العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

سحابة رأي: توظيف التكنولوجيا لتسريع بلوغ أهداف التنمية المستدامة

بقلم: إسراء القصاب.

الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ - 02:00

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬التكنولوجيا؛‭ ‬بات‭ ‬اليوم‭ ‬يلعب‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬وهو‭ ‬الورقة‭ ‬الرابحة‭ ‬التي‭ ‬تراهن‭ ‬عليها‭ ‬الأمم‭ ‬لدفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬عملية‭ ‬التطور‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬إليها‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبما‭ ‬يتواءم‭ ‬مع‭ ‬احتياجاته،‭ ‬وغاياته،‭ ‬ورغباته،‭ ‬سواء‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬أو‭ ‬اجتماعيًا،‭ ‬أو‭ ‬صحيًا‭... ‬إلخ‭.‬

وبالحديث‭ ‬عن‭ ‬التنمية‭ ‬بمفهومها‭ ‬العريض،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬عن‭ ‬الدعوة‭ ‬العالمية،‭ ‬التي‭ ‬وجهتها‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬وذلك‭ ‬لتحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬عالمية‭ ‬شاملة،‭ ‬اختزلتها‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬هدفًا،‭ ‬حيث‭ ‬تبنتها‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬وجدت‭ ‬طريقها‭ ‬للنفاذ‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030م،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬الـ‭ ‬15‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬الدعوة،‭ ‬وبعد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭ ‬5‭ ‬أعوام‭ ‬من‭ ‬الآن‭!‬

وعند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الصورة‭ ‬بمنظورها‭ ‬الواسع،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬التغيرات‭ ‬السياسية،‭ ‬والعسكرية،‭ ‬والبيئية،‭ ‬والمناخية،‭ ‬وغيرها،‭ ‬كتحديات‭ ‬مرت‭ ‬ومازالت‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بما‭ ‬تخلفه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬اجتماعية،‭ ‬واقتصادية،‭ ‬وصحية،‭ ‬وبيئية‭... ‬إلخ،‭ ‬نلحظ‭ ‬أنه‭ ‬مازال‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬تقطع‭ ‬أشواطاً‭ ‬طويلة،‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬بحلول‭ ‬الزمن‭ ‬المقرر،‭ ‬لاسيما‭ ‬بوجود‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬حدت‭ ‬من‭ ‬تحقيقها،‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬اتُخذت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬سابقًا‭.‬

وبالنظر‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفترة‭ ‬المتبقية‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف،‭ ‬والتي‭ ‬تقدر‭ ‬بـ‭ ‬5‭ ‬أعوام،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬نصف‭ ‬الفترة‭ ‬المنقضية،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نعوّل‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬لردم‭ ‬الفجوة‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬الأمم،‭ ‬حتى‭ ‬نضمن‭ ‬اللحاق‭ ‬بسباق‭ ‬الوقت،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توظيف‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬يتسق‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭.‬

حيث‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬استدامة‭ ‬التنمية‭ ‬الصحية،‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحليل‭ ‬البيانات‭ ‬الموسع،‭ ‬تسريع‭ ‬تشخيص‭ ‬الأمراض‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سرعة‭ ‬تطوير‭ ‬العلاج،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستشارات‭ ‬الطبية‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬تعزيز‭ ‬وصول‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الأولية‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع‭ ‬إلى‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إمكانية‭ ‬توفير‭ ‬مستشفيات‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬بكادر‭ ‬تشغيلي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الروبوتات‭ ‬بالمقام‭ ‬الأول،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬شاهدناه‭ ‬بالصين‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬إذ‭ ‬أطلقت‭ ‬أول‭ ‬مستشفى‭ ‬يعمل‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬يتضمن‭ ‬14‭ ‬طبيب‭ ‬روبوت‭. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬نسقط‭ ‬الضوء‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الصحي،‭ ‬والذي‭ ‬يحقق‭ ‬أيضًا‭ ‬هدف‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬النفايات‭ ‬الطبية،‭ ‬وتطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬إعادة‭ ‬التدوير‭. ‬وبالولوج‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬استدامة‭ ‬التنمية‭ ‬البيئية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬التقنيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة،‭ ‬حيث‭ ‬تشهد‭ ‬تقنيات‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬والرياح،‭ ‬تطورًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مجال‭ ‬إدارة‭ ‬النفايات،‭ ‬وتقليل‭ ‬الانبعاث‭ ‬الكربوني‭.‬

أما‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الرامي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬رقعة‭ ‬المساحة‭ ‬الزراعية،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬تنمية‭ ‬بيئية،‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬التصحر،‭ ‬وتضمن‭ ‬استدامة‭ ‬غذائية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬نوع‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي،‭ ‬باستخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬دقيقة،‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬المياه،‭ ‬والأسمدة،‭ ‬والفصائل‭ ‬الزراعية‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬كالطائرات‭ ‬المسيرة‭ (‬الدرونز‭) ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬المحاصيل،‭ ‬ما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬الجهد،‭ ‬ويقتصر‭ ‬الوقت،‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬المشكلات‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يحقق‭ ‬حلها‭ ‬بطريقة‭ ‬أسرع‭ ‬أيضًا‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬استدامة‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬هدف‭ (‬التعليم‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬كان‭ ‬جليًا‭ ‬خلال‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬شهدها‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬والتي‭ ‬أثرت‭ ‬بشكل‭ ‬ايجابي‭ ‬في‭ ‬استمرارية‭ ‬تطوير‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬التعليم‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬محتوى‭ ‬تعليمي‭ ‬بجودة‭ ‬عالية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إدماج‭ ‬الأدوات‭ ‬التعليمية‭ ‬الرقمية‭ ‬والتطبيقات‭ ‬التفاعلية،‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬فرصا‭ ‬تعليمية‭ ‬تحقق‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وخير‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬الأهمية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬توليها‭ ‬الأمم‭ ‬لتكنولوجيا‭ ‬التعليم،‭ ‬هو‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬سعادة‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬بالمملكة‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬يوم‭ ‬دراسي‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬بتاريخ‭ ‬26‭ ‬نوفمبر‭ ‬الجاري،‭ ‬لكل‭ ‬المدارس‭ ‬الحكومية،‭ ‬وذلك‭ ‬بغية‭ ‬قياس‭ ‬وتقييم‭ ‬نظام‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬الذي‭ ‬عكفت‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تطويره‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭. ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬اليوم،‭ ‬تعد‭ ‬مولدا‭ ‬لرفد‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية،‭ ‬ولتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬تحقيق‭ ‬التطلعات‭ ‬البشرية‭ ‬المنشودة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬ناجعة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الحياتية،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬جودة‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ويعزز‭ ‬الاستدامة‭ ‬الفاعلة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات،‭ ‬الذي‭ ‬يمكنها‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الابتكارات‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬وتوظيفها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تعاون‭ ‬عالمي‭ ‬وسعي‭ ‬مجتمعي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاهتمام‭ ‬والاستثمار‭ ‬المستمر‭ ‬بقطاع‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬وإدماج‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفقيرة‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬والنماء،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭ ‬وسرعة‭ ‬وأقل‭ ‬جهدًا؛‭ ‬رغم‭ ‬تحديات‭ ‬التكلفة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحد‭ ‬منها‭ ‬سرعة‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬التطور‭ ‬المنشود‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأقل‭ ‬حظًا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا