العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٨ - الأربعاء ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

هوامش

عبدالله الأيوبي

ayoobi99@gmail.com

الإرادة أقوى من آلة الحرب والتدمير

الجميع‭ ‬يعرف‭ ‬انعدام‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التكافؤ‭ ‬في‭ ‬كفتي‭ ‬الميزان‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬وبين‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬الوطنية‭ ‬والإسلامية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬النوع‭ ‬والكم،‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬الكبير‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬العسكري‭ ‬يطلق‭ ‬أيادي‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬لارتكاب‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬بحق‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬المحتلة،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬آلة‭ ‬القتل‭ ‬الإجرامية‭  ‬عن‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬بين‭ ‬طفل‭ ‬وشيخ،‭ ‬كما‭ ‬يحصل‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬يشجع‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬سياسة‭ ‬القتل‭ ‬والتدمير‭ ‬شبه‭ ‬اليومي،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬الاختلال‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬هو‭ ‬صمت‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بأكمله‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬والتأييد‭ ‬شبه‭ ‬المطلق‭ ‬الذي‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬تحت‭ ‬أكذوبة‭ ‬‮«‬حق‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬هذا‭ ‬الاختلال‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬العسكري‭ ‬والذي‭ ‬يصب‭ ‬لصالح‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬يقابله‭ ‬تفوق‭ ‬فلسطيني‭ ‬شبه‭ ‬مطلق‭ ‬في‭ ‬الإرادة‭ ‬والصمود،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والمعيشية‭ ‬التي‭ ‬تلحقها‭ ‬آلة‭ ‬التدمير‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬بأبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬هذه‭ ‬الآلة‭ ‬التدميرية‭ ‬عجزت‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولن‭ ‬تنجح‭ ‬أبدا،‭ ‬عن‭ ‬كسر‭ ‬هذه‭ ‬الإرادة‭ ‬والصمود‭ ‬الذي‭ ‬يظهره‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭  ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود،‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬النكبة‭ ‬الكبرى‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬عن‭ ‬كسر‭ ‬الإرادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تحاول‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬تعويضه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬آلة‭ ‬التدمير‭ ‬الإجرامية‭ ‬ضد‭ ‬شعب‭ ‬يعد‭ ‬أعزلا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الجبروت‭ ‬العسكري‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭.‬

ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬عدوان‭ ‬واسع‭ ‬ومتواصل‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬بـ«حق‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تدعي‭ ‬عواصم‭ ‬الدول‭ ‬الداعمة‭ ‬والمؤيدة‭ ‬لهذه‭ ‬السلطات،‭ ‬فالحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬الجدل،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬قوة‭ ‬احتلال‭ ‬واغتصاب،‭ ‬فوفقا‭ ‬لجميع‭ ‬القوانين‭ ‬والشرائع‭ ‬الدولية،‭ ‬واستنادا‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬القرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ (‬الضفة‭ ‬الغربية‭)‬،‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬وأن‭ ‬مقاومة‭ ‬هذا‭ ‬الوجود‭ ‬وبشتى‭ ‬الوسائل‭ ‬هي‭ ‬مقاومة‭ ‬مشروعة‭ ‬وفقا‭ ‬لقوانين‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

ما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬سفك‭ ‬للدماء‭ ‬الفلسطينية‭ ‬البريئة‭ ‬ليس‭ ‬سببه‭ ‬المقاومة‭ ‬الوطنية‭ ‬المشروعة،‭ ‬وإنما‭ ‬سياسة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬والاحتلال‭ ‬والتشريد،‭ ‬وهي‭ ‬كلها‭ ‬أعمال‭ ‬عدوانية‭ ‬مدانة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القانون‭ ‬والشرائع‭ ‬الدولية‭ ‬وهي‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬على‭ ‬ممارستها‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬على‭ ‬وجودها‭ ‬فوق‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬مسؤولة‭ ‬قانونيا‭ ‬وجنائيا‭ ‬عن‭ ‬سفك‭ ‬الدماء‭ ‬البريئة،‭ ‬فإن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وفي‭ ‬المقدمة‭ ‬العواصم‭ ‬الحليفة‭ ‬والداعمة‭ ‬لهذه‭ ‬السلطات،‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والسياسية‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم،‭ ‬كون‭ ‬هذه‭ ‬العواصم‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬الغطاء‭ ‬والحماية‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬المحاسبة‭ ‬والمساءلة‭ ‬بحق‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭.‬

هذه‭ ‬العواصم‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تسميه‭ ‬بـــ«ضبط‭ ‬النفس‮»‬‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬‮«‬أعمال‭ ‬العنف‮»‬،‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تعرف،‭ ‬بل‭ ‬وتعترف،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدعوات‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬هروب‭ ‬وعجز‭ ‬عن‭  ‬مواجهة‭ ‬الحقيقة،‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬مفادها‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬هناك‭ ‬احتلال‭ ‬واغتصاب‭ ‬واستيلاء‭ ‬على‭ ‬أراض،‭ ‬وطالما‭ ‬بقي‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬محروما‭ ‬من‭ ‬وطن‭ ‬مستقل،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬قاطبة،‭ ‬فإن‭ ‬أعمال‭ ‬المقاومة،‭ ‬وبشتى‭ ‬الوسائل‭ ‬سوف‭ ‬تتواصل‭ ‬وتتصاعد‭ ‬جيلا‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬فالذين‭ ‬يحملون‭ ‬الآن‭ ‬ألوية‭ ‬المقاومة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ليسوا‭ ‬هم‭ ‬أبناء‭ ‬جيل‭ ‬النكبة‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬أبناء‭ ‬جيل‭ ‬النكسة،‭ ‬وإنما‭ ‬أبناؤهم‭ ‬وأحفادهم،‭ ‬فعجلة‭ ‬النضال‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توقفها‭ ‬سيول‭ ‬الدماء‭ ‬المسفوكة‭ ‬ولا‭ ‬آلة‭ ‬القتل‭ ‬والتدمير،‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬وصمود،‭ ‬وهذه‭ ‬ميزة‭ ‬أبناء‭ ‬فلسطين‭.‬

من‭ ‬العار‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬والعواصم‭ ‬المؤيدة‭ ‬والداعمة‭ ‬لسلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬أن‭ ‬يتفرج‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬جريمة‭ ‬العصر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحرك‭ ‬ساكنا،‭ ‬وكأن‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ليس‭ ‬شعبا‭ ‬له‭ ‬حقوق‭ ‬إنسانية،‭ ‬كما‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬كلها،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬شعب‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬وطن‭ ‬مستقل،‭ ‬وليست‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭ ‬قوة‭ ‬احتلال‭ ‬متمردة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬القوانين‭ ‬والشرائع‭ ‬الدولية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يحاسبها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التمرد‭ ‬غير‭ ‬القانوني،‭ ‬فاستمرار‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬الخاطئة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬جريمة‭ ‬يتحمل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والعواصم‭ ‬المؤيدة‭ ‬والداعمة‭ ‬لسلطات‭ ‬الاحتلال،‭ ‬جميع‭ ‬تبعاتها،‭ ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬تنصف‭ ‬فيه‭ ‬العدالة‭ ‬أبناء‭ ‬فلسطين‭ ‬قادم‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬فتجارب‭ ‬الشعوب‭ ‬المناضلة‭ ‬والمتمسكة‭ ‬بحقوقها‭ ‬المشروعة‭ ‬تؤكد‭ ‬ذلك‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالله الأيوبي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا