الوقود الاصطناعي طاقة جديدة ظهرت مؤخرا، لكنها لا تزال تخضع للتجارب، في ظل تكلفة إنتاجها العالية بسبب اعتمادها على الكهرباء.
يُنتج الوقود الاصطناعي المحايد كربونيًّا من عملية كيميائية مركبة تجمع بين كميات من الهيدروجين الأخضر، وأخرى من ثاني أكسيد الكربون الملتقط من الغلاف الجوي مباشرة، ويطلق عليه أسماء أخرى مثل البنزين الاصطناعي أو الوقود الكهربائي.
وتتسم المواد اللازمة لإنتاجه بالوفرة والاستدامة، فضلاً عن أنه يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 85% مقارنة بالوقود الأحفوري، بالنظر إلى احتوائه على 10 عناصر فقط، في حين يحتوي الوقود المعتمد على النفط على 30 إلى 40 مكونًا، يتم حرق معظمها ثم إطلاقها في الهواء، كما أنه أقل وزنًا وأسهل في النقل عبر خطوط وأنابيب لمسافات طويلة، علاوةً على أنه لا يتطلب إجراء تعديلات كبيرة في تصميم المحركات أو حتى محطات الوقود.
ويحتاج إنتاج هذا النوع من الوقود المحايد كربونيًّا إلى استهلاك كميات كبيرة من الكهرباء النظيفة بصورة غير مباشرة، لاعتماد تركيبته على الهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء باس طاقة كهربائية عالية
ولهذا السبب يتعرّض الوقود الاصطناعي لانتقادات من حيث تكلفة إنتاجه الباهظة، ومزاحمته على استهلاك الكهرباء النظيفة مستقبلًا.
تبلغ تكلفة إنتاج لتر من الوقود الاصطناعي أكثر من 50 يورو (54 دولارًا أمريكيًا)، ما يزيد على تكلفة إنتاج البنزين بأكثر من 100 مرة، وفقًا لتقرير صادر عن معهد بوتسدام لبحوث تأثيرات المناخ.
ورغم ارتفاع تكلفة إنتاجه، فإن ميزته الأهم هي إمكانية تخزين الطاقة المنتجة من الوسائل المتجددة في الوقود التركيبي وهي مصادر لا يمكن إهمالها في المستقبل، لكنها ستصبح أرخص بكثير مستقبلاً.
ويبقى الوقود الاصطناعي قبلة حياة للسيـارات ذات محركات الاحتراق الداخلي، حتى تعيش فترة أطول، وذلك بعد قرار الاتحاد الأوروبي حظر بيع السيارات التي تعمل بمحركات احتراق داخلي، وتقدمت عدد من الشركات المصنعة بالتماس إلى المفوضية الأوروبية بشأن إعفاء السيارات التي تعمل بالوقود الاصطناعي من هذا القرار.
وتشير دراسة إلى أنه بحلول عام 2035 سيتم إنتاج وقود اصطناعي يكفي فقط لنحو 2% من السيارات في أوروبا، وهذا يعني أن 5 ملايين فقط في دول الاتحاد الأوروبي المتوقع أن يصل عددها إلى 287 مليون سيارة يمكن أن تعمل بهذا الوقود.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية التي تعتمد على الماء والهواء، ليست وليدة اللحظة، لكنها تعود إلى ما قبل 100 عام، وابتكرها العالمان الألمانيان «فرانز فيشر» و«هانس تروبش».
توقعات بانخفاض التكلفة
يُرجح معهد بوتسدام الألماني انخفاض تكلفة هذ النوع من الوقود مع اتساع نطاق تصنيعه إلى 2 يورو لكل لتر، مع عدم استبعاد وصول سعره بعد ذلك إلى 1 يورو، لكن دون تحديد أجل زمني لهذه الترجيحات السعرية المتفائلة.
ويعوّل المعهد على انخفاض تكلفة تقنيات التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء مباشرة، بوصفها العامل الأساس في خفض التكلفة النهائية.
تجارب المصانع
تُجرى تجارب عديدة لإنتاج الوقود الاصطناعي، أبرزها عبر مشروع رائد في جنوب تشيلي المعروف باسم «هارو أوني»، ويشترك في رعاية هذا المشروع شركات، مثل سيمنس إنرجي الألمانية، وإكسون موبيل الأميركية، وإيناب التشيلية المحلية.
وتشتري شركة بورشه الألمانية لصناعة السيارات كل كميات الوقود الاصطناعي المنتج من مشروع «هارو أوني» التجريبي في تشيلي، تمهيدًا لاستهلاكه في سياراتها عالية الأداء في المستقبل القريب.
وتعد شركة «بورش» المتخصصة في تصنيع السيارات الرياضية الألمانية، من أكبر المستثمرين في مجال الوقود الاصطناعي، حيث أعلنت استثمار 100 مليون دولار في إنشاء منشأة جديدة لها في دولة تشيلي، بطاقة إنتاجية تصل إلى 130 ألف لتر، تزيد إلى 550 مليون لتر بحلول عام 2026.
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة «داسيا» الرومانية المتخصصة في صناعة السيارات أنها ستشارك في رالي داكار في عام 2025م بنموذج أولي يعمل بالوقود الاصطناعي، تنتجه شركة «أرامكو السعودية».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك