العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

مقالات

موسى عبد العزيز شحادة رائد من رواد الصيرفة الإسلامية وقامة اقتصادية ومصرفية فاعلة في مجتمعها والعالم

بقلم: عدنان أحمد يوسف

الأربعاء ١٠ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

نفتقد‭ ‬بوفاة‭ ‬الأخ‭ ‬والصديق‭ ‬الفاضل،‭ ‬ورفيق‭ ‬الدرب‭ ‬موسى‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬شحادة‭ (‬أبو‭ ‬صفاء‭)‬،‭ ‬علما‭ ‬من‭ ‬أعلام‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬البارز،‭ ‬والمصرفي‭ ‬البارع،‭ ‬ورائد‭ ‬من‭ ‬روّاد‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬شكّل‭ ‬طوال‭ ‬مسيرته‭ ‬المشرّفة‭ ‬نموذجاً‭ ‬للتفاني‭ ‬والإخلاص‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وقناعة‭ ‬لا‭ ‬تتزعزع‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬حيث‭ ‬عمل‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نشر‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية‭ ‬مدفوعاً‭ ‬برؤية‭ ‬إنسانية‭ ‬واجتماعية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭. ‬مدركاً‭ ‬لأهميّة‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستدامة‭ ‬والمسؤولية‭ ‬المجتمعية‭ ‬بأنها‭ ‬الشريان‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬يُغذّي‭ ‬المجتمع‭ ‬ويُعزّز‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

سار‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬من‭ ‬سبقوه‭ ‬على‭ ‬رأسهم‭ ‬المرحوم،‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬سعادة‭ ‬الأخ‭ ‬الفاضل‭ ‬الشيخ‭ ‬صالح‭ ‬عبدالله‭ ‬كامل،‭ ‬طيّب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬والمرحوم،‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬فضيلة‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالحميد‭ ‬السائح،‭ ‬طيّب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬وضعوا‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬للصيرفة‭ ‬الإسلامية‭ ‬وطبقوها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاحتكام‭ ‬إلى‭ ‬قواعد‭ ‬وتعاميم‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬السمحاء‭.‬

حقق‭ ‬نجاحاً‭ ‬مميّزاً‭ ‬منذ‭ ‬التحاقه‭ ‬بالبنك‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬عام‭ ‬1961،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬البنك‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الأردنية،‭ ‬ومواصلة‭ ‬تحصيله‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬بيروت‭ ‬العربية‭ ‬‭ ‬كلية‭ ‬التجارة،‭ ‬وتخرّج‭ ‬فيها‭ ‬بدرجة‭ ‬البكالوريوس‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬عام‭ ‬1960‭.‬

ثم‭ ‬غادر‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عام‭ ‬1977،‭ ‬ليعود‭ ‬منها‭ ‬بشهادة‭ ‬الماجستير‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو‭ ‬عام‭ ‬1978‭.‬

حمل‭ ‬خبراته‭ ‬العلمية‭ ‬والعملية‭ ‬ليبدأ‭ ‬مشواره‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬وبناء‭ ‬البنك‭ ‬الإسلامي‭ ‬الأردني‭ ‬عام‭ ‬1978‭ ‬وهو‭ ‬مؤسسة‭ ‬مصرفية‭ ‬عريقة‭ ‬نشأت‭ ‬وقامت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الاحتكام‭ ‬إلى‭ ‬قواعد‭ ‬وأحكام‭ ‬وتعاميم‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬كشركة‭ ‬مساهمة‭ ‬عامة‭ ‬محدودة‭ ‬لممارسة‭ ‬الأعمال‭ ‬التمويلية‭ ‬والمصرفية‭ ‬الاستثمارية‭ ‬طبقاً‭ ‬لأحكام‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭.‬

هنا‭ ‬برزت‭ ‬موهبة‭ ‬أبو‭ ‬صفاء،‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬المؤسسية،‭ ‬وفي‭ ‬الإدارة‭ ‬الحكيمة،‭ ‬وفي‭ ‬شخصيته‭ ‬التي‭ ‬اكتسبها‭ ‬منذ‭ ‬طفولته،‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ومعاناتها،‭ ‬وما‭ ‬اكتسبه‭ ‬من‭ ‬تواضع،‭ ‬وعشق‭ ‬للمعرفة،‭ ‬وعمق‭ ‬في‭ ‬الإيمان‭ ‬والصدق،‭ ‬والإخلاص،‭ ‬وحب‭ ‬العطاء،‭ ‬وطموح‭ ‬لا‭ ‬يهدأ‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحقّق‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬لمجتمعه‭ ‬العربي‭ ‬الواسع،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالمصرفية‭ ‬الإسلامية‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬العربي‭ ‬والعالم‭.‬

فكان‭ ‬لأبي‭ ‬صفاء،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬العريقة،‭ ‬البنك‭ ‬الإسلامي‭ ‬الأردني،‭ ‬مسيرة‭ ‬مشرّفة،‭ ‬بصماته‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬تطوّره،‭ ‬والارتقاء‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬مكتملة‭ ‬البناء‭ ‬والأهداف،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬بوظيفة‭ ‬مساعد‭ ‬مدير‭ ‬عام،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬مدير‭ ‬عام،‭ ‬ثم‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للبنك،‭ ‬وطوال‭ ‬هذه‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬شغلها،‭ ‬كان‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬إدارياً‭ ‬ناجحاً‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬والمعايير‭ ‬الموضوعية،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬وصول‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬المصرفي‭ ‬الرائد‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬الآن،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدارته‭ ‬الحكيمة،‭ ‬والصدق‭ ‬والشفافية‭ ‬والعدل‭ ‬والمساواة،‭ ‬ومتابعة‭ ‬أدقّ‭ ‬التفاصيل‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬واحترام‭ ‬الآراء‭ ‬المتعدّدة‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬البنك‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬المساهمين‭ ‬والعملاء‭ ‬والموظفين‭.‬

في‭ ‬مسيرته‭ ‬الرائدة،‭ ‬شغل‭ ‬مناصب‭ ‬عدّة‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬البنوك‭ ‬والاستثمار‭ ‬بينها‭: ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬شركة‭ ‬جامعة‭ ‬البترا،‭ ‬رئيس‭ ‬الشركة‭ ‬الإسلامية‭ ‬للتأمين،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬جامعة‭ ‬البترا،‭ ‬رئيس‭ ‬شركة‭ ‬ستايل‭ ‬الخبراء‭ ‬الاستثمارية‭ ‬المالية،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬مجموعة‭ ‬البركة‭ ‬المصرفية،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬اتحاد‭ ‬المصارف‭ ‬العربية‭ ‬2016‭-‬2018‭.‬

ولا‭ ‬شكّ،‭ ‬فإنّ‭ ‬أبو‭ ‬صفاء،‭ ‬لمع‭ ‬في‭ ‬الاجتهادات‭ ‬الفقهية‭ ‬لهيئة‭ ‬الرقابة‭ ‬الشرعية،‭ ‬وكان‭ ‬مساعداً‭ ‬فاعلاً‭ ‬للنهوض‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والفقه‭ ‬الإسلامي،‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تفرّده‭ ‬بالقرار،‭ ‬والرأي،‭ ‬معتمداً‭ ‬مبدأ‭ ‬الشورى‭ ‬في‭ ‬التعامل،‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬كادرات‭ ‬فاعلة،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحمّل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وتتمتّع‭ ‬بفهم‭ ‬واسع‭ ‬للقضايا‭ ‬المصرفية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬والعالم،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المرسومة‭ ‬والتي‭ ‬تحاكي‭ ‬رؤيته‭ ‬لمسيرة‭ ‬البنك‭ ‬والآفاق‭ ‬التي‭ ‬يتطلّع‭ ‬إليها‭ ‬لمستقبله‭. ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬نعرض‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬القليل‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬وأعمال‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬النادر‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المصارف،‭ ‬وعن‭ ‬مسيرته‭ ‬المشرّفة‭ ‬والمضيئة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المصارف‭ ‬والأعمال،‭ ‬يجدر‭ ‬القول‭ ‬بأنّ‭ ‬إرثه‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬أكثر‭ ‬حيوية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬يحفزنا‭ ‬لكي‭ ‬نستمر‭ ‬على‭ ‬خطاه‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬المهنة‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬ولكي‭ ‬ننهل‭ ‬من‭ ‬نجاحاته‭ ‬وإنجازاته‭ ‬للتوجه‭ ‬بها‭ ‬بحزم‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل‭.‬

لقد‭ ‬استحق‭ ‬أبو‭ ‬صفاء،‭ ‬لقب‭ ‬شيخ‭ ‬المصارف‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وسيبقى‭ ‬نموذجاً‭ ‬يُحتذى‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وجزءًا‭ ‬لا‭ ‬ينفصل‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المسيرة،‭ ‬كما‭ ‬سيبقى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬وللمجتمع‭ ‬المصرفي‭ ‬الإسلامي‭ ‬مهندساً‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭.‬

آلمنا‭ ‬فراقه،‭ ‬ونفتقده‭ ‬في‭ ‬اجتماعاتنا‭ ‬ومجالسنا،‭ ‬ونفتقد‭ ‬حديثه‭ ‬الرائع‭ ‬وآراءه‭ ‬الثاقبة،‭ ‬واستشرافه‭ ‬للمستقل‭.‬

يا‭ ‬أبا‭ ‬صفاء،‭ ‬لو‭ ‬غبت‭ ‬عنا‭ ‬جسداً‭ ‬ستبقى‭ ‬روحك‭ ‬الجميلة،‭ ‬وستبقى‭ ‬نجاحاتك‭ ‬وإنجازاتك‭ ‬تنير‭ ‬دربنا،‭ ‬وترشدنا‭ ‬إلى‭ ‬أفضل‭ ‬الممارسات‭ ‬للارتقاء‭ ‬بالمهنة‭ ‬التي‭ ‬أحببتها‭ ‬وآمنت‭ ‬بها،‭ ‬وأعطيتها‭ ‬أغلى‭ ‬ما‭ ‬تملك‭.‬

رحمك‭ ‬الله،‭ ‬وأحسن‭ ‬مثواك،‭ ‬وأسكنك‭ ‬فسيح‭ ‬جنانه‭ ‬مع‭ ‬الأبرار‭ ‬والصالحين‭.‬

 

رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬مصارف‭ ‬البحرين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا