منظومة التشريعات الاقتصادية تتأثر بالمتغيرات العالمية.. وعلينا تطويرها باستمرار مع السلطة التشريعية
هناك بعض التحديات أمام تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وعلينا إيجاد سبل التغلب عليها
أكد عضو المكتب التنفيذي بغرفة تجارة وصناعة البحرين السيد باسم محمد الساعي أن المتغيرات الاقتصادية العالمية المتسارعة لها تأثير كبير على منظومة القوانين الاقتصادية في مملكة البحرين بما يتطلب معه تحديثها وتطويرها لتتماشى كليا مع متطلبات الاستدامة لتحقيق النمو المنشود، داعياً السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى مواصلة تطوير منظومة التشريعات بما يخدم النمو المستدام لقطاع الأعمال ويعزز البيئة الاستثمارية والتجارية ويسرع من وتيرة النمو المتزايد للاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته استكملاً لمنجزات المسيرة التنموية الشاملة بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم. وطالب الساعي خلال حواره لبرنامج «عمق» مع المستشار الدكتور عادل العبدالله باتخاذ مزيد من الإجراءات وعلى مستويات أعلى لتحفيز بيئة الاستثمار وتعظيم الاقتصاد الوطني وتحفيز نموه، مشيراً إلى أن الانتهاء من مشروع سكك حديد مجلس التعاون الخليجي سوف يسهم في التغلب على مشاكل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الشحن ويحقق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس والتنمية المستدامة.
وإلى نص الحوار:
حددتم في برنامجكم الانتخابي للدورة (30) لغرفة البحرين هدفين مباشرين يتعلقان ببيئة الاستثمار، وهما تحفيز بيئة الاستثمار وتعزيز مكانة المستثمرين الحاليين إلى أي حد استطعتم تحقيق تلك الأهداف؟
منذ أول يوم للعمل بغرفة البحرين في دورتها الثلاثين بدأ مجلس الإدارة العمل على مختلف الملفات، ووضع خطة زمنية لتحقيق أهداف برنامجه الانتخابي الذي وضعه للشارع التجاري، وتمكنا ولله الحمد من العمل على تحقيق كثير من الإنجازات التي أثلجت صدور أعضاء الجمعية العمومية للغرفة لعل من أهمها استجابة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لتطلعاتنا بإلغاء تصريح العمل المرن، ورسوم استرداد كلفة البنية التحتية المرتبطة بإصدار رخص البناء فضلاً عن دعم الغرفة للقطاع الخاص الوطني في التعاطي مع المتغيرات الاقتصادية العالمية التي أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية عبر الرصد الدقيق للتحديات التي تواجه القطاع الخاص في تلك المرحلة، مع الأخذ بالاعتبار المتغيرات المحيطة في المنطقة جراء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واتساعه مع لبنان وإيران بما يؤثر في بيئة الأعمال والاقتصاد.
أما فيما يتعلق بتحفيز بيئة الاستثمار وتعزيز مكانة المستثمرين يعمل مجلس الإدارة بكل عزم وجهد إلى تحقيقهما من خلال خطط طويلة المدى وفق استراتيجية الغرفة وأهدافها فليس من الممكن تحقيق هذين الهدفين في فترة محددة، وذلك لأن تلك الأهداف تتحقق على المدى الطويل كونها ببساطة أهداف لا نهاية لها، والمهم هو أننا بدأنا بتنفيذ خططنا المتعلقة بها، وخاصة أنه بمرور الوقت تظهر تحديات جديدة، وعوائق جديدة وظروف اقتصادية محلية وإقليمية وعالمية مختلفة، وظروف سياسية تأثر علينا، لكن يبقى الهدف الأسمى هو أن نبدأ في خلق بيئة محفزة للاستثمار وهدفنا هو الاستثمار بجميع أنواعه سواء المحلي أو الأجنبي فالاثنين بالنسبة إلينا مهمين للغاية من أجل خلق بيئة محفزة للاستثمار بغض النظر عن كونه استثمارا محليا أو خارجيا.
تحدثت عن وجود بيئة محفزة للاستثمار المحلي والأجنبي، نود أن تحدثنا بشكل مفصل عنها من وجهة نظرك؟
الحقيقة أن وجود بيئة محفزة للاستثمار تعني بوضوح أن تكون كل القوانين والاشتراطات مشجعة، وتصب في صالح الاستثمار، وهنا لا أقصد قوانين ولوائح وزارة الصناعة والتجارة وحدها، فهي طرف واحد، حيث لدينا القوانين المرافقة في شأن المحاكم الاقتصادية، وقانون العمل من ناحية البيئة العمالية، والبيئة المالية من ناحية الاشتراطات التمويلية وتحويل الأموال من داخل وخارج البحرين، إلى جانب ضرورة تقديم تسهيلات لتأشيرات رجال الأعمال فالاستثمار محليا كان أو أجنبيا، يحتاج إلى الاستعانة ببعض الكفاءات من خارج البحرين، وهنا يجب أن تكون الإجراءات والتراخيص سواء كانت من جهة واحدة أو من جهات مختلفة ميسرة، فالبيئة المهيئة للاستثمار مهمة، وتؤثر إلى حد بعيد في وجود محفز للاستثمار الأجنبي.
أمر آخر مهم هو أن القوانين الاقتصادية الحالية يجب أن تتواكب مع المتغيرات العالمية المتسارعة والمتواترة حتى يمكننا تعزيز التنافسية في جذب الاستثمارات لاسيما وأن هذا الوقت وكما نشاهد يتغير فيه العالم نتيجة الكثير من العوامل، ونقطة مهمة أخرى، وهي التي نسعى لتحقيقها تتمثل في تغيير أسلوب «التفكير» لأنه عنصر أساسي في أي مشروع طموح مثل تشجيع الاستثمار، وجزء مهم إذا كنا نطمح إلى التطور والتقدم بشكل أكبر فبناء عقلية النمو تحتاج الى أن يكون في عقل كل موظف في كل الجهات الرسمية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني دور ومسؤولية في تسهيل وتشجيع صاحب العمل وتحفيز بيئة الأعمال ونقطة أخرى مهمة، وهي التي نسعى لتحقيقها تغيير أسلوب «التفكير» لأنه عنصر أساسي في أي مشروع طموح مثل تشجيع الاستثمار، وجزء مهم إذا كنا نطمح إلى التطور والتقدم بشكل أكبر فبناء عقلية النمو تحتاج أن يكون في عقل كل موظف في كل الجهات الرسمية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني دور ومسؤولية في تسهيل وتشجيع صاحب العمل وتحفيز بيئة الأعمال.
الحكومة اتخذت إجراءات وقرارات لتشجيع وتحسين بيئة الاستثمار إلى أي حد ترى انعكاس تلك الإجراءات على أرض الواقع؟
الحقيقة أن الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، تبنت رؤية محكمة للنهوض بالبيئة الاقتصادية، ومساعي دؤوبة لتحفيز الاستثمارات وتنويعها وتشجيع رأس المال الوطني والأجنبي على مزيد من العمل والإنتاج، بحيث يكون بمقدوره تلبية احتياجات الأسواق وزيادة مؤشرات النمو، واستكملت الحكومة عمليات النهوض بالبنى التحتية لتشجيع وجذب الاستثمارات النوعية، بما يضمن الاستفادة القصوى من نتاجات ذلك في رفد الاقتصاد الوطني، إلا أننا كوننا نمثل القطاع خاص نطمح إلى مزيد من تلك الإجراءات، وعلى مستويات أعلى لتحفيز بيئة الاستثمار، وهنا أود أن أوضح نقطة مهمة للغاية أن غرفة البحرين هدفها تسريع وتيرة العمل لتكون البيئة الاستثمارية في مملكة البحرين من أفضل الوجهات الاستثمارية العالمية، وهذا هو هدفها الرئيسي، وليس تصدير التحديات كما يشاع، فنحن كأعضاء مجلس إدارة للغرفة طموحون وهدفنا خدمة الاقتصاد الوطني والنهوض بالقطاع الخاص.
ثم إن هناك نقطة أخرى مهمة نحتاج إلى تطوير شامل، للتغلب على كافة التحديات والعوائق التي قد تعيق التدفقات الاستثمارية، فعلى سبيل المثال إذا أراد مستثمر، ويمتلك مصنعا أن يقوم ببعض التوسعات في مصنعه، وعلى الأرض نفسها يحتاج إلى إصدار رخصة ببناء يستغرق إصدارها ما يقرب من 8 أشهر، وهذا بالنسبة إلي شيء غير مقبول، وهذه ليست حالة خاصة لشخص، لكنها التجربة نفسها التي يمر بها الكثيرون، ودعني أضرب لك مثالا آخر واقعيا فقطاع الإنشاء من أهم القطاعات في الاقتصاد، ويحرك عدة قطاعات، فإذا حاول شخص إصدار رخصة بناء جديدة فسيجد أن الإجراءات معقدة، وفيها أطراف مختلفة، وكل طرف يقول إن لديه دورة عمل تستغرق مدة زمنية، وفي النهاية يحتاج المستثمر إلى الذهاب الى عدة جهات حتى يتمكن من إنهاء معاملته، في حين أن إنشاء نظام موحد يسهل، ويبسط من خدمة المستثمرين، ويحقق قفزة نوعية بمؤشر التدفقات الاستثمارية.
ما الذي يمكن أن يقوم به الاستثمار المحلي حتى يمكنه التعاطي مع الهزّات الاقتصادية العنيفة التي تعوق المسار المتصل للنمو والتنمية؟
الحقيقة أن التحديات مستمرة في كل الأوقات، ولم تتوقف فهناك تحديات محلية وتحديات إقليمية وأخرى عالمية، وأصبح من أوجب الواجبات أمام صناع السياسات الاقتصادية ومتخذي القرارات، الحفاظ على مستوى مناسب من الاستقرار الاقتصادي، ومن ثم تجنب الهزّات التي تعوق المسار المتصل للنمو والتنمية، وتهيئة المجال لازدهار الاقتصاد الكلي، ولكن الثابت هو صاحب العمل الذي اعتبره كالمحارب فهو كل يوم لديه معركة، سواء مع السوق أو مع المنافس أو مع غيرهم من القطاعات ذات العلاقة فالمحصلة النهائية هي أن التحديات موجودة لكن الأهم هو أن نستطيع التخفيف من حدة هذه التحديات.
ولعل أزمة جائحة فيروس كورونا دليل على ذلك، فالتحديات التي أوجدتها أمام الشركات مع سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الشحن، ثم نقص المواد الذي أثر إلى حد بعيد على الإنتاج، عدنا اليها مجدداً في الوقت الحالي، بسبب ما يحدث في المنطقة من أزمات تسببت في رفع أسعار التأمين الذي أثر بدوره على ارتفاع أسعار الشحن بما انعكس على ارتفاع أسعار السلع، وكل هذا يتطلب منا أن نتعامل بطريقة أسرع، فلو كان لدينا سكك حديد خليجية مشتركة لما واجهنا هذه التحديات، وهنا أدعو القطاع الخاص أن يطور من منهجه وفكره إلى منهج الابتكار لاغتنام الفرص التي تولدها التحديات بزيادة مساهمته ضمن إجمالي استثمارات المملكة وبما يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ورفع معدلات النمو، وتوفير فرص العمل.
هل ترى أن مستقبل البيئة الاستثمارية في البحرين واضح في السنوات العشر القادمة؟ وهل أنت راضٍ عن أداء ونتائج بيئة الاستثمار؟
نعم، على المستوى السياسات الحكومية فهو أمر واضح ومدروس للغاية، لاسيما في ظل ما تتمتع به مملكة البحرين من مقومات جاذبة للأعمال تصب في خدمة الاقتصاد الوطني وتحقق أهداف التنمية المستدامة، لكن هناك حلقة مفقودة حين يصل الأمر إلى الموظف البسيط الذي يتعامل مع المستثمر في تقديم الخدمات وهذا أمر يتطلب حله بشكل سريع من خلال تأهيل العاملين في المعاملات الاستثمارية ومراكز الخدمات، ولست راضيا بشكل كافٍ عن آليات معاملات المستثمرين والتيسير عليهم، وسبب ذلك أن أي مستثمر أجنبي يتطلع أن يجد قيمة مضافة في مجاله، وهنا لا أقصد المستثمر الأجنبي الذي يأتي لفتح محل أو ورشة، وينافس البحريني، بل أتحدث عن المستثمر الأجنبي الذي يقوم ببناء مصنع أو شركة كبيرة أو مؤسسة، ويوفر فرص عمل للمواطنين، ولذلك فعلينا جميعاً أن نتكاتف من أجل إصلاح أي نوع من التباطؤ أو الخلل الذي يؤثر في منظومة الاستثمار التي تلقى كل الدعم والاهتمام من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي يحرص كل الحرص على مواصلة تعزيز تنافسية البيئة الاستثمارية والتشجيع على استقطاب الاستثمارات بما يسهم في خلق المزيد من الفرص للمواطنين، وينعكس على نماء وازدهار الوطن، ويسهم في تلبية التطلعات المنشودة.
وهناك نقطة مهمة ينبغي توضيحها وهي أن مملكة البحرين وعلى الرغم من صغر حجمها فإن إنجازاتها وبصماتها وكفاءاتها أكبر 100 مرة من حجمها، فاليوم نرى البحرينيين متميزين في كل شيء، وهذا دليل آخر على أن الأزمة ليست نقصا في الكفاءات ولا في القدرة ولا في الطموح ولا في الإبداع، لكن في عوامل بسيطة وسهلة تحقق الالتزام والترابط التنسيق من أجل التطوير الذي نحتاج إليه في بيئة الاستثمار لبناء قدرات اقتصادية نشطة على المستويين الإقليمي والدولي تتمتع بمزايا جاذبة، وتقدم محفزات تنافسية، تضمن تدفق الاستثمارات المتنوعة وبناء شراكات تجارية واقتصادية واسعة ترسخ مكانة مملكة البحرين على خارطة الاقتصاد العالمي.
هل أنت راضٍ عن آليات التواصل بين القطاعات الاقتصادية في ظل التحديات الراهنة التي تتطلب التواصل الفعال؟
بالتأكيد كوني إنسانا طموحا وأسعى للأفضل فلست راضيا كل الرضا عن آليات التواصل بين القطاعات الاقتصادية رغم وجود تواصل حقيقي ولقاءات مشتركة لكنها لا تحقق المطلوب، وهناك أمور مفقودة خاصة فيما يتعلق بالمتابعة، فنحن نجتمع ونضع محاور واضحة نتفق عليها وبعد فترة لا يتحقق ما اجتمعنا واتفقنا عليه، وهذا يتطلب 3 أمور لحل هذه الإشكالية وهي أن يكون هناك رؤية موحدة يتبعها حماس وزخم للتنفيذ وأخيرا أن يكون لدينا شعور بالمسؤولية وهذه العوامل الثلاثة مهمة جدا لنجاح وتحفيز بيئة الاستثمار.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك