تحقيق أجرته الطالبة بجامعة البحرين: غدير عبدالأمير
«تأخير سن الزواج – طريق اختياري أم إجباري؟!» سؤال يبادر للأذهان في وقتنا الحالي تزامنا مع عزوف الكثير من الشباب عن الزواج المبكر على عكس سنوات الآباء والأجداد التي اعتادوا فيها على الزواج في عمر العشرين، وهو الاختلاف الذي يعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي شهدتها مجتمعات الشباب خلال السنوات الماضية والتي أثرت على قراراتهم في اخيار توقيت سن الزواج، ولكن جملة «النضوج الفكري والاستعداد المادي» جاءت ضمن إجابات أجمع عليها عدد من الشباب واستشاريو الأسرة، مؤكدين أن النضوج والاستعداد المادي هما الفيصل في اختيار توقيت الزواج.
رحلة الخوف إلى الاستقرار
صابرين محمد سيدة أربعينية ترى أن أحد اهم أسباب التردد في الزواج أو التأخر عليه هو الخوف من الفشل خاصة مع ارتفاع حالات الطلاق بين فئة الشباب، حيث تقول «منذ أن بدأت مداركي تتفتح على العالم المحيط بنا، وتكونت لدي صورة سيئة عن الزواج بسبب ما شاهدته من تجارب الآخرين فالعلاقات الزوجية في دائرتي دائمًا ما كانت تشهد مشاكل تنتهي بالعنف النفسي والجسدي وحتى العلاقات المتفاهمة أرى أن المرأة هي الطرف المغلوب على أمره، تبذل جهدها ولا أحد يساعدها أو يقدرها»، وتستكمل: المرأة المتزوجة تذهب إلى العمل وتؤدي واجبها وبعدها تؤدي مسؤولياتها في منزلها من إعداد طعام وتنظيف وغيره من أعمال البيت التي لا تنتهي وتتحمل مسؤولية كافة أفراد الأسرة، تلك الصورة رسخت لدي فكرة الوحدة وأن أكون برفقة بأصدقائي وعائلتي. وتقول كل ذلك الوقت وأنا تسيطر علي تلك الأفكار إلى أن جاءت الفرصة التي جعلتني اتخلى عن مخاوفي بعد أن انتقلنا من إلى سكن آخر والتقيت بشاب كان يسكن معنا في نفس العمارة، وتقدم إلي فمنحت نفسي فرصة للتعارف وحاولت أن اتخلى عن مخاوفي ولو لوقت قليل حتى اكتشفت شخصا مسؤولا فاجأني بطريقة تفكيره المتوافقة معي وتزوجته، على الرغم من أنني أكبره سنناً إلا أن فرق السن لم يكن عائقا أمام هذا الزواج فكنت أبلغ من العمر 41 سنة وهو 34 سنة وبفضل الله غير وجهة نظري عن الزواج بأفعاله من تعاون متبادل وإخلاص وأصبح البيت مسؤوليتنا المشتركة لضمان نجاح زواجنا.
تحقيق الذات
عبد الرحمن الفهد شاب يبلغ من العمر 42 سنة، يرى أن الظروف أجبرت الجميع على الانتظار تحقيقا للأهداف الشخصية والنجاح في الحياة المهنية وبعدها يأتي التفكير في الزواج، حيث يقول دائما ما كان الزواج آخر ما أفكر به؛ وخاصة في الوقت الحالي، كونه يتطلب تكاليف كبيرة بالنسبة إلى شاب تخرج في الجامعة لا يملك شيئاً ويريد الاعتماد على نفسه؛ بعيدا عن الاعتماد على أسرته التي قدمت له الكثير حتى التخرج، متسائلا: اذا لم أستطع تأمين مصاريف الزواج فكيف سأوفر لعائلتي كل احتياجاتهم، كيف اتحمل المسؤولية مادياً أو أحفظ على صورتي أمام زوجتي إذا اعتمدت على عائلتي.
ويقول إنه بعد تخرجه في الجامعة توظف في إحدى الشركات وادخر المال ولجأ إلى عمل إضافي لتوفير دخل آخر، وفي هذه المدة اكتسب خبرات عبر تجارب طورته مهنيا وعقليا، وتمكن من شراء منزل وسيارة بالإضافة الى توفير تكاليف الزواج إلى أن شعر بقدرته على الزواج ماديًا وفكريا، وقادر على تحمل المسؤولية، وعندها تزوج زميلته في العمل في عمر 36 سنة وهي 32 سنة بعد سنتين من الزواج رزقه الله بطفلة وأصبح سعيدا وممتناً من زواجي.
زواج تقليدي
أما محمد أحمد شاب يبلغ من العمر 38 عاما يؤكد أن الظروف هي التي تتحكم في اختيار التوقيت، موضحا أنه لم يكن يفكر في التأخر في الزواج، ولكن فترة كبيرة من البحث عن عمل هي التي أخرته عن الإقدام على تلك الخطوة إلى أن عرف طريق الاستقرار المادي وأقدم على تلك الخطوة وهو في سن الـ 27 من عمره، ولكن عن طريق الزواج التقليدي الذي يبحث فيه الأهل عن فتاة لابنهم، حتى عثر على فتاة أحلامه وما لبث وأن تزوجا إلا انه بعد فترة قصيرة انتهى الزواج وعاد مرحلة جديدة من البحث.
التوعية
المستشار الأسري حمد محمد ومستشار العلاقات زهير أشكناني اتفقا على أن توقيت الزواج يتوقف على الظروف المحيطة بالشباب، فإذا كان الشاب غير مستعد لتحمل المسؤولية، وغير واع بالحياة الزوجية وكيفية التعامل مع الطرف الآخر، ولم يتمكن من تحقيق الاستقلال المالي، وغير ناضج عقليًا وعاطفيًا، ففي هذه الحالة لا مجال للشك فان من الضروري عدم دفعه للزواج انتظارا لتحقيق النضوج الفكري والاستقلالية المادية كي يتمكن من تقديم أسرة مستقرة للمجتمع، أما إذا كان مستعداً لتحمل المسؤولية، واعياً لكيفية إدارة الحياة الأسرية، ناضجاً في انفعالاته وجميع تصرفاته، مقتدرا ماديًا، في هذا الوضع يجب البحث عن شريك له، وأكدا أن تنظيم محاضرات توعوية للشباب أمر في غاية الأهمية لزيادة الوعي وتحقيق النضج.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك