القاهرة - (د ب أ): يوما بعد يوم يزداد الحراك الدبلوماسي الذي تشهده سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، مع تقاطر الوفود العربية والأجنبية على دمشق للقاء مسؤولي حكومة الأمر الواقع، وهو ما يضفي عليها نوعا من الشرعية.
وزراء خارجية ودبلوماسيون ومسؤولون رفيعو المستوى ذهبوا إلى سوريا ما بعد الأسد بأسباب وتوجهات مختلفة، ولكن تلك الزيارات في حد ذاتها تمثل اعترافا ضمنيا بالإدارة الموجودة حاليا، وهو ما يشكل قوة دفع لها.
ويرى مراقبون أن إكساب الشرعية لتلك الإدارة يمثل فرصة جيدة لها لتثبيت أركانها، ربما لم تتوافر في حالات سابقة كثيرة أطيح فيها بأنظمة حاكمة، وكانت الإجراءات العقابية كتعليق العضويات في منظمات دولية حاضرة، بدلا من الاعتراف بالحكام الجدد.
لكن ربما يفسر البعض ازدواجية المعايير في التعامل مع حالات مماثلة لكون نظام حكم الأسد لم يكن يحظى بقبول معظم اللاعبين المؤثرين على الساحة الدولية، في حين يذهب فريق آخر لكون تغيير أنظمة الحكم في معظم الأحيان يجري عبر تحركات من المؤسسات العسكرية، ولكن المفارقة مع النموذج السوري هو أن من أطاح بنظام الأسد هي فصائل مسلحة تضم في صفوفها أجانب ومعظمها مدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية حتى الآن، في مقدمتها ما تعرف بهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) المرتبطة بتنظيم القاعدة.
ورأت مجلة فورين أفيرز الأمريكية أن السقوط المفاجئ والصادم لنظام الأسد على يد «هيئة تحرير الشام» أثار ابتهاج السوريين الذين عانوا 13 عاما من ويلات الحرب الأهلية وعقودا أخرى من الحكم القمعي، لكنها ألقت الضوء على التحديات التي ربما تواجه الإدارة الانتقالية.
وذكرت المجلة أنه «مع تبلور حكومة جديدة في دمشق، يشعر السوريون والمراقبون الأجانب على حد سواء بالقلق بشأن مدى شموليتها وتمثيلها وإسلاميتها، فالقائد الفعلي للبلاد، أحمد الشرع، هو مقاتل سابق في تنظيم القاعدة، على الرغم من أنه يدعي أنه نبذ الإرهاب. هيئة تحرير الشام نفسها مصنفة منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة».
وتابعت: «هناك مخاوف من أن التوترات التي لم يتم حلها بين الجماعات العرقية والدينية في سوريا يمكن أن تعرقل جهود الشرع لتوحيد البلاد وتوطيد حكمه».
واعتبرت فورين أفيرز أن الخيارات التي ستتخذها الولايات المتحدة على المدى القريب «ستؤثر على قدرة النظام الجديد على بسط سلطته في جميع أنحاء سوريا وإعادة الإعمار».
وفي ظل مخاوف وجدل أثارته قرارات وتصريحات لمسؤولين في حكومة الأمر الواقع في سوريا خلال أسابيع قليلة من توليها زمام الأمور، رأت المجلة الأمريكية أن أفضل سيناريو لسوريا الجديدة وجيرانها هو قيام «دولة موحدة ومتماسكة يمكنها التفاوض على اتفاقات دبلوماسية تعزز الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل».
وحذرت من أن البديل هو «سوريا ضعيفة ومنقسمة ومعرضة للصراع، وهي نتيجة قد تتطلب وجودا عسكريا أمريكيا طويل الأمد ومكلفا بشكل متزايد في المنطقة، وتخلق مشاكل لتركيا (حليفة الولايات المتحدة)، وتعرض عملية إعادة البناء الحساسة في العراق للخطر، وينجم عنها موجة أخرى من الهجرة السورية».
ولعل الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لواشنطن هو أن أهداف الولايات المتحدة في سوريا تحققت إلى حد كبير، فحكم الأسد انتهى وانسحبت القوات الإيرانية والروسية من البلاد، بحسب المجلة التي رأت في التغيير الذي شهدته سوريا خسارة كبيرة بالنسبة لإيران، على وجه الخصوص، وقالت إن «خسارة حكومة صديقة في سوريا تشكل ضربة كبيرة، فقد خسرت طهران طريقها الرئيسي لنقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان، وبالتالي خسرت طريقها لإعادة بناء (محور المقاومة) الذي أضعفته بشدة».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك