كتبت: ياسمين العقيدات
رغم قضائه 40 عاما خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي، كان خلالها شاهدا على أنواع القمع والتعذيب والنفسي والجسدي، ورغم ذلك عندما تجلس معه وتسمع منه، تجد أن كريم يونس عميد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال راسخا رسوخ الجبال، مثابرا رسمت سنوات الاعتقال على تجاعيد وجهه رحلة النضال الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة مهما كانت التحديات والصعوبات.
«أخبار الخليج» التقت يونس خلال زيارته مؤخرا للبحرين، وروى لنا أن سنوات «الاعتقال» في سجون الاحتلال كانت بمثابة فجوة زمنية كالدخول في الثقب الأسود والخروج في زمان مختلف تماماً حينما لمست قدماه في عام 2023 اسفلت الشارع لأول مرة.
الأسير كريم يونس كان أقدم أسير في الوطن العربي والعالم، تنقل خلال سنوات أسره في 23 سجناً بين سجون الاحتلال، حيث اعتقل يونس في عام 1983 عندما كان طالبا جامعيا يدرس الهندسة المدنية ليصدر ضده حكم بالإعدام شنقا، تحول إلى مؤبد مفتوح.
وفي تأكيد أن فلسطين سوف تنتصر في النهاية على الاحتلال مهما طال الزمن، قال يونس (من ينتصر على زمانه ينتصر على سجانه)، مؤكدا أنهم لم يحصوا سنوات السجن لأنهم كانوا مشغولين بالعمل ودعم الأجيال حتى يواصلوا النضال، وكان السجن ولا يزال منبع المناضلين، ولهذا لم تنل سنوات الأسر رغم طولها من صمود وعزيمة أي أسير.
وأكد كريم يونس أن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية لم يقبلوا الذل يومًا بأي شكل من الأشكال أو حتى المساس بحقوقهم وهم دائمًا على يقين بأن الحرية تنتظرهم.
وتابع عميد الأسرى بأن الأسرى الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية يتعرضون لهجمة غير مسبوقة بعد أحداث 7 أكتوبر، حيث منعوا من التواصل مع ذويهم والزيارات، بالإضافة إلى عزلهم عن العالم الخارجي تماما من خلال سحب الراديو والتلفزيون والصحف، لافتا إلى أن الكثير من الأسرى الفلسطينيين لا يعلمون شيئاً عن ذويهم في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأضاف يونس أن الأسرى في فلسطين منعوا حاليًا من الخروج في الساحات والاعتداء عليهم وحبسهم بغرف انفرادية والاعتداء عليهم بشكل وحشي عبر دخول القوات الخاصة ملثمة وجوههم وضربهم بأبشع الطرق في الغرف الانفرادية، حيث أصيب الكثير من الأسرى بالكسور في العظام منها كسر في الجمجمة والأضلاع وغيرها، كما أجبروهم على التصوير بجانب العلم الإسرائيلي.
وحول تجربته في السجن قال عميد الأسرى الفلسطينيين السابق إنهم أرادوا أن نتغير وسعوا بشكل منهجي وضمن خطة واستراتيجية لتغيير الأسير الفلسطيني الذي أرادوا له أن يكفر بوطنه وأن يكون إنساناً بلا جدوى، وقد عبّر عن ذلك وزير الحرب الإسرائيلي منذ الستينيات والذي قال سنجعل من هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم فدائيين أدوات طيعة تصنع الألعاب لأطفالنا، لكن الحركة الأسيرة بوحدتها ووحدة كلمتها والعمل الجماعي المشترك وقيادتها كانت كفيلة بالتصدي لهذه الفكرة ووصلنا إلى درجة ان يطلب السجان الرضى من الأسرى واكتشف الأسرى أن لديهم سلاحا وسلاحهم في وحدتهم ووحدة كلمتهم ونضالهم، وأن الاضراب عن الطعام يمكن أن يكون وسيلة للحصول على حياة كريمة تليق بالبشر وعدم الخضوع لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، فحققنا الكثير ودفعنا ثمن ذلك واستطاع الأسير أن يصنع من السجون مدارس وأكاديميات تخرج تعليما جامعيا وأنا حصلت على الماجستير في السجن.
وبين أن عدد الأسرى الذين استشهدوا بداخل السجون الإسرائيلية منذ أحداث 7 أكتوبر أكثر من 48 شهيدا داخل السجون وجزء من الشهداء اعتقلوا حديثًا من غزة بعد أحداث 7 أكتوبر، بالإضافة إلى أسرى استشهدوا بسبب التصعيد الذي يمارسه الاحتلال من الجرائم والانتهاكات بحق الأسرى في سجونه من العزل الانفرادي والإهمال الطبي المتعمد والتفتيش والإذلال والتعذيب النفسي والجسدي والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية هي جرائم لن تكسر إرادة الأسرى.
وتابع عميد الأسرى سابًقا قائلًا: إن تاريخ الإفراج يتم الإبلاغ عنه منذ صدور الحكم حيث حكم علي بـ(40) سنة ولكن طريقة الإفراج كانت فريدة من نوعها، حيث عادةً ما يتم الإفراج في الساعة الـعاشرة ونصف صباحًا إلا أنهم أفرجوا عنه في الرابعة فجرًا عبر وضعه في سيارة مظلمة، حيث تم تغيير 3 سيارات خلال نصف ساعة والدخول عبر ممرات ضيقة وجانبية وكأنهم يهربون شيئًا، وبعد وضعه على الأرض كانت قدمه لم تلمس الشارع منذ 40 سنة وتركوني وحيدًا في منطقة رعنانا من دون أن يتم إبلاغ أحد من أفراد عائلتي، وذلك لمحاولة إفشال الاستقبال الحاشد له إلا أنه الصحافة قد تسابقت والفلسطينيون ليستقبله أكثر من 20 ألف شخص ولكن قوات الاحتلال حاولت اقتحام المكان وفض الاحتفال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك