التشخيص‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أقسى‭ ‬المراحل‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬وهي‭ ‬مرحلة‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬دعما‭ ‬نفسيا‭ ‬ومعنويا‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حاجة‭ ‬الطفل‭ ‬إلى‭ ‬الرعاية‭ ‬والتأهيل‭ ‬الذي‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا‭ ‬قد‭ ‬يتأخر‭ ‬سنوات‭.‬

*‭ ‬ما‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الأسر‭ ‬بسبب‭ ‬تأخر‭ ‬إدراج‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬المراكز؟

**‭ ‬التدخل‭ ‬المبكر‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يوصي‭ ‬به‭ ‬الاختصاصيون،‭ ‬وهو‭ ‬كالبذرة‭ ‬التي‭ ‬إن‭ ‬اعتنيت‭ ‬بها‭ ‬مبكرا‭ ‬فإنك‭ ‬تجني‭ ‬ثمارا‭ ‬أفضل‭ ‬مستقبلا‭. ‬وهكذا‭ ‬الطفل‭ ‬كلما‭ ‬ابتدأت‭ ‬معه‭ ‬مبكرا‭ ‬كانت‭ ‬النتائج‭ ‬أفضل‭ ‬وأسرع‭. ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬تأخير‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬في‭ ‬الخطة‭ ‬العلاجية،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بتأخر‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬البرامج‭ ‬الخاصة‭ ‬والاندماج‭ ‬والتأهيل‭ ‬والتدريب‭. ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬المشاكل‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الأسر‭. ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬لدينا‭ ‬طلبات‭ ‬كثيرة‭ ‬ممن‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬المراكز‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬تحصل‭ ‬هذه‭ ‬الأسر‭ ‬على‭ ‬مميزات‭ ‬أو‭ ‬تخفيضات‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الأخرى‭. ‬فمثلا‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬يدفع‭ ‬25%‭ ‬من‭ ‬دخله‭ ‬لوزارة‭ ‬الإسكان،‭ ‬وعليه‭ ‬قروض‭ ‬وفواتير‭ ‬والتزامات،‭ ‬فكيف‭ ‬يدفع‭ ‬إلى‭ ‬المراكز؟‭. ‬وحتى‭ ‬الدعم‭ ‬المقدم‭ ‬والبالغ‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬200‭ ‬دينار،‭ ‬هل‭ ‬يدفعها‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬لمستلزمات‭ ‬الطفل‭ ‬أم‭ ‬للمركز‭ ‬أم‭ ‬للأجهزة؟‭! ‬فالطفل‭ ‬التوحدي‭ ‬له‭ ‬احتياجات‭ ‬خاصة‭ ‬ومراقبة‭ ‬مستمرة‭ ‬لضمان‭ ‬سلامته‭. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬تكاليف‭ ‬المتابعة‭ ‬الطبية‭ ‬الدائمة‭ ‬خاصة‭ ‬الغذائية‭. ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬تعاني‭ ‬حساسية‭ ‬وتحتاج‭ ‬أغذية‭ ‬خاصة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬التكاليف‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الأغذية‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭. ‬هل‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬كيس‭ (‬الروتي‭) ‬الذي‭ ‬يكلف‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬100‭ ‬فلس،‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬سعر‭ ‬بعض‭ ‬الأنواع‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تناسب‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬3‭ ‬دنانير؟‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬له‭ ‬تكاليفه‭ ‬التي‭ ‬تنهك‭ ‬ميزانية‭ ‬ولي‭ ‬الأمر،‭ ‬وتأخر‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬يعني‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭. ‬لذلك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬يعانون‭ ‬حالات‭ ‬نفسية‭ ‬سيئة‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬التوحد‭ ‬لا‭ ‬علاج‭ ‬له‭. ‬وهناك‭ ‬حالات‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬المحاكم‭ ‬بسبب‭ ‬تراكم‭ ‬الديون‭. ‬وهناك‭ ‬حالات‭ ‬طلاق‭ ‬متزايدة‭ ‬بسبب‭ ‬المشاكل‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬إعاقة‭ ‬أو‭ ‬مرض‭ ‬الابن‭ ‬وعدم‭ ‬تقبل‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الأم‭ ‬للحالة‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬تأخر‭ ‬الخدمات‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬المشكلة‭. ‬فأكثر‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬الطفل‭ ‬العادي‭ ‬هو‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأسري،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بمن‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التوحد؟‭!‬

 

الإعاقات الذهنية.. حالات تنتظر 47 شهرا للالتحاق بمراكز التأهيل

المشكلة تبدأ من التشخيص.. والصدمة الكبرى هي العلم بعدم وجود مراكز متخصصة!


استثمرت‭ ‬مشكلة‭ ‬ابنتها‭ ‬لتطور‭ ‬من‭ ‬خبراتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإعاقة‭ ‬الذهنية،‭ ‬انشغلت‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬سنوات‭ ‬طوال،‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬المحاضرات‭ ‬والفعاليات‭ ‬التوعوية‭ ‬المعنية‭ ‬بمجال‭ ‬الإعاقة‭ ‬خاصة‭ ‬الذهنية،‭ ‬وتم‭ ‬تكريمها‭ ‬باعتبارها‭ ‬الأم‭ ‬المثالية‭. ‬

من‭ ‬واقع‭ ‬خبرتها‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬تحدثنا‭ ‬المسؤولة‭ ‬الإدارية‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬البحرينية‭ ‬للإعاقة‭ ‬الذهنية‭ ‬إيمان‭ ‬عبدالصاحب‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سألناها‭ ‬عما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬التقرير‭ ‬من‭ ‬انتظار‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬47‭ ‬شهرا‭ ‬للالتحاق‭ ‬بالمراكز‭.  ‬

تجيبنا‭ ‬بقولها‭: ‬‮«‬مشكلة‭ ‬التأخير‭ ‬لا‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المراكز‭ ‬أو‭ ‬الأجهزة‭ ‬التعويضية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬التشخيص‭. ‬فمثلا‭ ‬عندما‭ ‬لاحظت‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬النمو‭ ‬لدى‭ ‬ابنتي‭ ‬بدأت‭ ‬بمراجعة‭ ‬الجهات‭ ‬الطبية‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬أستفد‭ ‬شيئا‭. ‬وبعد‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬تم‭ ‬التشخيص‭ ‬بأن‭ ‬لديها‭ ‬إعاقة‭ ‬ذهنية‭ ‬شديدة‭. ‬وهنا‭ ‬برز‭ ‬السؤال‭: ‬أين‭ ‬أذهب‭ ‬بها؟‭ ‬ما‭ ‬الخطة؟‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أبدأ؟‭ ‬أين‭ ‬أتجه؟‭ ‬ما‭ ‬المراكز‭ ‬المتاحة؟

بقي‭ ‬الموضوع‭ ‬عائما‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أجد‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭. ‬وحتى‭ ‬المراكز‭ ‬الموجودة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تقبل‭ ‬حالات‭ ‬مثل‭ ‬ابنتي‭ ‬وليس‭ ‬لديها‭ ‬برامج‭ ‬متخصصة‭ ‬لها‭. ‬وكنت‭ ‬حينها‭ ‬موظفة‭ ‬ولا‭ ‬أملك‭ ‬من‭ ‬يرعى‭ ‬الطفلة‭. ‬بقيت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬حتى‭ ‬التقيت‭ ‬سيدة‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬فعالية‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬الأولمبياد‭ ‬الخاص‭ ‬وتحدثت‭ ‬معها‭ ‬عن‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬أعاني‭ ‬منها‭. ‬فطلبت‭ ‬مني‭ ‬التقارير‭ ‬وقامت‭ ‬بإرسالها‭ ‬إلى‭ ‬متخصصين،‭ ‬وبعد‭ ‬مدة‭ ‬ليست‭ ‬بالطويلة‭ ‬تواصلوا‭ ‬معي‭ ‬وأخبروني‭ ‬أن‭ ‬ابنتي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ (‬توحد‭) ‬شديد‭!. ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬التشخيص‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬هو‭ ‬إعاقة‭ ‬ذهنية‭. ‬وعندما‭ ‬عدت‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬وأخبرتهم‭ ‬بالأمر،‭ ‬أعادوا‭ ‬التقييم،‭ ‬ثم‭ ‬أخبروني‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬إعاقة‭ ‬ذهنية‭ ‬شديدة‭ ‬مصاحبة‭ ‬للتوحد‭. ‬وخلال‭ ‬لقاءاتي‭ ‬مع‭ ‬أولياء‭ ‬أمور‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬واجه‭ ‬مشكلة‭ ‬التشخيص‭ ‬هذه‭.‬

*‭ ‬بعد‭ ‬التشخيص،‭ ‬هل‭ ‬فعلا‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬أحيانا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬47‭ ‬شهرا‭ ‬لإلحاق‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقات‭ ‬الذهنية‭ ‬الشديدة‭ ‬بمراكز‭ ‬التأهيل؟

**‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬قليلة‭ ‬أمام‭ ‬الواقع‭. ‬فهناك‭ ‬حالات‭ ‬تنتظر‭ ‬مددا‭ ‬أطول‭ ‬بكثير‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬حيث‭ ‬تتزايد‭ ‬الأعداد‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬مدة‭ ‬الانتظار‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬أشهرا‭ ‬معدودة‭. ‬والمشكلة‭ ‬أن‭ ‬المراكز‭ ‬غير‭ ‬الربحية‭ ‬مثل‭ ‬مركز‭ ‬الوفاء‭ ‬ومعهد‭ ‬الأمل‭ ‬لديها‭ ‬طاقة‭ ‬استيعابية‭ ‬محدودة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬مددت‭ ‬ساعات‭ ‬العمل،‭ ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬تعتبر‭ ‬رسوم‭ ‬المراكز‭ ‬الأخرى‭ ‬الخاصة‭ ‬أعلى‭ ‬ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬أغلب‭ ‬الأسر‭ ‬أن‭ ‬تلحق‭ ‬أبناءها‭ ‬بها‭. ‬تصور‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأمهات‭ ‬لديهن‭ ‬ثلاث‭ ‬حالات‭ ‬توحد‭ ‬أو‭ ‬إعاقة‭ ‬ذهنية،‭ ‬وكل‭ ‬حالة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬ومراقبة‭ ‬ومجهود‭ ‬وتكاليف‭. ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬مئات‭ ‬الحالات‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الانتظار‭.‬

*‭ ‬وما‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬يعانون‭ ‬منها‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬الانتظار؟

**‭ ‬أولا‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعي‭ ‬أن‭ ‬مرحلة‭ ‬الصدمة‭ ‬بعد‭ ‬التشخيص‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬المراحل‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬يبدأ‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬وبرامج‭ ‬ومراكز‭ ‬متخصصة‭. ‬ولكن‭ ‬هنا‭ ‬تبدأ‭ ‬الصدمات‭ ‬النفسية‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬مراكز‭ ‬عامة‭ ‬أو‭ ‬برامج‭ ‬يمكن‭ ‬إلحاق‭ ‬أبنائهم‭ ‬بها‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬تحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬المراكز‭ ‬الخاصة‭. ‬صحيح‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬صرف‭ ‬100‭ ‬دينار‭ ‬كدعم‭ ‬للحالة،‭ ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬يقدم‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬أمام‭ ‬متطلبات‭ ‬الإعاقة‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الإعاقة‭ ‬مركبة؟‭. ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬احتاجت‭ ‬الأسرة‭ ‬مربية‭ ‬أو‭ ‬أجهزة‭ ‬تعويضية‭ ‬أو‭ ‬أدوية‭ ‬أو‭ ‬مراكز‭ ‬خاصة‭ ‬وغيرها؟‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬الضغط‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والجمعيات‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬المبلغ‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬لحالات‭ ‬الإعاقة‭ ‬الشديدة‭ ‬فقط،‭ ‬والسؤال‭ ‬هنا‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬الإعاقات‭ ‬مثل‭ ‬متلازمة‭ ‬داون‭ ‬وغيرها؟‭ ‬فهذا‭ ‬الأمر‭ ‬سبب‭ ‬استياء‭ ‬كبيرا‭ ‬لدى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭. ‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تأخر‭ ‬الخدمات‭ ‬والتأهيل‭ ‬يجعل‭ ‬الأمر‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬مع‭ ‬الحالة‭. ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مشاكل‭ ‬يواجهونها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬وغيرها‭. ‬فمثلا‭ ‬أطباء‭ ‬الأسنان‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬الأدوات‭ ‬المخصصة‭ ‬لحالات‭ ‬الإعاقة‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يجعل‭ ‬الطفل‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬يعانون‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬انتظار‭ ‬إلحاق‭ ‬الطفل‭ ‬بالمراكز‭.‬

 

359 مصابا بالتوحد على قوائم الانتظار لدى المراكز الأهلية


دعاء‭ ‬عنان،‭ ‬ناشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬طيف‭ ‬التوحد،‭ ‬صممت‭ ‬ونفذت‭ ‬حملات‭ ‬توعوية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬داعية‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬كل‭ ‬الحقوق‭ ‬لمن‭ ‬يعانون‭ ‬التوحد‭.‬

تؤكد‭ ‬عنان‭ ‬أهمية‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬فئة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬وعلى‭ ‬التوعية‭ ‬باضطراب‭ ‬طيف‭ ‬التوحد،‭ ‬وعلى‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬حياة‭ ‬الأطفال‭ ‬والبالغين‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاضطراب‭.‬

وبسؤالها‭ ‬عما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الرقابة‮»‬‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬359‭ ‬مصابا‭ ‬بالتوحد‭ ‬على‭ ‬قوائم‭ ‬الانتظار‭ ‬لدى‭ ‬المراكز‭ ‬الأهلية‭ ‬أجابت‭: ‬‮«‬فعلا‭ ‬هناك‭ ‬تأخر‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬وإدراج‭ ‬المصابين‭ ‬بالتوحد‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬المتخصصة‭. ‬وهذا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يؤخر‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬تحسين‭ ‬حالة‭ ‬التوحدي‭. ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬اضطراب‭ ‬طيف‭ ‬التوحد‭ ‬يعتمد‭ ‬اعتمادا‭ ‬كليا‭ ‬على‭ ‬التشخيص‭ ‬والتدخل‭ ‬المبكر‭ ‬ووضع‭ ‬الخطط‭ ‬المناسبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاختصاصيين‭ ‬بطيف‭ ‬التوحد‭.‬

وربما‭ ‬تعود‭ ‬أسباب‭ ‬تأخر‭ ‬قبول‭ ‬أو‭ ‬إدراج‭ ‬التوحديين‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬رسوم‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬الخاصة،‭ ‬مع‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬المراكز‭ ‬الحكومية‭ ‬للتوحديين،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الأهالي‭ ‬في‭ ‬قائمه‭ ‬الانتظار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬أعداد‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬مقارنة‭ ‬بأعداد‭ ‬التوحديين‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭. ‬حيث‭ ‬إننا‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لتوفير‭ ‬مركز‭ ‬شامل‭ ‬لاستيعاب‭ ‬جميع‭ ‬المصابين‭ ‬بطيف‭ ‬التوحد،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬أغلب‭ ‬الأسر‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭.‬

ولا‭ ‬ننسى‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬التوحدي‭ ‬له‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬الذي‭ ‬كفله‭ ‬له‭ ‬الدستور‭ ‬كونه‭ ‬فردا‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬استثناءات‭ ‬أخرى‮»‬‭. ‬

بشكل‭ ‬عام‭ -‬تضيف‭ ‬دعاء‭ ‬عنان‭-‬،‭ ‬تأخر‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬إلى‭ ‬التوحديين‭ ‬كفيل‭ ‬بمضاعفة‭ ‬المعاناة‭ ‬والمشكلات‭ ‬سواء‭ ‬للمصابين‭ ‬أو‭ ‬ذويهم‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مشكلات‭ ‬سلوكية‭ ‬أو‭ ‬لغوية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬تأهيلية‭ ‬وغيرها‭. ‬

*‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الحملة‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬‮«‬من‭ ‬أجلهم‭ ‬نتوحد»؟

**‭ ‬كانت‭ ‬الحملة‭ ‬جيدة‭ ‬ولاقت‭ ‬رواجا‭ ‬لافتا‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬مفهوم‭ ‬طيف‭ ‬التوحد‭ ‬وما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬المصاب،‭ ‬ولكن‭ ‬كنا‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬والخاصة‭ ‬والقادرين‭ ‬دور‭ ‬أكبر‭ ‬لدعم‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬ودفعها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬لتغيير‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تأخر‭ ‬حصول‭ ‬المصابين‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬المبكرة‭ ‬والدخول‭ ‬إلى‭ ‬المراكز‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬حلول‭ ‬صحيحة‭ ‬لدمجهم‭ ‬داخل‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية‭ ‬والمجتمع‭.‬

 

حالات التوحد تتزايد بشكل مقلق.. تقابلها حالات تفكك أسري وغياب مراكز الإقامة الطويلة


‭ ‬تستمر‭ ‬معاناة‭ ‬أولياء‭ ‬أمور‭ ‬المصابين‭ ‬بطيف‭ ‬التوحد،‭ ‬وقصتنا‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬لأم‭ ‬عانت‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رعاية‭ ‬ابنها‭. ‬كانت‭ ‬تضطر‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬الخروج‭ ‬مع‭ ‬ابنها‭ ‬بعد‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭ ‬وتقود‭ ‬سيارتها‭ ‬ساعات‭ ‬وساعات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هدف‭ ‬محدد،‭ ‬والسبب‭ ‬أن‭ ‬بقاءه‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالخيار‭ ‬الأصوب‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬مركزا‭ ‬متخصصا‭ ‬يمكنها‭ ‬إيداع‭ ‬ابنها‭ ‬فيه‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬والتأهيل‭ ‬المطلوب‭.‬

تحدثنا‭ ‬الأم‭ ‬عن‭ ‬المعاناة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬إلحاق‭ ‬ابنها‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬التأهيل‭ ‬قائلة‭: ‬ابني‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬التوحد،‭ ‬وهو‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬وتحديات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وله‭ ‬احتياجات‭ ‬خاصة،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬يحتاج‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬والتجول‭ ‬بالسيارة‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬جدا‭ ‬تتجاوز‭ ‬أحيانا‭ ‬الخمس‭ ‬ساعات‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬التحاقه‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وهو‭ ‬قليل‭ ‬النوم‭. ‬وكان‭ ‬إبقاؤه‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬ينعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬سلوكياته‭ ‬وقد‭ ‬يقوم‭ ‬بأمور‭ ‬خطرة‭.. ‬وتخيل‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬السيارة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هدف‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭! ‬هو‭ ‬مر‭ ‬مرهق‭ ‬جدا،‭ ‬ولكن‭ ‬أمام‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مركز‭ ‬يلتحق‭ ‬به‭ ‬وانتظارنا‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬كنت‭ ‬مضطرة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭. ‬فالبيت‭ ‬ليس‭ ‬البيئة‭ ‬المناسبة‭ ‬لكثير‭ ‬ممن‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬التوحد،‭ ‬حيث‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬مخصصة‭ ‬ومهيأة‭ ‬توفر‭ ‬مدربين‭ ‬متخصصين‭ ‬وكادرا‭ ‬طبيا‭ ‬يشرف‭ ‬عليهم‭. ‬وللأسف‭ ‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬مركز‭ ‬متكامل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نحصل‭ ‬على‭ ‬خدمات‭ ‬مميزة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭.‬

*‭ ‬هل‭ ‬خاطبت‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬المعنية‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن؟

‭- ‬للأمانة‭ ‬هناك‭ ‬مطالب‭ ‬ومناشدات‭ ‬تم‭ ‬التواصل‭ ‬معنا‭ ‬بشأنها،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬مناشدات‭ ‬مازلنا‭ ‬نحتاجها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬مثل‭ ‬مراكز‭ ‬للإقامة‭ ‬الطويلة‭ ‬لمن‭ ‬يعانون‭ ‬التوحد‭. ‬فمن‭ ‬يعاني‭ ‬التوحد‭ ‬إنسان‭ ‬وله‭ ‬متطلباته‭ ‬واحتياجاته‭ ‬الباهظة‭. ‬هل‭ ‬تعلم‭ ‬أننا‭ ‬نضطر‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬البناء‭ ‬والتصميم‭ ‬والديكورات‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬لضمان‭ ‬السلامة‭ ‬والأمن؟‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬مكلف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬عوائل‭ ‬لديها‭ ‬حالتان‭ ‬أو‭ ‬ثلاث،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المعاناة‭ ‬النفسية‭ ‬والصعوبات‭ ‬المادية‭ ‬مضاعفة‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬مراكز‭ ‬كافية‭ ‬تعنى‭ ‬بهذه‭ ‬الفئة‭.‬

لذلك‭ ‬أقول‭ ‬نعم‭ ‬هناك‭ ‬تأخر‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬لذوي‭ ‬التوحد‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الخدمات‭ ‬التعليمية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬وفقا‭ ‬للدستور‭ ‬حق‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭. ‬وكثير‭ ‬ممن‭ ‬يعاني‭ ‬التوحد‭ ‬تجدهم‭ ‬مبدعين‭ ‬وأذكياء‭ ‬ومستعدين‭ ‬للتطور‭. ‬وبنفس‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬أمامنا‭ ‬سوى‭ ‬المراكز‭ ‬الخاصة،‭ ‬وهي‭ ‬مكلفة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المواطن‭ ‬ذي‭ ‬الدخل‭ ‬المتوسط‭ ‬أو‭ ‬الضعيف‭. ‬وحتى‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬قوائم‭ ‬انتظار‭ ‬طويلة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬المئات‭. ‬

*‭ ‬ما‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبية‭ ‬لتأخر‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬اللازمة‭ ‬لأطفال‭ ‬التوحد‭ ‬مثل‭ ‬إلحاقه‭ ‬بالمراكز‭ ‬التعليمية‭ ‬والتدريبية؟

‭- ‬المشاكل‭ ‬كثيرة‭. ‬وللأسف‭ ‬تصل‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬إحدى‭ ‬الأمهات‭ ‬عن‭ ‬ابنها‭ ‬بسبب‭ ‬التوحد‭ ‬وعدم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬اللازمة،‭ ‬وهناك‭ ‬حالات‭ ‬انفصال‭ ‬عديدة‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬معاناة‭ ‬أحد‭ ‬الأبناء‭ ‬من‭ ‬التوحد‭. ‬أمهات‭ ‬كثر‭ ‬اضطررن‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬العمل‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬من‭ ‬يرعى‭ ‬الابن،‭ ‬وهنا‭ ‬تبدأ‭ ‬مشاكل‭ ‬اجتماعية‭ ‬كثيرة‭ ‬قد‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬تفكك‭ ‬الأسرة‭. ‬وتزداد‭ ‬المشكلة‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬وعي‭ ‬كاف‭ ‬حتى‭ ‬عند‭ ‬الأسرة‭ ‬نفسها،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يضطر‭ ‬إلى‭ ‬ربط‭ ‬ابنه‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬لتجنب‭ ‬أي‭ ‬سلوكيات‭ ‬غير‭ ‬آمنة‭!. ‬في‭ ‬حين‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مراكز‭ ‬وخدمات‭ ‬متاحة‭ ‬وسريعة‭ ‬لخفت‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس،‭ ‬واستطاعت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي‭ ‬وتتعامل‭ ‬بإيجابية‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬التوحد‭. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المشاكل‭ ‬المادية‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬أشرت‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬من‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التوحد‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬لهم‭ ‬متطلباتهم‭ ‬الصحية‭ ‬الخاصة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬نوعية‭ ‬الطعام‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬المادي‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭.‬

ثم‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التوحد‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬الاستيعاب‭ ‬وحتى‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وهنا‭ ‬كلما‭ ‬تأخر‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أخصائيين،‭ ‬أصبحت‭ ‬المشكلة‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭. ‬ويزداد‭ ‬الأمر‭ ‬سوءا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬الطفل‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬التوحد‭ ‬مثل‭ ‬الصرع‭ ‬والوسواس‭ ‬القهري‭ ‬أو‭ ‬إعاقات‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التوحد‭.‬

بل‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬يمر‭ ‬له‭ ‬قيمته‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭. ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬تبدأ‭ ‬التدخل‭ ‬المبكر‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬يتحول‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة‭. ‬وبالتالي‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬التدخل‭ ‬مبكرا‭ ‬وكلما‭ ‬توفرت‭ ‬المراكز‭ ‬المتخصصة‭ ‬استطعنا‭ ‬تلافي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬الصحية‭ ‬والنفسية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أيضا‭ ‬أهمية‭ ‬التشخيص‭ ‬المبكر‭.‬

*‭ ‬تبرز‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬جهود‭ ‬وفعاليات‭ ‬أهلية‭ ‬للتوعية‭ ‬بالتوحد‭ ‬واحتياجات‭ ‬أطفال‭ ‬التوحد‭ ‬وأهمية‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬المناسبة‭ ‬لهم،‭ ‬ألا‭ ‬تلمسون‭ ‬استجابة‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬لهذه‭ ‬الحملات؟

‭- ‬للأمانة‭ ‬كلا‭. ‬ولا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بهذه‭ ‬الفئة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬نلمسه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬التوحد‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أولوياتهم‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬التوحد‭ ‬آخذ‭ ‬بالانتشار‭ ‬بشكل‭ ‬مقلق‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الخليجي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬وهؤلاء‭ ‬لهم‭ ‬حقوقهم‭ ‬واحتياجاتهم‭. ‬فلماذا‭ ‬نؤخر‭ ‬تلبية‭ ‬هذه‭ ‬المتطلبات؟‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬نظراء‭ ‬لهم‭ ‬حصلوا‭ ‬فرصا‭ ‬كبيرة‭ ‬واستطاعوا‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وحصلوا‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬والعمل‭. ‬

*‭ ‬ما‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬توجهينها‭ ‬هنا‭ ‬ولمن؟

‭- ‬رسالتي‭ ‬أولا‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬المعنية،‭ ‬إن‭ ‬حجم‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬نعانيها‭ ‬كبيرة‭ ‬نفسيا‭ ‬وماديا‭ ‬واجتماعيا‭. ‬وتأخر‭ ‬الخدمات‭ ‬أو‭ ‬غيابها‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬معاناتنا‭ ‬هذه‭. ‬

بنفس‭ ‬الوقت،‭ ‬رسالتي‭ ‬إلى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬لا‭ ‬تستسلموا‭ ‬أو‭ ‬تضعفوا‭ ‬أمام‭ ‬حالة‭ ‬أبنائكم‭. ‬فكلما‭ ‬كنتم‭ ‬أقوياء‭ ‬استطعتم‭ ‬أن‭ ‬تتجاوزا‭ ‬تحدياتكم‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا