العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

السياحي

تجربة يمكن استنساخها عالميا.. تحول مدينة يولين الصينية من بحر الرمال إلى واحة خضراء

الأربعاء ١٠ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

فاتن‭ ‬دونغ‭ - ‬إعلامية‭ ‬صينية

 

يعدّ‭ ‬التصحر‭ ‬تحديا‭ ‬يواجهه‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬ومكافحة‭ ‬التصحر‭ ‬هي‭ ‬خيار‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الخضراء‭ ‬العالمية‭. ‬كانت‭ ‬مدينة‭ ‬يولين‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬شمال‭ ‬مقاطعة‭ ‬شنشي‭ ‬الصينية‭ ‬منطقةً‭ ‬تتعرض‭ ‬لعواصف‭ ‬رملية‭ ‬طوال‭ ‬العام‭ ‬بسبب‭ ‬وقوعها‭ ‬في‭ ‬الطرف‭ ‬الجنوبي‭ ‬لصحراء‭ ‬ماوووسو‭. ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فتمت‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬93‭.‬24%‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المتصحرة‭ ‬في‭ ‬يولين،‭ ‬وتم‭ ‬تثبيت‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬تثبيت‭ ‬573‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬من‭ ‬الرمال‭ ‬المتحركة‭. ‬قد‭ ‬توفر‭ ‬تجربة‭ ‬يولين‭ ‬للعالم‭ ‬نموذجا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬تكراره‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬التصحر‭.‬

قد‭ ‬تشبه‭ ‬الظروف‭ ‬في‭ ‬يولين‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬تقع‭ ‬المدينة‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬التقاطع‭ ‬بين‭ ‬صحراء‭ ‬ماوووسو‭ ‬وهضبة‭ ‬اللوس،‭ ‬يبلغ‭ ‬متوسط‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار‭ ‬السنوي‭ ‬حوالي‭ ‬400‭ ‬ملم،‭ ‬إنها‭ ‬منطقة‭ ‬تصحر‭ ‬ورملية‭.‬

على‭ ‬مدار‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬قامت‭ ‬يولين‭ ‬بدقة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬مفاهيم‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬‮«‬المياه‭ ‬الصافية‭ ‬والجبال‭ ‬الخضراء‭ ‬هي‭ ‬كنز‭ ‬لا‭ ‬يُقدر‭ ‬بثمن‮»‬‭ ‬و«الحماية‭ ‬المتكاملة‭ ‬والإدارة‭ ‬النظامية‭ ‬للجبال‭ ‬والمياه‭ ‬والغابات‭ ‬والحقول‭ ‬والبحيرات‭ ‬والأعشاب‭ ‬والرمال‮»‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتخاذ‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لتحقيق‭ ‬الانتقال‭ ‬الناجح‭ ‬من‭ ‬‮«‬زحف‭ ‬الرمال‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تراجع‭ ‬الرمال‭ ‬وتقدم‭ ‬الخضرة‮»‬‭ ‬والتنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستدامة‭ ‬وعالية‭ ‬الجودة‭.‬

بدايةً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التشجير‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬وتقنيات‭ ‬تثبيت‭ ‬الرمال‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬العواصف‭ ‬الرملية،‭ ‬نجحت‭ ‬يولين‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الرمال‭ ‬المتحركة‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬استعادة‭ ‬الغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬ساهمت‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬العواصف‭ ‬الرملية‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬السكان‭ ‬وإنتاجهم،‭ ‬وفي‭ ‬خلق‭ ‬ظروف‭ ‬مواتية‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬البيئي‭.‬

ثانيًا،‭ ‬تحسين‭ ‬خصوبة‭ ‬الأرض‭ ‬وإنشاء‭ ‬بيئة‭ ‬متكاملة‭ ‬للتعايش‭ ‬المتناغم‭ ‬بين‭ ‬الكائنات‭ ‬المجهرية‭ ‬والنباتات‭ ‬والحيوانات‭. ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تقنيات‭ ‬الميكروبيولوجيا‭ ‬لتحسين‭ ‬بنية‭ ‬التربة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الآفات،‭ ‬وتحويل‭ ‬المخلفات‭ ‬العضوية‭ ‬إلى‭ ‬موارد‭ ‬مفيدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬التخمير‭ ‬الميكروبي‭.‬

كان‭ ‬الرصد‭ ‬الشامل‭ ‬والتجريب‭ ‬أيضًا‭ ‬مفتاح‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬يولين‭. ‬على‭ ‬مدى‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬توافد‭ ‬خبراء‭ ‬التربة‭ ‬والهيدرولوجيا‭ ‬إلى‭ ‬هنا،‭ ‬وأنشأوا‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬التجارب‭ ‬البيئية‭ ‬ونظم‭ ‬الرصد،‭ ‬وأطلقوا‭ ‬نماذج‭ ‬الغابات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬البيئية،‭ ‬وأنماط‭ ‬التربية‭ ‬تحت‭ ‬الغابات،‭ ‬وأنماط‭ ‬الإنتاج‭ ‬الطبيعي‭ ‬للفطر‭ ‬الصالح‭ ‬للأكل‭ ‬تحت‭ ‬الغابات،‭ ‬محولين‭ ‬28‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬من‭ ‬بحر‭ ‬الرمال‭ ‬إلى‭ ‬واحات‭ ‬خضراء‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حققت‭ ‬المنطقة‭ ‬المحلية‭ ‬أيضًا‭ ‬تنمية‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الزراعي‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬الجفاف‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كانت‭ ‬قرية‭ ‬إيدانغوان‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المناطق‭ ‬تعرضا‭ ‬للتصحر‭. ‬فبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬مكافحة‭ ‬التصحر‭ ‬وتحسين‭ ‬البيئة،‭ ‬تحولت‭ ‬الصحراء‭ ‬إلى‭ ‬واحة‭. ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مشكلة‭ ‬الاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬للمياه‭ ‬الجوفية‭ ‬في‭ ‬الري‭ ‬الزراعي،‭ ‬بدأت‭ ‬الحكومة‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسة‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بأكملها،‭ ‬وعملت‭ ‬لزيادة‭ ‬وعي‭ ‬السكان‭ ‬بضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الماء،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬اتخاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الزراعة‭ ‬المتوافرة‭ ‬للمياه‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬هكتار،‭ ‬وذلك‭ ‬يشمل‭ ‬جمع‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬الأمطار‭ ‬والثلوج،‭ ‬واستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬الري‭ ‬بالتنقيط‭ ‬الحديثة،‭ ‬واختيار‭ ‬البطيخ‭ ‬والفجل‭ ‬والفلفل‭ ‬والمحاصيل‭ ‬الأخرى‭ ‬الموفرة‭ ‬للمياه‭ ‬وغيرها‭. ‬وخلال‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين،‭ ‬عادت‭ ‬مستويات‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬إلى‭ ‬الارتفاع‭.‬

اليوم،‭ ‬لم‭ ‬تصبح‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬المياه‭ ‬وشح‭ ‬الأمطار‭ ‬أكثر‭ ‬اخضرارا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬وجدت‭ ‬أيضا‭ ‬مسارا‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬عالي‭ ‬الجودة‭. ‬إن‭ ‬مفاهيم‭ ‬وممارسات‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬يولين‭ ‬للحماية‭ ‬والإدارة‭ ‬البيئية‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الإيكولوجيا‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬والزراعة‭ ‬وتطوير‭ ‬الصناعات‭ ‬الخضراء‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬درسا‭ ‬يمكن‭ ‬استلهامه‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬المناطق‭ ‬الجافة‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬الجافة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا