قطاع غزة – (رويترز): كتب زوج على كفن زوجته التي حصد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة روحها «حياتي.. عيوني.. روحي» وكتب ابن على كفن والدته «أمي وكل شيء».
الفقيدتان من بين أكثر من 21 ألف فلسطيني استشهدوا في العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر.
وعلى مدى 12 أسبوعا انقضت، باتت الأكفان البيضاء المتراصة في كل مكان في القطاع رمزا للشهداء المدنيين.
وفي مقابل نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية في القطاع المحاصر ظلت الأكفان البيضاء وفيرة. لكن كلمات الحب لا تكتب عليها كلها، ففي ظل فوضى العدوان، بعض من رحلوا لا يمكن التعرف على هوياتهم.
في تلك الحالات يحمل الكفن كلمات مثل «ذكر مجهول» و«أنثى مجهولة». وقبل الدفن يتم التقاط صور للموتى وتوثيق تاريخ وموقع القصف الذي أودى بحياتهم ليتسنى لذويهم التعرف عليهم يوما ما.
وحتى إن تفاقم الصراع أكثر فمن المتوقع أن تواكب إمدادات الأكفان البيضاء التي تتبرع بها حكومات عربية ومؤسسات خيرية وتيرة الطلب المتزايد. لكن هناك صعوبات بسبب العدد الهائل من الشهداء وفي بعض الأحيان توجد فجوات في إتاحتها بين مكان وآخر.
وقال محمد أبو موسى المتطوع في جمعية قيراطان لتجهيز الموتى «فوجئنا بأن عددا كبيرا جدا من الأكفان.. مخزون الأكفان اللي كان أهل الخير متبرعين فيه نفد تماما في أول أيام العدوان على قطاع غزة... مكانش عندي أكفان كنت أواجه صعوبة جدا في الأكفان وكنت تقريبا أحط أربعة خمسة شهداء في كفن واحد».
وتابع أبو موسى قائلا وهو يصف ما يواجههم من صعوبات: «فيه نقص في المشارط.. المقصات اللي تلزمنا عشان نجهز الأكفان طبعا.. زي ما أنت عارف الوضع فيه حصار ومفهش مواد في قطاع غزة فبنلاقي صعوبة جدا في المقصات.. المشارط.. القطن» مشيرا إلى أن أرقام الشهداء خيالية بالنسبة إليه وغير مسبوقة في أي مرات سابقة من الاعتداءات والتصعيد.
ويقول مروان الهمص مدير مستشفى أبو يوسف النجار إن شيوع الأكفان البيضاء يشير إلى حجم المعاناة في قطاع غزة.
وتابع قائلا: «كترة الشهداء جعلت الكفن الأبيض رمزا لهذه الحرب وأصبح يوازي علم فلسطين في تأثيره في داخل العالم ومعرفة العالم برمزية قضيتنا... أصبح الآن الكفن هو رمز للقضية الفلسطينية ورمز لهذه الحرب.. حرب الإبادة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة».
وذكر طبيب في مستشفى في مدينة رفح جنوب القطاع لرويترز أن الأكفان التي تأتي من جهات تبرع عربية تصل مغلفة وبها مستلزمات تجهيز الجثمان.
وقال مسؤول في وزارة الصحة في قطاع غزة لرويترز: «في نوعين من الأكفان قماش ونايلون... الأكياس النايلون بتيجي بلونين أبيض وأسود، أحيانا نستخدم اللونين في عملية تحضير جثامين الشهداء للدفن». وتابع قائلا: «أحيانا بتحصل وبتجينا مساعدات أكفان باللون الأسود.. بس إحنا نحاول قدر الإمكان تجنبها طالما موجود اللون... وبنفضل الأبيض.. الكميات الموجودة لدينا كبيرة جدا من الأكفان القماشية باللون الأبيض».
في الأوقات العادية في قطاع غزة لحظة وفاة شخص يسارع أحد أقاربه للسوق لشراء كفن. لكن بالنسبة إلى عبد الحميد عبد العاطي الصحفي المحلي جاء زمن الحرب في قطاع غزة بمشاهد من الفوضى والدمار وضعته أمام موقف رأى فيه جثث ستة من أحبائه تسحب من تحت الركام، منهم أمه وشقيقه.
راح الستة ضحية غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة في السابع من ديسمبر. ودمرت الضربة البناية على رؤوسهم وهم نائمون.
وروى كيف أخذ على عاتقه الإجراءات في تجربة وصفها بأنها الأكثر إيلاما في حياته. وقال «أخذت الأكفان من المستشفى وكفنتهم بنفسي».
وأضاف لرويترز: «أول واحد كفنته أخوي، البقية ومن ضمنهم أمي إجو ملفوفين بالبطانيات فما رضيتش أكشف عنهم وحطيت الكفن فوق الأغطية، لفيتهم كويس وودعتهم».
وتابع قائلا: «وأنا بكفنهم كنت بحكي معهم.. قلت لهم سلموا على أبوي.. وطلبت منهم يتشفعولي عند ربي أنا وعيلتي... وأنا بكفنهم كنت بتساءل شو ذنبهم، شو اللي عملوه؟ ليش تم قتلهم بهاي الطريقة الوحشية؟ ليش إسرائيل قتلتهم وهم نايمين في سلام؟».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك