العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

الحرب الأوكرانية والأطماع الغربية في البحر الأسود

بقلم‭: ‬ماري‭ ‬جيغو

الأحد ٠٩ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

 

لم‭ ‬يبرز‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬رهان‭ ‬استراتيجي‭ ‬وعسكريي‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تخوضها‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬المجاورة‭. ‬لقد‭ ‬ظل‭ ‬الروس‭ ‬يحاولون‭ ‬عبثا‭ ‬غزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬الغربي‭ ‬منذ‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأولى‭ ‬للقتال‭.‬

في‭ ‬قاع‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬يوجد‭ ‬أيضا‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬الذي‭ ‬ينقل‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭. ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬تمكن‭ ‬الأوكرانيون‭ ‬من‭ ‬تصدير‭ ‬ملايين‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬مخزنة‭ ‬في‭ ‬صوامعهم‭ ‬عبر‭ ‬الممرات‭ ‬البحرية‭ ‬الآمنة‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬تركيا‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬2022‭ ‬من‭ ‬أوديسا‭ ‬إلى‭ ‬إسطنبول‭ ‬وبالتالي‭ ‬تجنب‭ ‬حدوث‭ ‬أزمة‭ ‬غذائية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬

بدأ‭ ‬الاهتمام‭ ‬بدور‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬خاصة‭ ‬عند‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1991،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تلاشى‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬هذا‭ ‬الشريان‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬ينمو‭ ‬ويزدهر،‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬دخلت‭ ‬فيه‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭.‬

يمثل‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬القرون‭ ‬والعقود‭ ‬الحدود‭ ‬الطبيعية‭ ‬بين‭ ‬العوالم‭ ‬السلافية‭ ‬والتركية‭ ‬والبلقانية،‭ ‬وقد‭ ‬شهد‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬قبل‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬40‭% ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬الحبوب‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأسمدة‭ ‬والغاز‭ ‬الروسي‭.‬

توقف‭ ‬كبار‭ ‬منتجي‭ ‬القمح‭ ‬والشعير‭ ‬والذرة‭ ‬وزيت‭ ‬عباد‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا‭ ‬عن‭ ‬التصدير،‭ ‬بسبب‭ ‬الحصار‭ ‬الأول‭ ‬المضروب‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والعقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا‭. ‬

تعطل‭ ‬تداول‭ ‬البضائع‭ ‬وتقلصت‭ ‬الحركية‭ ‬التجارية‭ ‬والتدفق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشريان‭ ‬الحيوي‭ ‬الاستراتيجي‭. ‬يعد‭ ‬التنقل‭ ‬عبر‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬العسكري‭ ‬رهانًا‭ ‬محفوفًا‭ ‬بالمخاطر‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬سوى‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬مالكي‭ ‬السفن‭ ‬في‭ ‬خوضه؛‭ ‬فالتأمين‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬وشحناتها‭ ‬مكلف‭ ‬للغاية‭. ‬

تبحر‭ ‬الغواصات‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬مياهها‭ ‬المليئة‭ ‬بالألغام‭. ‬الموانئ‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬السفن‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭. ‬تضرب‭ ‬الصواريخ‭ ‬الروسية‭ ‬والطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬الإيرانية‭ ‬الصنع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬ومنازل‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬ميكولايف‭ ‬وأوديسا‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭. ‬تضررت‭ ‬جميع‭ ‬محطات‭ ‬الطاقة‭ ‬الحرارية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ما‭ ‬حرم‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬الكهرباء‭ ‬والتدفئة‭.‬

لا‭ ‬تخفي‭ ‬الدول‭ ‬المشاطئة‭ ‬قلقها‭ ‬الكبير‭. ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة،‭ ‬أصبحت‭ ‬آفاق‭ ‬المستقبل‭ ‬قاتمة‭. ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الحرب‭ ‬بلا‭ ‬هوادة،‭ ‬فإن‭ ‬المنطقة‭ ‬تخاطر‭ ‬بأن‭ ‬تصبح‭ ‬ساحة‭ ‬معركة‭ ‬للنفوذ‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬والغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭.‬

ربما‭ ‬يتحدد‭ ‬المستقبل‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬لأوروبا‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬حرب‭ ‬أيديولوجية‭ ‬بين‭ ‬نموذجين‭ ‬وطريقتين‭ ‬للحياة‭. ‬إن‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تتعارض‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬العالم‭ ‬الروسي‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬وضعه‭ ‬حاليًا‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬موضع‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

أصبحت‭ ‬جاذبية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الآن‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭. ‬هناك‭ ‬دولتان‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الست‭ ‬المجاورة‭ ‬للبحر‭ ‬الأسود،‭ ‬وهما‭ ‬رومانيا‭ ‬وبلغاريا،‭ ‬عضوان‭ ‬فعليا‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬وهي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وجورجيا‭ ‬ومولدوفا‭ - ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بمدخل‭ ‬صغير،‭ ‬456‭ ‬مترًا‭ ‬من‭ ‬الساحل‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬تحلم‭ ‬بالانضمام‭.‬

أرسلت‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬السبع‭ ‬والعشرين‭ ‬مؤخرًا‭ ‬إشارة‭ ‬إيجابية‭ ‬إلى‭ ‬كييف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منحها‭ ‬وضع‭ ‬المرشح‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تم‭ ‬رفض‭ ‬وضع‭ ‬جورجيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬و24‭ ‬يونيو‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬كاف‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الإصلاحات‭. ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭. ‬فالحرب‭ ‬تعيد‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬باستمرار‭.‬

ركز‭ ‬الاتحاد‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬السلام‭ ‬الداخلي،‭ ‬ورأى‭ ‬أن‭ ‬أولوياته‭ ‬موضع‭ ‬تساؤل؛‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬أمنها‭ ‬الخارجي‭. ‬كشف‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬النقاب‭ ‬في‭ ‬براغ‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬إنشاء‭ ‬مجموعة‭ ‬سياسية‭ ‬أوروبية‭ (‬سبعة‭ ‬وعشرون‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬سبع‭ ‬عشرة‭ ‬دولة‭ ‬مجاورة‭ ‬غير‭ ‬أعضاء‭) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يترك‭ ‬مسألة‭ ‬التوسيع‭ ‬دون‭ ‬مساس‭.‬

هل‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية؟‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني،‭ ‬فالجواب‭ ‬هو‭ ‬نعم‭. ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬ألقاه‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬تشارلز‭ ‬في‭ ‬براغ،‭ ‬أبرز‭ ‬أولاف‭ ‬شولتز‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لأوروبا‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الجديدة‭ ‬كاستراتيجية‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديد‭ ‬الروسي‭.‬

دعا‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬توسيع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬غرب‭ ‬البلقان،‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬ومولدوفا،‭ ‬وفي‭ ‬المستقبل،‭ ‬إلى‭ ‬جورجيا‮»‬‭ ‬كما‭ ‬اقترح‭ ‬القيام‭ ‬بجملة‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الأساسية‭. ‬يجب‭ ‬تغيير‭ ‬نظام‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭: ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬الآن‭ ‬بالأغلبية‭ ‬وليس‭ ‬بالإجماع‭. ‬من‭ ‬هناك،‭ ‬يمكن‭ ‬اتخاذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬وخطوات‭ ‬التوسيع‭. ‬وأشار‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الصدد‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أوروبا‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إنشاء‭ ‬نظام‭ ‬دفاع‭ ‬جوي‭ ‬أوروبي‭ ‬مشترك‭ ‬جديد‭.‬

قال‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬في‭ ‬خطابه‭: ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬المضاد‭ ‬للطائرات‭ ‬أرخص‭ ‬وأكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬فقط‭ ‬مما‭ ‬يحدث‭ ‬عندما‭ ‬تبني‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬نظامها‭ ‬الخاص‭ ‬والمكلف‭ ‬والمعقد‭ ‬للغاية‭. ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬منفعة‭ ‬أمنية‭ ‬لأوروبا‭ ‬ومثالًا‭ ‬رائعًا‭ ‬لما‭ ‬نعنيه‭ ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬الركيزة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‮»‬‭.‬

إن‭ ‬تعزيز‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬تمكن‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬من‭ ‬فعله‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬أمنيته‭ ‬العزيزة‭ ‬هي‭ ‬إضعافه‭! ‬بفضل‭ ‬عضوية‭ ‬السويد‭ ‬وفنلندا،‭ ‬وسعت‭ ‬المنظمة‭ ‬بصمتها‭ ‬إلى‭ ‬الدائرة‭ ‬القطبية‭ ‬الشمالية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬صادقت‭ ‬28‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬ثلاثين‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬دولتي‭ ‬الشمال‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والذي‭ ‬يجب‭ ‬الموافقة‭ ‬عليه‭ ‬بالإجماع‭. ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬تركيا،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬المجر‭ ‬أيضا‭ ‬تقديم‭ ‬موافقتها‭ ‬النهائية‭.‬

ويتنافس‭ ‬المرشحون‭ ‬الآخرون،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭. ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬الجدار،‭ ‬يخشى‭ ‬الروس‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬على‭ ‬المنطقة،‭ ‬التي‭ ‬يعتبرونها‭ ‬مجال‭ ‬نفوذهم‭ ‬الحيوي‭ ‬الأبدي،‭ ‬وهو‭ ‬القلق‭ ‬الذي‭ ‬عززه‭ ‬انضمام‭ ‬بلغاريا‭ ‬ورومانيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2004‭.‬

وحرصًا‭ ‬على‭ ‬استرضاء‭ ‬موسكو،‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬الحلف‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬الاستجابة‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬للتطلعات‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأطلسية‭ ‬للدولتين‭ ‬الأخريين،‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وجورجيا،‭ ‬اللتين‭ ‬اعترف‭ ‬بهما‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬2008،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المساعي‭ ‬لم‭ ‬تكلل‭ ‬بالنجاح‭. ‬

في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬تم‭ ‬تدريب‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والبريطانيين‭ ‬بهدف‭ ‬انضمام‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬أبدًا‭. ‬بفضل‭ ‬هذا‭ ‬التدريب،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمعايير‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬طورت‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

سعت‭ ‬جورجيا‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬الاندماج‭ ‬السريع‭. ‬حلم‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬أبدًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الجمهورية‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابقة‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭. ‬بعد‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬ترشيح‭ ‬تبليسي،‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2008،‭ ‬غزا‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬أوسيتيا‭ ‬الجنوبية‭ ‬وأبخازيا،‭ ‬وهما‭ ‬منطقتان‭ ‬انفصاليتان‭. ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬اعترف‭ ‬الكرملين‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬استقلال‮»‬‭ ‬المنطقتين‭ ‬الجورجيتين‭ ‬وسارع‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬هناك‭. ‬

وفر‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أبخازيا‭ ‬لموسكو‭ ‬امتدادًا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬الساحل‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬وبالتالي‭ ‬خلق‭ ‬سلسلة‭ ‬متصلة‭ ‬مع‭ ‬ساحل‭ ‬روسيا‭ ‬الخاص،‭ ‬إلى‭ ‬الشمال‭. ‬ثم‭ ‬استمر‭ ‬قضم‭ ‬السواحل‭ ‬والمياه‭ ‬الروسية‭ ‬مع‭ ‬ضم‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬ومصادرة‭ ‬بحر‭ ‬آزوف‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬وغزو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬المصحوب‭ ‬بحصار‭ ‬بحري‭ ‬لجزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭.‬

منذ‭ ‬العصور‭ ‬القديمة،‭ ‬كان‭ ‬بحر‭ ‬بونتيك‭ ‬القديم‭ ‬لليونانيين‭ ‬مرغوبًا‭ ‬للغاية،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القياصرة‭ ‬الذين‭ ‬رأوا‭ ‬فيه‭ ‬دائمًا‭ ‬بوابة‭ ‬من‭ ‬البر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لروسيا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬البحار‭ ‬الدافئة‮»‬،‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬الجليد‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1695،‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بطرس‭ ‬الأكبر،‭ ‬مؤسس‭ ‬البحرية‭ ‬الإمبراطورية،‭ ‬أخذ‭ ‬الروس‭ ‬من‭ ‬العثمانيين‭ ‬أفواه‭ ‬الدون‭ ‬والدنيبر‭ ‬وكذلك‭ ‬طرق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬بحر‭ ‬آزوف،‭ ‬حيث‭ ‬نصبت‭ ‬حصون‭ ‬الروس‭. ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭ ‬هو‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم،‭ ‬وهي‭ ‬مستعمرة‭ ‬عثمانية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬كاترين‭ ‬العظيمة‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين،‭ ‬فإن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬البحري‭ ‬أمر‭ ‬ضروري،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لزيادة‭ ‬حماية‭ ‬قدرات‭ ‬جيشه‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬في‭ ‬موانئ‭ ‬طرطوس‭ ‬واللاذقية،‭ ‬حيث‭ ‬أقيمت‭ ‬نقاط‭ ‬دعم‭ ‬عسكرية‭ ‬روسية‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭.‬

ازداد‭ ‬التبادل‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الموانئ‭ ‬السورية‭ ‬والموانئ‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ - ‬سيفاستوبول‭ ‬ونوفوروسيسك‭. ‬قوارب‭ ‬محملة‭ ‬بالمواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬وسفن‭ ‬عسكرية‭ ‬روسية‭ ‬تحمل‭ ‬أسلحة‭ ‬لنظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد،‭ ‬وقد‭ ‬ازدادت‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬خاصة‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2011‭. ‬

على‭ ‬عكس‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي،‭ ‬ظلت‭ ‬الصناعات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الروسية‭ ‬والأوكرانية‭ ‬تعمل‭ ‬معا‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬موجودًا،‭ ‬لكن‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬‮«‬المديرين‭ ‬الشيوعيين‭ ‬الحمر‮»‬‭ ‬ظلت‭ ‬سليمة‭ ‬وقد‭ ‬عززه‭ ‬الماضي‭ ‬السوفياتي‭ ‬المشترك‭. ‬كان‭ ‬التعاون‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬بين‭ ‬القادة‭ ‬العظام‭ ‬للمجمعات‭ ‬الصناعية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬والأوكرانية‭.‬

تم‭ ‬شحن‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬موانئ‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أوديسا‭. ‬وكان‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬ضم‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬بمثابة‭ ‬ضربة‭ ‬قاتلة‭ ‬لهذا‭ ‬الاتفاق‭.‬

قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬فولوديمير‭ ‬زيلينسكي‭ ‬خلال‭ ‬قمة‭ ‬إقليمية‭ ‬نُظمت‭ ‬في‭ ‬كييف‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬أغسطس2022‭: ‬‮«‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم،‭ ‬وستنتهي‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‮»‬‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تطور‭ ‬الأحداث‭ ‬تثبت‭ ‬ذلك‭. ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬تقترب‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬قليلاً،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬التي‭ ‬أقامتها‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬التحصينات‭ ‬والخنادق‭.‬

أعلن‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬عن‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬خيرسون،‭ ‬ذات‭ ‬الموقع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المؤدي‭ ‬إلى‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤيد‭ ‬توقعات‭ ‬السيد‭ ‬زيلينسكي‭. ‬في‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭ (‬ديسمبر‭)‬،‭ ‬أدرك‭ ‬الكرملين‭ ‬مدى‭ ‬تعرضه‭ ‬للهجمات‭ ‬على‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭. ‬بعد‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬هجومها،‭ ‬أصبحت‭ ‬موسكو‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬مواقعها‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬قواعدها‭ ‬الخلفية‭.‬

في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تعرضت‭ ‬المطارات‭ ‬وقاذفات‭ ‬القنابل‭ ‬والوقود‭ ‬والذخيرة‭ ‬الروسية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬لهجوم‭ ‬متكرر‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬تعرض‭ ‬جسر‭ ‬كيرتش،‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬بروسيا،‭ ‬والذي‭ ‬أشرف‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬على‭ ‬بنائه،‭ ‬لأضرار‭ ‬كبيرة‭ ‬بعد‭ ‬الانفجارات‭ ‬المنسوبة‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭. ‬فجر‭ ‬السبت‭ ‬29‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وجدت‭ ‬سيفاستوبول،‭ ‬معقل‭ ‬الأسطول‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬نفسها‭ ‬تحت‭ ‬نيران‭ ‬طائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭.‬

أعلن‭ ‬الكرملين،‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬منه‭ ‬انسحابه‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬الحبوب،‭ ‬فترة‭ ‬‮«‬غير‭ ‬محددة‮»‬‭. ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬سلامة‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬العابرة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الممرات‭ ‬الآمنة‭ ‬بين‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وتركيا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مضمونة‭.‬

سارع‭ ‬الحلفاء‭ ‬الغربيون‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬حث‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭. ‬عقب‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الأوكراني‭ ‬فولوديمير‭ ‬زيلينسكي،‭ ‬استنكر‭ ‬الرئيس‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬‮«‬القرار‭ ‬الأحادي‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬روسيا‭ ‬والذي‭ ‬يضر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بالأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬راح‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‭ ‬إقناع‭ ‬روسيا‭ ‬بالتراجع‭ ‬عن‭ ‬قرارها‭.‬

تم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الحل‭ ‬الوسط‭ ‬الوحيد‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬المتحاربين‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭. ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬أغسطس‭ ‬وأكتوبر،‭ ‬أمكن‭ ‬شحن‭ ‬عشرة‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬ما‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬ظهور‭ ‬أزمة‭ ‬غذاء‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

كانت‭ ‬تركيا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬وساطتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحبوب،‭ ‬والتي‭ ‬رحب‭ ‬بها‭ ‬الحلفاء‭ ‬الغربيون‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬تحسن‭ ‬صورتها‭ ‬كعنصر‭ ‬جيد‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬لتغطي‭ ‬بالتالي‭ ‬دورها‭ ‬كعنصر‭ ‬تخريبي‭ ‬داخل‭ ‬التحالف‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬اتفاقية‭ ‬الحبوب‭ ‬مربحة‭ ‬تجاريا‭ ‬لأنقرة‭. ‬تعمل‭ ‬شركات‭ ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬التركية‭ ‬بأقصى‭ ‬سرعة‭: ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬ثلث‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مالكي‭ ‬السفن‭ ‬الأتراك،‭ ‬وقد‭ ‬زادت‭ ‬الضرائب‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬البوسفور‭ ‬بمقدار‭ ‬خمسة‭ ‬أضعاف‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭.‬

أعلنت‭ ‬روسيا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عودتها‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬الحبوب‭. ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬حليفه‭ ‬التركي‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭: ‬‮«‬على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬لن‭ ‬نعيق‭ ‬تسليم‭ ‬الحبوب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬إلى‭ ‬الجمهورية‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬المستقبل‮»‬‭.‬

تحول‭ ‬موقفه‭ ‬بشأن‭ ‬صفقة‭ ‬الحبوب‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬للضغط‭ ‬الذي‭ ‬مارسه‭ ‬السيد‭ ‬أردوغان‭. ‬إنه‭ ‬يوضح‭ ‬كيف‭ ‬نما‭ ‬تأثير‭ ‬الباب‭ ‬العالي‭ ‬على‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬وغيّر‭ ‬بشكل‭ ‬جذري‭ ‬ميزان‭ ‬العلاقات‭.‬

تمتلك‭ ‬تركيا‭ ‬أيضًا‭ ‬مفتاح‭ ‬مرور‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬عبر‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬ترك‭ ‬ستريم،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬منصة‭ ‬إقليمية‭ ‬للالتفاف‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬موسكو‭. ‬يدرك‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬صديقه‮»‬‭ ‬أردوغان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬فقط‭ ‬لمساعدته‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬وطأة‭ ‬الضغوط‭. ‬

منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب،‭ ‬أثبتت‭ ‬تركيا‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬طريق‭ ‬إمداد‭ ‬آمن‭ ‬لروسيا‭. ‬فهي‭ ‬الدولة‭ ‬العضو‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬الناتو‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تطبق‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية،‭ ‬أصبحت‭ ‬موانئها‭ ‬ومطاراتها‭ ‬ولوجستياتها‭ ‬وبنوكها‭ ‬شريان‭ ‬حياة‭ ‬لنظام‭ ‬بوتين‭. ‬تضاعفت‭ ‬التجارة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬التسعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬السابق‭.‬

تتم‭ ‬الحركة‭ ‬التجارية‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬الذي‭ ‬تهيمن‭ ‬عليه‭ ‬موسكو‭ ‬وأنقرة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬البحري‭. ‬أوكرانيا‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬أسطول‭ ‬جدير‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم،‭ ‬أما‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬فهو‭ ‬غائب‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يخفي‭ ‬أطماعه‭ ‬القديمة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭. ‬من‭ ‬المسلم‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬طائرات‭ ‬الناتو‭ ‬تراقب‭ ‬السماء،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬سفينة‭ ‬تابعة‭ ‬للتحالف‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭.‬

في‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الصراع،‭ ‬أغلقت‭ ‬أنقرة‭ ‬مضيق‭ ‬البوسفور‭ ‬والدردنيل،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬تنص‭ ‬عليه‭ ‬اتفاقية‭ ‬مونترو‭ ‬لعام‭ ‬1936،‭ ‬كما‭ ‬حظرت‭ ‬مرور‭ ‬السفن‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬وكذلك‭ ‬سفن‭ ‬الناتو،‭ ‬وهذا‭ ‬طالما‭ ‬استمر‭ ‬الصراع‭.‬

مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬عرفت‭ ‬تركيا‭ ‬كيف‭ ‬تستغل‭ ‬الوضع‭. ‬وبسبب‭ ‬العقوبات،‭ ‬أوقفت‭ ‬شركات‭ ‬شحن‭ ‬الحاويات‭ ‬العملاقة‭ ‬الشحنات‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭. ‬استحوذت‭ ‬الشركات‭ ‬التركية‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬النشاط‭ ‬التجاري‭. ‬تصل‭ ‬آلاف‭ ‬الحاويات‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬أو‭ ‬أوروبا‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬إسطنبول‭ ‬ومرسين‭ ‬وإزمير‭ ‬ليتم‭ ‬إعادة‭ ‬توجيهها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬ميناء‭ ‬نوفوروسيسك‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭.‬

يأتي‭ ‬التقارب‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وأنقرة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تبدو‭ ‬فيه‭ ‬روسيا‭ ‬متضررة‭ ‬بشدة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬بينما‭ ‬تواجه‭ ‬تركيا‭ ‬أزمة‭ ‬نقدية‭ ‬خطيرة‭. ‬بلغ‭ ‬التضخم‭ ‬المالي‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬واستمرت‭ ‬العملة‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬الانخفاض،‭ ‬واحتياطيات‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭ ‬لدى‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭.‬

‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬بوتين‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الحليف،‭ ‬وقد‭ ‬بادر‭ ‬بمساعدة‭ ‬الحكومة‭ ‬التركية‭ ‬وذلك‭ ‬بتحويل‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬تابعة‭ ‬لشركة‭ ‬روساتوم‭ ‬التركية‭ ‬العملاقة‭ ‬النووية‭ ‬العامة،‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬أول‭ ‬محطة‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬مرسين‭ ‬على‭ ‬الساحل‭ ‬الجنوبي‭.‬

ومن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام،‭ ‬وفقًا‭ ‬للاتفاقية‭ ‬الموقعة،‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬التركية‭ ‬مخولة‭ ‬باستثمار‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬سندات‭ ‬دولارية‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الخزانة‭ ‬والمالية‭ ‬التركية‭. ‬وبالفعل،‭ ‬أتاحت‭ ‬السيولة‭ ‬التي‭ ‬وفرتها‭ ‬روساتوم‭ ‬زيادة‭ ‬احتياطي‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭ ‬التركي،‭ ‬الذي‭ ‬ارتفع‭ ‬من‭ ‬98‭.‬9‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬يوليو‭ ‬إلى‭ ‬108‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬أغسطس‭.‬

يعتمد‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬عروض‭ ‬الطاقة‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬الكرملين،‭ ‬أي‭ ‬تخفيض‭ ‬سعر‭ ‬الغاز‭ ‬ودفع‭ ‬ربع‭ ‬الشحنات‭ ‬بالروبل‭. ‬لقد‭ ‬اقترح‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬مؤخرًا‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬غاز‮»‬‭ ‬يمكن‭ ‬لشركة‭ ‬غازبروم‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تصدير‭ ‬ذهبها‭ ‬الأزرق‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأكثر‭ ‬استعدادًا‭ ‬لروسيا‭ (‬إيطاليا‭ ‬والنمسا‭ ‬والمجر‭). ‬هذا‭ ‬مشروع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬بسبب‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬ستقع‭ ‬حتماً‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الراغبة‭ ‬في‭ ‬المساهمة‭ ‬فيه‭.‬

في‭ ‬بروكسل،‭ ‬لا‭ ‬تقلق‭ ‬سياسة‭ ‬التوازن‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأوروبيين‭ ‬كثيرًا‭. ‬وبحسب‭ ‬رأيهم،‭ ‬فإن‭ ‬الصادرات‭ ‬التركية‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تذكر،‭ ‬ولم‭ ‬يثبت‭ ‬الالتفاف‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭. ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬للغضب‭ ‬من‭ ‬السيد‭ ‬أردوغان‭. ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬ترتيباته‭ ‬الصغيرة‭ ‬مع‭ ‬موسكو،‭ ‬فإن‭ ‬أردوغان‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الخط‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬الغربيين‭. ‬إنه‭ ‬يدعم‭ ‬وحدة‭ ‬أراضي‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬أبدًا‭ ‬عن‭ ‬إدانة‭ ‬الضم‭ ‬الروسي‭ ‬لدونباس‭ ‬وشبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الغرابة‭ ‬بين‭ ‬بوتين‭ ‬وأردوغان،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقدرتهما‭ ‬على‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬خلافاتهما،‭ ‬وسواء‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬القوقاز‭ ‬وأوكرانيا،‭ ‬رغم‭ ‬تباين‭ ‬أجنداتهما‭. ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يوفر‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬لهما‭ ‬أفقًا‭ ‬مشتركًا‭. ‬إنهم‭ ‬يبرزون‭ ‬أنفسهم‭ ‬هناك،‭ ‬ويرون‭ ‬فيها‭ ‬فضاء‭ ‬استراتيجيا‭ ‬مستقبليا‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬أي‭ ‬سيطرة‭ ‬عليه‭.‬

غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تُعقد‭ ‬اجتماعاتهما‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سوتشي،‭ ‬على‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬في‭ ‬المقر‭ ‬الصيفي‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭. ‬يأتي‭ ‬أردوغان‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬كجار،‭ ‬ولا‭ ‬يستغرق‭ ‬الأمر‭ ‬سوى‭ ‬ساعة‭ ‬طيران‭ ‬من‭ ‬أنقرة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مضيفه‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬فيه‭ ‬الطرفان‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬تعزيز‭ ‬شراكتهما‭ ‬المشتركة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الاقتصادية‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬الاستياء‭ ‬المشترك‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬يوطد‭ ‬علاقتهما‭. ‬يعتقد‭ ‬بوتين‭ ‬مثل‭ ‬أردوغان‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬القديم‭ ‬عفا‭ ‬عليه‭ ‬الزمن،‭ ‬وأن‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬قد‭ ‬تغيرت،‭ ‬وأنه‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليًا‭.‬

تفرض‭ ‬روسيا‭ ‬وتركيا‭ ‬سيطرتهما‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ - ‬موسكو‭ ‬بفضل‭ ‬حصارها‭ ‬البحري،‭ ‬وأنقرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬المضيق‭  ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬أوروبا‭ ‬أمام‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭. ‬

تطمع‭ ‬موسكو‭ ‬وجورجيا‭ ‬ومولدوفا،‭ ‬التي‭ ‬تأوي‭ ‬ضد‭ ‬إرادتها،‭ ‬الحركات‭ ‬الانفصالية‭ ‬الموالية‭ ‬للكرملين‭ ‬والقواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية،‭ ‬وهي‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬نفسها‭ ‬مهددة‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬بعد‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬كونها‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭. ‬تمثل‭ ‬دول‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬نقطة‭ ‬الضعف‭ ‬في‭ ‬الهيكل‭ ‬الأمني‭ ‬الأوروبي‭ ‬الأطلسي‭. ‬

بوليتيك

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا