العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

بين اجتماعات البنك والصندوق الدوليين وقمة بريكس

بقلم: عدنان يوسف

الاثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

أتاح‭ ‬تزامن‭ ‬عقد‭ ‬الاجتماعات‭ ‬السنوية‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬مع‭ ‬انعقاد‭ ‬قمة‭ ‬بريكس‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬للمحليين‭ ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬نهجين‭ ‬هما‭ ‬أجندة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬للإصلاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬وأجندة‭ ‬القوى‭ ‬الصاعدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لهذا‭ ‬الإصلاح‭.‬

يتفق‭ ‬كلا‭ ‬النهجين‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬النظام‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬منظورين‭ ‬مختلفين‭. ‬فقد‭ ‬حددت‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬أجندة‭ ‬الإصلاح‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭. ‬المحور‭ ‬الأول،‭ ‬وهو‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية،‭ ‬حيث‭ ‬شرعت‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬تخفيض‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬الأساسية‭. ‬والمحور‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭. ‬فبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬انتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬مالية‭ ‬تيسيرية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البلدان،‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتثبيت‭ ‬ديناميكيات‭ ‬الدين‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬هوامش‭ ‬الأمان‭ ‬المالي‭ ‬التي‭ ‬تشتد‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها‭. ‬والمحور‭ ‬الثالث‭ ‬هو‭ ‬الإصلاحات‭ ‬المعززة‭ ‬للنمو‭. ‬فلا‭ ‬يزال‭ ‬يتعين‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬لتحسين‭ ‬آفاق‭ ‬النمو‭ ‬وزيادة‭ ‬الإنتاجية‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬دعت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬والبنك‭ ‬الدولي‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬مختلف،‭ ‬ركزت‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬مراعاة‭ ‬مصالح‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬ورفض‭ ‬تهديدها‭ ‬بالعقوبات‭ ‬وإخضاعها‭ ‬لآليات‭ ‬تحويل‭ ‬الأموال،‭ ‬مشددة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬إن‭ ‬الأولوية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬اتخاذ‭  ‬تدابير‭ ‬تدعم‭ ‬إصلاح‭ ‬منظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬لتخفيف‭ ‬القيود‭ ‬على‭ ‬صادراتها‭ ‬وبناء‭ ‬نظام‭ ‬تجاري‭ ‬عادل،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تطورها‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬تطويرها‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬مثل‭ ‬نظام‭ ‬تحويل‭ ‬الأموال‭ ‬ونظام‭ ‬المدفوعات‭ ‬بالعملات‭ ‬المحلية‭ ‬وإيجاد‭ ‬عملة‭ ‬واحدة‭ ‬وإنشاء‭ ‬بنك‭ ‬للتنمية‭ ‬تمثل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭ ‬بدائل‭ ‬أخرى‭ ‬للنمو‭.‬

هذه‭ ‬البدائل‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬ويتم‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬تعكس‭ ‬تزايد‭ ‬نفوذ‭ ‬‮«‬بريكس‮»‬‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية،‭ ‬حيث‭ ‬تشكل‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬العشر‭ ‬29%‭ ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬و45%‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ«مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬السبع‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬44%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭. ‬وهناك‭ ‬نحو‭ ‬30‭ ‬دولة‭ ‬تنتظر‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المجموعة‭.‬

ووفقاً‭ ‬لأحدث‭ ‬توقعات‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يعتمد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس‭ ‬لدفع‭ ‬النمو‭ ‬العالمي،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬نظيراتها‭ ‬الغربية‭ ‬الأكثر‭ ‬ثراءً‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬بريكس‭ ‬من‭ ‬خلافات‭ ‬سياسية‭ ‬ومصالح‭ ‬خاصة،‭ ‬لذلك،‭ ‬تحاول‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬المشترك‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭.‬

حسنا‭ ‬فعلت‭ ‬البحرين‭ ‬ومعظم‭ ‬دول‭ ‬التعاون‭ ‬بطلب‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يوفر‭ ‬لها‭ ‬بدائل‭ ‬للتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاستثماري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬توجهاتها‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬اقتصادات‭ ‬أكثر‭ ‬تنوعا‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭ ‬أو‭ ‬الأسواق‭.‬

وقد‭ ‬لخص‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البحريني‭ ‬الدكتور‭ ‬عبداللطيف‭ ‬الزياني‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬حينما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققتها‭ ‬بريكس‭ ‬وتقدير‭ ‬المملكة‭ ‬للرؤية‭ ‬والأهداف‭ ‬التي‭ ‬تجسدها‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الالتزام‭ ‬بتعزيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وتكريس‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬هو‭ ‬هدف‭ ‬جدير‭ ‬بالثناء‭ ‬ويلقى‭ ‬اهتمام‭ ‬الجميع‭.‬

ونخلص‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحديث،‭ ‬فنحن‭ ‬لسنا‭ ‬غافلين‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لها‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعات‭ ‬الصندوق‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين،‭ ‬وكذلك‭ ‬الدول‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬بريكس‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬والهند‭ ‬لها‭ ‬أيضا‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬تحقيقها‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬يجعلها‭ ‬تتنافس‭ ‬لاستقطاب‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة‭ ‬والصاعدة‭ ‬لخلق‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬الطرفان‭. ‬وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬للاستفادة‭ ‬منه‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بطريقة‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬استقلاليتها‭ ‬وتحقق‭ ‬قدرا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬مصالحها‭ ‬هي‭ ‬أيضا‭.‬

رئيس‭ ‬اتحاد‭ ‬المصارف‭ ‬العربية‭ ‬سابقا

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا