تحتفلُ جمهوريَّةُ الصين الشعبية بالذكرى السنوية الـ75 لتأسيسها في 1 أكتوبر2024، وفي هذه المناسبة أود التعبير عن خالص شكري وتقديري للقادة البحرينيين والأصدقاء من جميع أنحاء الحياة الذين يهتمون بالصين ويدعمون تطوير العلاقات بين الصين والبحرين!
في 1 أكتوبر 1949، أعلن الزعيم ماو تسي تونغ رسميًّا للعالم تأسيس جمهورية الصين الشعبية على برج بوابة تيان آن من في قلب بكين. ويسهم هذا الحدث العظيم في تغيير جذري لمعاناة الصين من الفقر والضعف والتعرض المستمر للتنمر منذ العصر الحديث، إلى المسيرة المجيدة لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية.
كانت الـ75 سنة الماضية ملحمة عظيمة للشعب الصيني من جميع المجموعات الإثنية في أنحاء البلاد المتحدين في العمل الشاق. تحت القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، بذل الشعب الصيني أقصى الجهود وعمل بجد واستكشف بشجاعة واستمر في الممارسة مما نجح في فتح طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. منذ عقد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، بدأ تحديث الصين وتقدمها إلى الأمام باستمرار وحققت تطورا كبيرا في مختلف المشاريع الوطنية، وآفاق النهضة العظيمة للأمة الصينية التي أصبحت أكثر إشراقا.
كانت الـ75 سنة الماضية صورة رائعة للشعب الصيني في بذل جهود متضافرة لتحقيق الازدهار الاقتصادي والنهضة الثقافية. قد تطورت الصين من دولة فقيرة ومتأخرة إلى ثاني أقوى اقتصاد في العالم وخلق معجزة مزدوجة متمثلة في التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأمد. تم انتشال 770 مليون شخص من سكان الريف الذين يعيشون تحت خط الفقر من براثن الفقر وتحقيق أكثر من 1.4 مليار نسمة العيش الرغد الشامل، وقد تجاوز معدل مساهمة الصين في نمو الاقتصاد العالمي 30% لسنوات عديدة متتالية، الأمر الذي دفع قضية التنمية العالمية بشكل قوي. في نفس الوقت، تناسقت الحضارة المادية والحضارة الروحية وملأت الثقافة التقليدية الصينية الممتازة بالحيوية القوية، واتخاذ خطوات ثابتة في بناء دولة اشتراكية قوية ثقافيا.
كانت الـ75 سنة الماضية سينفونية جميلة للصين في تقاسم السراء والضراء والمشي جنبًا إلى جنب مع دول العالم. تنتهج الصين سياسة خارجية سلمية مستقلة، وتقترح بناء نمط جديد من العلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون المربح للجميع، ويقدم نهجا بديلا لتحقيق التحديث يختلف عن نهج الدول الغربية. تتعاون الصين مع أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم في بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، وطرحت المفهوم المهم المتمثل في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، وأيضا مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، فكان هذا المفهوم وهذه المبادرات «الحل الصيني» لأسئلة العالم، وظلت الصين تعمل على ضخ الطاقات المستقرة والإيجابية الثمينة في العالم.
في الوقت الحالي، تتكسف التغيرات في العالم والعصر والتاريخ بطريقة غير مسبوقة. تتسارع التغيرات الكبرى التي لم يسبق لها مثيل منذ قرن من الزمان، بينما تتطور بشكل معمق جولة جديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي، وشهد توازن القوى في العلاقات الدولية تعديلات بشكل عميق، ويبرز الجنوب العالمي كقوة تتمتع بزخم قوي، فإن السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك هي تطلعات الشعب والاتجاه العام. في الوقت نفسه، ما زال يشهد الوضع الدولي الحالي التغييرات والفوضى، وتتصاعد الأيديولوجية المناهضة للعولمة وترتفع الأحادية والحمائية بشكل ملحوظ، وتحدث الصراعات والاضطرابات المحلية المتكررة وتتزايد التحديات العالمية باستمرار.
لا يحجب السحاب العيون الثاقبة، مع التحلي بالصمود ورباطة الجأش في ظروف متغيرة ومتقلبة. في عالم اليوم، لن يتغير الاتجاه العام لتنمية وتقدم البشر ولن يتغير المنطق العام لتاريخ العالم المتمثل في المضي قدما وسط التعرجات والمنعطفات ولن يتغير الزخم العام للمجتمع الدولي نحو مستقبل مشترك.
في المستقبل، إن الصين ستدفع بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية للعمل معا على دفع عجلة التحديث العالمي. لا تسعى الصين إلى تحديث يخدم مصلحتها فقط، بل تستعد لبذل جهود مشتركة مع كل الدول لتحقيق التحديث العالمي المتمثل في التنمية السلمية والتعاون المتبادل والمنفعة والازدهار المشترك.
في المستقبل، ستدفع الصين بنشاط الانفتاح على الخارج على مستوى عال وتطبق الفكر التنموي الجديد وتدفع التنمية العالية الجودة وتنشئ النمط التنموي الجديد. ستعمل الصين على تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية وتسهيل تبادل الأفراد بين الصين ودول العالم والمواءمة مع القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية عالية المستوى وتوسيع شبكتها ذات التوجه العالمي من مناطق التجارة الحرة عالية المستوى.
في المستقبل، ستدفع الصين بشكل كامل تنفيذ المبادرات العالمية الثلاث على نحو عميق وعملي لتدفع المجتمع الدولي إلى العمل معا على تحقيق التنمية وتثبيت الأمن والنهوض بالحضارة بشكل مشترك. ستعمل الصين مع دول العالم معا على بناء علاقات الشراكة التنموية العالمية ودفع تمسك كل الدول بمفهوم الأمن الجديد المشترك والشامل والتعاوني والمستدام وإحياء مفهوم الحضارة المتمثل في المساواة، والاستفادة المتبادلة، والحوار والتسامح.
إن الصين والبحرين، دولتان كلتاهما تحبان السلام وتعتزان بالصداقة. فمنذ إقامة علاقات دبلوماسية قبل 35 عاما، ظل البلدان يتبادلان دعما وثقة، وشهدت العلاقات الثنائية تطورا مستقرا صحيا. في مايو الماضي، أرسل فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ رسالة التهنئة إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه بمناسبة انعقاد الدورة الـ33 لقمة جامعة الدول العربية في البحرين. وبعد ذلك، قام جلالة الملك بزيارة للصين، حيث توصل مع فخامة الرئيس الصيني إلى توافقات واسعة حول تطوير العلاقات الثنائية. أشار الرئيس شي إلى أن البحرين صديقة وشريكة جيدة للصين في منطقة الخليج. وقال جلالة الملك إن الصين دولة عظيمة وقدمت دعما كبيرا لبناء البحرين الوطني. وأعلن الزعيمان تأسيس شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين، وهي علامة فارقة جديدة في العلاقات الثنائية.
ومن ناحية أخرى، إن مفاهيم الصين التنموية و«رؤية البحرين الاقتصادية 2030» تتماشى مع بعضها البعض، حيث إن نتائج التعاون العملي تفيد البلدين والشعبين. خلال يناير إلى يوليو من هذا العام، وصل حجم التبادل التجاري 1.311 مليار دولار أمريكي، بزيادة 7.9% على أساس سنوي. وظلت الصين ثالث أكبر شريك تجاري وأكبر مصدر للواردات للبحرين. ويحب الأصدقاء البحرينيون المنتجات الصينية مثل الهاتف والسيارة والمفروشات. وتتقدم المشاريع المهمة التي تنفذها الشركات الصينية بشكل مطرد، ما يقدم شبكات الاتصالات السريعة والمستقرة، والإسكان المريح والدافئ، والإمدادات الكهربائية الآمنة والموثوقة. وتشغل طيران الخليج خطا مباشرا بين البحرين والصين، ما يقصر المسافة بين البلدين. وأجرى معهد كونفوشيوس نشاطات مختلفة للتبادل الثقافي وتدريس اللغة الصينية، ما شكل «الموجة الصينية» و«حمى الصين» في البحرين.
كتب الشاعر البحريني أحمد بن محمد بن خليفة بن حمد آل خليفة في قصيدته (أنشودة الغواص): «فقد علَّمني دهري بالجرأة والصبر، وزوّدني بقلب طامح للعمل الحر». في العصر الجديد والمسيرة الجديدة، على الصين والبحرين، باعتبارهما صديقين حميمين يعاملان بعضهما البعض بإخلاص وشريكين جيدين للتعاون والكسب المشترك، تعميق استكشاف إمكانية كامنة للتعاون في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي والتصنيع المتقدم والطاقة الخضراء والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات الناشئة وتقاسم فرص التنمية والتشارك في بناء مستقبل جميل والمشاركة في الدعوة إلى تعددية الأقطاب العالمية المتسمة بالمساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية المتسمة بالشمول والمنفعة للجميع ودفع عملية التحديث العالمي وتقديم مساهمات إيجابية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك