العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

من هم الأفغان الذين قتلهم الأمير هاري؟

الاثنين ١٠ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬باتريك‭ ‬كوكبرن

 

تكشف‭ ‬الضجة‭ ‬حول‭ ‬تصريحات‭ ‬الأمير‭ ‬هاري‭ ‬والتي‭ ‬أثارت‭ ‬انتقادات‭ ‬شديدة‭ ‬حول‭ ‬دوره‭ ‬كطيار‭ ‬هليكوبتر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬عن‭ ‬منتقديه‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬الأمير‭ ‬نفسه‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الانتقادات‭ ‬هستيرية‭ ‬أو‭ ‬لافتة‭ ‬للانتباه،‭ ‬لكنها‭ ‬تنبع‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬الذاكرة‭ ‬البريطانية‭ ‬بشأن‭ ‬الحروب‭ ‬الفاشلة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭.‬

كتب‭ ‬هاري‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬كتابه‭: ‬إن‭ ‬‮«‬أفغانستان‭ ‬كانت‭ ‬حرب‭ ‬أخطاء،‭ ‬حرب‭ ‬ذات‭ ‬أضرار‭ ‬جانبية‭ ‬هائلة‭ - ‬قتل‭ ‬وتشوه‭ ‬فيها‭ ‬آلاف‭ ‬الأبرياء‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ظل‭ ‬يطاردنا‭ ‬دائمًا‮»‬‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬البريطاني‭ ‬غير‭ ‬المجدي‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ومعظمه‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬هلمند،‭ ‬يتلاشى‭ ‬سريعًا‭ ‬من‭ ‬الذاكرة‭ ‬العامة‭.‬

لا‭ ‬توجد‭ ‬دولة‭ ‬تحب‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إخفاقاتها‭ ‬وفشلها،‭ ‬لكن‭ ‬رفض‭ ‬بريطانيا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأخطاء‭ ‬الماضي‭ ‬والتعلم‭ ‬منها‭ ‬أصبح‭ ‬مرضًا‭ ‬قوميًّا‭ ‬أكثر‭ ‬تدميرًا‭ ‬للذات‭.‬

أسوأ‭ ‬أعراض‭ ‬هذا‭ ‬التدمير‭ ‬الذاتي‭ ‬هو‭ ‬النفخ‭ ‬في‭ ‬المعنويات‭ ‬والتظاهر‭ ‬بأن‭ ‬بريطانيا‭ ‬تحمل‭ ‬الأوراق‭ ‬الرابحة‭ ‬في‭ ‬يديها‭ ‬وتعرف‭ ‬كيف‭ ‬تلعبها،‭ ‬وقد‭ ‬بلغت‭ ‬ذروتها‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭ ‬وليز‭ ‬تراس‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭.‬

لكن‭ ‬الانتقادات‭ ‬السامة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬تعليقات‭ ‬هاري‭ ‬المعقولة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬حول‭ ‬حربه‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬تظهر‭ ‬قوة‭ ‬المحظورات‭ ‬العامة‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬تقييم‭ ‬واقعي‭ ‬لقدرة‭ ‬بريطانيا‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬الحرب‭.‬

هناك‭ ‬لمسة‭ ‬من‭ ‬السذاجة‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬هاري‭ ‬عن‭ ‬قيادة‭ ‬مروحية‭ ‬أباتشي‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬قتالية،‭ ‬لكن‭ ‬لديه‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬المثيرة‭ ‬للاهتمام‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يفعله‭.‬

كتب‭ ‬هاري‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬نيتي‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬وصولي‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬أخلد‭ ‬إلى‭ ‬الفراش‭ ‬متشككًا‭ ‬في‭ ‬أنني‭ ‬قد‭ ‬فعلت‭ ‬الشيء‭ ‬الصحيح،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أهدافي‭ ‬كانت‭ ‬صحيحة،‭ ‬وأنني‭ ‬كنت‭ ‬أطلق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬طالبان‭ ‬وعلى‭ ‬طالبان‭ ‬فقط،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مدنيون‭ ‬في‭ ‬الجوار‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬التجربة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬أظهرت‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬استهدفتهم‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬طائرات‭ ‬ثابتة‭ ‬الجناحين‭ ‬وطائرات‭ ‬هليكوبتر‭ ‬وطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬وصواريخ‭ ‬أرض‭ - ‬أرض‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬اعتقدهم‭ ‬الطيارون‭ ‬والمراقبون‭ ‬الجويون‭.‬

فبدلاً‭ ‬من‭ ‬استهداف‭ ‬مقاتلي‭ ‬طالبان‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بأبناء‭ ‬القبائل‭ ‬المعادين‭ ‬لحاكم‭ ‬الإقليم‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬مزارعون‭ ‬يحاولون‭ ‬محاربة‭ ‬المسلحين‭ ‬الذين‭ ‬أرسلهم‭ ‬قائد‭ ‬الشرطة‭ ‬المحلية‭. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬المسألة‭ ‬الأهم‭ ‬تتعلق‭ ‬بالخسائر‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬بسبب‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭ ‬الخاطئة‭.‬

يقول‭ ‬هاري‭ ‬إنه‭ ‬قتل‭ ‬خمسا‭ ‬وعشرين‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬طالبان،‭ ‬لكنني‭ ‬أشك‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرًا‭. ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬التحقيق‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬الحقيقي‭ ‬للقوة‭ ‬الجوية‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬العراق‭ - ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬الجوية‭ ‬شبيهة‭ ‬بتلك‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ - ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عزمت‭ ‬خان‭ ‬وأناند‭ ‬جوبال‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬سنتي‭ ‬2016‭ ‬و2017،‭ ‬وجدا‭ ‬تباينًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بين‭ ‬الادعاءات‭ ‬العسكرية‭ ‬والحقيقة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

في‭ ‬دراسة‭ ‬شملت‭ ‬150‭ ‬غارة‭ ‬جوية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الضحايا‭ ‬غير‭ ‬المحسوبين‮»‬‭ ‬ونُشرت‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬نوفمبر‭ ‬2017‭ ‬وجد‭ ‬هذان‭ ‬المحققان‭ ‬أن‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬خمس‭ ‬ضربات‭ ‬نفذتها‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬التي‭ ‬حددناها‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬مدنيين،‭ ‬وهو‭ ‬معدل‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬31‭ ‬ضعفًا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬معترف‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬الغربي‭. ‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬ادعاءاتهم‭ ‬بامتلاك‭ ‬القدرة‭ ‬اللازمة‭ ‬للتمييز‭ ‬بين‭ ‬الجنود‭ ‬والمدنيين،‭ ‬فإن‭ ‬الحملات‭ ‬الجوية‭ ‬الحديثة‭ ‬تعتمد‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬استخباراتية‭ ‬غير‭ ‬مؤكدة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الأهداف‭.‬

وفي‭ ‬منطقة‭ ‬سكنية‭ ‬خارج‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل،‭ ‬زعمت‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الغربية‭ ‬أنها‭ ‬قتلت‭ ‬مدنيا‭ ‬واحدا‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬‮«‬القيارة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬بالقرب‭ ‬منها،‭ ‬فيما‭ ‬قالت‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬العراقية‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تقتل‭ ‬أحدا‭.‬

لقد‭ ‬اتضح‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أنه‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬40‭ ‬غارة‭ ‬جوية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬43‭ ‬مدنيا،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬19‭ ‬رجلاً‭ ‬وثماني‭ ‬نساء‭ ‬و16‭ ‬طفلاً‭ ‬يبلغون‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬14‭ ‬عاماً‭ ‬أو‭ ‬أقل‭. ‬في‭ ‬حوالي‭ ‬ثلث‭ ‬الهجمات‭ ‬الجوية‭ ‬القاتلة،‭ ‬كان‭ ‬مقاتلو‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الحالات‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أي‭ ‬منهم‭ ‬موجودًا‭.‬

ركزت‭ ‬الانتقادات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬والموجهة‭ ‬إلى‭ ‬هاري‭ ‬على‭ ‬الادعاء‭ ‬الكاذب‭ ‬بأنه‭ ‬يتباهى‭ ‬بقتل‭ ‬25‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬طالبان‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬انتهك‭ ‬بعض‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الغامضة‭ ‬بإعطاء‭ ‬رقم‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬قتلى‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يعرف‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يطلق‭ ‬النار،‭ ‬وفي‭ ‬عصر‭ ‬مروحيات‭ ‬أباتشي‭ ‬وأجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬المحمولة،‭ ‬يمكن‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬ذلك‭: ‬‮«‬يمكنني‭ ‬دائمًا‭ ‬تحديد‭ ‬عدد‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأعداء‭ ‬الذين‭ ‬قتلتهم‭ ‬بدقة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬هاري‭ ‬فعل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل‭ ‬لأنه،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬دقة‭ ‬الأسلحة‭ ‬الحديثة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬الهدف‭ ‬الصحيح‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هاري‭ ‬محقًا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬أهدافه‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬طالبان،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬مستوى‭ ‬استثنائيًا‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الخارق‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬فكر‭ ‬هاري‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬يفعله،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كتب‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬في‭ ‬خضم‭ ‬القتال‭ ‬وغموضه‭ ‬لم‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخمسة‭ ‬والعشرين‭ ‬كأشخاص‮»‬‭. ‬إنه‭ ‬يقوم‭ ‬بالتشبيه‭ ‬السيئ‭ ‬السمعة‭ ‬بين‭ ‬قتلى‭ ‬طالبان‭ ‬وقطع‭ ‬الشطرنج‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إزالتها‭ ‬من‭ ‬اللوحة‭.‬

‮«‬لقد‭ ‬تدربت‭ ‬على‭ ‬الآخرين،‭ ‬تدربت‭ ‬جيدًا‭. ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ما،‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الانفصال‭ ‬المكتسب‭ ‬يمثل‭ ‬مشكلة‭. ‬لكنني‭ ‬رأيت‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬التجنيد‮»‬‭.‬

إنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬محق‭ ‬في‭ ‬هذا،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تمامًا‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬يقصدها‭. ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكذب‭ ‬الجيوش‭ ‬أو‭ ‬تخدع‭ ‬نفسها‭ ‬بشأن‭ ‬عدد‭ ‬المدنيين،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأعداء‭ ‬الذين‭ ‬يقتلونهم‭. ‬

ونادرا‭ ‬ما‭ ‬يعترفون‭ ‬صراحة‭ ‬لأنفسهم‭ ‬أو‭ ‬للآخرين‭ ‬بالسبب‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬يثير‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭. ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬وصول‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني‭ ‬إلى‭ ‬إقليم‭ ‬هلمند‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬لاحظ‭ ‬أحد‭ ‬ضباط‭ ‬المخابرات‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬توجد‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬هلمند،‭ ‬ولكن‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬إذا‭ ‬ذهب‭ ‬الجيش‭ ‬البريطاني‭ ‬إلى‭ ‬هناك‮»‬‭.‬

‭ ‬ليس‭ ‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الحقائق‭ ‬الكئيبة‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬البريطاني‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬كانت‭ ‬سرًا‭. ‬قال‭ ‬سفير‭ ‬بريطاني‭ ‬متقاعد‭: ‬‮«‬إن‭ ‬أسوأ‭ ‬خطأ‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬شهده‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬هو‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬ثاني‭ ‬أسوأ‭ ‬خطأ‭ ‬التدخل‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬هلمند‭ ‬بأفغانستان‮»‬‭.‬

كان‭ ‬السبب‭ ‬الأساسي‭ ‬لكل‭ ‬تدخل‭ ‬هو‭ ‬الأولوية‭ ‬المعطاة‭ ‬لإقناع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأن‭ ‬البريطانيين‭ ‬حليف‭ ‬يمكن‭ ‬لأمريكا‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليه‭.‬

يوفر‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬دافعًا‭ ‬منطقيًا‭ ‬لإرسال‭ ‬جيوش‭ ‬بريطانية‭ ‬صغيرة‭ ‬وغير‭ ‬كافية‭ ‬إلى‭ ‬البصرة‭ ‬وهلمند،‭ ‬حيث‭ ‬واجهوا‭ ‬سكانًا‭ ‬محليين‭ ‬معادين‭ ‬ومسلحين‭ ‬جيدًا‭.‬

تم‭ ‬التحقيق‭ ‬بدقة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬لبريطانيا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقارير‭ ‬حكومية‭ ‬أو‭ ‬برلمانية‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭. ‬صُممت‭ ‬التقارير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬امتصاص‭ ‬الانتقادات‭ ‬وتأخير‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرارات‭ ‬عبر‭ ‬دفن‭ ‬الجوانب‭ ‬والحقائق‭ ‬التي‭ ‬يراد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تنسى‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭ ‬أبدا‭ ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬التقارير‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭ ‬بالضبط‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬أخبار‭ ‬جيدة‭ ‬للمؤرخين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬يشيرون‭ ‬إليها‭ ‬يتم‭ ‬تجاهلها‭ ‬بشكل‭ ‬روتيني‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬أن‭ ‬محاولة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬خوض‭ ‬حروب‭ ‬بالاعتماد‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬الجوية‭ ‬لم‭ ‬تنجح،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬الأمريكان‭ ‬والبريطانيين‭ ‬قد‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬تسيطر‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬العاصمة‭ ‬الأفغانية‭ ‬كابول‭.‬

ربما‭ ‬تكون‭ ‬رواية‭ ‬هاري‭ ‬عن‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬قضاها‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬قد‭ ‬أثارت‭ ‬جدلاً‭ ‬مفيدًا‭ ‬حول‭ ‬السجل‭ ‬العسكري‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهجمة‭ ‬المسعورة‭ ‬لشيطنة‭ ‬هاري‭. ‬

ربما‭ ‬سيبقى‭ ‬سؤالان‭ ‬مثيران‭ ‬للاهتمام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إجابة‭. ‬من‭ ‬هم‭ ‬الأفغان‭ ‬الذين‭ ‬قتلهم‭ ‬هاري؟‭ ‬وكم‭ ‬عدد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬قرروا‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬لأن‭ ‬أقاربهم‭ ‬وأصدقاءهم‭ ‬قد‭ ‬قتلوا؟

‭ ‬كومونز

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا