العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

خاطرة

عبدالرحمن فلاح

هدية الهداية!

الهداية‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬هدايتنا،‭ ‬الأولى‭: ‬هداية‭ ‬الدلالة،‭ ‬والثانية‭: ‬هداية‭ ‬المعونة‭ ‬والتمكين‭ -‬كما‭ ‬يقول‭ ‬فضيلة‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬متولي‭ ‬الشعراوي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ - ‬والهدايتان‭ ‬جاءت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليهما‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة،‭ ‬الهداية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬أنزل‭ ‬فيه‭ ‬القرآن‭ ‬هدى‭ ‬للناس‭ ‬وبينات‭ ‬من‭ ‬الهدى‭ ‬والفرقان‭..) ‬البقرة‭/‬185‭. ‬و«الناس‮»‬‭ ‬لفظ‭ ‬عام‭ ‬يفيد‭ ‬كل‭ ‬الناس،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬هداية‭ ‬الدلالة‭ ‬فمن‭ ‬أقبل‭ ‬عليها،‭ ‬وآمن‭ ‬بالإسلام‭ ‬استحق‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الهداية‭ ‬الثانية،‭ ‬وهي‭ ‬هداية‭ ‬المعونة‭ ‬والتمكين،‭ ‬وهذه‭ ‬جاءت‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬ألم‭(‬1‭) ‬ذلك‭ ‬الكتاب‭ ‬لا‭ ‬ريب‭ ‬فيه‭ ‬هدى‭ ‬للمتقين‭(‬2‭)) ‬البقرة‭.‬

وهؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬بلغوا‭ ‬مرتبة‭ ‬التقوى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قبلوا‭ ‬هداية‭ ‬الدلالة،‭ ‬واجتهدوا‭ ‬في‭ ‬العبادة‭ ‬والتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭.. ‬هؤلاء‭ ‬استحقوا‭ ‬المعونة‭ ‬والتمكين،‭ ‬فأنزل‭ ‬عليهم‭ ‬ربهم‭ ‬رحماته‭ ‬وبركاته،‭ ‬وفتح‭ ‬لهم‭ ‬أبواب‭ ‬عطائه،‭ ‬فأخذوا‭ ‬بالأسباب‭ ‬وارتقوا‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬الدرجات‭ ‬حتى‭ ‬صاروا‭ ‬من‭ ‬المتقين‭ ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬هدايا‭ ‬رمضان‭ ‬وبره‭ ‬بهم،‭ ‬فيسر‭ ‬السبيل‭ ‬لهم،‭ ‬ودلهم‭ ‬على‭ ‬صراط‭ ‬الله‭ ‬المستقيم،‭ ‬فذاقوا‭ ‬حلاوة‭ ‬الإيمان،‭ ‬وشعروا‭ ‬بمآثر‭ ‬رمضان،‭ ‬وحسن‭ ‬زيارته‭ ‬لهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أحسنوا‭ ‬استقباله،‭ ‬وأخلصوا‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬ما‭ ‬افترضه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬تكاليف،‭ ‬ثم‭ ‬زادوا‭ ‬عليها‭ ‬النوافل‭ ‬التي‭ ‬سنها‭ ‬رسول‭ ‬الله‭( ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬عليهم،‭ ‬قال‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬من‭ ‬قام‭ ‬رمضان‭ ‬إيمانًا‭ ‬واحتسابًا‭ ‬غفر‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬ذنبه‮»‬‭ ‬متفق‭ ‬عليه‭.‬

ورمضان‭ ‬شهر‭ ‬تكثر‭ ‬فيه‭ ‬الطاعات‭ ‬من‭: ‬تلاوة‭ ‬للقرآن،‭ ‬وإنفاق‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬والبر‭ ‬بالوالدين‭ ‬وصلة‭ ‬الأرحام‭.. ‬إنه‭ ‬شهر‭ ‬الخيرات‭ ‬والبركات‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬المسلم‭ ‬فيه‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬البر‭ ‬إلا‭ ‬أتاه‭ ‬وبالغ‭ ‬فيه،‭ ‬وعلى‭ ‬المسلم‭ ‬الصائم‭ ‬أن‭ ‬يكثر‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬الطاعات‭ ‬لبلوغ‭ ‬الأهداف‭ ‬والغايات‭ ‬متخذًا‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬المشروعة‭ ‬ما‭ ‬يعينه‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الصيام‭ ‬يعين‭ ‬على‭ ‬الطاعة‭ ‬حين‭ ‬تصفو‭ ‬النفوس‭ ‬من‭ ‬الأكدار،‭ ‬وتطمئن‭ ‬القلوب‭ ‬حين‭ ‬تشع‭ ‬أنوار‭ ‬الهداية‭ ‬الربانية‭ ‬لتملأ‭ ‬جوانح‭ ‬المسلم،‭ ‬فيسعى‭ ‬على‭ ‬بصيرة،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: (‬أفمن‭ ‬يمشي‭ ‬مكبًا‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬أهدى‭ ‬أمَّنْ‭ ‬يمشي‭ ‬سويًا‭ ‬على‭ ‬صراط‭ ‬مستقيم‭) ‬الملك‭ /‬22‭.‬

والاستقامة‭ ‬في‭ ‬الأقوال‭ ‬والأفعال‭ ‬أرجى‭ ‬لبلوغ‭ ‬الغايات‭.. ‬إن‭ ‬لفظ‭ ‬الاستقامة‭ ‬لفظ‭ ‬عامرٌ‭ ‬بالإيمان،‭ ‬زاخر‭ ‬بالعطاء‭ ‬فإذا‭ ‬اتخذه‭ ‬المسلم‭ ‬سبيلًا‭ ‬لمرضاة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قاده‭ ‬إلى‭ ‬خيري‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬بعض‭ ‬عطاء‭ ‬رمضان‭ ‬وبره‭ ‬بأهله‭.. ‬وهذه‭ ‬بعض‭ ‬هداياه‭ ‬التي‭ ‬يتفضل‭ ‬بها‭ ‬علينا‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬فهل‭ ‬تستنكرون‭ ‬علينا‭ ‬فرحتنا‭ ‬بقدومه،‭ ‬وتشوقنا‭ ‬إلى‭ ‬لقياه‭ ‬وتنسم‭ ‬عبير‭ ‬عطائه‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالرحمن فلاح"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا