العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨٩ - الجمعة ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

صراعات الشرق الأوسط من منظور روسيا والصين

بقلم: مراد صادق زادة

الأربعاء ١٤ أغسطس ٢٠٢٤ - 02:00

أصبح‭ ‬التصعيد‭ ‬الأخير‭ ‬للصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بعد‭ ‬هجوم‭ ‬الجماعات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المسلحة‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬هو‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

ويستمر‭ ‬القتال‭ ‬منذ‭ ‬10‭ ‬أشهر،‭ ‬ويتسبب‭ ‬يوميا‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬احتمال‭ ‬كبير‭ ‬لتوسع‭ ‬الصراع‭ ‬بسبب‭ ‬تورط‭ ‬جماعة‭ ‬مسلحة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬تابعة‭ ‬للدولة‭ - ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭. ‬ويسعى‭ ‬معظم‭ ‬اللاعبين‭ ‬الإقليميين‭ ‬والعالميين‭ ‬جاهدين‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الصراع،‭ ‬لكن‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬نتائج‭ ‬واضحة‭.‬

أما‭ ‬الصين‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬استثناءً،‭ ‬فهي‭ ‬تشارك‭ ‬بنشاط‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وبمشاركة‭ ‬سلطات‭ ‬بكين،‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬لتطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭.‬

يشمل‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬حزام‭ ‬واحد،‭ ‬طريق‭ ‬واحد‮»‬‭ ‬دولًا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ويعتبر‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬أمرًا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬للتنفيذ‭ ‬الناجح‭ ‬لخطط‭ ‬إنشاء‭ ‬طرق‭ ‬تجارية‭ ‬جديدة‭ ‬وتدفقات‭ ‬استثمارية‭.‬

إن‭ ‬تسوية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ستوفر‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التنبؤ‭ ‬السياسي‭ ‬والأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الضروريين،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬لجذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصينية‭ ‬وحمايتها‭.‬

وفي‭ ‬أواخر‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬اقترحت‭ ‬الصين‭ ‬خطة‭ ‬سلام‭ ‬لحل‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والتي‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬دولتين‭ ‬مستقلتين‭.‬

وفي‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬تقدمت‭ ‬الصين،‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬بمبادرة‭ ‬لتنظيم‭ ‬مؤتمر‭ ‬سلام‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

ولا‭ ‬يختلف‭ ‬النهج‭ ‬الصيني‭ ‬عن‭ ‬النهج‭ ‬الروسي‭: ‬فبكين،‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كمثل‭ ‬موسكو،‭ ‬مقتنعة‭ ‬بأن‭ ‬الحل‭ ‬المستدام‭ ‬للصراع‭ ‬يتطلب‭ ‬تسوية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬ذات‭ ‬مركز‭ ‬سياسي‭ ‬واحد‭.‬

كما‭ ‬عقدت‭ ‬روسيا‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬اجتماعات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬بين‭ ‬حركتي‭ ‬حماس‭ ‬وفتح‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التمثيل‭ ‬السياسي‭ ‬الموحد‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هو‭ ‬بالتحديد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ضروري‭ ‬لصياغة‭ ‬الموقف‭ ‬الرئيسي‭ ‬وتمثيله‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭.‬

إن‭ ‬تورط‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لا‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬طموحاتها‭ ‬العالمية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يساعد‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مما‭ ‬يمنح‭ ‬بكين‭ ‬الفرصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬موقفها‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬مبادرات‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين‭. ‬وتتمتع‭ ‬الصين‭ ‬بعلاقات‭ ‬وثيقة‭ ‬مع‭ ‬الحركات‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لكن‭ ‬علاقات‭ ‬بكين‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬ظلت‭ ‬باردة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭.‬

إن‭ ‬تعاون‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬الخصم‭ ‬الإقليمي‭ ‬الرئيسي‭ ‬للدولة‭ ‬اليهودية،‭ ‬وعلاقات‭ ‬إسرائيل‭ ‬المتنامية‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬ومشاركتها‭ ‬في‭ ‬ممر‭ ‬النقل‭ ‬IMEC،‭ ‬الذي‭ ‬تعتبره‭ ‬الصين‭ ‬منافساً‭ ‬لطرقها‭ ‬اللوجستية،‭ ‬يشكل‭ ‬عوائق‭ ‬أمام‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬الثنائي‭.‬

ولكن‭ ‬كما‭ ‬يظهر‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬فحتى‭ ‬العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬وتحاول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مصر‭ ‬وقطر،‭ ‬حل‭ ‬الأزمة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أي‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬التصعيد‭.‬

في‭ ‬أوائل‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬أفادت‭ ‬التقارير‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬توصلتا‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مبدئي‭ ‬حول‭ ‬إطار‭ ‬الصفقة،‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬هدنة‭ ‬وتبادل‭ ‬الرهائن‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬لكن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يتعين‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬لتحقيق‭ ‬تأثير‭ ‬ملموس‭.‬

وتنقسم‭ ‬خطة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬التي‭ ‬اقترحها‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭. ‬تتمثل‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬وتبادل‭ ‬أولي‭ ‬للرهائن،‭ ‬وزيادة‭ ‬إمدادات‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبدء‭ ‬المفاوضات‭ ‬بشأن‭ ‬الإنهاء‭ ‬الكامل‭ ‬للقتال‭.‬

وتشمل‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬سحب‭ ‬إسرائيل‭ ‬لقواتها‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬وإطلاق‭ ‬الجماعات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬سراح‭ ‬الرهائن‭ ‬المتبقين‭.‬

أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬الخطة‭ ‬فتتمثل‭ ‬في‭ ‬البدء‭ ‬بتنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬والتي‭ ‬ستتطلب‭ ‬عملاً‭ ‬واستثماراً‭ ‬مكثفاً‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

وقد‭ ‬يشكل‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحركة‭ ‬حماس‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬الطويل‭ ‬الأمد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ولكن‭ ‬تنفيذه‭ ‬الناجح‭ ‬سوف‭ ‬يتطلب‭ ‬جهوداً‭ ‬مكثفة‭ ‬وتنسيقاً‭ ‬كبيراً‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭.‬

وفي‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فإن‭ ‬تسوية‭ ‬الصراع‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال‭. ‬في‭ ‬الأثناء‭ ‬تواصل‭ ‬إسرائيل‭ ‬شن‭ ‬هجمات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭. ‬ففي‭ ‬يوم13‭ ‬يوليو،‭ ‬أفادت‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بمقتل‭ ‬71‭ ‬فلسطينيا‭ ‬وإصابة‭ ‬289‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬إسرائيلي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المواصي‭ ‬بخان‭ ‬يونس‭.‬

وكان‭ ‬هدف‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المواصي‭ ‬بخان‭ ‬يونس‭ ‬هو‭ ‬زعيم‭ ‬الجناح‭ ‬العسكري‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭ ‬الفلسطينية‭ ‬محمد‭ ‬الضيف،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬مقتله‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الهجوم‭ ‬العسكري‭ ‬الدموي‭.‬

والمشكلة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬عقوداً‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تطرف‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين‭. ‬تنبع‭ ‬الخلافات‭ ‬الرئيسية‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‭ ‬من‭ ‬خلافات‭ ‬سياسية‭ ‬عميقة‭. ‬وترفض‭ ‬حماس،‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬شرعية‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬بدورها‭ ‬حماس‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭. ‬وهذا‭ ‬الرفض‭ ‬الأساسي‭ ‬يخلق‭ ‬عقبات‭ ‬خطيرة‭ ‬أمام‭ ‬محادثات‭ ‬السلام‭.‬

ويتفاقم‭ ‬الوضع‭ ‬بسبب‭ ‬القضايا‭ ‬الأمنية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الهجمات‭ ‬الصاروخية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والإجراءات‭ ‬الانتقامية،‭ ‬مثل‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مشاكل‭ ‬إنسانية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ويحد‭ ‬الحصار‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬الأساسية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإمدادات‭ ‬الطبية‭ ‬والغذاء‭ ‬والمياه‭ ‬النظيفة‭.‬

وتتعلق‭ ‬الخلافات‭ ‬أيضًا‭ ‬بالحلول‭ ‬السياسية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬وآفاق‭ ‬السلام‭. ‬وتصر‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬الضمانات‭ ‬الأمنية‭ ‬كشرط‭ ‬مسبق‭ ‬لأي‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تطالب‭ ‬حماس‭ ‬بإنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالحقوق‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الرؤى‭ ‬المتعارضة‭ ‬للمستقبل،‭ ‬وسبل‭ ‬تحقيقها،‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسويات‭ ‬وحلول‭ ‬ترضي‭ ‬الطرفين‭.‬

إن‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬متشددة‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬وتريد‭ ‬تدمير‭ ‬حماس‭ ‬بالكامل‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬كأحد‭ ‬الأهداف‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بعد‭ ‬بدء‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

ولكن‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬القتال،‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الحركة‭. ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬مفاجئاً،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬حماس‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬فكرة‭ ‬للمقاومة‭ ‬الراديكالية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬ذات‭ ‬شعبية‭ ‬متزايدة‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ويتأكد‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العدد‭ ‬المتزايد‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬فتح‭ ‬قوية‭ ‬تاريخيا‭.‬

لكن‭ ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬تأثرت‭ ‬أيضًا‭ ‬بالأزمة‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬وحاولت‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬إجراء‭ ‬إصلاحات‭ ‬قانونية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬خصومه‭ ‬لتنظيم‭ ‬مسيرات‭ ‬حاشدة‭ ‬ضد‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحاكمة‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬صعب،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديه‭ ‬الوقت‭ ‬للتعافي‭ ‬من‭ ‬الجائحة،‭ ‬وواجه‭ ‬مشاكل‭ ‬جديدة‭ ‬بسبب‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬فالاستثمارات‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬الانخفاض‭. ‬وفقًا‭ ‬لمؤسسة‭ ‬CofaceBdi،‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تغلق‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬شركة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬أبوابها‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

ولذلك،‭ ‬يتهم‭ ‬كثيرون‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬حقاً‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬الصراع،‭ ‬لأنه‭ ‬حينها‭ ‬يتعرض‭ ‬هو‭ ‬وحكومته‭ ‬للتهديد‭ ‬بالاستقالة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬بتكثيف‭ ‬التحقيقات‭ ‬القضائية‭ ‬التي‭ ‬تلاحقه‭.‬

ولحل‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل،‭ ‬يحتاج‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬انتصار‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬وتعزيز‭ ‬المواطنين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬ودعم‭ ‬حليف‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬الذي‭ ‬فترت‭ ‬العلاقات‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بايدن‭.‬

وربما‭ ‬سيستمر‭ ‬الصراع‭ ‬حتى‭ ‬وصول‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬جميع‭ ‬محاولات‭ ‬التسوية‭ ‬عقيمة‭.‬

يعتبر‭ ‬ترامب‭ ‬سياسي‭ ‬مؤيد‭ ‬تماما‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نتنياهو،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬قوي‭ ‬عليه‭. ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ليست‭ ‬مهتمة‭ ‬بحرب‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تشمل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬حليف‭ ‬مهم‭ ‬لواشنطن،‭ ‬وإذا‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع،‭ ‬فسيتعين‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الرد‭. ‬ولا‭ ‬يحتاج‭ ‬ترامب‭ ‬ولا‭ ‬الجمهوريون‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬مركز‭ ‬دراسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬روسيا

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا