6 تحديات رئيسة تواجه الاستفادة منه في الوطن العربي
البروفيسور الملا: استفيدوا من تطبيقات الذكاء الاصطناعي الرياضية
دعا أ. د فيصل حميد الملا أستاذ الرياضة والنشاط البدني المنظومةَ الرياضيَّةَ في المملكة إلى الاهتمامِ بالذكاءِ الاصطناعي وتوفير البنى التحتية والكوادر الوطنية للاستفادة من تطبيقاتها في عالم الرياضة. وقال البروفيسور في قسم التربية الرياضية بجامعة البحرين في لقاء مع ملحق أخبار الخليج الرياضي: «إن البحرين وظفت أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي باستخدام سترة تحليل البيانات CATAPULT في الموسم الرياضي 2022 / 2023 لدوري ناصر بن حمد الممتاز بتوجيه من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة.«
البروفيسور تناول تفاصيل كثيرة عن الذكاء الاصطناعي في عالم الرياضة في الأسطر التالية:
*ما الذكاء الاصطناعي؟
-الذكاء الاصطناعي بشكل مبسط هو جعل الآلة تفكر كما يفكر الإنسان. ويعد آلان تورنغ هو أول من وظّف الآلة وجعلها «تفكر» فقد طلبت منه المخابرات البريطانية في الحرب العالمية الثانية حل شفرة تصنعها آلةٌ يستخدمها الجيشُ الألماني للتراسل بين وحداته.
توصل إلى فكرة أن هذه الشفرةَ لا يمكن حلها إلا عن طريق آلة مماثلة وبنى آلة استطاعت فك الشفرة.
تلاحقت التطوراتُ في عالم التقنيات فظهر الحاسوب وتطور، وأخذ يدخل في عديد من المجالات بشكل مبكر ومنها الرياضة. ففي عام 1956، أصبحMANIAC ، أول جهاز حاسوب يهزم إنسانًا في لعبة تشبه لعبة الشطرنج.
واستمر التطورُ في هذا المجال فقامت شركة IBM بصنع حاسوب وسمته «ديب بلو» بإدخال بيانات وحركات الشطرنج التي ينفذها اللاعبون في ذاكرة الحاسوب. فأقيمت مباراة في الشطرنج بين الحاسوب وبين غاري كاسباروف بطل العالم في الشطرنج في عام 1996م واستطاع الحاسوبُ الفوزَ في مباراة من ضمن 6 مباريات، وسجل أول فوز للآلة على الإنسان.
*ما تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الرياضي؟
- قبل الحديث عن التطبيقات أود الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي انطلق بعد توافر بنية قوية قائمة على ثلاث ركائز وهي توافر بيانات ضخمة، وبرامج حاسوب حديثة، ورخص وتوافر الأجهزة الرقمية.
وللذكاء الاصطناعي ثلاثة مستويات، الأول ويطلق عليه Nereo الذكاء الاصطناعي المحدود، والذكاء الاصطناعي العام وهو السائد الآن، والذكاء الاصطناعي الخارق الذي لم نصل إليه بعد ويتخوف الكثير منه لأنه بحسب تصوراتهم سيجعل الذكاء الاصطناعي يسيطر على الإنسان.
*ما الذي رفع شأن الذكاء الاصطناعي في عالم الرياضة؟
-أستطيع القول إن الذكاء الاصطناعي دخل إلى عالم الرياضة بشكل واسع من خلال لعبة البيسبول. ففي الدوري الأمريكي قام المدير العام بيلي بين لفريق أوكلاند أثلاتكس ببناء فريق معتمد على برامج تحليل البيانات التي أعطته تشكيلة مثالية للفريق، وكان هذا إجراء جديد وغير مسبوق في عالم البيسبول والرياضة. واستطاع الفريق الفوز بالدوري الأمريكي عام 2002م بعد أن كان فريقًا متواضعًا.
هذه التجربة كانت إشارة قوية لإمكانيات الذكاء الاصطناعي في المجال الرياضي.
والنقلة الكبيرة حدثت في 2010م حينما ظهر مصطلح الذكاء الاصطناعي وتوافرت الكثير من البيانات التي تفوق قدرة العقل البشري على تخزينها.
*بالعودة إلى التطبيقات ما التطبيقات المستخدمة في الرياضة؟
- بالنسبة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الرياضة يمكن تصنيفها إلى 10 تطبيقات، وأستعرض للقارئ خمسًا منها بشكل موجز، وهي:
1 - تحليل الأداء الرياضي: تقدم هذه الأدوات بيانات دقيقة في تحليل قدرات اللاعبين ومنها على سبيل المثال لا الحصر CATAPULT وهي سترة يرتديها اللاعب ترصد أداءه من سرعته وقوة التسديد، وغيرها من البيانات.
2 - التنبؤ: تستطيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي التنبؤ بحركة اللاعبين داخل الملعب، ومدى ذروة نشاطهم في المباريات، ويمكن للأجهزة التنبؤ فيما إذا كانت تسديدة اللاعب ستكون هدفًا أو خارج المرمى.
3 - الوقاية من الإصابات: تسهم التطبيقات الذكية في تصميم ألبسة رياضية تضمن سلامة اللاعبين، ومنها على سبيل المثال تصميم خوذ الرأس بشكل يضمن امتصاص الصدمات لحماية الرأس. كما أن قدرة التنبؤ التي أشرت لها سابقًا تكشف عن احتمالية تعرض اللاعب للإصابة في وقت معين وتقترح على المدرب تبديله قبل حصول الإصابة.
4 - التغذية: أصبحت الأندية الكبرى تضع برامج تغذية خاصة للاعبيها بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، فلاعب كمحمد صلاح ليس حرًا فيما يأكل، بل هناك نظام غذائي خاص وضعه النادي يلتزم به.
5 - التفاعل مع الجمهور: تسهم هذه التطبيقات في تعزيز الانتماء لدى الجمهور للفريق واللاعب الذي يشجعه، كما ترفع من تفاعله مع الموقف الرياضي.
وهناك تطبيقات للذكاء الاصطناعي في الإعلام الرياضي.
*هل استخدمت مؤسسات وأندية رياضية في البحرين هذه التطبيقات؟
نعم، بعض المؤسسات الرياضية في المملكة تستخدم المستوى الأول من الذكاء الاصطناعي، وبعض هذه الاستخدامات إلزامية للإيفاء بمتطلبات الاتحادات الدولية.
وفي الموسم الرياضي 2022 / 2023 لدوري ناصر بن حمد الممتاز حدثت طفرة في هذا السياق، فقد وجه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة لاستخدام سترة تحليل البيانات CATAPULTمن أجل تطوير الأداء وتأهيل المنتخب للوصول إلى مونديال 2026.
*في الوقت الراهن تسمح قوانين اتحاد الكرة العالمي فيفا بارتداء السترة في التدريبات فقط، ولا تسمح بارتدائها في المباريات لأن فيها جسما صلبا وهذا ما تمنعه قوانين الاتحاد العالمي.
هل الأندية في البحرين قادرة على الاستفادة من هذه التطبيقات؟
- قبل الإجابة على هذا السؤال أود الإشارة إلى دراسة أجريتها على تطبيق الذكاء الاصطناعي الرياضي في الوطن العربي. وخلصت الدراسة إلى وجود 6 تحديات رئيسية، وهي:
1 - توافر البنية التحتية من المعلومات والبيانات، إلى تقنيات الاتصال، وتوافر أجهزة الحاسوب.
2 - التحديات البشرية من قبيل عدم توافر أفراد متخصصين في هذا المجال.
3 - تأهيل المؤسسات الرياضية والأشخاص للمتطلبات الخاصة بهذا الحقل الجديد.
4 - التشريعات المنظمة.
5 - نشر الثقافة بهذا العنصر الجديد وتطبيقاته الرياضية.
6 - عدم وجود استراتيجية للذكاء الاصطناعي في المجال الرياضي.
هذه التحديات تنطبق على المؤسسات الرياضية في البحرين.
وأشدد هنا على أن الذكاء الاصطناعي في المجال الرياضي هو جزء من منظومة متكاملة تتحقق الاستفادة منه بتكامل أركان المنظومة.
*ما المخاطر التي قد يولدها استخدام هذه التطبيقات؟
- هناك جملة من المخاطر أبرزها انتهاك الخصوصية فيمكن الوصول إلى بيانات اللاعبين والأندية بسهولة، وهذه مشكلة كبيرة وتحتاج إلى تشريعات منظمة. هذا على سبيل المثال.
*كيف ترى مستقبل هذه التطبيقات في البحرين؟
-هناك عناصر مبشرة منها وجود برنامج دراسي في مجال الذكاء الاصطناعي مؤخرا طرحت جامعة البحرين برنامج فيه بدرجة الماجستير، وهذا يعني توفير كوادر متخصصة في هذا المجال.
إضافة إلى ذلك خصصت الهيئة العامة للرياضة في مؤتمرها لعام 2024م محورًا خاصًا للذكاء الاصطناعي الرياضي وهي خطوة في مجال التثقيف بهذا المجال.
*كيف ترى مستقبل الرياضة في تطور الذكاء الاصطناعي؟
- ستحدث تطورات كبيرة، وتشير التوقعات إلى أنه يمكن الاستغناء عن بعض الوظائف الرياضية وإيكالها للذكاء الاصطناعي فلا تستغرب إذا وجدت أن الأندية استغنت عن المدربين لفرق كرة القدم.
*هل سيسبب هذا بطالة لبعض العاملين في مجال الرياضة؟
- لا أعتقد ذلك، بل سيفتح الباب لموظفين جدد بوظائف جديدة، كما أود التنويه أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أخذ مكان الإنسان لسببين الأول أنه أداة بيد الإنسان يستخدمها ويتحكم بها للاستفادة منها.
والسبب الثاني أن هناك وظائف لا مكان للذكاء الاصطناعي فيها مثل تحكيم المباريات الذي يعتمد على التواصل البشري. وللآن لم يصل الذكاء الاصطناعي إلى ما يطلق عليه الذكاء العاطفي الذي يستطيع تقدير الانفعالات البشرية داخل الملعب.
*هل من كلمة أخيرة؟
- الرياضة اليوم أصبحت صناعة ولم تعد كما كانت قبل عقود وأدعو المنظومة الرياضية في المملكة إلى التوجه والاهتمام بالذكاء الاصطناعي في جميع أركانها من مؤسسات رياضية واتحادات وأندية.
وتوفير البنى التحتية والكوادر الوطنية للاستفادة من التطورات الكبيرة في عالم الرياضة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك