العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

«طوفان الأقصى».. وكيف نستحق النصر على الأعداء ورفع البلاء؟

بقلم: د. محمد سعيد بكر

الجمعة ٢٦ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬المعادلات‭ ‬والمعاملات‭ ‬البشرية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقال‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬بذل‭ ‬جهداً‭ ‬استحق‭ ‬الأجرة‭.. ‬ومن‭ ‬قام‭ ‬بواجبه‭ ‬استحق‭ ‬حقه‭.. ‬وإلا‭ ‬فمن‭ ‬الظلم‭ ‬لك‭ ‬ألا‭ ‬تأخذ‭ ‬حقك‭ ‬كاملاً‭ ‬إذا‭ ‬أديت‭ ‬واجبك‭ ‬كاملاً‭.. ‬ومن‭ ‬الظلم‭ ‬لغيرك‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬حقك‭ ‬كاملاً‭ ‬وأنت‭ ‬لم‭ ‬تؤد‭ ‬واجبك‭ ‬كاملاً‭ ‬وعلينا‭ ‬تدارس‭ ‬أوضاع‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬كشفته‭ ‬معركة‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وفلسطين‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬وعبر‭ ‬لكل‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬مشارق‭ ‬الأرض‭ ‬ومغاربها‭.‬

ذلك‭ ‬ان‭ ‬المعادلة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجريها‭ ‬بين‭ ‬الخالق‭ ‬العظيم‭ ‬ومخلوقه‭ ‬الضعيف،‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭:‬

1-‭ ‬أن‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬حكمة‭ ‬قد‭ ‬نفهمها‭ ‬وقد‭ ‬نجهلها‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬تنزيل‭ ‬نصره‭ ‬وشفائه‭ ‬ورزقه‭ ‬أو‭ ‬منع‭ ‬ذلك‭ ‬عمن‭ ‬يشاء‭.‬

2-‭ ‬أن‭ ‬المخلوق‭ ‬مهما‭ ‬صنع‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬حق‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭.‬

3-‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حق‭ ‬لمخلوق‭ ‬على‭ ‬خالقه،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الخالق‭ ‬شيء‭ ‬فهو‭ ‬المنعم‭ ‬المتفضل‭.‬

4-‭ ‬أن‭ ‬عموم‭ ‬النصوص‭ ‬التي‭ ‬بينت‭ ‬حقوق‭ ‬العباد‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬حرفية‭ ‬وجود‭ ‬حق‭ ‬لمخلوق‭ ‬على‭ ‬خالقه‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬فضل‭ ‬الله‭ ‬وكرمه‭ ‬وسعة‭ ‬عطائه‭ ‬لعباده،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬النصوص؛‭ ‬ما‭ ‬روى‭ ‬البخاري‭ ‬عن‭ ‬معاذ‭ ‬بن‭ ‬جبل‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭ ‬قال‭: ‬‮«‬يا‭ ‬معاذ‭! ‬هل‭ ‬تدري‭ ‬ما‭ ‬حق‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬العباد؟‭ ‬وما‭ ‬حق‭ ‬العباد‭ ‬على‭ ‬الله؟‭ ‬قلتُ‭: ‬الله‭ ‬ورسوله‭ ‬أعلم،‭ ‬قال‭: ‬فإن‭ ‬حق‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬العباد‭ ‬أن‭ ‬يعبدوه‭ ‬ولا‭ ‬يُشركوا‭ ‬به‭ ‬شيئا،‭ ‬ثم‭ ‬سار‭ ‬ساعة،‭ ‬ثمّ‭ ‬قال‭: ‬يا‭ ‬معاذ‭ ‬بن‭ ‬جبل،‭ ‬قلت‭: ‬لبّيك‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وسعديك،‭ ‬قال‭: ‬هل‭ ‬تدري‭ ‬ما‭ ‬حقّ‭ ‬العباد‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬إذا‭ ‬هم‭ ‬فعلوا‭ ‬ذلك؟‭ ‬قلتُ‭: ‬الله‭ ‬ورسوله‭ ‬أعلم،‭ ‬قال‭: ‬فإن‭ ‬حق‭ ‬العباد‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬إذا‭ ‬فعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يدخلهم‭ ‬الجنة‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬رواية‭ ‬أخرى‭: ‬‮«‬فإن‭ ‬حق‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬العباد‭ ‬إذا‭ ‬فعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬ألا‭ ‬يعذبهم‮»‬‭.‬

يستطول‭ ‬البعض‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وفرَجه‭ ‬وتيسيره‭ ‬وشفاءه‭ ‬ورزقه‭.. ‬وكأنه‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬نفسه؛‭ ‬أين‭ ‬قدرتك‭ ‬يا‭ ‬رب‭.. ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬ضيق‭ ‬النفس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الخالق‭ ‬الرازق‭ ‬القوي‭ ‬النصير‭.. ‬لأن‭ ‬لله‭ ‬تعالى‭ ‬حكمة‭ ‬ترتب‭ ‬إجراء‭ ‬وإظهار‭ ‬قدرته‭ ‬في‭ ‬موضعها‭.. ‬وصدق‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭: ‬‮«‬وَمَن‭ ‬يَتَوَكَّلْ‭ ‬عَلَى‭ ‬اللَّهِ‭ ‬فَهُوَ‭ ‬حَسْبُهُ‭ ‬إِنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬بَالِغُ‭ ‬أَمْرِهِ‭ ‬قَدْ‭ ‬جَعَلَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬لِكُلِّ‭ ‬شَيْءٍ‭ ‬قَدْرًا‮»‬‭ (‬الطلاق‭: ‬3‭).‬

لقد‭ ‬وعد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتوعد‭.. ‬وعد‭ ‬أولياءه‭ ‬وأحبابه‭ ‬والطيبين‭ ‬من‭ ‬عباده‭ ‬بالنصر‭ ‬والتمكين‭.. ‬وتوعد‭ ‬المجرمين‭ ‬المعتدين‭ ‬المفسدين‭ ‬بالدمار‭ ‬والهلاك‭.. ‬ولكنه‭ ‬ربط‭ ‬تحقق‭ ‬وعده‭ ‬ووعيده‭ ‬بأمور‭ ‬منها‭:‬

1-‭ ‬القيام‭ ‬بأمره‭ ‬ولزوم‭ ‬طاعته،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬إِن‭ ‬تَنصُرُوا‭ ‬اللَّهَ‭ ‬يَنصُرْكُمْ‭ ‬وَيُثَبِّتْ‭ ‬أَقْدَامَكُمْ‮»‬‭ (‬محمد‭: ‬7‭).‬

2-‭ ‬الإخلاص‭ ‬واليقين‭ ‬التام‭ ‬عند‭ ‬دعائه،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وَقَالَ‭ ‬رَبُّكُمُ‭ ‬ادْعُونِي‭ ‬أَسْتَجِبْ‭ ‬لَكُمْ‭ ‬إِنَّ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يَسْتَكْبِرُونَ‭ ‬عَنْ‭ ‬عِبَادَتِي‭ ‬سَيَدْخُلُونَ‭ ‬جَهَنَّمَ‭ ‬دَاخِرِينَ‮»‬‭ (‬غافر‭: ‬60‭).‬

3-‭ ‬استيفاء‭ ‬الكافرين‭ ‬والمعتدين‭ ‬والمفسدين‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬منحها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لهم‭ ‬لكي‭ ‬يتوبوا‭ ‬ويستدركوا‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.. ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وَكَأَيِّن‭ ‬مِّن‭ ‬قَرْيَةٍ‭ ‬أَمْلَيْتُ‭ ‬لَهَا‭ ‬وَهِيَ‭ ‬ظَالِمَةٌ‭ ‬ثُمَّ‭ ‬أَخَذْتُهَا‭ ‬وَإِلَيَّ‭ ‬الْمَصِيرُ‮»‬‭ (‬الحج‭: ‬48‭).‬

لقد‭ ‬بين‭ ‬لنا‭ ‬رب‭ ‬العزة‭ ‬حال‭ ‬أقوام‭ ‬منحهم‭ ‬النجاة‭ ‬وصرف‭ ‬عنهم‭ ‬أسباب‭ ‬الهلاك‭ ‬لا‭ ‬لأنهم‭ ‬يستحقون‭ ‬ذلك‭.. ‬بل‭ ‬لأنهم‭ ‬وعدوه‭ ‬بأن‭ ‬يصلحوا‭ ‬من‭ ‬شأنهم‭ ‬ويتوبوا‭ ‬إليه‭.. ‬لكنهم‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬أنجاهم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عادوا‭ ‬كما‭ ‬كانوا،‭ ‬بل‭ ‬صاروا‭ ‬إلى‭ ‬أسوأ‭ ‬حال،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وَإِذَا‭ ‬مَسَّكُمُ‭ ‬الضُّرُّ‭ ‬فِي‭ ‬الْبَحْرِ‭ ‬ضَلَّ‭ ‬مَن‭ ‬تَدْعُونَ‭ ‬إِلَّا‭ ‬إِيَّاهُ‭  ‬فَلَمَّا‭ ‬نَجَّاكُمْ‭ ‬إِلَى‭ ‬الْبَرِّ‭ ‬أَعْرَضْتُمْ‭ ‬وَكَانَ‭ ‬الْإِنسَانُ‭ ‬كَفُورًا‮»‬‭ (‬الإسراء‭: ‬67‭).. ‬فما‭ ‬أسوأ‭ ‬حال‭ ‬المعرضين‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نستحق‭ ‬النصر‭ ‬ورفع‭ ‬البلاء‭ ‬استحقاقاً‭.. ‬بل‭ ‬نطمع‭ ‬في‭ ‬كرم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ورزقه‭ ‬ونصره‭ ‬وفرَجه‭ ‬وتيسيره‭ ‬ورحمته‭ ‬لأنه‭ ‬بيده‭ ‬الخير‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬قدير‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نستحق‭ ‬النصر‭ ‬ورفع‭ ‬البلاء‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬نذكر‭ ‬بعضها‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬كونها‭ ‬منكرات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬نزول‭ ‬البلاء‭.. ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬المنكرات‭ ‬الشائعة‭:‬

1-‭ ‬الفساد‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬المستبدين‭ ‬يتمكنون‭ ‬من‭ ‬مقدرات‭ ‬الأمة‭.‬

2-‭ ‬الفساد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الربا‭ ‬والرشوة‭ ‬والغش‭ ‬والاحتيال‭ ‬عنواناً‭ ‬لمعاش‭ ‬الناس‭.‬

3-‭ ‬الفساد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬هتك‭ ‬ستر‭ ‬الأسرة‭ ‬وامتهن‭ ‬المرأة‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬تحرير‭ ‬المرأة‭ ‬وانفتاح‭ ‬الأسرة‭.‬

3‭- ‬الفساد‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬الذي‭ ‬مسخ‭ ‬منابرنا‭ ‬ومناهجنا،‭ ‬وجعل‭ ‬المهرجانات‭ ‬فناً‭ ‬وثقافة‭ ‬وإبداعاً‭.‬

5-‭ ‬الفساد‭ ‬النفسي‭ ‬الذي‭ ‬جعلنا‭ ‬متبلدين‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬نسمح‭ ‬فيها‭ ‬بذلك‭ ‬كله‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتحرق‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬نتحرك‭.. ‬بل‭ ‬ونسمح‭ ‬للمحتل‭ ‬أن‭ ‬يدنس‭ ‬مقدساتنا‭ ‬ويستبيح‭ ‬بلادنا‭ ‬وأعراضنا‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نستحق‭ ‬النصر‭ ‬ورفع‭ ‬البلاء‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬نحسن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النعمة‭ ‬الموجودة؛‭ ‬فلا‭ ‬اعتراف‭ ‬بوجودها‭ ‬ولا‭ ‬شكر‭ ‬لموجدها‭.. ‬بل‭ ‬جحود‭ ‬ونكران‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬الإلحاد‭ ‬لدى‭ ‬بعض‭ ‬أبناء‭ ‬جلدتنا‭.. ‬فهل‭ ‬يستحق‭ ‬هؤلاء‭ ‬النصر‭ ‬على‭ ‬الأعداء‭ ‬ورفع‭ ‬البلاء؟‭!‬

إن‭ ‬عقولنا‭ ‬تحار‭ ‬في‭ ‬حكمة‭ ‬العزيز‭ ‬الجبار‭.. ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يقايض‭ ‬نعمته‭ ‬النازلة‭ ‬على‭ ‬عباده‭ ‬بشكرهم‭ ‬وعبادتهم‭ ‬له‭.. ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬الدنيا‭ ‬عنده‭ ‬تساوي‭ ‬جناح‭ ‬بعوضة‭ ‬ما‭ ‬سقى‭ ‬منها‭ ‬كافراً‭ ‬شربة‭ ‬ماء‭.. ‬ولكنه‭ ‬سبحانه‭ ‬يحب‭ ‬الشاكرين،‭ ‬ويبارك‭ ‬للطائعين‭.‬

إن‭ ‬أمة‭ ‬لا‭ ‬تشكر‭.. ‬ولا‭ ‬تطيع‭ ‬بل‭ ‬تعصي‭.. ‬ولا‭ ‬تتوب‭ ‬ولا‭ ‬تتراجع‭ ‬ولا‭ ‬تستدرك‭.. ‬أمة‭ ‬حكمت‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬بالدمار‭ ‬مع‭ ‬وقف‭ ‬التنفيذ‭ ‬المرتبط‭ ‬بأمره‭ ‬سبحانه‭.. ‬‮«‬أَلَمْ‭ ‬تَرَ‭ ‬إِلَى‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬بَدَّلُوا‭ ‬نِعْمَتَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬كُفْرًا‭ ‬وَأَحَلُّوا‭ ‬قَوْمَهُمْ‭ ‬دَارَ‭ ‬الْبَوَارِ‮»‬‭ (‬إبراهيم‭: ‬28‭).‬

إن‭ ‬لاستنزال‭ ‬النصر‭ ‬ورفع‭ ‬البلاء‭ ‬وتسلط‭ ‬الأعداء‭ ‬أسباب‭ ‬وسنن‭ ‬كريمة‭ ‬لعل‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭:‬

1-‭ ‬التوحيد‭ ‬الخالص،‭ ‬والاستجابة‭ ‬التامة،‭ ‬واليقين‭ ‬المطلق‭ ‬بوجود‭ ‬الله‭ ‬وقدرته‭ ‬وحكمته‭.‬

2-‭ ‬الوحدة‭ ‬واجتماع‭ ‬الكلمة‭ ‬ونبذ‭ ‬أسباب‭ ‬الفرقة‭.‬

3-‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬القوة‭ ‬وتكثيفها‭ ‬والأخذ‭ ‬بالمستطاع‭ ‬المتاح‭ ‬منها‭.‬

4-‭ ‬طلب‭ ‬العلم‭ ‬والسؤال‭ ‬والمعرفة‭.‬

5-‭ ‬التراحم‭ ‬فيما‭ ‬بيننا،‭ ‬فالراحمون‭ ‬لبعضهم‭ ‬يرحمهم‭ ‬الرحمن‭ ‬ويجبر‭ ‬كسرهم‭.‬

لقد‭ ‬نزل‭ ‬البلاء‭ ‬وتسلط‭ ‬الأعداء‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الأزمنة‭ ‬الأولى‭.. ‬وما‭ ‬من‭ ‬نبي‭ ‬إلا‭ ‬وابتلاه‭ ‬رب‭ ‬العزة‭ ‬بالملأ‭ ‬من‭ ‬قومه‭ (‬حيتان‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭) ‬ولكن‭ ‬الصبر‭ ‬والمصابرة،‭ ‬والثبات،‭ ‬واليقين،‭ ‬وعدم‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬للدعوة‭.. ‬والزهد‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬ومتاعها؛‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬جعلهم‭ ‬يقتربون‭ ‬هم‭ ‬ومَن‭ ‬معهم‭ ‬مِن‭ ‬الطيبين‭ ‬مِن‭ ‬بوابات‭ ‬الفرج‭ ‬والفرح‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر،‭ ‬وصدق‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وَنُرِيدُ‭ ‬أَن‭ ‬نَّمُنَّ‭ ‬عَلَى‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬اسْتُضْعِفُوا‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬وَنَجْعَلَهُمْ‭ ‬أَئِمَّةً‭ ‬وَنَجْعَلَهُمُ‭ ‬الْوَارِثِينَ‭ (‬5‭) ‬وَنُمَكِّنَ‭ ‬لَهُمْ‭ ‬فِي‭ ‬الْأَرْضِ‭ ‬وَنُرِيَ‭ ‬فِرْعَوْنَ‭ ‬وَهَامَانَ‭ ‬وَجُنُودَهُمَا‭ ‬مِنْهُم‭ ‬مَّا‭ ‬كَانُوا‭ ‬يَحْذَرُونَ‮»‬‭ (‬القصص‭: ‬6‭).‬

وختاماً‭: ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬المعاصي‭ ‬ولا‭ ‬المنكرات‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬للشيطان‭ ‬فاعلية‭ ‬وسلطان‭.. ‬ويبقى‭ ‬واجب‭ ‬الدعوة‭ ‬والنصيحة‭ ‬والصدع‭ ‬بالحق‭ ‬تصريحاً‭ ‬أو‭ ‬تلميحاً‭ ‬والأمر‭ ‬بالمعروف‭ ‬والنهي‭ ‬عن‭ ‬المنكر‭ ‬هو‭ ‬الواجب‭ ‬الأهم‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬التدافع‭ ‬بين‭ ‬الخير‭ ‬والشر‭ ‬والحق‭ ‬والباطل‭.. ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬الشعوب‭ ‬الساكتة‭.. ‬والمنابر‭ ‬الخرساء‭.. ‬والعلماء‭ ‬الصامتون؛‭ ‬مسؤولون‭ ‬مسؤولية‭ ‬كبرى‭ ‬عن‭ ‬رفع‭ ‬البلاء‭ ‬وإجابة‭ ‬الدعاء‭.. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬يقول‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬والَّذي‭ ‬نَفسي‭ ‬بيدِهِ‭ ‬لتأمُرُنَّ‭ ‬بالمعروفِ‭ ‬ولتَنهوُنَّ‭ ‬عنِ‭ ‬المنكرِ‭ ‬أو‭ ‬ليوشِكَنَّ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬أن‭ ‬يبعثَ‭ ‬عليكُم‭ ‬عقابًا‭ ‬منهُ‭ ‬ثمَّ‭ ‬تَدعونَهُ‭ ‬فلا‭ ‬يَستجيبُ‭ ‬لَكُم‮»‬‭ ‬رواه‭ ‬الترمذي‭ ‬وهو‭ ‬حسن‭.‬

*‭ ‬داعية‭ ‬وباحث‭ ‬إسلامي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا