خاطرة
عبدالرحمن فلاح
المعالم.. رفع الحرج!
من المعالم الدالة على صراطه المستقيم، والهادية إلى سواء السبيل اليسر ورفع الحرج، أما عن اليسر فقد أثبته الحق سبحانه وتعالى في قوله سبحانه: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر…) البقرة / 185.
إن اليسر في الإسلام، ورفع الحرج كلاهما إرادة إلهية، ونعمة ربانية أنعم الله تعالى بها على عباده المؤمنين العاملين، وجاء تقرير اليسر في آيات الصيام في سورة البقرة، وهي آيات تدل على العزيمة في شهر الصيام، واليسر أحرى به أن يأتي في شدة العزائم، فالصائم إذا أفطر فيه يومًا واحدًا بغير عذر شرعي يبيح له الفطر، فإن عليه أن يصوم شهرين متواصلين، ومن هنا ندرك الحكمة في مجيئ اليسر في هذه الآية لأن من أمر بالعزيمة هو الذي أمر بالرخصة، وهو الله تعالى، وكما أن إتيان العزيمة عبادة، فكذلك إتيان الرخصة عندما تتوفر شروطها هي الأخرى عبادة يثاب فاعلها ويأثم تاركها.
وأما عن رفع الحرج عن المؤمنين عندما تستدعي أحوالهم ذلك نجده في قوله تعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابًا أليمًا …) الفتح/17.
هؤلاء هم بعض أصحاب الأعذار الذين يباح لهم الرخص التي تناسب أحوالهم، وتوسع في ذكر غيرهم ممن لم تذكرهم الآية تفصيلًا، بل ذكرتهم إجمالًا في قوله سبحانه: (ولا على المريض حرج …) فهذا تعميم بعد تخصيص.. خصص بذكر: الأعمى والأعرج، ثم ذكر المريض بأي مرض يجعله غير قادر على أن يؤدي ما فرضه الله تعالى عليه من تكاليف شرعية إلا بمشقة بالغة، فيسر له، ورفع الحرج عنه في أداء هذه العبادات بالشكل الذي يستطيعه، ألم يقل الحق سبحانه وتعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم..) التغابن/ 17.
والآيات تتحدث عن الطاعة في اليسر، وأنها مطلوبة كما هي الطاعة في العسر بحسب ما يستطيعه المسلم، فالله تعالى لم يكلفنا بما لا نستطيع، وإن كلفنا بذلك فتح لنا خزائن يسره، ورفع الحرج عنا بأن خفف عنا بأن نؤدي العبادات بالشكل الذي نستطيعه، فالصلاة في السفر لنا أن نقصر الصلاة الرباعية ونجعلها اثنتين، ولنا أن نجمع بين الصلوات، وفِي رمضان لنا أن نفطر في السفر، ونقضي حين نقيم، وأما أداء الصلوات في الحضر، فلنا أن نصلي قائمين إن استطعنا، وإن عجزنا صلينا قاعدين، أو مستلقين، أو نخطر أعمال الصلاة على قلوبنا، وللمرأة الحائض أو النفساء أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة من أجل رفع الحرج عنها، وكل هذا من رحمة الله وسعة فضله لعباده المؤمنين.
إنه إسلامنا العظيم.. دين اليسر، ورفع الحرج عن المؤمنين القانتين، فالله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك