في إنجاز تربوي لافت، أطلق المربي الأستاذ خليل شكري محمد شحادة نظامًا تعليميًا مبتكرًا أطلق عليه اسم «النظام التعليمي التصحيحي الإتقاني»، الذي تم تطبيقه في مدارس البحرين بين الأعوام 1984 و1994. جاء هذا النظام استجابة لحاجة ملحة لمعالجة ضعف التحصيل الدراسي لدى المتعلمين، خاصة في مادة الرياضيات في المرحلة الثانوية، وذلك من خلال نظام تعليمي متكامل واستحداث أدوات تعليمية مبتكرة بالإضافة إلى إعداد برامج تكنولوجية مساندة، من خلال إعداد وتوظيف برامج على الحاسب الآلي ذاتيا بهدف دعم عمليات التعليم والتعلم والتخلص من الترهل الذي يصيب العملية التعليمية خلال مسيرتها الزمنية، وتدعيم التعلم التعاوني والفردي للمتعلمين وبمجهودات محلية ومن كوادر وطنية.
وقد أوضح السيد خليل شكري شحادة أن الهدف المبدئي والأساسي هو رفع مستوى تحصيل المتعلمين في مدرسة الهداية الخليفية الثانوية وخاصة في مادة الرياضيات، حيث لوحظ أن نتائج تحصيل المتعلمين في هذه المدرسة لم تكن جيدة في مادة الرياضيات خلال امتحان الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 84/1985م، بل يمكن اعتبارها متواضعة جدا على الرغم مما تمثله هذه المدرسة من سمعة طيبة في المجال التربوي والتعليمي على مستوى مملكة البحرين، وأيضا لا تتماشى هذه النتيجة مع السمعة المهنية والخبرة التربوية والتعليمية التي يتمتع بها معلمو هذه المادة في هذه المدرسة.
وبمراجعة إحصاءات نتائج الطلاب في تلك السنوات وجد أن النسبة العامة للنجاح لشعبة الفيزياء والرياضيات في ذلك الفصل هي 58.45% بينما في شعبة الكيمياء والاحياء بلغت 42.43% فقط وهي نسبة متدنية جدا في كلا القسمين.
وقام قسم الرياضيات بمراجعة الأساليب المعمول بها وقام بتطويرها في أسلوب تربوي جديد لتعامل مع المشكلات التعليمية بهدف رفع مستوى تحصيل المتعلمين، كان ذلك من خلال الاتفاق على توظيف أداة تعليمية مبتكرة سميت بالبطاقة الصفية وقد تم توظيف هذه الأداة ميدانيا في الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 84/1985م بالاتفاق مع إدارة المدرسة من جهة وجهاز التوجيه التربوي بوزارة التربية والتعليم من جهة أخرى.
تم توظيف البطاقة الصفية مع طلبة الصف الثالث علمي أول أحد فصلي قسم الفيزياء والرياضيات بالمدرسة خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 84 / 1985م، حيث اظهرت نتائج تحصيل متعلمي هذا الفصل في الفصل الدراسي الأول ونتائج تحصيلهم في الفصل الدراسي الثاني لمعرفة مدى نجاح هذه الوسيلة وتأثيرها على معدلات تحصيل المتعلمين في اختبار الثانوية العامة تطورا كبيرا في معدلات الطلاب بعد تطبيق النظام التعليمي لتحسين مستوى تحصيل الطلاب وبالذات في مادة الرياضيات.
فبدراسة المقارنة بدقة بين نتائج الطلاب في الفصلين الأول والثاني نجد أن نسبة النجاح العامة في الفصل الدراسي الثاني قفزت الى97.1%، وهذا في الحقيقة تقدم مذهل وخاصة انه حدث في فصل دراسي واحد فقط، من خلال نفس الطلبة ونفس المعلم.
أثبت النظام التعليمي التصحيحي الإتقاني فعاليته من خلال:
1. سهولة التنفيذ: يعتمد النظام على أدوات بسيطة متوافرة في معظم المدارس، مما يجعله قابلًا للتطبيق على نطاق واسع.
2. الكلفة المنخفضة: لا يتطلب النظام موارد مالية كبيرة أو تجهيزات معقدة.
3. التقييم المنتظم: يساعد على تحديد نقاط القوة والضعف لدى الطلاب بشكل دوري.
4. تعزيز التعلم الذاتي: يتيح للطلاب متابعة تحصيلهم بشكل مستقل باستخدام البرامج التعليمية المخصصة.
5. التكامل بين المدرسة والأسرة: يركز النظام على إشراك الأسرة في دعم العملية التعليمية من خلال تقارير مفصلة.
تفوق على مدارس أخرى
عند مقارنة أداء الطلاب الذين خضعوا للنظام بأداء طلاب مدارس أخرى رائدة في البحرين، ظهر تفوق واضح لصالح الطلاب الذين اعتمدوا هذا النظام. على الرغم من وجود مدارس تتمتع بمستوى علمي عالٍ، فإن نتائج الطلاب الذين خضعوا للتجربة أظهرت تقدمًا ملحوظًا في التحصيل الدراسي، لا سيما في مادة الرياضيات.
استطاع هذا النظام التعليمي الوصول بجميع المتعلمين لبلوغ مستويات تحصيلية متطورة جدا بلغت مستوى الاتقان لجميع المتعلمين على الرغم من الخاصية الفردية لخاصية الاتقان، كان ذلك من خلال عرض نتائج تحصيل المتعلمين في اختبار الثانوية العامة العام الدراسي 93 / 1994م.
كما تميزت أيضاً هذه النتيجة التي تمكن المتعلمون من طلبة فصل التجربة من تحقيقها بما يلي:
1 ـ فصل التجربة هو الفصل الوحيد من فصول طلبة الثانوية العامة هذا العام والذي حصل طلابه على نسبة نجاح قدرها 100% في مادة التجربة على مستوى طلبة وزارة التربية والتعليم في البحرين للعام الدراسي الحالي 93/1994م.
2 ـ جميع طلبة الفصل قد تعدوا تحصيلياً نسبة التحصيل60% من الدرجة النهائية للمادة، إذ ان أقل تقدير تم تسجيله في فصل التجربة هو 62.5% من الدرجة النهائية لمادة التجربة، وهذا إنجاز كبير في حد ذاته.
على الرغم من أن النظام تم تطبيقه أساسًا على مادة الرياضيات، فإنه أثبت إمكانية توسيعه ليشمل مواد دراسية أخرى. هذه الميزة تجعل النظام خيارًا مثاليًا لتحسين جودة التعليم بشكل شامل.
في ختام تجربته، دعا المربي خليل شكري محمد شحادة إلى تبني هذا النظام على نطاق أوسع. وأكد أهمية إدماج التكنولوجيا البسيطة والأدوات التعليمية المبتكرة في العملية التعليمية لتحقيق تحسينات ملموسة في مخرجات التعليم. كما شدد على ضرورة التعاون بين المدرسة والأسرة لتحقيق الأهداف التعليمية المنشودة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك