بيروت – (أ ف ب): أتاح تراجع نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة لا سيما حزب الله، انتخاب رئيس قويّ للبنان يتمتّع بدعم المجتمع الدولي، بعد أكثر من عامين من الفراغ، كما يرى محللون.
أكّد رئيس الجمهورية اللبنانية الجديد جوزيف عون الذي كان قائدا للجيش، إثر انتخابه الخميس في البرلمان «بدء مرحلة جديدة للبنان»، مؤشرا إلى تحقيق توازن في السياسة الخارجية للبلد الذي يخرج من حرب دامية بين حزب الله حليف إيران وإسرائيل.
بقي لبنان الذي اعتاد التدخلات الأجنبية في انتخاباته الرئاسية، بدون رئيس منذ أواخر العام 2022، حين اتُهم حزب الله النافذ والذي يتمتّع بقوّة عسكرية لا يستهان بها، من قبل معارضيه بعرقلة التصويت لعجزه عن فرض مرشحه.
لكن حزب الله تلقّى ضربة قاسية في مواجهته مع إسرائيل التي استمرّت سنة تقريبا على خلفية الحرب بين حركة حماس والدولة العبرية في قطاع غزة، وخرج منها ضعيفا. وتحوّلت المواجهة المحدودة بين حزب الله واسرائيل إلى حرب مفتوحة في سبتمبر 2024، قتلت خلالها اسرائيل الأمين العام للحزب حسن نصرالله وعددا كبيرا من قياداته العسكرية، قبل أن تنتهي باتفاق وقف إطلاق نار في نوفمبر. ويعتبر هلال خشان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت أن «الهزيمة السياسية» لحزب الله «تأتي بعد الهزيمة العسكرية المدمّرة» في مواجهته مع اسرائيل.
وترى من جهتها لينا خطيب المحللة في معهد «شاتام هاوس» بأن «هذه المرة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية (في العام 1990)، التي ينتخب فيها رئيس لبناني بدون موافقة مسبقة من إيران ونظام بشار الأسد المخلوع».
وتضيف خطيب أن «قبول حزب الله بانتخاب جوزيف عون يعني أنه لم يعد يملي الأجندة السياسية للبنان». وتشرح أن هذا الانعطاف هو «نتيجة مباشرة للمتغيرات الجيوسياسية على النطاق الأوسع في الشرق الأوسط، أي انتهاء نفوذ إيران في المنطقة».
يحظى جوزيف عون الذي يُعرف بحياديته ونزاهته، بدعم خمس دول تعاونت في حلّ الأزمة الرئاسية اللبنانية وهي الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والسعودية ومصر.
ويشير مصدر دبلوماسي فرنسي لفرانس برس إلى أن «دور الخماسية كان حاسما. دعم السعودية على وجه الخصوص في اللحظة الأخيرة كان عاملا حاسما بشكل خاص».
وتعهّد الرئيس الجديد اعتماد «سياسة الحياد الإيجابي»، بعيدا عن سياسة المحاور الإقليمية وبناء أفضل العلاقات مع الدول العربية. وتعهّد كذلك العمل «على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح»، ما يفتح المجال لمحادثات شائكة مع حزب الله حول نزع السلاح. وحزب الله هو القوّة الوحيدة التي احتفظت بسلاحها بعد نهاية الحرب الأهلية في لبنان في العام 1990، بحجة مقاومة اسرائيل. وحتى اللحظة الأخيرة، كان حزب الله وحليفته حركة أمل، متردّدين في انتخاب جوزيف عون. وصوّت نوابهم الثلاثون بورقة بيضاء في الجولة الأولى من جلسة الانتخاب صباح الخميس، ما لم يسمح لعون بالحصول على الأغلبية التي تخوّله الفوز من المحاولة الأولى. وأكّد مصدر مقرّب من الطرفين فضّل عدم الكشف عن هويته أن الطرفين حصلا على ضمانات بعد لقاء بين ممثلين عنهما وقائد الجيش بين الجولتين الانتخابيتين الخميس الماضي.
وسمح ذلك بانتخاب عون بغالبية واسعة في الجولة الثانية بعد الظهر.
ويرى هلال خشان «لم يعد أمام حزب الله خيار سوى التحول إلى حزب سياسي... والرئيس المنبثق من الجيش وحده قادر على نزع سلاح حزب الله، خاصة بعد أن دمرت إسرائيل أكثر من 80% من معداته العسكرية».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك