العدد : ١٧٠٩١ - الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٩١ - الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ رجب ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

حكومة الأمر الواقع في سوريا... ما بين اكتساب الشرعية ومواجهة تحديات الداخل والخارج

الأحد ٠٥ يناير ٢٠٢٥ - 02:00

القاهرة‭ - (‬د‭ ‬ب‭ ‬أ‭): ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬يزداد‭ ‬الحراك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬سوريا‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الرئيس‭ ‬بشار‭ ‬الأسد،‭ ‬مع‭ ‬تقاطر‭ ‬الوفود‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬على‭ ‬دمشق‭ ‬للقاء‭ ‬مسؤولي‭ ‬حكومة‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضفي‭ ‬عليها‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الشرعية‭. ‬

وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬ودبلوماسيون‭ ‬ومسؤولون‭ ‬رفيعو‭ ‬المستوى‭ ‬ذهبوا‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الأسد‭ ‬بأسباب‭ ‬وتوجهات‭ ‬مختلفة،‭ ‬ولكن‭ ‬تلك‭ ‬الزيارات‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬تمثل‭ ‬اعترافا‭ ‬ضمنيا‭ ‬بالإدارة‭ ‬الموجودة‭ ‬حاليا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬قوة‭ ‬دفع‭ ‬لها‭.‬

ويرى‭ ‬مراقبون‭ ‬أن‭ ‬إكساب‭ ‬الشرعية‭ ‬لتلك‭ ‬الإدارة‭ ‬يمثل‭ ‬فرصة‭ ‬جيدة‭ ‬لها‭ ‬لتثبيت‭ ‬أركانها،‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬تتوافر‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬سابقة‭ ‬كثيرة‭ ‬أطيح‭ ‬فيها‭ ‬بأنظمة‭ ‬حاكمة،‭ ‬وكانت‭ ‬الإجراءات‭ ‬العقابية‭ ‬كتعليق‭ ‬العضويات‭ ‬في‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬حاضرة،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالحكام‭ ‬الجدد‭.‬

لكن‭ ‬ربما‭ ‬يفسر‭ ‬البعض‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬حالات‭ ‬مماثلة‭ ‬لكون‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬الأسد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحظى‭ ‬بقبول‭ ‬معظم‭ ‬اللاعبين‭ ‬المؤثرين‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يذهب‭ ‬فريق‭ ‬آخر‭ ‬لكون‭ ‬تغيير‭ ‬أنظمة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬يجري‭ ‬عبر‭ ‬تحركات‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬العسكرية،‭ ‬ولكن‭ ‬المفارقة‭ ‬مع‭ ‬النموذج‭ ‬السوري‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬أطاح‭ ‬بنظام‭ ‬الأسد‭ ‬هي‭ ‬فصائل‭ ‬مسلحة‭ ‬تضم‭ ‬في‭ ‬صفوفها‭ ‬أجانب‭ ‬ومعظمها‭ ‬مدرجة‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬ما‭ ‬تعرف‭ ‬بهيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ (‬جبهة‭ ‬النصرة‭ ‬سابقا‭) ‬المرتبطة‭ ‬بتنظيم‭ ‬القاعدة‭. ‬

ورأت‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬أفيرز‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬السقوط‭ ‬المفاجئ‭ ‬والصادم‭ ‬لنظام‭ ‬الأسد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‮»‬‭ ‬أثار‭ ‬ابتهاج‭ ‬السوريين‭ ‬الذين‭ ‬عانوا‭ ‬13‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬وعقودا‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬القمعي،‭ ‬لكنها‭ ‬ألقت‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تواجه‭ ‬الإدارة‭ ‬الانتقالية‭. ‬

وذكرت‭ ‬المجلة‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬مع‭ ‬تبلور‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬دمشق،‭ ‬يشعر‭ ‬السوريون‭ ‬والمراقبون‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬بالقلق‭ ‬بشأن‭ ‬مدى‭ ‬شموليتها‭ ‬وتمثيلها‭ ‬وإسلاميتها،‭ ‬فالقائد‭ ‬الفعلي‭ ‬للبلاد،‭ ‬أحمد‭ ‬الشرع،‭ ‬هو‭ ‬مقاتل‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يدعي‭ ‬أنه‭ ‬نبذ‭ ‬الإرهاب‭. ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬نفسها‭ ‬مصنفة‭ ‬منظمة‭ ‬إرهابية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭.‬

وتابعت‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التوترات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حلها‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬العرقية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعرقل‭ ‬جهود‭ ‬الشرع‭ ‬لتوحيد‭ ‬البلاد‭ ‬وتوطيد‭ ‬حكمه‮»‬‭.‬

واعتبرت‭ ‬فورين‭ ‬أفيرز‭ ‬أن‭ ‬الخيارات‭ ‬التي‭ ‬ستتخذها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬‮«‬ستؤثر‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬النظام‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬بسط‭ ‬سلطته‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬سوريا‭ ‬وإعادة‭ ‬الإعمار‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬مخاوف‭ ‬وجدل‭ ‬أثارته‭ ‬قرارات‭ ‬وتصريحات‭ ‬لمسؤولين‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬خلال‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬توليها‭ ‬زمام‭ ‬الأمور،‭ ‬رأت‭ ‬المجلة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬سيناريو‭ ‬لسوريا‭ ‬الجديدة‭ ‬وجيرانها‭ ‬هو‭ ‬قيام‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬موحدة‭ ‬ومتماسكة‭ ‬يمكنها‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬اتفاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬تعزز‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‮»‬‭. ‬

وحذرت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البديل‭ ‬هو‭ ‬‮«‬سوريا‭ ‬ضعيفة‭ ‬ومنقسمة‭ ‬ومعرضة‭ ‬للصراع،‭ ‬وهي‭ ‬نتيجة‭ ‬قد‭ ‬تتطلب‭ ‬وجودا‭ ‬عسكريا‭ ‬أمريكيا‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬ومكلفا‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتخلق‭ ‬مشاكل‭ ‬لتركيا‭ (‬حليفة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭)‬،‭ ‬وتعرض‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬البناء‭ ‬الحساسة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬للخطر،‭ ‬وينجم‭ ‬عنها‭ ‬موجة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬السورية‮»‬‭. ‬

ولعل‭ ‬الأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لواشنطن‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أهداف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬تحققت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬فحكم‭ ‬الأسد‭ ‬انتهى‭ ‬وانسحبت‭ ‬القوات‭ ‬الإيرانية‭ ‬والروسية‭ ‬من‭ ‬البلاد،‭ ‬بحسب‭ ‬المجلة‭ ‬التي‭ ‬رأت‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬سوريا‭ ‬خسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإيران،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬وقالت‭ ‬إن‭ ‬‮«‬خسارة‭ ‬حكومة‭ ‬صديقة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬تشكل‭ ‬ضربة‭ ‬كبيرة،‭ ‬فقد‭ ‬خسرت‭ ‬طهران‭ ‬طريقها‭ ‬الرئيسي‭ ‬لنقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وبالتالي‭ ‬خسرت‭ ‬طريقها‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ (‬محور‭ ‬المقاومة‭) ‬الذي‭ ‬أضعفته‭ ‬بشدة‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا