التهيئة للعودة إلى المدارس عملية مشتركة بين البيت والمدرسة
القلق أكبر مشكلات المرحلة الابتدائية.. والانسحاب مشكلة الإعدادية والثانوية
تلعب المدرسة دورا حيويا في بناء شخصية الإنسان واكتساب المهارات السلوكية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق أكد عدد من الاختصاصيين المعنيين بالإرشاد النفسي أن المعلمين يؤدون دورا كبيرا في استقبال الطلبة مع بداية العام الدراسي الجديد، ومواجهة التغيرات السلوكية والانفعالية خاصة للطلبة الملتحقين بالمدرسة لأول مرة، وكذلك مشكلات الانسحاب والتشتت لدى طلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية.
وقالت مي العازمي باحثة دكتوراه في الارشاد النفسي ومتخصصة في التوجيه والإرشاد الاجتماعي والنفسي والأسري، بأن من المهم أن يحرص المعلم على استقبال الطلبة مع بداية العام الدراسي الجديد بكل حب وود وتقبل اختلافاتهم ومستوياتهم من دون تمييز مع التمسك بالمعاير المهنية في التعامل مع الطلبة من الاحسان والإخلاص والمسؤولية والعدالة وحفظ حقوقهم وكرامتهم كونهم نموذجا وقدوة للطلبة.
وتطرقت العازمي إلى اختلاف السلوكيات والمشكلات المتوقعة خلال عودة الدراسة باختلاف المراحل الدراسية في مرحلة رياض الأطفال فمن المتوقع تغيرات سلوكية سلبية، كالتهيج الانفعالي، القلق والخوف المفرط من أي محفزات، الارتباك المكاني، اضطراب النوم، الاستيقاظ في حالة من المزاجية السلبية، السلوك الإنمائي التراجعي (التبول في الفراش، الكلام الطفولي، مص الإبهام)، يمكن زيادة أو فقدان للشهية ملحوظ، فقدان طاقة الكلام أو التلعثم، ورفض الذهاب الى الروضة.
في حين أن المشكلات المتوقعة للمرحلة الابتدائية تتمثل في تغيرات سلوكية الانفعالية السلبية، العدوانية وتهيج المزاج، كثرة البكاء والتشكي والتململ، الخوف غير المبرر، (فرط حركة أعلى من المعتاد)، شكوى متكررة من الصداع والآلام الجسدية غير المبررة، صعوبة التركيز في المدرسة (تشتت أكثر من المعتاد)، رفض فكرة الذهاب إلى المدرسة، ظهور حالة من الانسحاب، الانطواء، والخجل.
أما المشكلات المتوقعة في المرحلة الاعدادية والثانوية مشكلات الانسحاب ورفض الحديث العزوف عن التجمعات العائلية، تشتت الانتباه، السرحان الزائد، عدم التركيز اضطرابات الأكل: فقدان الشهية أو الشهية المفرطة، قلة النوم أو اضطرابات النوم، الصداع والآلام الجسدية، فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة والانشغال بالأشياء غير المعتادة، العناد أو التمرد: سلوك متمرد ضد الأسرة أو اي نوع من السلطة مشكلات سلوكية السلبية أو الحادة ورفض الذهاب إلى المدرسة.
وتابعت حديثها قائلةً: من المهم تهيئة الطلاب للعودة الى الدراسة من جديد وذلك ليكونوا أكثر همة ونشاطا وتركيزا بعد فترة الإجازة والراحة وأن التهيئة لعودة الطلاب تعتبر عملية مشتركة بين البيت والمدرسة حتى تكون ناجحة، حيث تبدأ التهيئة من الاسرة وذلك من خلال مشاركه الأبناء في الاستعداد للعام الدراسي وتغير النظام السائد في البيت، والمشاركة في شراء المستلزمات الدراسية وذلك للإحساس بالمسؤولية وتهيئة المنزل للدراسة، في حين ان المدارس بهيئتيها الإدارية والتعليمية تستعد سنويا لاستقبال الطلبة وتهيئة الأجواء المدرسية لهم، ولا شك أن التهيئة الناجحة المشتركة بين البيت والمدرسة تساعد في رفع مستوى الوعي عند الطلبة بأهمية العملية التعليمية وبتالي رفع مستوى التحصيل الدراسي.
وأكدت العازمي أن أصعب العواقب التي تواجه أولياء الأمور هي تغيير النظام اليومي والعودة الى النظام المدرسي الذي يحتاج إلى التدرج في تغيير ما تم اكتسابه خلال الإجازة الصيفية، ولهذا فإن العلاقة الإيجابية العاطفية بين الأبناء والآباء التي يسودها الحب والاحترام والرعاية والاهتمام تبني شخصية قوية للأبناء ويكونون قادرين على تخطي المواقف اليومية ويكونون أكثر توافقا نفسيا واجتماعيا في مستقبلهم.
وبينت أن المشكلات الاسرية لها اثر على تحصيل الطلاب وحتى على نفسيتهم لان الطالب هو انعكاس لبيئته، لذا نوصي ولي الامر الالتزام بالهدوء والمرونة وتجنب المشاكل الأسرية قدر الإمكان أمام الأبناء حتى لا تتأثر نفسيتهم، ومن المهم على الآباء الحرص على زرع القيم الأخلاقية الحميدة وتنمية المحبة والاحترام بين أطفالهم في الصِّغَر وذلك من خلال تشجيع الأبناء على الخصوصية واحترام المشاعر فيما بينهم والمشاركة والتفاعل مع الحوادث الطارئة من فرح أو حزن أو مرض بالإضافة الى تحمل المسؤولية وتوزيع الأدوار فيما بينهم، والبعد عن التفرقة والمقارنة بين الأبناء.
أما بخصوص الطالب الضعيف تحصيليا فمن المهم جدا لرفع مستوى تحصيله الدراسي أن يعترف بأن لديه مشكلة في التحصيل وعليه أن يجتهد في تنظيم وقته وادارته بصورة صحيحة وأن يحضر للدرس قبل الحصة الدراسية وعليه أثناء الحصة أن يكون مستمعا جيدا للمعلم أثناء الشرح وأن يشارك بفعالية وأن يوثق ما تم تعلمه وعليه ان يراجع بشكل يومي وفي حال عدم فهمه للشرح لا يتردد في طلب المساعدة من المعلم، بالإضافة الى الاستعداد للامتحانات بفترة حتى لا تتراكم عليه الدروس ويصعب عليه فهمها واستيعابها.
من جانبها أضافت رجاء عيسى العجمي اختصاصية العلاج النفسي في مركز حماية الطفل بوزارة التنمية الاجتماعية، من المهم التهيئة المسبقة للطالب من قبل الاسرة والمجتمع عبر تقديم الأمان النفسي والدعم والتشجيع الكامل له.
وأضافت الاختصاصية أنه يجب تنظيم مواعيد النوم للطلبة قبيل شهر كامل من تاريخ العودة الى المدرسة حتى يستعد ذهنيا للذهاب الى مقاعد الدراسة بالإضافة الى تنظيم مواعيد الوجبات الغذائية ويفضل تقديم موعد العشاء حتى يستطيع الطالب النوم بشكل مريح أكثر، ومن المهم أيضًا أن تكون هناك ممارسة للهوايات اليومية بحيث يكون هناك تشبع لكل احتياجات الطفل بجميع جوانبها.
وتابعت رجاء حديثها خلال اللقاء الإذاعي في برنامج صباح الخير بأنه يجب على الطالب في المرحلة الأولى أن تكون التهيئة من قبل الأهل عبر نزع الخوف منه وتشجيعه مسبقًا عبر تقديم المدرسة التي سيلتحق بها الطفل له بشكل الإيجابي، أما بخصوص الأطفال الأكبر عمرًا يجب وضع خطة معينة مثل جدول للمذاكرة وتنظيم الوقت بالإضافة الى مشاركة الأبناء اهتماماتهم وسماعهم بشكل فعال عبر مشاركتهم في شراء احتياجاتهم وأهدافهم.
وبينت الاختصاصية أن مشاركة المدرسة والأهل في الدعم الإيجابي للأطفال من خلال التواصل الفعال يعتبر من أهم البنود عبر اطلاع المدرسة لكل ظروف الطفل الاسرية الخاصة، بالإضافة الى مشاركة المدرسة لحالة الطفل الصحية إن وجدت حتى لا تفاجأ المدرسة بأن الطفل يحتاج الى رعاية خاصة، بالإضافة الى أطفال صعوبات التعلم يجب ان تكون المدرسة مطلعة على هذا الأمر حتى يتم رسم له خطة خاصة، بالإضافة الى الاطلاع الكلي للمستوى الدراسي للطالب ومواكبة التطور الطفل داخل المدرسة وتتبعه حتى تكون المدرسة والاسرة على مسيرة واحدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك