العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

لستُنّ ناقصات

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء‭ ‬

في‭ ‬أحاديث‭ ‬النساء‭ ‬وجدت‭ ‬جملة‭ ‬تتكرر‭ ‬منذ‭ ‬فترة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتزوجات‭ ‬والمطلقات‭ ‬هي‭ ‬جملة‭: (‬لا‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رجل‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬الزواج‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬تكرار‭ ‬التجربة‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬شاهدت‭ ‬مقطعا‭ ‬من‭ ‬مسلسل‭ ‬بين‭ ‬الممثلة‭ ‬القديرة‭ ‬سوسن‭ ‬بدر‭ ‬والفنان‭ ‬معتز‭ ‬الدمرداش‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تقدم‭ ‬بطلب‭ ‬لها‭ ‬للزواج،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬استمعت‭ ‬إلى‭ ‬شروطه‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬كل‭ ‬تفاصيل‭ ‬خصوصياتها‭ ‬بجانب‭ ‬ضرورة‭ ‬عنايتها‭ ‬به‭ ‬وبوالدته،‭ ‬سألته‭ ‬عن‭ ‬ماذا‭ ‬ستجني‭ ‬هي‭ ‬بالمقابل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الزواج؟‭ ‬وماذا‭ ‬سيُقدّم‭ ‬لها‭ ‬هو‭ ‬بدوره‭ ‬كزوج؟‭ ‬فقال‭: (‬سأكون‭ ‬زوجك‭) ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يُحدد‭ ‬تفاصيل‭ ‬مهام‭ ‬الزوج‭ ‬والتي‭ ‬يجهلها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬بعض‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬الزواج‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الفراش‭ ‬وفرض‭ ‬السلطة‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬ضمن‭ ‬المفاهيم‭ ‬القاصرة‭ ‬والسائدة‭ ‬لدى‭ ‬الذين‭ ‬يتسمّر‭ ‬تفكيرهم‭ ‬عند‭ ‬مطلع‭ (‬الرجال‭ ‬قوّامون‭ ‬على‭ ‬النساء‭) ‬من‭ ‬الآية‭ ‬34‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المُضيّ‭ ‬في‭ ‬تتمّتها‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬ضوابط‭ ‬القوامة،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رفضت‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬فيه‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬ترتكن‭ ‬إليه‭.‬

أتفهم‭ ‬كثيراً‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أؤيدها‭ ‬على‭ ‬إطلاقها،‭ ‬لأن‭ ‬قناعاتي‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬رجل،‭ ‬وكل‭ ‬رجل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬امرأة،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬أحدهما‭ ‬لا‭ ‬يكمل‭ ‬دون‭ ‬الآخر،‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬طبيعتنا،‭ ‬وهكذا‭ ‬خلقنا‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬مُذ‭ ‬خُلقت‭ ‬حواء‭ ‬أنيساً‭ ‬لآدم‭ ‬الذي‭ ‬كادت‭ ‬تقتله‭ ‬الوحشة‭ ‬عندما‭ ‬خُلق‭ ‬وحيداً‭.‬

وأعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬السيدات‭ ‬من‭ ‬سيعترضن‭ ‬على‭ ‬الفقرة‭ ‬السابقة‭ ‬ويقُلن‭: (‬نحن‭ ‬لسن‭ ‬بناقصات‭ ‬حتى‭ ‬يكملنا‭ ‬أحد‭)‬،‭ ‬وأتفق‭ ‬معكن،‭ ‬فقد‭ ‬خلقكن‭ ‬الله‭ ‬كياناً‭ ‬مستقلاً‭ ‬منفصلاً،‭ ‬ومع‭ ‬تطور‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتمكين‭ ‬المرأة،‭ ‬لم‭ ‬تعُدن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬شخص‭ ‬يُنفق‭ ‬عليكن‭ ‬ويحقق‭ ‬لكنّ‭ ‬أيّا‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬الحياة‭ ‬المادية،‭ ‬ولكن‭ ‬تحتجن‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يكون‭ ‬سنداً‭ ‬وعوناً‭ ‬حقيقياً‭ ‬وقت‭ ‬الانكسار‭ ‬والوحدة،‭ ‬من‭ ‬يُغدق‭ ‬عليكن‭ ‬العاطفة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‭ ‬ولا‭ ‬مقابل،‭ ‬بجانب‭ ‬احتياجات‭ ‬فسيولوجية‭ ‬كثيرة‭ ‬قد‭ ‬يستطيع‭ ‬الأطباء‭ ‬والمختصون‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬بصورة‭ ‬أكثر‭ ‬تفصيلاً‭ ‬مني‭.‬

وأعترف‭ ‬بأنني‭ ‬أتعاطف‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬النظرة‭ ‬أحياناً‭ ‬لعلمي‭ ‬بتفاصيل‭ ‬جهل‭ ‬بعض‭ ‬الرجال‭ ‬بواجباتهم‭ ‬تجاه‭ ‬المرأة‭ ‬وتقصيرهم‭ ‬فيها،‭ ‬بل‭ ‬أحيانا‭ ‬عدم‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬أصلاً،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬تكليف‭ ‬المرأة‭ ‬بكل‭ ‬واجباتها‭ ‬وفوقها‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يحتمله‭ ‬كاهلها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إحساس‭ ‬ولا‭ ‬ضمير‭.. ‬وأتساءل‭ ‬هنا‭: ‬أين‭ ‬ذهبت‭ ‬رجولة‭ ‬البعض‭ ‬وشهامتهم؟‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المواضيع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خاصة‭ ‬كالسابق،‭ ‬وقت‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬خصوصية‭ ‬الأسرة‭ ‬والسرّية‭ ‬هي‭ ‬ديدن‭ ‬مجريات‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬لعبت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬تسريب‭ ‬أسرار‭ ‬الأسرة،‭ ‬وسرعة‭ ‬انتشارها‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬أسماء‭ ‬أبطالها،‭ ‬فالقصص‭ ‬كثيرة،‭ ‬وقد‭ ‬أسهم‭ ‬نشرها‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬وعي‭ ‬معين،‭ ‬وهذا‭ ‬الوعي‭ -‬في‭ ‬رأيي‭- ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬فكر‭ ‬المرأة‭ ‬وتمسّكها‭ ‬باستقلالها،‭ ‬وتعزز‭ ‬لديها‭ ‬فكرة‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬الرجل‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭.‬

لن‭ ‬أقول‭ ‬للنساء‭ ‬العازفات‭ ‬عن‭ ‬فكرة‭ ‬الزواج‭: (‬ظلّ‭ ‬راجل‭ ‬ولا‭ ‬ظلّ‭ ‬حيطة‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬الأكيد‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬رجل‭ ‬على‭ ‬خُلق‭ ‬ووعي‭ ‬ويكون‭ ‬مناسباً‭ ‬ومتفهماً‭ ‬ومُحبّاً‭ ‬ومتعاوناً‭ ‬سيجعل‭ ‬الحياة‭ ‬أجمل،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تجربتك‭ ‬الأولى‭ ‬غير‭ ‬موفقة،‭ ‬وحتى‭ ‬إن‭ ‬كنتٍ‭ ‬قد‭ ‬تشبّعت‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬تجارب‭ ‬المحيطين‭ ‬بك،‭ ‬فالزواج‭ ‬قسمة‭ ‬ونصيب‭ ‬والتجارب‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬الأشخاص،‭ ‬والتوفيق‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭.‬

 

Hanadi_aljowder@hotmail.com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا