الحكومات تنتج السياسات والقطاع الخاص يستهلكها
بناء تحالفات بين القطاع الخاص العربي يساعد في استقرار الأسعار وتحقيق النمو الاقتصادي الكلى
أكد الدكتور خالد حنفي، أمين عام اتحاد الغرف العربية أن الحكومات هي التي تنتج السياسات والقطاع الخاص يستهلكها، قائلا: «القطاع الخاص هو الزبون وهو «العميل» ولا بد أن يكون العميل راضيا عما ينتج من سياسات وإلا لن يتحقق المرجو من هذه السياسات، وشدد خلال حواره لبرنامج «عمق» الذي تبثه منصات الحفيز برعاية غرفة البحرين مع الإعلامي الدكتور عادل العبدالله، أن مصلحة القطاع الخاص العربي ليست مصلحة مجموعة من رجال الأعمال العرب، لكنها مصلحة المجتمع العربي ككل، ومصلحة الشباب العربي كونه أحد أهم أدوات النمو الاقتصادي لما له من مساهمات في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب الدور المهم الذي يلعبه في سوق العمل وما له من أثر إيجابي في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية للبلدان العربية وبالتالي يصبح دعم القطاع الخاص من الأولويات خلال المرحلة الراهنة. وإلى نص الحوار..
إلى أي حد تستطيع الغرف العربية التعامل كمجتمع مدني متحد تحت مظلة جامعة الدول العربية؟ وإلى أي حد تستطيع أن تحدث أي تغيير في السياسات الاقتصادية؟
الحقيقة أن الزلازل والعواصف هي عواصف اقتصادية وعواصف سياسية، أكثر منها عواصف طبيعية وهي التي هزت العالم، والمنطقة العربية ليست استثناء أو بعيدة عن العواصف الاقتصادية، والتغيرات التي تحدث في العالم وفي المنطقة العربية هي العواصف الاقتصادية الحقيقية وجزء كبير منها جديد ومستغرب وبالتالي يحتاج إلى أسلوب مختلف في التعامل.
واتحاد الغرف العربية وهو منظمة عربية دولية أيضا أنشئت سنة 1951 دورها الرئيسي تمثيل القطاع الخاص العربي وأن تقدم للمنطقة العربية بدائل سياسات، وأن تبرز دور القطاع الخاص العربي بشكل جيد وأن تحقق مصالحه، والمؤكد أن القطاع الخاص العربي في المنطقة العربية ليس صغيرا فهو يمثل أكثر من 75% من الناتج المحلي الإجمالي أي أن ¾ الإنتاج في المنطقة العربية يكون بواسطة القطاع الخاص العربي، فضلاً عن أن التشغيل والتوظف يتم أيضا عبر القطاع الخاص العربي، وحين نتحدث عن مصلحة القطاع الخاص العربي لا يمكن أن يتم تصويرها على أنها مصلحة رجال الأعمال أو مجموعة بسيطة من الأشخاص كما هو سائد في الدراما العربية التي تصور رجال الأعمال على أنهم مجموعة أغنياء هدفهم مصلحتهم الخاصة، لأن مصلحة القطاع الخاص العربي تصب في مصلحة المجتمع العربي، ومصلحة الشباب العربي، وهي بالطبع مصلحة المواطن العربي في كلفة معيشته وفي أسعار سلعه.
كيف تقيم دور اتحاد الغرف العربية في ظل التداعيات العالمية الراهنة؟
اتحاد الغرف العربية دوره أن يدافع عن مصالح القطاع الخاص العربي، لكي ينمو الاقتصاد ولكي تستقر الأسعار، وحتى يتم توظيف أكبر عدد من القوى العاملة في المنطقة العربية، ولكي يحدث ذلك نحتاج أن يكون هناك تحالف وتعاون بين القطاع الخاص العربي بينه وبين نفسه، فاتحاد الغرف العربية يضم 22 دولة عربية ممثلة بالغرف التجارية الممثلة للقطاع الخاص.
وهنا يأتي دور اتحاد الغرف العربية، الذي يقوم بالتنسيق وتوحيد جهود الغرف العربية والقطاع الخاص العربي، حتى تتحقق المصالح العربية، والحقيقة أن القطاع الخاص لديه ميزة مهمة عن الحكومات في كل دول العالم، خاصة أن القطاع الخاص «ساقه على الأرض وليس طائراً في السماء» ساقه على الأرض تعني أنه يقف ويتعامل يوميا مع كل المواطنين ويشعر بكل ما يشعرون به سواء معاناة من نقص السلع أو من تغييرات في الأسعار.
كما أن هناك نقطة أخرى مهمة ينبغي توضيحها وهي أن القطاع الخاص هو المستهلك الرئيسي للسياسات الحكومية، وهو ببساطة يعني أن «الحكومات تنتج السياسات والقطاع الخاص يستهلكها، القطاع الخاص هو الزبون وهو العميل، لذلك فلابد أن يكون العميل راضيا عما يصدر من سياسات حكومية حتي يتم تحقيق المرجو من هذه السياسات، وهنا على الحكومات الناصحة أن تنظر إلى القطاع الخاص باهتمام شديد، وتهتم بشكل كبير بالتواصل مع القطاع الخاص وذلك حتى تستطيع الحكومات أن تنظر إلى نتائج قراراتها وسياستها على الأرض، خاصة أنه في بعض الأوقات تحتاج الحكومات إلى تعديل سياساتها وقراراتها لتحقيق المصلحة العامة.
وهناك بعض الحكومات الناصحة الواعية في العالم التي تدرك أهمية دور القطاع الخاص وتتعامل وفق هذا الدور المهم، وبالتالي يحدث الانسجام بين القرارات الحكومية والقطاع الخاص بما يصب في النهاية في مصلحة المجتمع، كما أن هناك بعض الحكومات على مستوى العالم أيضا تتعامل بشكل عكسي مع القطاع الخاص وهو ما يتسبب في حدوث الصدام أو الصراع، لأن هناك حكومات تتعامل بشكل أن القطاع الخاص يقف على الطرف الآخر وبالتالي يحدث نوع من عدم الانسجام يكون ضحيته المواطن والاقتصاد كله والدولة أيضا، والحقيقة المهمة أن أي دولة هدفها في النهاية أن تكون الأوضاع الاقتصادية في أفضل حال، وهذا لن يتحقق إلا عن طريق القطاع الخاص.
كيف يتم التنسيق بين القطاع الخاص وباقي المؤسسات المحلية والعربية والدولية؟
أولاً: أن يقوم القطاع الخاص العربي بالتنسيق بينه وبين نفسه، ومن ثم أن يقوم بالتنسيق مع الحكومة المحلية في بلده، بعدها يقوم بالتنسيق بينه وبين نظرائه في دول العالم، وهنا يأتي دور اتحاد الغرف العربية الذي له أذرع في مختلف دول العالم من خلال الغرف «العربية الأجنبية المشتركة» في 16 نقطة عالمية منها أمريكا الجنوبية وأوروبا والصين وإفريقيا وفي أماكن مختلفة في آسيا ومن خلال هذا يبدأ القطاع الخاص العربي يتفاعل ويتخاطب ويتشارك مع نظرائه من القطاع الخاص الدولي بما يصب في مصلحة المجتمعات والشعوب العربية لأن في النهاية قد يكون لدينا أشياء كثيرة لا يعلم عنها الآخر وحينما نخاطب الآخر ونتحدث معه نتعرف على الفرص المتاحة في الأسواق الخارجية مما ينتج عنه تحسين في الأداء الاقتصادي العربي، ويبقى التأكيد أن القطاع الخاص قادر على أن يمنع حدوث المخاطر ويعجل بحدوث المنافع لصالح شعبه.
توصلتم خلال أعمال الدورة 134 لاتحاد الغرف العربية لصياغات مشتركة جاءت في «إعلان البحرين للقطاع الخاص العربي» هل لنا بإطلالة حول هذه النقاط؟
في البداية اسمح لي أن أتوجه بالشكر والامتنان لمملكة البحرين قيادةً وحكومةً وشعباً، وأن أتوجه بتحية خاصة الى غرفة تجارة وصناعة البحرين على ما لمسناه من رقي في التنظيم المحترم والمهني إلى درجة عالية هيأت الأجواء المؤهلة للانسجام، وبالعودة إلى سؤالكم ضمّن «إعلان البحرين» مضاعفة الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي، تحسين الأوضاع الاجتماعية عبر دعم شبكات الأمن الاجتماعي في الدول العربية، تحقيق الحريات الأربع التي تعزز التكامل الاقتصادي العربي: حرية انتقال الافراد: بمنح تأشيرات متعددة طويلة الأجل لرجال الأعمال من خلال الغرف العربية - حرية انتقال رؤوس الاموال وسهولة التحويلات - حرية انتقال السلع بإزالة المعوقات غير الجمركية - حرية انتقال الخدمات من خلال الاسراع بإقرار اتفاقية تحرير التجارة والخدمات، بجانب وضع استراتيجية عربية للتحول الرقمي والاقتصاد الدائري والتشاركي، وتنفيذ مشروعات الربط في الطاقة بين الدول العربية، وكذلك وضع استراتيجية عربية للطاقة المتجددة، ومعالجة العقبات التي تواجه قطاع النقل وتطوير النقل البري الطرقي والسككي والبحري، وتحقيق ربط شبكات النقل البري والبحري والجوي بين الدول العربية، وبناء مناطق لوجستية مرتبطة بمجمعات إنتاجية صناعية وزراعية تحقق قيمة مضافة، مع دعمها ببورصة عربية سلعية، فضلاً عن اعتماد سياسة عربية مشتركة للتعليم، تستهدف إصلاح مناهج التعليم ومخرجاتها، وتشجيع القطاع الخاص العربي على اتخاذ المبادرات لبناء الصروح العلمية والبحثية المتميزة، وإقامة آلية عربية مشتركة لدعم البحث العلمي وتنسيق طاقات مؤسسات العمل العربي المشترك والحكومات العربية والقطاع الخاص من أجل حماية الأمن الغذائي والمائي العربي، واعتماد التكنولوجيا الزراعية الحديثة والزراعة الذكية، وتطوير مناطق لوجستية للتجارة والاستثمار الغذائي، وإطلاق مبادرات جديدة لتشجيع الشباب العربي على ريادة الأعمال في الابتكارات الزراعية الرقمية وفي تنمية الموارد المائية، ووضع استراتيجية واقعية ومتدرجة ذات جدول زمني لتحقيق التكامل الاقتصادي.
وفي الحقيقة أن إعلان المنامة تحدث عن أهم أمر وهو الحريات الأربع النقل والتنقل فحرية تنقل الأفراد هي الحرية الأولى وأحد متطلبات تنمية التجارة العربية البينية إن كانت هناك رغبة في تنميتها وتنمية الاستثمار العربي البيني والسوق العربية المشتركة، فمن المستحيل ونحن في عصر الرقمنة والقرارات تحتاج إلى أقل من ثانية ورجل الأعمال العربي ينتظر أسابيع من أجل إصدار تأشيرة دخول الى بلد عربي أخرى ونفس الأمر بالنسبة الى حرية انتقال رؤوس الأموال التي تواجه عقبات في التدفق، نحن في حاجة ماسة إلى انسيابية في حركة رؤوس الأموال وأن تكون بحرية أكبر وبحواجز وعوائق أقل لزيادة قدرة الاقتصاد العربي على الحركة، وذات الحال ينطبق على حرية انتقال البضائع والسلع بين الدول العربية والتي لا تتدفق بحرية، وهناك حرية في شكل اعفاءات جمركية ولكن هناك قيودا لا نهائية في شكل قيود غير جمركية.
هل هناك حلول لدى الأمانة العامة لاتحاد الغرف العربية بشأن شهادة المنشأ والمحتوى المحلي؟
فالحقيقة أن شهادة المنشأ تستخدم كحجة لتعطيل التجارة وإن أردنا العمل سوياً كدول عربية ذات طابع اقتصادي موحد فعلينا أن نتعامل مع بلد المنشأ كمنشأ عربي، وبالتالي نستطيع الحديث عن منتج عربي وليس منتج دولة، وهذا حدث في الاتحاد الأوروبي بشكل أو بآخر، فإذا كنا جادين في هذا الأمر فلا بد أن نتحدث عن منشأ عربي، وفى حال الوصول إلى هذا المفهوم هنا يمكننا فك كلمة السر في الوصل إلى اتحاد جمركي عربي، ومعالجة بعض العوائق في اتفاقيات التجارة الحرة سواء الجمركية وحتى العوائق غير الجمركية لضمان زيادة الحركة التجارية خاصة أن اتفاقية التجارة تفتح الباب ولا تضمن العبور، وأكبر دليل على ذلك أن الدول العربية الـ22 حركة النقل البحري بينها لا تتجاوز 6 إلى 7% على الرغم من كونها أرخص كلفة للنقل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك