العدد : ١٧٠٧٧ - الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٧ - الثلاثاء ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

فلسطينيون يستذكرون التعذيب في سجون الأسد على أنقاض مخيم اليرموك

الاثنين ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

اليرموك‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬توقّفت‭ ‬الدروس‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬اليرموك،‭ ‬أكبر‭ ‬مخيم‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬أكتوبر‭ ‬2012،‭ ‬وفقا‭ ‬للتاريخ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مكتوبا‭ ‬على‭ ‬اللوح‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭. ‬واليوم،‭ ‬بدأ‭ ‬سكانه‭ ‬يعودون‭ ‬بعد‭ ‬إطاحة‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭. ‬على‭ ‬اللوح،‭ ‬كتب‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬ألعب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‮»‬‭ ‬و«إنها‭ ‬تأكل‭ ‬تفاحة‮»‬‭ ‬و«الأولاد‭ ‬يطيّرون‭ ‬طائرة‭ ‬ورق‮»‬‭.‬

بين‭ ‬أنقاض‭ ‬المخيّم،‭ ‬يتعثر‭ ‬محمود‭ ‬خالد‭ ‬عجاج،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬التعذيب‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬أطلق‭ ‬سراحه‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬عندما‭ ‬أطاحت‭ ‬فصائل‭ ‬مسلّحة‭ ‬بقيادة‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬الأسد‭. ‬يقول‭ ‬الشاب‭ (‬30‭ ‬عاما‭) ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬منذ‭ ‬خروجي‭ (‬من‭ ‬السجن‭) ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬لا‭ ‬أنام‭ ‬سوى‭ ‬ساعة‭ ‬إلى‭ ‬ساعتين‮»‬‭. ‬وفرّ‭ ‬آلاف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬مخيم‭ ‬اليرموك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬المعارك‭ ‬إليه‭ ‬إثر‭ ‬سيطرة‭ ‬فصائل‭ ‬معارضة‭ ‬عليه‭ ‬ثمّ‭ ‬حصاره‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭.‬

وفقا‭ ‬لوكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإغاثة‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭(‬الأونروا‭)‬،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المخيم‭ ‬موطنا‭ ‬لـ‭ ‬160‭ ‬ألف‭ ‬لاجئ‭ ‬مسجل‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬وأدت‭ ‬عمليات‭ ‬التمرد‭ ‬والقصف‭ ‬الجوي‭ ‬والحصار‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولم‭ ‬يبق‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬سوى‭ ‬8160‭ ‬شخصا‭ ‬متمسكين‭ ‬بالحياة‭ ‬وسط‭ ‬الأنقاض‭. ‬مع‭ ‬سقوط‭ ‬الأسد،‭ ‬قد‭ ‬يعود‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لإعادة‭ ‬فتح‭ ‬المدارس‭ ‬والمساجد‭ ‬المتضررة،‭ ‬لكنّ‭ ‬كثرا‭ ‬مثل‭ ‬عجاج‭ ‬سيروون‭ ‬قصصا‭ ‬مروعة‭ ‬عن‭ ‬الاضطهاد‭ ‬الذي‭ ‬تعرّضوا‭ ‬له‭ ‬خلال‭ ‬حكم‭ ‬الأسد‭.‬

أمضى‭ ‬هذا‭ ‬المقاتل‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭ ‬الحر‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬عهدة‭ ‬الحكومة،‭ ‬معظمها‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬صيدنايا،‭ ‬ولم‭ ‬يُفرج‭ ‬عنه‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬انتهى‭ ‬حكم‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭. ‬ما‭ ‬زال‭ ‬وجه‭ ‬عجاج‭ ‬أكثر‭ ‬شحوبا‭ ‬من‭ ‬وجوه‭ ‬جيرانه‭ ‬الذين‭ ‬يجلسون‭ ‬خارج‭ ‬المنازل‭ ‬المدمرة،‭ ‬ويمشي‭ ‬الشاب‭ ‬بصعوبة‭ ‬باستخدام‭ ‬دعامة‭ ‬ظهر‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الضرب‭. ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات،‭ ‬حقنه‭ ‬طبيب‭ ‬السجن‭ ‬في‭ ‬عموده‭ ‬الفقري‭ ‬فأصابه‭ ‬بالشلل‭ ‬الجزئي،‭ ‬وهو‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬متعمدا،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يطارده‭ ‬حقا‭ ‬هو‭ ‬الشعور‭ ‬بالجوع‭ ‬في‭ ‬زنزانته‭ ‬المزدحمة‭. ‬

ويوضح‭ ‬‮«‬أضع‭ ‬الطعام‭ ‬بجانبي‭. ‬الخبز‭ ‬والفاكهة‭. ‬يعرف‭ ‬جيراننا‭ ‬وأقاربنا‭ ‬أني‭ ‬كنت‭ ‬محروما‭ ‬فيحضرون‭ ‬لي‭ ‬الطعام‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬لا‭ ‬أنام‭ ‬سوى‭ ‬والأكل‭ ‬بجانبي‭. ‬خاصة‭ ‬الخبز‮»‬‭. ‬ويروي‭ ‬كيف‭ ‬طلب‭ ‬قبلها‭ ‬بيوم‭ ‬من‭ ‬والديه‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الخبز‭ ‬اليابس‭ ‬الذي‭ ‬يقدمانه‭ ‬للطيور‭ ‬من‭ ‬أجله‭. ‬وفيما‭ ‬كان‭ ‬عجاج‭ ‬يتحدث‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس،‭ ‬توقفت‭ ‬امرأتان‭ ‬فلسطينيتان‭ ‬عابرتان‭ ‬لسؤاله‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬أي‭ ‬أخبار‭ ‬عن‭ ‬أقارب‭ ‬مفقودين‭ ‬منذ‭ ‬فرار‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬المخلوع‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭.‬

ووثّقت‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬35‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬اختفاء‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬الأسد‭. ‬كانت‭ ‬محنة‭ ‬عجاج‭ ‬قاسية،‭ ‬لكن‭ ‬مجتمع‭ ‬اليرموك‭ ‬بكامله‭ ‬عانى‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬المواجهة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الأسد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء،‭ ‬حيث‭ ‬انخرط‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬على‭ ‬الجانبين‭. ‬وأدت‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬المقبرة،‭ ‬واليوم،‭ ‬تكافح‭ ‬عائلات‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬قبور‭ ‬أحبائها‭ ‬وسط‭ ‬الدمار‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬تحاول‭ ‬الجرافات‭ ‬إزالة‭ ‬الأنقاض‭ ‬ويحاول‭ ‬البعض‭ ‬جمع‭ ‬الحطام‭ ‬القابل‭ ‬لإعادة‭ ‬الاستخدام‭. ‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬يروي‭ ‬هيثم‭ ‬حسن‭ ‬الندا‭ (‬28‭ ‬عاما‭) ‬الذي‭ ‬التحق‭ ‬بالجيش‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إنه‭ ‬انشق‭ ‬عن‭ ‬الجيش‭ ‬لأنه،‭ ‬كفلسطيني،‭ ‬شعر‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬دخل‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬السوري‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأيام،‭ ‬قبض‭ ‬عليه‭ ‬وأطلقت‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭ ‬النار‭ ‬عليه‭ ‬مرات‭ ‬عدة،‭ ‬وتركته‭ ‬ليموت‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬الطريق‭. ‬ودعا‭ ‬هيثم‭ ‬صحفي‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إلى‭ ‬لمس‭ ‬العلامات‭ ‬التي‭ ‬خلفتها‭ ‬الرصاصات‭ ‬على‭ ‬جمجمته‭ ‬ويديه‭. ‬ويروي‭ ‬قائلا‭ ‬‮«‬اتصلوا‭ ‬بوالدتي‭ (...) ‬قالوا‭ ‬لها‭: ‬هنا‭ ‬جثة‭ ‬هذا‭ ‬الكلب‭ ‬المنشق‮»‬‭. ‬وبعدما‭ ‬أصيب‭ ‬بجروح‭ ‬خطرة،‭ ‬نقلته‭ ‬والدته‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭. ‬وعندما‭ ‬أطلق‭ ‬سراحه‭ ‬أخيرا،‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬اليرموك‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬والده،‭ ‬وهو‭ ‬تاجر‭ ‬محلي،‭ ‬بإعالة‭ ‬زوجته‭ ‬وطفليه‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا