شهدت فعاليات الجلسة الثانية من المؤتمر استعراض تطور تطبيقات العدالة الجنائية التصالحية في مملكة البحرين، حيث أدارها المستشار وائل رشيد بوعلاي مساعد النائب العام، وبدأت الجلسة بالحديث عن ملامح العدالة الجنائية التصالحية في التشريعات والأنظمة الجنائية البحرينية، حيث تناول المستشار نواف عبدالله حمزة رئيس هيئة التشريع والرأي القانوني أهم السمات التشريعية التي تدعم هذا النموذج من العدالة في البحرين. إذ أكد أن المنظومة التشريعية التصالحية في تطور مستمر ومن الممكن مستقبلًا أن يتم إحالة 40% من القضايا إلى المحاكم و60% يتم التصالح فيها، مضيفًا أن الأهداف المرجوة هي تحقيق المصلحة الفضلى للأطراف وسرعة الفصل في القضايا الجنائية. وبين رئيس هيئة التشريع والرأي القانوني أنه لم يقتصر الأمر في التوسع في التوجه التشريعي إلى إصدار قانون العقوبات البديلة، وإنما امتد إلى نظام السجون المفتوحة، وقد جاء ذلك نفاذاً للتوجيهات السامية نحو التوسع في العقوبات البديلة، حيث يعد هذا النظام إصلاحاً مستنيراً في نطاق تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، كما يتمثل في وضع المحكوم عليه في مؤسسة قليلة الحراسة تتوافر فيها ظروف معيشية اعتيادية إلى حد كبير نتيجة ما ينشأ من ثقة لدى المؤسسة العقابية والمحكوم عليه او استحقاقه المعاملة بمقتضى ذلك النظام بناءً على هذه الثقة التي تلتمس من سلوك النزيل في المؤسسة العقابية وانتفاء خطورته، وقد يطبق هذا النظام كمرحلة من العقوبة ينتقل إليها النزيل في الفترة التي تسبق عودته إلى المجتمع واندماجه.
ومن جانبه، أكد الشيخ خالد بن راشد آل خليفة، مدير الإدارة العامة لتنفيذ الاحكام والعقوبات البديلة في وزارة الداخلية، استفادة 7822 حتى عام 2025م من العقوبات البديلة، منهم 273 مستفيدا من السجون المفتوحة، وتتوزع ما بين 6801 مستفيد من الذكور و544 مستفيدة من الاناث و477 طفالا، مضيفًا ان القانون يعد الأول في الوطن العربي الذي يُنظم العقوبات البديلة، والجهة الأولى خارج الولايات المتحدة الأمريكية الحاصلة على اعتماد الجمعية الامريكية لنظام السكن المجتمعي، بالإضافة الى ان السجون المفتوحة تعد الأولى في الوطن العربي.
وأشار مدير الإدارة العامة لتنفيذ الاحكام والعقوبات البديلة، إلى توظيف أكثر من 50% من اجمالي عدد المستفيدين بالتعاون مع وزارة العمل، ووزارة التنمية الاجتماعية، بالإضافة الى التعاون مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني لمتابعة الطلبات الاسكانية وصرف بدل سكن للمستفيدين، والحصول على استحقاق الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى صرف إعانة التعطل للمستفيدين.
وكشف مدير الإدارة العامة لتنفيذ الاحكام والعقوبات البديلة، أن نسبة العودة إلى الجريمة سجلت 2.5% فقط، حيث يوجد هناك متابعة لاحقة للمستفيدين من العقوبات البديلة بعد تنفيذ العقوبة وعدم الانخراط في السلوك الاجرامي، ودعم نجاحات المستفيدين اثناء وبعد تنفيذ العقوبات البديلة، والمساهمة في تأمين التدريب المناسب لسوق العمل، وقياس اندماج المستفيد في المجتمع.
تحديات
وسلط القاضي بدر عبداللطيف العبد الله رئيس المحكمة العليا الاستئنافية الجنائية الضوء على التحديات التي تواجه التطبيق وأهمها أن القانون قيد تقسيط الغرامة ألا تزيد على سنتين فقط وهذه المدة قليلة بحيث إن المحكوم عليه بعد خروجه من السجل يكون عاطلا عن العمل ولا يجد له مصدر رزق، بالإضافة الى صعوبة توفير عمل بالقطاع الخاص رغم نجاح التجربة في التعاون مع القطاع الخاص إلا أنه لا تزال القطاعات مقيدين بعدد معين، اما بخصوص التوصيات قال القاضي: «يجب تعديل التشريع بخصوص تقسيط الغرامات بمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على 5 سنوات، بحيث يستطيع الشخص تقسيط المبلغ، والتوسع بمشاركة القطاع الخاص بتوفير أماكن عمل أكبر».
مبينًا أن العقوبات والتدابير البديلة احدى التدابير التي يجوز للنيابة العامة أو القاضي الأمر بها بدلا من الحبس الاحتياطي في الأحوال المبينة في قانون العقوبات والتدابير البدلية، أما العقوبة البديلة فهي إحدى العقوبات التي يجوز للقاضي أن يقضي أو يأمر بها بدلا من العقوبة الأصلية، في الأحوال المبينة بقانون العقوبات والتدابير البدلية.
وأضاف أن التدابير البديلة في التشريع البحريني تتنوع بين الحضور الى مركز الشرطة في أوقات محددة، والإقامة الجبرية في مكان محدد، وحظر ارتياد مكان أو أماكن محددة، والتعهد بعدم التعرض أو الاتصال بأشخاص، والخضوع للمراقبة الالكترونية، أما بخصوص أنواع العقوبات البديلة في التشريع البحريني تتنوع في العمل في خدمة المجتمع، والإقامة الجبرية في مكان محدد، وحظر ارتياد مكان أو أماكن محددة، الخضوع للمراقبة الإلكترونية، والتعهد بعدم التعرض أو الاتصال بأشخاص، وحضور برامج التأهيل والتدريب، وإصلاح الضرر الناشئ عن الجريمة. فيما أكد العميد د. عمار مصطفى السيد مساعد رئيس الأمن العام لشؤون المجتمع في وزارة الداخلية، أهمية نشر ثقافة التسامح في المجتمع من خلال الحملات التوعوية والاستفادة من الوساطة للتصالح وحل النزاعات والخلافات التي حددها القانون ولا سيما المتعلقة بشؤون الأسرة والطفل مما يعزز من منظومة الاسرة والاستقرار الأسري في المجتمع. وأشار العميد إلى أهمية تطوير البرامج المجتمعية بالتعاون مع الجهات المعنية منها وزارة الداخلية والنيابة العامة ووزارة العدل وتبني برامج ومبادرات تعزز من نجاح فرص التصالح في القضايا الجنائية ذات البعد المجتمعي، وأهمية تدريب الوسطاء المعنيين بالتعاون مع القضايا الاسرة والطفل لضمان تأهيلهم لتعاون مع مختلف الاحتياجات الاجتماعية والنفسية المتعددة الأطراف.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك