العدد : ١٦٩٩١ - الأحد ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩١ - الأحد ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

مستقبل الأبناء بين أحلامهم.. وسلطة الآباء

الأحد ٢٨ يوليو ٢٠٢٤ - 02:00

آباء يختارون مستقبل أبنائهم رغما عنهم وآخرون يحرمونهم من طموحاتهم


تحقيق‭: ‬فاطمة‭ ‬اليوسف

 

ماذا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬عندما‭ ‬تكبر؟‭.. ‬من‭ ‬منّا‭ ‬لم‭ ‬يُسأل‭ ‬هذا‭ ‬السؤال؟‭ ‬

طُرح‭ ‬علينا‭ ‬جميعًا‭ ‬بالطبع،‭ ‬ومنا‭ ‬من‭ ‬أعلن‭ ‬رغباته‭ ‬ومنا‭ ‬من‭ ‬أعلن‭ ‬للملأ‭ ‬ما‭ ‬أخبره‭ ‬أبواه‭ ‬البوح‭ ‬به‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين‭ ‬للتباهي‭ ‬والتفاخر‭ ‬بمهنة‭ ‬ابنهم‭ ‬أو‭ ‬ابنتهم‭ ‬مستقبلاً‭. ‬

فيصبح‭ ‬وكأنه‭ ‬ملزم‭ ‬أمامهم‭ ‬وأمام‭ ‬الجيران‭ ‬والمقربين‭ ‬والأصدقاء‭ ‬بهذه‭ ‬التوقعات،‭ ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬نفسه‭ ‬وبين‭ ‬قدراته‭ ‬وطموحاته‭. ‬حالة‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلامه‭ ‬وبين‭ ‬تحقيق‭ ‬أحلام‭ ‬والديه‭. ‬فكثيرا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬بون‭ ‬شاسع‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يرغب‭ ‬به‭ ‬الابن‭.. ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬يطمح‭ ‬إليه‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الأم‭.‬

بالتأكيد‭ ‬سيكون‭ ‬لحالة‭ ‬الصراع‭ ‬هذه‭ ‬انعكاساتها‭ ‬السلبية‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬نفسية‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬مستقبله‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اضطر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرضخ‭ ‬لطموحات‭ ‬والديه‭ ‬وينساق‭ ‬إلى‭ ‬التخصص‭ ‬الذي‭ ‬يرغبون‭ ‬به‭ ‬هم‭.. ‬لا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سعى‭ ‬اليه‭ ‬هو‭.‬

عمدنا‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬عند‭ ‬حالات‭ ‬مرت‭ ‬بهذه‭ ‬التجربة،‭ ‬ومرت‭ ‬عليها‭ ‬السنون‭.. ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تزل‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬هذا‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الابن‭.‬

ضحية‭ ‬الأهل

البداية‭ ‬مع‭ ‬عيسى‭. ‬وهو‭ ‬شاب‭ ‬تأثر‭ ‬برأي‭ ‬والده‭ ‬الذي‭ ‬أجبره‭ ‬على‭ ‬العزوف‭ ‬عن‭ ‬رغبته‭ ‬بدراسة‭ ‬الطيران،‭ ‬مستخدما‭ ‬معه‭ ‬أساليب‭ ‬التشويق‭ ‬تارة‭.. ‬والترهيب‭ ‬والتخويف‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭. ‬ووصل‭ ‬الامر‭ ‬الى‭ ‬التهديد‭ ‬بالطرد‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬ذلك‭ ‬التخصص‭.‬

قال‭ ‬لنا‭ ‬عيسى‭ ‬وهو‭ ‬يسترجع‭ ‬ذكريات‭ ‬ذلك‭ ‬الموقف‭ ‬وكأنه‭ ‬حدث‭ ‬بالأمس‭ ‬القريب‭: ‬حاولت‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬إقناع‭ ‬والدي‭ ‬برغبتي‭ ‬الملحة‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الطيران‭ ‬لكنه‭ ‬رفض‭ ‬رفضًا‭ ‬صارمًا‭ ‬وهددني‭ ‬بإعلان‭ ‬براءته‭ ‬مني‭ ‬لو‭ ‬عصيته‭.‬

وأضاف‭ ‬عيسى‭ ‬قائلاً‭: ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭ ‬نويت‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالمسار‭ ‬العلمي‭ ‬أيضًا‭ ‬ولكن‭ ‬الأهل‭ ‬تدخلوا‭ ‬وأغروني‭ ‬للالتحاق‭ ‬بالمسار‭ ‬الأدبي‭. ‬وفي‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬بعثة‭ ‬خارجية‭ ‬بدولة‭ ‬اجنبية‭ ‬بسبب‭ ‬تفوقي،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬منعني‭ ‬والدي‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬قبولها‭ ‬بحجة‭ ‬الخوف‭ ‬على‭ ‬التزامي‭ ‬الديني،‭ ‬ثم‭ ‬التحقت‭ ‬بإحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬بدولة‭ ‬خليجية‭ ‬وبقيت‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬أي‭ ‬تخصص‭ ‬أختار‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬رغبتي‭ ‬الأولى‭ ‬قد‭ ‬مُنعت‭ ‬منها،‭ ‬وليس‭ ‬لدي‭ ‬أي‭ ‬تفضيلات‭ ‬أخرى‭ ‬وشعرت‭ ‬أنني‭ ‬عاجز‭ ‬وقد‭ ‬أغلقت‭ ‬الأبواب‭ ‬في‭ ‬وجهي‭. ‬فالتحقت‭ ‬بتخصص‭ ‬عشوائي،‭ ‬ثم‭ ‬غيرت‭ ‬التخصص،‭ ‬وبعد‭ ‬فصلين‭ ‬دراسيين‭ ‬غيرت‭ ‬التخصص‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لعدم‭ ‬رغبتني‭ ‬واقتناعي‭ ‬بأي‭ ‬تخصص‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬به‭. ‬

مرت‭ ‬السنوات‭ ‬وتخرجت‭ ‬بتفوق،‭ ‬وعملت‭ ‬بشهادتي،‭ ‬ولكن‭ ‬مازالت‭ ‬الغصة‭ ‬تؤلمني،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬أستحق‭ ‬مستقبلا‭ ‬أفضل‭ ‬ولكن‭ ‬كنت‭ ‬ضحية‭ ‬تدخل‭ ‬الأهل‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المستقبل‭.‬

 

حلم‭.. ‬ولكن

لم‭ ‬يكن‭ ‬عيسى‭ ‬الضحية‭ ‬الوحيدة‭ ‬لتدخل‭ ‬أسرته‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬تخصصه‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬المشابهة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬مرارة‭ ‬منه‭.‬

التقينا‭ ‬دانة‭ ‬التي‭ ‬أقسمت‭ ‬أنها‭ ‬منذ‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ترى‭ ‬نفسها‭ ‬إلا‭ ‬صحفية‭ ‬أو‭ ‬إعلامية‭ ‬تترك‭ ‬بصمتها‭ ‬أينما‭ ‬وُجدت‭. ‬وكانت‭ ‬تمارس‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬الطابور‭ ‬المدرسي‭ ‬منذ‭ ‬الصف‭ ‬الخامس‭ ‬الابتدائي‭ ‬وكبرت‭ ‬وكبر‭ ‬معها‭ ‬حلمها‭ ‬وكان‭ ‬أهلها‭ ‬بالمنزل‭ ‬يظنونها‭ ‬تمزح‭ ‬بداية‭ ‬فتركوها‭ ‬وخيالها‭ ‬الواسع‭.‬

إلى‭ ‬أن‭ ‬جاءت‭ ‬اللحظة‭ ‬الحاسمة‭ ‬التي‭ ‬أخبرتنا‭ ‬عنها‭ ‬قائلة‭: ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭ ‬قررت‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالمسار‭ ‬الأدبي‭ ‬لأنني‭ ‬أعلم‭ ‬أنه‭ ‬يخدم‭ ‬ميولي‭ ‬ورغبتي‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬ولأنني‭ ‬أعشق‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬كثيرًا‭ ‬لكن‭ ‬والدي‭ ‬أجبراني‭ ‬على‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالمسار‭ ‬التجاري‭ ‬الذي‭ ‬رفضته‭ ‬تماما‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬ذاتي‭ ‬فيه‭ ‬وبقيت‭ ‬الليل‭ ‬باكية‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أرى‭ ‬نفسي‭ ‬إلا‭ ‬بالصحافة‭ ‬أو‭ ‬الإعلام،‭ ‬لكن‭ ‬والدي‭ ‬كانت‭ ‬لهما‭ ‬نظرتهما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فرضخت‭ ‬لطلبهما‭ ‬والتحقت‭ ‬بالمسار‭ ‬الذي‭ ‬خططاه‭ ‬لي‭ ‬ثم‭ ‬أنهيت‭ ‬الدراسة‭ ‬الثانوية‭ ‬وفي‭ ‬الجامعة‭ ‬أيضًا‭ ‬اختارا‭ ‬لي‭ ‬تخصصًا‭ ‬إداريًا،‭ ‬لم‭ ‬أتعثر‭ ‬دراسيًا‭ ‬لكنني‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬عظمى‭.‬

أنهيت‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية‭ ‬وعملت‭ ‬بإحدى‭ ‬الشركات‭ ‬المالية‭ ‬لكنني‭ ‬مازلت‭ ‬أُمني‭ ‬نفسي‭ ‬بذاك‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬سُرق‭ ‬مني‭.‬

حرمان‭ ‬من‭ ‬الدراسة

كثيرة‭ ‬هي‭ ‬الأحلام‭ ‬التي‭ ‬تُراودنا‭ ‬جميعًا‭ ‬ومنا‭ ‬من‭ ‬يتمسك‭ ‬بحلمه‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬لحظة‭ ‬متحديًا‭ ‬الظروف‭ ‬ومنا‭ ‬من‭ ‬يرضخ‭ ‬لأحلام‭ ‬ذويه‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭.‬

فاطمة‭ ‬سيدة‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬والأربعين‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬قابلتنا‭ ‬بوجه‭ ‬بشوش‭ ‬تخفي‭ ‬وراءه‭ ‬ابتسامة‭ ‬منكسرة،‭ ‬أخبرتنا‭ ‬عن‭ ‬حلمها‭ ‬الأول‭ ‬فقالت‭: ‬حين‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬كنت‭ ‬مهتمة‭ ‬بحصص‭ ‬الموسيقى‭ ‬والرسم‭ ‬كثيرًا‭ ‬وكان‭ ‬أحدهما‭ ‬حلمي‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬أنوي‭ ‬السعي‭ ‬له‭ ‬فكلاهما‭ ‬فن‭ ‬يأسرني‭ ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬وبعد‭ ‬علم‭ ‬أهلي‭ ‬بما‭ ‬كنت‭ ‬أنويه‭ ‬إما‭ ‬كلية‭ ‬الفنون‭ ‬أو‭ ‬الالتحاق‭ ‬بأحد‭ ‬المعاهد‭ ‬الخارجية‭ ‬لدراسة‭ ‬الموسيقى‭ ‬قامت‭ ‬الدنيا‭ ‬فوق‭ ‬رأسي‭ ‬ولم‭ ‬تقعد‭.‬

هُددت‭ ‬بالحرمان‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬أعدل‭ ‬عمّا‭ ‬أفكر‭ ‬فيه‭ ‬وأجبرت‭ ‬على‭ ‬الالتحاق‭ ‬بكلية‭ ‬التربية‭ ‬لأكون‭ ‬مدرسة‭ ‬تربية‭ ‬إسلامية‭ ‬فكان‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬أرادوا‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬مزاولة‭ ‬المهنة‭ ‬كثيرًا‭ ‬لأن‭ ‬ميولي‭ ‬فنية،‭ ‬واليوم‭ ‬كوني‭ ‬أمًّا‭ ‬فقد‭ ‬تركت‭ ‬مُطلق‭ ‬الحرية‭ ‬لبناتي‭ ‬لاختيار‭ ‬التخصص‭ ‬الذي‭ ‬يرغبن‭ ‬فيه،‭ ‬واجبي‭ ‬نصحهن‭ ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أتدخل‭ ‬بشغفهن‭ ‬ولا‭ ‬أمنعهن‭ ‬منه‭ ‬أبدًا‭.‬

التجارب‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬تنضج‭ ‬العقول‭ ‬وتجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬وعيًا،‭ ‬والإنسان‭ ‬بطبيعته‭ ‬يكتسب‭ ‬خبرته‭ ‬إما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجربة‭ ‬عاشها‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجارب‭ ‬الآخرين‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يكتسبها‭ ‬من‭ ‬علم‭ ‬توسع‭ ‬فيه‭ ‬وزاوله‭.‬

فبالمقابل،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬يتنازلون‭ ‬هم‭ ‬عن‭ ‬أحلامهم‭ ‬المتعلقة‭ ‬بأبنائهم،‭ ‬ويرضخون‭ ‬مسرورين‭ ‬لرغبة‭ ‬الأبناء‭ ‬وطموحاتهم‭. ‬

أمل‭ ‬محمد‭ ‬منذ‭ ‬سمعت‭ ‬عن‭ ‬عنوان‭ ‬موضوعنا‭ ‬هذا‭ ‬أبدت‭ ‬رغبتها‭ ‬بالمشاركة‭ ‬رغم‭ ‬كثرة‭ ‬انشغالها‭. ‬وحرصت‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬النصيحة‭ ‬فقد‭ ‬أخبرتنا‭ ‬أنها‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬للرأي‭ ‬تأثيرًا‭ ‬قوياً‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭.‬

أخبرتنا‭ ‬أمل‭ ‬بأنها‭ ‬ترفض‭ ‬مسألة‭ ‬إجبار‭ ‬الأبناء‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬ميولهم‭ ‬ورغباتهم،‭ ‬وأضافت‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬يؤخذ‭ ‬رأيه‭ ‬ليقوم‭ ‬بدوره‭ ‬بنصح‭ ‬وإرشاد‭ ‬الأبناء‭ ‬وتوجيههم‭ ‬ولكنها‭ ‬ضد‭ ‬الإجبار‭ ‬وأكدت‭ ‬أن‭ ‬ميول‭ ‬الأبناء‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬التخصص‭ ‬تعكس‭ ‬أفكارهم‭ ‬وطموحاتهم‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الوالدين‭ ‬تشجيعهم‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬التخصص‭ ‬الذي‭ ‬يرون‭ ‬أنهم‭ ‬يحققون‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أهدافهم‭ ‬المرجوة‭.‬

وأضافت‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬إجبار‭ ‬الآباء‭ ‬أبناءهم‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬لا‭ ‬يميلون‭ ‬اليه‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬بإلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الوالدين‭ ‬مستقبلا،‭ ‬وترى‭ ‬أن‭ ‬لذلك‭ ‬تأثيرا‭ ‬سلبيا‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬الأبناء‭ ‬المهني‭ ‬لأن‭ ‬عملية‭ ‬الانتاج‭ ‬الحقيقية‭ ‬والتطور‭ ‬المهني‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الرغبة‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬الذات‭ ‬وطالما‭ ‬التخصص‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬وميولهم‭ ‬فلن‭ ‬يكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬التميز‭ ‬والعطاء‭.‬

‭ ‬ونصحت‭ ‬أمل‭ ‬محمد،‭ ‬الآباء‭ ‬بضرورة‭ ‬عدم‭ ‬إجبار‭ ‬أبنائهم‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬معين‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭ ‬كثيرة‭ ‬كالتي‭ ‬ذكرتها‭ ‬سابقا‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬قال‭ ‬لنا‭ ‬طبيب‭ ‬الأسنان‭ ‬الدكتور‭ ‬صادق‭ ‬شرف‭: ‬أنا‭ ‬أب‭ ‬ديمقراطي‭ ‬لا‭ ‬أجبر‭ ‬أبنائي‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬معين‭ ‬أبدا‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬فإحدى‭ ‬بناتي‭ ‬ترغب‭ ‬بدراسة‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬فلم‭ ‬أمانعها‭ ‬بل‭ ‬شجعتها‭ ‬ومازلت‭ ‬أدعمها‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬أبنائي،‭ ‬وأكد‭ ‬الدكتور‭ ‬أن‭ ‬التوافق‭ ‬الفكري‭ ‬بين‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬والأبناء‭ ‬يعزز‭ ‬اختياراتهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تخبط‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬إجبار‭.‬

‭ ‬واختتم‭ ‬الدكتور‭ ‬كلامه‭ ‬بالقول‭: ‬ابني‭ ‬شرف‭ ‬يدرس‭ ‬حاليا‭ ‬طب‭ ‬أسنان،‭ ‬لم‭ ‬أجبره‭ ‬أبدا‭ ‬على‭ ‬التخصص‭ ‬لكنني‭ ‬وجهته‭ ‬فرأيت‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مستعدا‭ ‬لذلك‭ ‬أساسا‭ ‬ولو‭ ‬فرضا‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬نية‭ ‬أخرى‭ ‬فلن‭ ‬أمانع‭ ‬أبدا،‭ ‬لأنني‭ ‬كما‭ ‬أخبرتكم‭ ‬بأنني‭ ‬أب‭ ‬ديمقراطي‭ ‬أؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الإنسان‭ ‬لن‭ ‬يبدع‭ ‬أبدا‭ ‬ولن‭ ‬يتميز‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬يحبها‭ ‬لذا‭ ‬فإنني‭ ‬حريص‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬ميول‭ ‬أبنائي‭ ‬والوقوف‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬اختياراتهم‭.‬

و‭ ‬قال‭ ‬لنا‭ ‬أ‭. ‬خالد‭ ‬عبدالمجيد،‭ ‬مدير‭ ‬مدرسة‭ ‬متقاعد‭: ‬قد‭ ‬يشعر‭ ‬الأبناء‭ ‬بالإحباط‭ ‬وعدم‭ ‬الرضا‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬مجبرين‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬لا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬اهتماماتهم‭ ‬أو‭ ‬ميولهم‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬انخفاض‭ ‬انتاجيتهم‭ ‬مستقبلًا‭ ‬ويؤثر‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬نفسيتهم‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأبناء‭ ‬والوالدين‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬ينشأ‭ ‬التوتر‭ ‬والصراع‭ ‬بين‭ ‬الأبناء‭ ‬والوالدين‭ ‬بسبب‭ ‬الخلافات‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬شعور‭ ‬الأبناء‭ ‬بأن‭ ‬آرائهم‭ ‬ورغباتهم‭ ‬لا‭ ‬تُؤخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الأسرية‭ ‬ونصح‭ ‬بأهمية‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الآباء‭ ‬والأبناء‭ ‬لفهم‭ ‬اهتماماتهم‭ ‬وميولهم‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬مؤكدًا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تقديم‭ ‬النصح‭ ‬والإرشاد‭ ‬والمعلومات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الإجبار،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬رغباتهم‭ ‬ومستوى‭ ‬قدراتهم‭.‬

العولمة‭ ‬غيرت‭ ‬التوجهات

‏‭ ‬‎نعيش‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬مليء‭ ‬بالتحديات‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬هكذا‭ ‬استهلت‭ ‬الأستاذة‭ ‬سيما‭ ‬حاجي‭ ‬حديثها‭ ‬معنا‭ ‬قائلة‭: ‬أتاحت‭ ‬العولمة‭ ‬للجيل‭ ‬الحالي‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬النواحي‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬الانتباه‭ ‬اليه‭ ‬كأولياء‭ ‬أمور‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬ندفع‭ ‬الثمن‭ ‬غاليا‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭.‬

‏‎وواصلت‭ ‬حاجي‭ ‬بالقول‭: ‬أنا‭ ‬كـولية‭ ‬أمر‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مفتوحة‭ ‬بين‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬وأبنائه‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬نصحه‭ ‬بأهم‭ ‬التخصصات‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬وأضافت‭ ‬أن‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬القريب‭ ‬من‭ ‬أبنائه‭ ‬يدرك‭ ‬ميولهم‭ ‬وقدراتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬وبإمكانه‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬متكاملة‭ ‬لمستقبل‭ ‬ابنه‭ ‬دون‭ ‬استخدام‭ ‬لغة‭ ‬الإجبار‭.‬

‭ ‬

‏‎وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتعاملها‭ ‬مع‭ ‬ابنتها‭ ‬قالت‭ ‬السيدة‭ ‬حاجي‭: ‬لست‭ ‬من‭ ‬الأمهات‭ ‬اللاتي‭ ‬يجبرن‭ ‬أبناءهن‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬معين‭ ‬وأحرص‭ ‬على‭ ‬الجلوس‭ ‬مع‭ ‬ابنتي‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬مستقبلها‭ ‬المهني‭ ‬وأحاول‭ ‬التوضيح‭ ‬لها‭ ‬عن‭ ‬متطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬والتخصصات‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بإقبال‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬لكنني‭ ‬مستحيل‭ ‬ان‭ ‬أجبرها‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬الطب‭ ‬أو‭ ‬الهندسة‭ ‬مثلا‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬البعض،‭ ‬لأن‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬قدراته‭ ‬وميوله‭ ‬ولكنني‭ ‬بالطبع‭ ‬لن‭ ‬أمانع‭ ‬لو‭ ‬جاءت‭ ‬وأخبرتني‭ ‬برغبتها‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬الطب‭ ‬أو‭ ‬الهندسة‭ ‬مثلا‭ ‬وبالعكس‭ ‬سوف‭ ‬أشجعها‭ ‬وأقف‭ ‬معها‭ ‬وأدعمها‭.‬

‏‎وتؤكد‭ ‬أ‭. ‬سيما‭ ‬أنها‭ ‬دائما‭ ‬تدعم‭ ‬فكريا‭ ‬ذوي‭ ‬الشغف،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الوظائف‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬المجتمعية‭ ‬للعوائل‭ ‬والأسر‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد،‭ ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬التخصصات‭ ‬قد‭ ‬تتقبل‭ ‬دراستها‭ ‬لو‭ ‬أصرت‭ ‬ابنتها‭ ‬مثلا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬لابنتها‭ ‬بتطبيقها‭ ‬كمهنة‭ ‬مستقبلية،‭ ‬كالميكانيكا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬وأكدت‭ ‬حاجي‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تنتقص‭ ‬من‭ ‬المهنة‭ ‬أبدا‭ ‬ولكنها‭ ‬كولية‭ ‬أمر‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬لابنتها‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬الميكانيكا‭ ‬وهي‭ ‬بنت‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬المجتمعية‭ ‬وعادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬الأسرة‭.‬

‏‎وأضافت‭ ‬حاجي‭ ‬أنها‭ ‬تؤمن‭ ‬بالمساواة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الوظائف‭ ‬لا‭ ‬تناسب‭ ‬طبيعة‭ ‬المرأة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أنها‭ ‬دائما‭ ‬توضح‭ ‬لأبنائها‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الهواية‭ ‬والشغف‭ ‬وبين‭ ‬مسار‭ ‬العمل‭ ‬قائلة‭: ‬لو‭ ‬رأيت‭ ‬أن‭ ‬ابنتي‭ ‬لديها‭ ‬شغف‭ ‬بــ‭ ‬الميك‭ ‬أب‭ ‬مثلا‭ ‬فلن‭ ‬أدفن‭ ‬ميولها‭ ‬ولكنني‭ ‬سأطلب‭ ‬منها‭ ‬اختيار‭ ‬تخصص‭ ‬رئيسي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬تعمل‭ ‬بها‭ ‬كوظيفة‭ ‬رئيسية‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحب‭ ‬الميك‭ ‬أب‭ ‬سوف‭ ‬ألحقها‭ ‬بدورات‭ ‬لتعزيز‭ ‬هوايتها‭ ‬وتنمية‭ ‬شغفها‭ ‬فقط‭.‬

‏‎وأكدت‭ ‬سيما‭ ‬حاجي‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬العولمة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والسوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬أثرت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬توجهات‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي،‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬توجهاتهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬الربح‭ ‬السريع‭ ‬كالوظائف‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتسويق‭ ‬والبلوجرز‭ ‬فالشباب‭ ‬الآن‭ ‬يقارن‭ ‬كثيرا‭ ‬بين‭ ‬راتب‭ ‬الموظف‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬8‭ ‬ساعات‭ ‬متواصلة‭ ‬وبين‭ (‬طلعة‭ ‬واحدة‭) ‬لأحد‭ ‬المشاهير‭ ‬التي‭ ‬يحقق‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬راتب‭ ‬الموظف‭ ‬بثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬وللأسف‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬تفكير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬وليس‭ ‬الكل‭ ‬بالطبع،‭ ‬فهناك‭ ‬أيضا‭ ‬الكثير‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬مازالوا‭ ‬يفكرون‭ ‬جيدا‭ ‬ويسعون‭ ‬لوظائف‭ ‬تليق‭ ‬بقدراتهم‭ ‬وميولهم‭ ‬ويسعون‭ ‬للتطور‭ ‬الوظيفي‭.‬

تخصص‭ ‬عقيم

هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬ناقشناه‭ ‬مع‭ ‬المستشار‭ ‬الأسري‭ ‬والتربوي‭ ‬حمد‭ ‬الخان‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬تأكيدًا‭ ‬تامًا‭ ‬بأن‭ ‬إجبار‭ ‬الأبناء‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬ميولهم‭ ‬بمثابة‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬عقيم‭ ‬لأنه‭ ‬يضيع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الأبناء‭ ‬ويفقدهم‭ ‬هويتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬بسبب‭ ‬السعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬آمال‭ ‬وأحلام‭ ‬الوالدين،‭ ‬وأضاف‭ ‬الخان‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يفقد‭ ‬الأبناء‭ ‬شعور‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬لأن‭ ‬الطالب‭ ‬يحتاج‭ ‬أن‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬ويختبر‭ ‬نفسه‭ ‬بالتجارب‭ ‬ويكتشف‭ ‬ما‭ ‬يميزه‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬ويركز‭ ‬عليه‭ ‬ويطوره،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬بعض‭ ‬الآباء‭ ‬أو‭ ‬الأمهات‭ ‬لا‭ ‬يتركون‭ ‬للشاب‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬الخاصة‭ ‬حتى‭ ‬يتعلم‭ ‬ويختبر‭ ‬نفسه‭ ‬وينطلق‭ ‬فيما‭ ‬يرغب‭ ‬فيه‭.‬

‭ ‬وأضاف‭ ‬الخان‭ ‬أنه‭ ‬يؤيد‭ ‬بشدة‭ ‬توجيه‭ ‬ونصح‭ ‬الأبناء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاولة‭ ‬فرض‭ ‬الرأي‭ ‬عليهم‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬إجبار‭ ‬الأبناء‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬تخصصات‭ ‬معينة‭ ‬دون‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬رغباتهم‭ ‬أو‭ ‬ميولهم‭ ‬سينعكس‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬إنتاجيتهم‭ ‬وأدائهم‭ ‬بحيث‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬للعمل‭ ‬فقط‭ ‬ولا‭ ‬يفكر‭ ‬كيف‭ ‬يساعد‭ ‬مجتمعه‭ ‬أو‭ ‬يترك‭ ‬بصمته‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬أثر‭ ‬مميز‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬ذاته‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬يعمل‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬وشغفه‭ ‬واهتماماته‭ ‬وميوله،‭ ‬وربما‭ ‬يصبح‭ ‬كارهًا‭ ‬لعمله‭ ‬أو‭ ‬لوضعه‭ ‬بعد‭ ‬التخرج‭ ‬بسبب‭ ‬دراسته‭ ‬تخصصا‭ ‬لم‭ ‬يختره‭ ‬أساساً‭. ‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬ذكر‭ ‬لنا‭ ‬الخان،‭ ‬حالة‭ ‬كانت‭ ‬لأم‭ ‬ألزمت‭ ‬ابنتها‭ ‬دراسة‭ ‬الطب‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬اخوانها‭ ‬أو‭ ‬اخواتها‭ ‬أطباء،‭ ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العقدة‭ ‬النفسية‭ ‬لازالت‭ ‬موجودة‭ ‬لدى‭ ‬البعض،‭ ‬عقدة‭ ‬التشابه،‭ ‬كونهم‭ ‬أسرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتشابهون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬دراسة‭ ‬تخصص‭ ‬معين‭ ‬دون‭ ‬سواه‭ ‬سيجعل‭ ‬الناس‭ ‬تحترمهم‭ ‬أكثر‭. ‬

أما‭ ‬الحالة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬ذكرها‭ ‬فكانت‭ ‬لأب‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬إكمال‭ ‬دراسته‭ ‬الجامعية‭ ‬وأجبر‭ ‬ابنه‭ ‬على‭ ‬استكمال‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬تخصص‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬قدرات‭ ‬الشاب،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬الأب‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬التخصص‭ ‬مطلوب‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وأنه‭ ‬مهم،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الشاب‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬ترك‭ ‬الجامعة‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬لأن‭ ‬دراسة‭ ‬ذلك‭ ‬التخصص‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬ولم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬المواصلة‭ ‬ولا‭ ‬يرغب‭ ‬فيه،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬بغضب‭ ‬الأب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يذكره‭ ‬فيه‭ ‬مرارا‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬منه‭. ‬

واختتم‭ ‬الخان‭ ‬كلامه‭ ‬ناصحًا‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بضرورة‭ ‬إلحاق‭ ‬أبنائهم‭ ‬بالمعسكرات‭ ‬والأنشطة‭ ‬الصيفية‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬سيساعدهم‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬مهارتهم‭ ‬وميولهم‭ ‬وقدراتهم‭ ‬ويمكنهم‭ ‬من‭ ‬شق‭ ‬طريقهم‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬ضرورة‭ ‬التركيز‭ ‬مع‭ ‬الأبناء‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور‭ ‬وهي‭ ‬الرغبة‭ ‬والفرص‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬والقدرة،‭ ‬ويجب‭ ‬التركيز‭ ‬دومًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬حياتهم‭ ‬ومسيرتهم‭ ‬ومستقبلهم‭ ‬ومسؤوليتهم،‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬حرمانهم‭ ‬منها‭ ‬بفرض‭ ‬أي‭ ‬رأي‭ ‬أو‭ ‬سيطرة‭. ‬جولة‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬أحصيناها‭ ‬لكم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬لنا‭ ‬خلاله‭ ‬ذوو‭ ‬التجارب‭ ‬والخبرة‭ ‬وأهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬أن‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬هو‭ ‬الحوار‭ ‬والنصح‭ ‬وتقديم‭ ‬المشورة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الإجبار‭ ‬وحقيقة‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬التخصصات‭ ‬الصعبة‭ ‬هي‭ ‬المعيار‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الأبناء‭ ‬ناجحين‭ ‬مهنيا،‭ ‬وهذا‭ ‬الاعتقاد‭ ‬يضع‭ ‬الابن‭ ‬أو‭ ‬الابنة‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬مغلق‭ ‬مليء‭ ‬بالحِمل‭ ‬والثقل‭ ‬والصعوبات،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التدني‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬التعليمي‭ ‬لديهم‭ ‬والأداء‭ ‬المهني‭ ‬مستقبلاً‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا