العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

استراتيجيات صناعية لتنويع اقتصاد البحرين

بقلم: رجل الأعمال م. إسماعيل الصراف

الأربعاء ٢٨ أغسطس ٢٠٢٤ - 07:21

في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬المتزايدة،‭ ‬تتجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬هياكلها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لضمان‭ ‬استدامة‭ ‬النمو‭ ‬وتحصين‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬ضد‭ ‬الصدمات‭ ‬الخارجية‭. ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ليست‭ ‬استثناءً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة،‭ ‬فقد‭ ‬أدركت‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬أهمية‭ ‬تنويع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬واحد،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التقلبات‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭. ‬يعتبر‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬التنويع‭ ‬المنشود‭.‬

يمثل‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬للبحرين‭ ‬لتوسيع‭ ‬قاعدتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وجذب‭ ‬استثمارات‭ ‬جديدة‭. ‬البحرين‭ ‬تتمتع‭ ‬بموقع‭ ‬استراتيجي‭ ‬مميز،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المتطورة‭ ‬والبيئة‭ ‬الاستثمارية‭ ‬الجاذبة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يتطلب‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬التنويع‭ ‬استراتيجية‭ ‬متكاملة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الابتكار،‭ ‬وتطوير‭ ‬المهارات‭ ‬البشرية،‭ ‬وتحسين‭ ‬الإنتاجية‭. ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬تتبنى‭ ‬نهجًا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬الفعّالة‭ ‬والأفكار‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

إحدى‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تبنيها‭ ‬هي‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬مناطق‭ ‬ابتكار‭ ‬صناعية‮»‬‭ ‬تتخصص‭ ‬في‭ ‬التقنيات‭ ‬المستقبلية‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وتقنيات‭ ‬البلوكشين،‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الخضراء‭. ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬المناطق‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬كحاضنات‭ ‬للشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬ومكان‭ ‬للبحث‭ ‬والتطوير،‭ ‬حيث‭ ‬تتعاون‭ ‬الشركات‭ ‬مع‭ ‬الجامعات‭ ‬ومراكز‭ ‬الأبحاث‭ ‬لتطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬وصناعات‭ ‬مبتكرة‭. ‬إن‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬استثماري‭ ‬مخصص‭ ‬لدعم‭ ‬الابتكارات‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجذب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬والمواهب‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬مكانة‭ ‬البحرين‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للابتكار‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬تطوير‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬التدريب‭ ‬الصناعي‭ ‬الذكي‮»‬‭ ‬يعد‭ ‬استراتيجية‭ ‬أخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي‭. ‬يتضمن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬إنشاء‭ ‬منصات‭ ‬تعليمية‭ ‬متقدمة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لتحليل‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭ ‬وتوفير‭ ‬دورات‭ ‬تدريبية‭ ‬متخصصة‭ ‬لتأهيل‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬بمهارات‭ ‬متقدمة‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬احتياجات‭ ‬الصناعات‭ ‬الحديثة‭. ‬يمكن‭ ‬أيضًا‭ ‬إشراك‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬وتنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬لضمان‭ ‬توافقها‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬السوق‭ ‬الفعلية،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬توظيف‭ ‬الخريجين‭ ‬ويعزز‭ ‬الإنتاجية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭.‬

استراتيجية‭ ‬أخرى‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬الصناعة‭ ‬المستدامة‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬وتطبيق‭ ‬ممارسات‭ ‬التصنيع‭ ‬الخضراء‭. ‬يمكن‭ ‬للبحرين‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬أماكن‭ ‬صناعية‭ ‬تعتمد‭ ‬بالكامل‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬مما‭ ‬سيخفض‭ ‬تكاليف‭ ‬التشغيل‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬ويجذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬بصمتها‭ ‬الكربونية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬تطبيق‭ ‬معايير‭ ‬صارمة‭ ‬للاستدامة‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬الصناعية،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬البحرين‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التصنيع‭ ‬المستدام‭.‬

لا‭ ‬يقتصر‭ ‬التنويع‭ ‬الصناعي‭ ‬على‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮«‬التوسع‭ ‬العالمي‭ ‬للشركات‭ ‬المحلية‮»‬‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬عبر‭ ‬إنشاء‭ ‬مكاتب‭ ‬تمثيلية‭ ‬ومراكز‭ ‬توزيع‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬يمكن‭ ‬للشركات‭ ‬البحرينية‭ ‬أن‭ ‬توسع‭ ‬نطاق‭ ‬أعمالها‭ ‬وزيادة‭ ‬حصتها‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬لهذه‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬حوافز‭ ‬ضريبية‭ ‬وتمويل‭ ‬ميسر،‭ ‬يمكن‭ ‬تشجيعها‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العالمية‭.‬

في‭ ‬الختام،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬البحرين‭ ‬تمتلك‭ ‬جميع‭ ‬المقومات‭ ‬لتحقيق‭ ‬تنويع‭ ‬اقتصادي‭ ‬ناجح‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬تكامل‭ ‬الجهود‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬وتبني‭ ‬سياسات‭ ‬واضحة‭ ‬ومستدامة‭ ‬تدعم‭ ‬الابتكار،‭ ‬وتطور‭ ‬المهارات،‭ ‬وتعزز‭ ‬من‭ ‬تنافسية‭ ‬الصناعات‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭. ‬الاستراتيجيات‭ ‬المقترحة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أفكار،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬حلول‭ ‬عملية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬ملموس‭ ‬يضع‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الحديثة‭.‬

بقلم‭: ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬المهندس‭ ‬إسماعيل‭ ‬الصراف

ماجستير‭ ‬تنفيذي‭ ‬بالإدارة‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ (‬EMBA‭)‬

عضو‭ ‬بمعهد‭ ‬المهندسين‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬البريطانية‭ (‬MIET‭)‬

عضو‭ ‬بجمعية‭ ‬المهندسين‭ ‬البحرينية

كلمات دالة

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا