العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

شرق و غرب

هل بقي للحياد وعدم الانحياز من معنى في عالم اليوم؟

الأربعاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

أصبح‭ ‬من‭ ‬الشائع‭ ‬وصف‭ ‬العالم‭ ‬بأنه‭ ‬منقسم‭ ‬بين‭ ‬كتلة‭ ‬غربية‭ ‬متجددة‭ ‬وتحالف‭ ‬استبدادي‭ ‬شمولي‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬لكن‭ ‬طريقة‭ ‬التفكير‭ ‬هذه‭ ‬لها‭ ‬حدودها‭.‬

يجب‭ ‬القول‭ ‬بداية‭ ‬إن‭ ‬الغرب‭ ‬ليس‭ ‬دائمًا‭ ‬موحدًا،‭ ‬كما‭ ‬توضح‭ ‬الرحلة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مؤخرا‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭. ‬والأمر‭ ‬الأكثر‭ ‬لفتًا‭ ‬للانتباه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المنافسة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬شخص،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬يعيشون‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬الانحياز‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الجانبين‭ ‬المذكورين‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نوضح‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬‮«‬غير‭ ‬المنحازة‮»‬‭ ‬أصبحت‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تشرذم‭ ‬وتفكك‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭. ‬فدول‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تعقد‭ ‬اليوم‭ ‬صفقات‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الانقسامات،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬رأي‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية‭.‬

مع‭ ‬ذلك‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نخطئ‭ ‬التقدير‭. ‬فهذا‭ ‬النصف‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬مترامي‭ ‬الأطراف‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يعمل‭ ‬ككتلة‭ ‬أبدًا‭. ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬سبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬دولارًا،‭ ‬أو‭ ‬كيف‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد،‭ ‬أو‭ ‬آفاق‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬المعادلة‭.‬

يثير‭ ‬صعود‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أيضًا‭ ‬سؤالًا‭ ‬كبيرًا‭: ‬بينما‭ ‬تتنافس‭ ‬الصين‭ ‬والغرب‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬البلدان،‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬سينتصر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف؟

يجب‭ ‬القول‭ ‬أيضا‭ ‬إن‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬له‭ ‬سجل‭ ‬مشكوك‭ ‬فيه‭. ‬بدأت‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كتحالف‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬سيادتها‭ ‬الجديدة‭ ‬وسط‭ ‬التوترات‭ ‬المتزايدة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭.‬

على‭ ‬مدى‭ ‬عقود،‭ ‬تدهورت‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬وسقطت‭ ‬في‭ ‬معاداة‭ ‬أمريكا‭. ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬التماسك‭ ‬بين‭ ‬دولها،‭ ‬والنفوذ‭ ‬العسكري،‭ ‬والعضوية‭ ‬الدائمة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والثقل‭ ‬الاقتصادي‭   ‬أو‭ ‬الوجود‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتمويل،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬القوة‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1956،‭ ‬وصف‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬جون‭ ‬فوستر‭ ‬دالاس،‭ ‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬بأنها‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬غير‭ ‬أخلاقية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬أصبحت‭ ‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬غير‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭.‬

للوهلة‭ ‬الأولى،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يزيد‭ ‬عددها‭ ‬على‭ ‬100‭ ‬دولة‭ ‬محايدة‭ ‬ظاهريًا‭ ‬وهي‭ ‬تواجه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

لدى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬ليكونوا‭ ‬متماسكين‭ ‬مثل‭ ‬الغرب،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تحالف‭ ‬المصلحة‭ ‬الصيني‭ ‬الروسي‭: ‬الديمقراطيات‭ ‬الضخمة‭ ‬مثل‭ ‬البرازيل‭ ‬والهند‭ ‬لديها‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أجندة‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬بالنفط‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭.‬

لا‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المحسوبة‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬التقنيات،‭ ‬من‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬إلى‭ ‬الأسلحة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭  ‬تمارس‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تجارتها‭ ‬بالعملة‭ ‬الأمريكية‭ - ‬الدولار‭.‬

ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فمن‭ ‬الخطأ‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المحسوبة‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬وذلك‭ ‬لسببين‭. ‬أولاً،‭ ‬نفوذ‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الاقتصادي‭ ‬آخذ‭ ‬في‭ ‬الارتفاع‭. ‬لنأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أكبر‭ ‬25‭ ‬اقتصادا‭ ‬غير‭ ‬منحاز،‭ ‬أو‭ ‬المصنفة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬أو‭ ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬محايدة‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬المنافسة‭ ‬الصينية‭ ‬الأمريكية‭.‬

تشكل‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬معًا‭ ‬45%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬وارتفعت‭ ‬حصتها‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬11%‭ ‬عندما‭ ‬انخفض‭ ‬جدار‭ ‬برلين‭ ‬إلى‭ ‬18%‭ ‬اليوم،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬نفسها‭ ‬بما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬طاقات‭ ‬علمية‭ ‬وتقنية‭ ‬وإنتاجية‭. ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬العولمة‭ ‬الحرة،‭ ‬أصبح‭ ‬نمط‭ ‬التجارة‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬مع‭ ‬انقسام‭ ‬ثلاثي‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬والصين‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬منحازة‭.‬

ثانيًا،‭ ‬أصبحت‭ ‬مقاربة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬للعالم،‭ ‬والتي‭ ‬تشكلت‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية،‭ ‬عملية‭ ‬وصارمة‭. ‬لقد‭ ‬تحولوا‭ ‬إلى‭ ‬مدافعين‭ ‬غير‭ ‬محتملين‭ ‬عن‭ ‬العولمة‭: ‬من‭ ‬المكسيك‭ ‬إلى‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬وهو‭ ‬يريدون‭ ‬التجارة‭ ‬بحرية‭ ‬مع‭ ‬جانبي‭ ‬الانقسام‭ ‬الجيوسياسي،‭ ‬مع‭ ‬اغتنام‭ ‬فرص‭ ‬الربح‭ ‬مع‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاعتماد‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬الصين‭.‬

نوضح‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬البراغماتية‭ ‬تعني‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أيضا‭ ‬ثقة‭ ‬محدودة‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬قادته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬مثل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬والتي‭ ‬يرون‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والانحلال‭. ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬النداءات‭ ‬الغربية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬الليبرالي‭ ‬أو‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬خدمة‭ ‬ذاتية‭ ‬وغير‭ ‬متسقة‭ ‬ومنافقة‭.‬

والنتيجة‭ ‬هي‭ ‬نهج‭ ‬معاملات‭ ‬مرن‭ ‬للعالم،‭ ‬حيث‭ ‬تتجول‭ ‬البلدان‭ ‬وتتعامل‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭. ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يعمل‭ ‬غير‭ ‬المنحازين‭ ‬بمفردهم،‭ ‬لكنهم‭ ‬يعملون‭ ‬أحيانًا‭ ‬في‭ ‬تناغم‭.‬

أبدت‭ ‬منظمة‭ ‬البلدان‭ ‬المنتجة‭ ‬والمصدرة‭ ‬للنفط‭ (‬كارتل‭ ‬النفط‭) ‬صرامة‭ ‬أكبر؛‭ ‬حيث‭ ‬قررت‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬خفض‭ ‬الإنتاج‭ ‬بنسبة‭ ‬4%‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الشكاوى‭ ‬الغربية‭. ‬يقوم‭ ‬لويس‭ ‬إيناسيو‭ ‬لولا‭ ‬دا‭ ‬سيلفا،‭ ‬رئيس‭ ‬البرازيل،‭ ‬بالترويج‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬نادي‭ ‬سلام‮»‬‭ ‬لإنهاء‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وتريد‭ ‬الهند‭ ‬استغلال‭ ‬رئاستها‭ ‬لمجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬للضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭.‬

يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإسقاط‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الصعوبة‭ ‬‭ ‬ولكنها‭ ‬قد‭ ‬تنمو‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬طموحًا‭. ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬تريد‭ ‬الهند‭ ‬تصدير‭ ‬‮«‬كومة‮»‬‭ ‬خدماتها‭ ‬الرقمية‭.‬

في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع،‭ ‬تبيع‭ ‬تركيا‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار،‭ ‬وتعمل‭ ‬الهند‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬أسطولها‭ ‬البحري‭. ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التمويل،‭ ‬أصبح‭ ‬نظام‭ ‬إعادة‭ ‬استثمار‭ ‬تريليونات‭ ‬الدولارات‭ ‬النفطية‭ ‬أقل‭ ‬تركيزًا‭ ‬على‭ ‬الغرب‭.‬

نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬المحدودة‭ ‬عن‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭ ‬التاريخية‭ ‬وتعرضها‭ ‬لتغير‭ ‬الطقس،‭ ‬ستسعى‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬المناخ‭. ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬رغبة‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬الاضطرار‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬كتلة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬أو‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬تتنافس‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬للفوز‭ ‬بها‭.‬

لا‭ ‬تنظر‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬قابلة‭ ‬للمزايدة‭ ‬والبيع‭ ‬والشراء،‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭.  ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬ستدرك‭ ‬الدول‭ ‬الضعيفة‭ ‬غير‭ ‬المنحازة‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬القوة‭ ‬مناسبة‭ ‬للمتنمرين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭. ‬فالقوة‭ ‬الناعمة‭ ‬للصين‭ ‬الشمولية‭ ‬لها‭ ‬حدود‭. ‬أما‭ ‬مواطنو‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬الأموال‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬فهم‭ ‬بالكاد‭ ‬يصطفون‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬للهجرة‭ ‬إلى‭ ‬بكين‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يحتاج‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬الاستعداد‭ ‬للتنافس‭ ‬على‭ ‬النفوذ‭. ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحلفائها‭ ‬مقاومة‭ ‬إغراء‭ ‬الانحدار‭ ‬إلى‭ ‬التكتيكات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬بإلقاء‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬خصومهم‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬مناشدات‭ ‬النظام‭ ‬الليبرالي‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤه‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬للفوز‭ ‬بالجدل‭. ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬أيضًا‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬بشروط‭ ‬معاملاتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬بمزيج‭ ‬من‭ ‬الترهيب‭ ‬والجزرة‭.‬

بعض‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬لدى‭ ‬الغرب‭ ‬باقية‭: ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والتدفق‭ ‬الحر‭ ‬للمعلومات‭. ‬يمكن‭ ‬تحسين‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬اقتراحها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬شبكة‭ ‬أكثر‭ ‬مرونة‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمنية،‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬أمريكا‭ ‬بالفعل‭ ‬مع‭ ‬الهند؛‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬الصعبة،‭ ‬من‭ ‬تخفيف‭ ‬الديون‭ ‬إلى‭ ‬تمويل‭ ‬المناخ‭.‬

لا‭ ‬يزال‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الناشئ‭ ‬بعيدًا‭ ‬جدًا‭ ‬عن‭ ‬اللحظة‭ ‬أحادية‭ ‬القطب‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬النفوذ،‭ ‬يمكن‭ ‬للغرب‭ ‬أن‭ ‬ينافس‭. ‬يحرص‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬مليارات‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬لهم‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا