العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

في مستشفى في دمشق عائلات تبحث عن أبنائها بين الجثث بعد سقوط الأسد

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

دمشق‭ -(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬في‭ ‬رواق‭ ‬مستشفى‭ ‬المجتهد‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬امتزجت‭ ‬الثلاثاء‭ ‬أصوات‭ ‬البكاء‭ ‬مع‭ ‬صرخات‭ ‬أمهات‭ ‬‮«‬أين‭ ‬أولادنا؟‮»‬،‭ ‬بعدما‭ ‬توافد‭ ‬عشرات‭ ‬السوريين‭ ‬للتعرّف‭ ‬إلى‭ ‬جثث‭ ‬معتقلين‭ ‬نُقلت‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬وتحمل‭ ‬آثار‭ ‬تعذيب‭ ‬وكدمات‭. ‬تسند‭ ‬نساء‭ ‬أنفسهن‭ ‬على‭ ‬الجدران،‭ ‬ويخرج‭ ‬رجال‭ ‬ومعالم‭ ‬الصدمة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬وجوههم‭ ‬بعد‭ ‬معاينتهم‭ ‬صور‭ ‬نحو‭ ‬35‭ ‬جثة‭ ‬كانت‭ ‬فصائل‭ ‬معارضة‭ ‬عثرت‭ ‬عليها‭ ‬ليل‭ ‬الإثنين‭ ‬داخل‭ ‬مستشفى‭ ‬حرستا‭ ‬قرب‭ ‬دمشق‭. ‬في‭ ‬الباحة‭ ‬الخارجية‭ ‬للمستشفى،‭ ‬تقف‭ ‬طبيبة‭ ‬تحمل‭ ‬دفترا‭ ‬وقلما،‭ ‬وتتوجّه‭ ‬إلى‭ ‬الموجودين‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭ ‬‮«‬من‭ ‬تعرّف‭ ‬على‭ ‬الجثة‭ ‬رقم‭ ‬تسعة؟‮»‬‭. ‬

بالقرب‭ ‬منها،‭ ‬افترشت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأهالي‭ ‬الأرض،‭ ‬يعاينون‭ ‬صور‭ ‬الجثث‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬هواتفهم‭. ‬من‭ ‬يتعرّف‭ ‬على‭ ‬جثة‭ ‬في‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬أرقاما،‭ ‬يبلّغ‭ ‬طاقم‭ ‬المستشفى‭ ‬الذي‭ ‬يخرج‭ ‬الجثة‭ ‬من‭ ‬البرّاد،‭ ‬ويسمح‭ ‬للشخص‭ ‬بالدخول‭ ‬لمعاينتها‭ ‬والتأكد‭ ‬مما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬عائدة‭ ‬لقريبه‭ ‬أو‭ ‬لا‭. ‬تخرج‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬المشرحة‭ ‬ويدها‭ ‬ملطّخة‭ ‬بالدماء‭. ‬وتصيح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرّة‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يزال‭ ‬دمهم‭ ‬جاريا‮»‬‭.  ‬

لا‭ ‬تتمالك‭ ‬أخرى‭ ‬نفسها‭ ‬وتنفجّر‭ ‬باكية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعرّفت‭ ‬على‭ ‬ابنها‭. ‬لا‭ ‬تقوى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬اعتقاله‭ ‬أو‭ ‬عمره‭. ‬قربها‭ ‬تقف‭ ‬أمهات‭ ‬يائسات‭ ‬لم‭ ‬يجدن‭ ‬أبناءهن‭. ‬على‭ ‬باب‭ ‬براد‭ ‬مستشفى‭ ‬المجتهد،‭ ‬وقفت‭ ‬ياسمين‭ ‬شبيب‭ (‬37‭ ‬عاما‭) ‬دامعة‭ ‬العينين،‭ ‬بعدما‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬شقيقها‭ ‬ووالدها‭ ‬اللذين‭ ‬اعتقلا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬الجثث‭. ‬وتصيح‭ ‬السيدة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬إدلب‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬البلاد‭: ‬‮«‬افتحوا‭ ‬لنا‭ ‬أقبية‭ ‬السجون‭ ‬ونحن‭ ‬نبحث‭ ‬عنهم‭... ‬نبحث‭ ‬عنهم‭ ‬بين‭ ‬الجثث‮»‬‭. ‬

وتضيف‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬وهي‭ ‬تبكي‭: ‬‮«‬وضعوا‭ ‬الناس‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬صيدنايا‭ ‬فحسب،‭ ‬سوريا‭ ‬كلها‭ ‬يوجد‭ ‬تحتها‭ ‬صيدنايا‮»‬،‭ ‬السجن‭ ‬السيء‭ ‬الصيت‭ ‬الذي‭ ‬شهد،‭ ‬وفق‭ ‬معتقلين‭ ‬سابقين‭ ‬ومنظمات‭ ‬حقوقية،‭ ‬أسوأ‭ ‬أنواع‭ ‬التعذيب‭ ‬والانتهاكات‭ ‬للكرامة‭ ‬الإنسانية‭.  ‬ملأ‭ ‬العشرات‭ ‬باحة‭ ‬مستشفى‭ ‬المجتهد‭ ‬الخارجية‭ ‬وأروقته،‭ ‬يسألون‭ ‬كلّ‭ ‬موظف‭ ‬أو‭ ‬طبيب‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬الجثث،‭ ‬بقلق‭ ‬وخوف،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬رغبة‭ ‬بالتخلّص‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬حول‭ ‬مصير‭ ‬أحباء‭ ‬اعتقلوا‭ ‬وانقطعت‭ ‬أخبارهم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭.   ‬

فور‭ ‬سماعه‭ ‬بإعلان‭ ‬الفصائل‭ ‬المعارضة‭ ‬إسقاط‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬وفراره‭ ‬من‭ ‬سوريا،‭ ‬انتقل‭ ‬نبيل‭ ‬حريري‭ (‬39‭ ‬عاما‭) ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬من‭ ‬درعا‭ (‬جنوب‭) ‬إلى‭ ‬دمشق،‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬شقيقه‭ ‬المعتقل‭ ‬منذ‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭. ‬ويقول‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭: ‬‮«‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬صيدنايا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول،‭ ‬لم‭ ‬أجده‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬أخاه‭ ‬الذي‭ ‬اعتقل‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬13‭ ‬عاما،‭ ‬بين‭ ‬الجثث‭ ‬في‭ ‬المجتهد‭. ‬ويشرح‭ ‬بتأثر‭ ‬بالغ‭: ‬‮«‬كان‭ ‬أخي‭ ‬طفلا،‭ ‬وأكثر‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬رأيتها‭ ‬لأشخاص‭ ‬أكبر‭ ‬سنّا‮»‬‭.  ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا