شكّلت حلبة البحرين الدولية «موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط»، منذ إنشائها قبل عشرين عامًا، قصة نجاح تروي مدى قدرة أبناء البحرين على صناعة النجاح وبلوغ الإنجاز في كل المجالات، في ظل ما يتحلون به من إرادة وطنية، مستلهمين العزيمة وروح الإصرار من رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، الذي يؤكد في كل المناسبات إيمانه وثقته بأن المجتمع البحريني يمتلك الكثير من مقومات التـقدم الحقيقي التي يمكن البناء عليها في مسيرة التطوير الشامل، إلى جانب الإيمان الراسخ الذي كرسه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بضرورة السير نحو تنفيذ الرؤى الملكية التي من شانها تحقيق الأهداف الموضوعة والذي انتج فريقا بحرينيا مقبلا على الصعاب والتحديات وعاشقًا للإنجاز .
وفي سياق هذه الرؤى الملكية السامية تنوعت مبادرات التطوير والتحديث في مختلف أوجه الحياة في مملكة البحرين سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، كما كان للقطاع الرياضي نصيب وافر من الاهتمام والدعم السامي من خلال الاهتمام بإقامة المنشآت والبنية التحتية الرياضية لكل الألعاب والأنشطة، والتوسع في رعاية ودعم المنتخبات والفرق والأندية وتأهيلها للمنافسة ونيل الألقاب والبطولات، ولم يقتصر الأمر على الرياضات الجماعية والفردية، بل سعت مملكة البحرين أيضًا إلى أن تكون لها الريادة في استقطاب رياضات جديدة لمملكة البحرين ومنطقة الشرق الأوسط، ووفرت لذلك المقومات والإمكانيات التي تضمن لها النجاح.
شعار «20 عامًا من صنع التاريخ»
وتحتفل حلبة البحرين الدولية هذا العام بذكرى استضافتها أول بطولة لسباقات الفورمولا 1 تحت شعار «20 عامًا من صنع التاريخ»، وهو شعار يعبر عن الواقع بشكل جلي، ويؤكد المكانة الاستراتيجية العريقة التي تحظى بها بين نظيراتها من حلبات سباقات السيارات إقليميًا ودوليًا، وهو ما تجسد في تجديد عقد استضافة البحرين لسباقات الفورمولا 1 حتى عام 2036 مع المؤسسة المنظمة للسباقات العالمية، في دليل نجاح يؤكد مدى الثقة في قدرة البحرين على تنظيم هذا السباق العالمي وغيره من السباقات والبطولات، في ظل ما لديها من بنية تحتية متطورة وطاقات وطنية مؤهلة، وإرادة وطنية قادرة على صنع الإنجاز.
وعلى مدى عقدين من الزمن حققت حلبة البحرين الدولية واستضافتها سباقات الفورمولا 1 جملة من المكاسب الاقتصادية والسياحية والرياضية لمملكة البحرين، بما يعكس نجاح الرؤية الاستراتيجية من إنشائها، ولعل أبرزها المكسب المحوري المتمثل في الشباب البحريني الذي استطاع ان يصنع بإرادة قوية هذا النجاح المستمر، وهو ما تجسد في تصريح صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء خلال زيارته التفقدية للحلبة مع انطلاق التجارب الرسمية لبطولة العالم للفورمولا 1 في 21 فبراير الجاري، حيث أكد سموه أن تجربة مملكة البحرين في مجال تنظيم سباق الفورمولا 1، وسباقات السيارات عمومًا الممتدة من عام 2004، باتت نموذجًا يحتذى به وقصة نجاح نفخر بأن من سطرها هم كوادرنا الوطنية، منوهًا سموه بدور الحلبة في تعزيز مكانة البحرين في المشهد الرياضي العالمي وما لديها من خبرات تراكمية وجاهزية في تنظيم السباقات والفعاليات العالمية.
دور محوري في الترويج للمملكة
لقد قامت حلبة البحرين الدولية بدور حيوي في الترويج لما تشهده مملكة البحرين من نهضة وتقدم في جميع القطاعات، وما تحظى به من إمكانيات فريدة في التنظيم والمنشآت العصرية، لاسيما وأن سباق الفورمولا 1 يشاهده أكثر من 500 مليون مشاهد من مختلف أنحاء العالم، ويحضره عدد كبير من وسائل الإعلام العالمية، وينال اهتمام الملايين من عشاق هذه الرياضة، وبالتالي فإن وجود المملكة على الخريطة الرياضية العالمية في هذه الرياضة والنجاحات التي تحققها تشكل مكسبًا دبلوماسيًا للبحرين، وبخاصة أن بعض قادة الدول وكبار المسؤولين من المنطقة والعالم يحرصون على زيارة مملكة البحرين لمتابعة سباق الفورمولا 1.
وساعدت حلبة البحرين الدولية وما تستضيفه من سباقات أيضًا في إطلاع العالم على الإرث التاريخي والثقافي الذي تمتلكه البحرين، وذلك من خلال تنظيم العديد من الأنشطة الفنية والثقافية في فترة إقامة السباق، التي يحرص جمهور الفورمولا1 على حضورها.
وأسهمت حلبة البحرين الدولية أيضا في نمو قطاع السياحة والفندقة، وهو ما أكدته وزيرة السياحة فاطمة بنت جعفر الصيرفي في تصريح لها في يناير الماضي، بأن تأثير الفورمولا 1 استثنائي على قطاع السياحة، إذ أن عام 2022 شهد حضورًا لافتًا بلغ 98 ألف شخص في جميع أيام السباق و35 ألفًا في يوم السباق وحده، وفي عام 2023، ارتفعت هذه الأرقام ووصلت إلى 99500 في إجمالي أيام السباق و36000 في يوم السباق نفسه، وبالتأكيد فإن توافد هذه الأعداد الكبيرة يحقق ارتفاعًا لنسبة إشغالات الفنادق بمختلف درجاتها يبلغ في الكثير من الأحيان بين 80 و100%، فضلا عن رواج الإقبال على المطاعم والمجمعات التجارية، إضافة إلى أن أيام السباق كل عام تمثل فرصة للزوار للاطلاع على المواقع السياحية في مملكة البحرين، وتعرف التطور الحضاري الذي تشهده، وما تتمتع به من مقومات فريدة كوجهة سياحية في المنطقة.
واسهمت حلبة البحرين الدولية في انتعاش عدد من القطاعات التجارية والخدمية، مثل الحركة السياحية وحركة الطيران وأنشطة النقل والمواصلات والاتصالات والقطاع المصرفي، والمراكز الترفيهية، كما أتاحت فرصا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتوسيع نشاطاتها من خلال الفعاليات المصاحبة للسباق، وعبرت عن وجودها في الأنشطة والسباقات التي تستضيفها الحلبة على مدار العام، حيث تقام في سباقات متعددة خلال شهور السنة المختلفة، فضلاً عن أن هذه المشروعات تستفيد من ضخ السيولة الناتجة من عمليات الشراء والبيع خلال فترات إقامة السباقات المختلفة.
وتعتبر حلبة البحرين الدولية مشروعا استراتيجيا سجل ريادة مهمة لمملكة البحرين منذ عام 2004، وجاء ليعانق تاريخا ممتدا لرياضة السيارات والمحركات في مملكة البحرين، منذ تأسيس نادي البحرين للسيارات (الاتحاد البحريني للسيارات لاحقًا) في نوفمبر 1952، وليؤكد على مدى عقدين الإصرار على تحقيق النجاح بهوية وطنية خالصة وانطلاقة عالمية متجددة على ارض السلام مملكة البحرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك