العدد : ١٧١٠١ - الجمعة ١٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٠١ - الجمعة ١٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ رجب ١٤٤٦هـ

أخبار البحرين

نيابة عن الملك.. ولي العهد رئيس الوزراء يلقي كلمة البحرين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

الأربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤ - 04:22

نيابةً‭ ‬عن‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬ألقى‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬كلمة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬المناقشة‭ ‬العامة‭ ‬لاجتماعات‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بدورتها‭ ‬التاسعة‭ ‬والسبعين،‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬اليوم‭ ‬بمدينة‭ ‬نيويورك‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفيما‭ ‬يأتي‭ ‬نص‭ ‬الكلمة‭:‬

بسم‭ ‬الله‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم

أصحاب‭ ‬الجلالة‭ ‬والفخامة‭ ‬والسمو‭ ‬والمعالي،

معالي‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة،

معالي‭ ‬الأمين‭ ‬العام،

يُشرفني‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬هنا‭ ‬اليوم‭ ‬لأبلغكم‭ ‬تحيات‭ ‬وأطيب‭ ‬تمنيات‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المعظم‭.‬

ويطيب‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أتقدم‭ ‬إليكم،‭ ‬السيد‭ ‬الرئيس،‭ ‬بالتهنئة‭ ‬لانتخابكم‭ ‬رئيساً‭ ‬للدورة‭ ‬التاسعة‭ ‬والسبعين‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة،‭ ‬مُتمنياً‭ ‬لكم‭ ‬كل‭ ‬التوفيق‭ ‬والنجاح‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬أعمالها‭.‬

كما‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أُعرب‭ ‬عن‭ ‬بالغ‭ ‬تقديري‭ ‬لسعادة‭ ‬الأمين‭ ‬العام،‭ ‬على‭ ‬جهوده‭ ‬الدؤوبة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الأهداف‭ ‬النبيلة‭ ‬لهذه‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

السيد‭ ‬الرئيس،

قبل‭ ‬ثمانية‭ ‬عقود،‭ ‬ومع‭ ‬بدء‭ ‬العصر‭ ‬النووي،‭ ‬وجدت‭ ‬البشرية‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مدمرة،‭ ‬مليئة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬وعدم‭ ‬اليقين،‭ ‬وصراعاتٍ‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وكان‭ ‬العالم‭ ‬حينها‭ ‬في‭ ‬أمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الاستقرار‭ ‬ونظامٍ‭ ‬للمساءلة‭ ‬والحوكمة‭.‬

الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬تم‭ ‬تأسيسها‭ ‬لتكون‭ ‬عمود‭ ‬الاستقرار،‭ ‬حيث‭ ‬اعتمد‭ ‬عليها‭ ‬العالم‭ ‬لمنع‭ ‬وقوع‭ ‬المآسي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توصف‭ ‬من‭ ‬الحدوث‭ ‬مرة‭ ‬أخرى؛‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صياغة‭ ‬وتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العمل‭ ‬والتوافق‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬التنمية،‭ ‬ونشر‭ ‬بعثات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام،‭ ‬فقد‭ ‬عملت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ووكالاتها‭ ‬المتخصصة‭ ‬معاً‭ ‬كحِصنٍ‭ ‬منيع‭ ‬راسخ‭ ‬لتعكس‭ ‬روح‭ ‬المسؤولية‭ ‬المدنية‭ ‬الدولية‭.‬

إن‭ ‬عدد‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬المُشاركين‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬هو‭ ‬دليلٌ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الروح‭ ‬المستمرة‭.‬

قبل‭ ‬تسعة‭ ‬عشر‭ ‬عامًا‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬شرف‭ ‬الوقوف‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القاعة‭ ‬التاريخية،‭ ‬حيث‭ ‬تناولت‭ ‬في‭ ‬كلمتي‭ ‬التحديات‭ ‬الملحة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬عالمنا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬مثل‭ ‬الفقر‭ ‬والمجاعة‭ ‬والأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬الفتاكة‭ ‬والحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬وأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭. ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة،‭ ‬بل‭ ‬تفاقمت،‭ ‬فنحن‭ ‬اليوم‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬وغير‭ ‬قابلة‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بسبب‭ ‬التحولات‭ ‬الجذرية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬العالمي‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ظهرت‭ ‬تقنيات‭ ‬ثورية‭ ‬جديدة،‭ ‬ستعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬نعرفه‭ ‬اليوم‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تضاعفت‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية‭ ‬والصحية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬حدوداً‭ ‬في‭ ‬التعقيد،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬منا‭ ‬جميعاً‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬اختلافاتنا‭.‬

السيد‭ ‬الرئيس،

إن‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬تتعرض‭ ‬لضغوط‭ ‬شديدة؛‭ ‬فبعد‭ ‬ثمانين‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومع‭ ‬تطور‭ ‬التهديدات‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‭ ‬جميعاً،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬أيضاً‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يعتمد‭ ‬عليها‭ ‬مجتمعنا‭ ‬العالمي،‭ ‬لحماية‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭.‬

اليوم،‭ ‬ندعم‭ ‬الدعوات‭ ‬لإصلاح‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تعكس‭ ‬الحقائق‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الحالية،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهمتها‭ ‬العالمية‭ ‬المهمة‭ ‬عقودا‭ ‬قادمة‭. ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الإصلاح‭ ‬شاملاً،‭ ‬قائمًا‭ ‬على‭ ‬التوافق،‭ ‬ويشمل‭ ‬جميع‭ ‬هيئات‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

لقد‭ ‬باتت‭ ‬مُكتسبات‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬ذكرى‭ ‬بعيدة؛‭ ‬فالعالم‭ ‬اليوم‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة،‭ ‬بتحديات‭ ‬جديدة،‭ ‬ويجب‭ ‬علينا‭ ‬تجديد‭ ‬التزامنا‭ ‬بالسلام‭ ‬كركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬نبني‭ ‬عليها‭ ‬الازدهار‭ ‬الجماعي‭ ‬والأمل‭ ‬المستدام‭ ‬للجميع،‭ ‬وكما‭ ‬نعلم‭ ‬جميعاً‭ ‬أن‭ ‬الهدم‭ ‬أسهل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬البناء‭.‬

ونشهد‭ ‬اليوم‭ ‬تجاهل‭ ‬بعض‭ ‬الحكومات‭ ‬النظام‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬المعترف‭ ‬به‭ ‬دولياً،‭ ‬حيث‭ ‬تنتهج‭ ‬سياسات‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬الذاتية،‭ ‬نرى‭ ‬تفضيلاً‭ ‬لسياسة‭ ‬التعنت‭ ‬واستخدام‭ ‬القوة‭ ‬المشكوك‭ ‬في‭ ‬قانونيتها‭ ‬لتسوية‭ ‬النزاعات،‭ ‬نرى‭ ‬تصاعد‭ ‬التطرف‭ ‬والجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬التي‭ ‬تزرع‭ ‬الفوضى‭ ‬والانقسام‭.‬

في‭ ‬غزة،‭ ‬نرى‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الشقيق‭ ‬يعيش‭ ‬كارثةً‭ ‬إنسانيةً‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭. ‬إن‭ ‬حماية‭ ‬الأرواح‭ ‬البريئة‭ ‬مصونة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وهي‭ ‬مسؤولية‭ ‬أخلاقية‭ ‬ودينية‭. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬المطلوب‭ ‬تنفيذه‭ ‬هو‭ ‬وقفٌ‭ ‬فوري‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬وإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬جميع‭ ‬الرهائن،‭ ‬وتبني‭ ‬مسارا‭ ‬موثوقا‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬الآن،‭ ‬والذي‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬سلام‭ ‬شامل‭ ‬ودائم‭ ‬يضمن‭ ‬الأمن‭ ‬والازدهار‭ ‬لجميع‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬منطقتنا،‭ ‬ويحول‭ ‬دون‭ ‬انتشار‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬أوسع‭.‬

وفي‭ ‬الغرب،‭ ‬نشهد‭ ‬معاناة‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬الصراع‭ ‬المستعصي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وفي‭ ‬الشرق‭ ‬نرى‭ ‬التوترات‭ ‬تتصاعد‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي،‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬مخاوف‭ ‬خطيرة‭ ‬من‭ ‬تصعيد‭ ‬عسكري‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬وتدهور‭ ‬سلامة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭.‬

تأثيرات‭ ‬هذه‭ ‬الصراعات‭ ‬تتحملها‭ ‬البشرية،‭ ‬والأُسَر،‭ ‬والمجتمعات‭ ‬وأجيالنا‭ ‬القادمة،‭ ‬وهي‭ ‬تُقوض‭ ‬النمو‭ ‬وتحد‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬وتُهدد‭ ‬آمالنا‭ ‬لمستقبل‭ ‬أبنائنا‭.‬

السيد‭ ‬الرئيس،

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬داعمة‭ ‬بقوة‭ ‬للتعددية‭ ‬والتنوع‭ ‬الثقافي،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬نهجنا‭ ‬الثابت‭. ‬وفي‭ ‬أغسطس‭ ‬الماضي،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬بأن‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬لإنسانيتنا‭ ‬المشتركة‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬استدامة‭ ‬التناغم‭ ‬العالمي،‭ ‬أطلقت‭ ‬البحرين‭ ‬جائزة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬للتعايش‭ ‬السلمي،‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مُؤتمرٍ‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

ومن‭ ‬منطلق‭ ‬رئاسة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬للدورة‭ ‬الحالية‭ ‬لجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬تدعو‭ ‬المملكة‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬لهذه‭ ‬المبادرة‭ ‬المهمة،‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الجهود‭ ‬لتحقيق‭ ‬سلام‭ ‬عادل‭ ‬وشامل‭ ‬ودائم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬يجب‭ ‬إعلاء‭ ‬راية‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والحوار؛‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬العنف‭ ‬العشوائي‭ ‬والصراع‭ ‬والانقسام‭ ‬سيبعدنا‭ ‬أكثر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬النبيل‭.‬

السيد‭ ‬الرئيس،

في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬التزمنا‭ ‬بوضع‭ ‬المواطن‭ ‬محوراً‭ ‬أساسياً‭ ‬لجميع‭ ‬برامج‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وعملنا‭ ‬بلا‭ ‬كلل‭ ‬لضمان‭ ‬صقل‭ ‬مهاراتهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬الازدهار‭ ‬والنمو‭ ‬لأنفسهم‭ ‬ولمجتمعهم‭. ‬ونحن‭ ‬نتطلع‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬لن‭ ‬ندخر‭ ‬جهداً‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬لخلق‭ ‬الفرص‭ ‬الواعدة‭ ‬لمواطنينا‭ ‬للتنافس‭ ‬والابتكار‭ ‬والنجاح‭.‬

لقد‭ ‬أعطينا‭ ‬الأهمية‭ ‬للأولويات‭ ‬التي‭ ‬توحدنا‭ ‬جميعاً‭: ‬الإسكان،‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬والتعليم،‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الازدهار‭. ‬وركزنا‭ ‬عمل‭ ‬الوزارات‭ ‬والجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية،‭ ‬وشاركنا‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬ونسجنا‭ ‬معاً‭ ‬روح‭ ‬فريق‭ ‬واحد‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭.‬

السيد‭ ‬الرئيس،

إن‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬اضطراباً‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬نشأ‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية؛‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬التحديات‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‭ ‬اليوم‭ ‬تتجاوز‭ ‬نطاق‭ ‬الصراع‭ ‬الجيوسياسي‭. ‬العالم‭ ‬يرى‭ ‬الآثار‭ ‬المدمرة‭ ‬للتنمية‭ ‬غير‭ ‬المستدامة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭. ‬ونتيجة‭ ‬للصراعات‭ ‬والانقسام‭ ‬تشهد‭ ‬البشرية‭ ‬عودةً‭ ‬وتصاعداً‭ ‬للمجاعة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬شهد‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬كثب‭ ‬الآثار‭ ‬المقلقة‭ ‬للأمراض،‭ ‬مثل‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭-‬19،‭ ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬مدى‭ ‬سرعة‭ ‬تعرض‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬للخلل‭.‬

هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بمعزلٍ‭ ‬عن‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬فهي‭ ‬مُترابطةٌ‭ ‬وتشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬ممنهج‭ ‬للبشرية،‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تتحد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتلاقى‭ ‬حول‭ ‬ذات‭ ‬الرؤى‭ ‬والأفكار،‭ ‬بهدف‭ ‬إحياء‭ ‬وإصلاح‭ ‬وتجديد‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬لمعالجة‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‭ ‬اليوم،‭ ‬ولتنفيذ‭ ‬بفعالية‭ ‬الالتزامات‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬إطار‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وميثاق‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اعتماده‭ ‬مؤخراً،‭ ‬ويمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصلاح‭ ‬شامل‭ ‬للنظام‭ ‬يتضمن‭ ‬منظمات‭ ‬حيوية‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬مثل‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬ومنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

إن‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬لا‭ ‬يُحفظ‭ ‬بالآمال‭ ‬والأحلام‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬قائم‭ ‬نتيجة‭ ‬لوجود‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬قوية‭ ‬ومنظومات‭ ‬أمنية‭ ‬ودفاعية‭ ‬ملائمة‭ ‬للأهداف‭ ‬المنشودة‭.‬

السيد‭ ‬الرئيس،

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بصفتها‭ ‬دولة‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ومجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬ملتزمة‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬بمنهج‭ ‬التعددية‭. ‬نحن‭ ‬نؤمن‭ ‬إيمانًا‭ ‬راسخًا‭ ‬بأن‭ ‬العمل‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬ووفقًا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الأكيد‭ ‬لضمان‭ ‬ازدهارنا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬أبرمت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬اتفاقًا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬لـتأسيس‭ ‬إطار‭ ‬جديد‭ ‬للأمن‭ ‬والازدهار‭ ‬المشترك‭. ‬صُممت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الشاملة‭ ‬للتكامل‭ ‬الأمني‭ ‬والازدهار‭  (‬C‭-‬SIPA‭)‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬كترتيب‭ ‬ثنائي،‭ ‬بل‭ ‬كنقطة‭ ‬انطلاق‭ ‬لإطار‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬جمع‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬التوجهات‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والازدهار،‭ ‬ومثالاً‭ ‬فعالاً‭ ‬لرؤية‭ ‬شاملة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والأهداف‭ ‬المشتركة‭.‬

كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات‭ ‬النطاق‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬لتشمل‭ ‬كذلك‭ ‬مجال‭ ‬التقنيات‭ ‬الناشئة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬الفعال،‭ ‬وبإمكاننا‭ ‬توظيف‭ ‬الابتكارات‭ ‬التقنية،‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المشتركة‭ ‬للتنمية‭ ‬العالمية‭ ‬والسلام‭ ‬والازدهار‭. ‬ولتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬فهناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬جهد‭ ‬عالمي‭ ‬موحد‭. ‬واليوم‭ ‬ندعو‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬معاهدة‭ ‬دولية‭ ‬لتنظيم‭ ‬وحوكمة‭ ‬تطوير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬النزاعات‭ ‬القائمة،‭ ‬وأن‭ ‬تصبح‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬دافعاً‭ ‬للإبداع‭ ‬والابتكار،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التدمير‭ ‬والانقسام‭.‬

تُؤمن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بأن‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬شراكات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬لتعزيز‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف،‭ ‬ليصبح‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬أطر‭ ‬أمننا‭ ‬الجماعي‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬نحن‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬بأن‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬بإمكانهم‭ ‬بناء‭ ‬مستقبل‭ ‬يسوده‭ ‬السلام‭ ‬ويحقق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ونظام‭ ‬دولي‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬الجميع‭.‬

السيد‭ ‬الرئيس،‭ ‬الحضور‭ ‬الكرام،

إن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬عالمنا‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬مُستعصية‭ ‬على‭ ‬الحل‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬سعينا‭ ‬بإرادة‭ ‬جماعية‭ ‬وتصميم‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬إطار‭ ‬دولي‭ ‬مجدد‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬المشتركة،‭ ‬والتزام‭ ‬متجدد‭ ‬بتعددية‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬لازدهار‭ ‬جميع‭ ‬الأمم،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتجاوز‭ ‬اختلافاتنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حل‭ ‬القضايا‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭.‬

دعونا‭ ‬معاً‭ ‬نؤكد‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬مسؤوليتنا‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وحماية‭ ‬الكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬وضمان‭ ‬بقاء‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الخير،‭ ‬فنحن‭ ‬مدينون‭ ‬بذلك‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬وللقيم‭ ‬التي‭ ‬نعتز‭ ‬بها،‭ ‬وللعالم‭ ‬الذي‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬حمايته‭. ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬كيفية‭ ‬العيش‭ ‬معاً‭ ‬بالفعل‭ ‬هو‭ ‬أنبل‭ ‬المساعي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا