في عصرنا الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي عنصرا أساسًا للتواصل بين الافراد، تنقل الأخبار والأفكار والمشاعر عبر العالم بأسره في لحظة واحدة ولكن، هل فكرت يومًا في تأثير هذه الوسائل على صحتنا النفسية؟ وهل هذه الأدوات الرقمية الرائعة لها وجه مغاير مزعج في الوقت نفسه؟
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية أصبح موضوعًا مثيرًا للجدل ومحط اهتمام العديد من الباحثين والمختصين في مجال الصحة النفسية.
الإدمان
حيث ترى خديجة العويناتي - اختصاصي نفسي إكلينيكي أن استخدام الشاشات الإلكترونية، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى الإدمان، وبالتالي تأثير هذه البرامج على الدماغ بكون شبيه بتأثير المواد المخدرة الإدمانية من ناحية التعلق والتعود والاعتياد وزيادة الرغبة في الحصول على المزيد من هذه الوسائل مع الوقت، مما يؤدي إلى تشتيت الانتباه عن العلاقات والمسؤوليات الواقعية، والعزلة الاجتماعية والوحدة واللامبالاة والمشاعر السلبية، فضلاً عن انخفاض مستوى الإنتاجية سواءً في الدراسة أو العمل.
وأضافت أن هناك ارتباطا وثيقا بين اضطراب قلة النوم واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يقضون فترات طويلة في متابعة المحتوى المنشور بدون إحساس فعلي بمرور الوقت وبالتالي يؤدي الى السهر، وكذلك الاستيقاظ المبكر بسبب التنبيهات المستمرة لهذه الوسائل أو الإحساس بعدم الرغبة في تفويت أي جديد قد يُنشر على هذه البرامج، الأمر الذي يقلل من عدد ساعات النوم وجودته.
وأشارت إلى ضرورة تحديد فترات معينة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال اليوم مثلا يتم تحديد 10 إلى 15 دقيقة فقط 3 مرات في اليوم لاستخدام الهاتف، والانشغال ببرامج وأنشطة متنوعة خلال اليوم مثل: الرياضة، ممارسة هوايات الطبخ، القراءة، الخياطة، الزراعة، الموسيقى وغيرها، كل ذلك يساهم في تقليل وقت الفراغ الذي يتم للأسف تمضيته باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الضارة.
الاكتئاب
فيما نوهت عبير عبدالعال - اختصاصية نفسية إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تزيد من انتشار الاكتئاب والأفكار الانتحارية، وهناك دراسات تظهر أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤثر على الصحة العقلية، وخاصة لدى الشباب الذي يبدأ مقارنة الحياة الواقعية بحياة السوشيال ميديا ما يجعله تحت الضغط على تحقيق الكمال قد تؤدي إلى نوبات من الاكتئاب والقلق.
وأكدت عبير عبدالعال أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى العزلة عن العالم الحقيقي وفقدان الانتماء، والذي قد يكون له آثار سلبية على الصحة العقلية وإثارة الأفكار الانتحارية، ونحن كبشر بحاجة إلى التفاعل المباشر والاجتماعي للنمو والازدهار، لذلك فالعزلة الناتجة عن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون ضارة.
وفي هذا الجانب، ترى عبير عبدالعال أن الإفراط في الاعتماد على تعليقات الآخرين وردود فعلهم لتحديد قيمة الذات له تأثير سلبي على صحتنا النفسية، فعندما تصبح سعادتنا مرتبطة بآراء الناس عنا فإننا نخلق نوعًا من الإدمان على هذه التعليقات والمتابعات وفي النهاية، قد نجد أنفسنا في حالة اعتياد على فعل الآخرين لنشعر بأننا محل تقدير، وفي حقيقة الأمر السعادة الحقيقية يجب أن تأتي من الداخل وعندما نربط سعادتنا بتأييد الآخرين فإننا نحمّل أنفسنا مهمة مستحيلة مدى الحياة للبقاء مقبولين في عالم الإنترنت، وهذا الاعتماد قد يسبب ضغوطًا مزمنة وإرهاقًا، حيث قد نفقد الدافع للتركيز على أولوياتنا الحقيقية في العلاقات والعمل والصداقات، ونفقد القدرة على الاستمتاع بالحاضر.
رأي الشباب
وكان للشباب رأي إضافي، حيث قالت حوراء السيد علي – خريجة كلية الرياضة إن وسائل التواصل الاجتماعي صارت تؤثر على الحالة المزاجية بشكل كبير سواء كانت من حيث الافكار والمعتقدات أو من خلال وضع معايير معينة للجمال وللشخصية، لذلك نجد أن الكثير منا يتأثر ويبدأ في التغيير في شكله وأفكاره ويصل الموضوع حتى إلى تغير شخصياتنا بشكل كبير.
وقالت زينب الهاشمي: قبل بضع سنوات، كانت صديقتي تعاني من القلق والضغوط النفسية بسبب استخدامها المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي في البداية، رأت أنها توفر طرقًا للتواصل الاجتماعي لكن بمرور الوقت أصبح لها تأثير سلبي على صحتها النفسية، كانت تقيِّم ذاتها بناءً على التفاعل مع منشوراتها، مما أثر سلبًا على ثقتها بنفسها كان لاستخدامها المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي آثار سلبية على صحتها العقلية، فيما يرى رضا الستراوي أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل يزيد نسبة الإصابة بالاضطرابات النفسية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك