العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

إفريقيا ونظام الولي الفقيه!

{‭ ‬طالما‭ ‬بقي‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‮»‬،‭ ‬وبقي‭ ‬مشروعه‭ ‬في‭ ‬التمدد،‭ ‬واختراق‭ ‬الدول‭ ‬ونشر‭ ‬التشيع‭ ‬التابع‭ ‬له،‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أجندته‭ ‬ومشروعه‭ (‬الدولة‭ ‬المهدوية‭ ‬العالمية‭) ‬يطول‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬يضع‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬قدميه‭ ‬فيه‭! ‬لأنه‭ ‬مشروع‭ ‬للعالم‭ ‬كله‭! ‬وكما‭ ‬يراه‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‮»‬‭ ‬لا‭ ‬قابلية‭ ‬للفكاك‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬بسقوطه‭ ‬كنظام‭! ‬وهذا‭ ‬افتتاح‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التذكير‭ ‬به‭!‬

{‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬يعلن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬أهدافه‭ ‬الحقيقية‭ ‬أو‭ ‬النهائية‭! ‬بل‭ ‬يبدأ‭ ‬بالأهداف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭: ‬‮«‬إن‭ ‬نظرة‭ ‬إيران‭ ‬تكاملية‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬العلاقات‭ ‬الإيرانية‭ ‬الإفريقية‭ ‬بأفضل‭ ‬أشكالها‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‮»‬،‭ ‬وبذلك‭ ‬وفي‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬يعمل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬فك‭ ‬عزلته‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬التحايل‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عودة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭! ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬رئيسي‭ ‬أيضاً‭ ‬حول‭ (‬تبادل‭ ‬الطاقات‭ ‬والقدرات‭) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬هدف‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬حلفاء‭ ‬جدد،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬إفريقيا‭ ‬حاليا‭ ‬ساحة‭ ‬مفتوحة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتعاني‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتردّية‭ ‬والفقر‭ ‬والأمية،‭ ‬رغم‭ ‬الثروات‭ ‬والخامات‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمعادن‭! ‬وقد‭ ‬جعلتها‭ ‬الصين‭ ‬ببعض‭ ‬دولها‭ ‬التي‭ ‬تحديداً‭ ‬يزورها‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ (‬كينيا،‭ ‬أوغندا،‭ ‬زيمبابوي‭) ‬جغرافيا‭ ‬أيضا‭ ‬لطريق‭ ‬الحرير‭ ‬الجديد،‭ ‬مع‭ ‬التنافس‭ ‬الصيني‭ ‬والروسي‭ ‬والأمريكي‭ ‬على‭ ‬إفريقيا‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬محاولات‭ ‬إيران‭ ‬لاختراق‭ ‬إفريقيا‭ ‬هي‭ ‬محاولات‭ ‬قديمة‭!‬

{‭ ‬إيران‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬الفرصة‭ ‬مواتية‭ ‬حالياً‭ ‬للدخول‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬سباق‭ ‬النفوذ‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وحيث‭ ‬التنافس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‭ ‬الصيني‭ ‬يزداد،‭ ‬مثلما‭ ‬التأثير‭ ‬الروسي‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬فاغنر‮»‬‭! ‬فيما‭ ‬إيران‭ ‬تستظل‭ ‬بعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬لخلق‭ ‬تأثيرها‭ ‬الخاص،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬سابقاً‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ (‬شبكات‭ ‬مذهبية‭) ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬‮«‬نيجيريا‮»‬،‭ ‬مثلما‭ ‬استفادت‭ ‬في‭ ‬الاختراق‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬حليفها‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬لبنان‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬وسّع‭ ‬علاقاته‭ ‬بالجالية‭ ‬اللبنانية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وهي‭ ‬الجالية‭ ‬ذات‭ ‬النفوذ‭ ‬والعمق‭ ‬التاريخي‭! ‬وهنا‭ ‬تدخل‭ ‬آليات‭ ‬تشابك‭ ‬الخيوط‭!‬

{‭ ‬كلنا‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬لإيران‭ ‬أجندة‭ ‬سياسية‭ ‬متلبّسة‭ ‬بالمذهب‭ ‬‮«‬الاثنا‭ ‬عشري‭ ‬وولاية‭ ‬الفقيه‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تجديد‭ ‬مفاعيلها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النهج‭ ‬الصفوي‭ ‬الجديد‭!‬

هذا‭ ‬التشابك‭ ‬بين‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والأطماع‭ ‬الفارسية‭ ‬المبيتة‭ ‬عادة،‭ ‬والتوظيف‭ ‬العقدي‭ ‬أو‭ ‬‮«‬التشيّع‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬يطمح‭ (‬في‭ ‬النهاية‭) ‬إلى‭ ‬الاختراق‭ ‬والتوغل‭ ‬لخدمة‭ ‬مشروعها‭ ‬الأكبر‭ ‬وهو‭ (‬الدولة‭ ‬المهدوية‭ ‬العالمية‭!) ‬الذي‭ ‬بدأت‭ ‬به‭ ‬استعماريا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬ليمتد‭ ‬ويتواصل‭ ‬في‭ ‬قارات‭ ‬العالم‭ ‬كلها‭! ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬إفريقيا‭ ‬كما‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬كما‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬النظر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬ليكون‭ ‬عالمياً‭!‬

{‭ ‬وتبدأ‭ ‬القصة‭ ‬عادة‭ ‬بعلاقات‭ ‬سياسية‭ ‬واستثمارات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وفتح‭ ‬مكاتب‭ ‬ثقافية،‭ ‬لتمرّ‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬قطارها‭ ‬بالدعاية‭ ‬الإعلامية،‭ ‬وأجندة‭ ‬التشيّع‭! ‬لتتشابك‭ ‬بعدها‭ ‬الخيوط‭ ‬مع‭ ‬بعضها،‭ ‬فإن‭ ‬تم‭ ‬تفكيك‭ ‬أحد‭ ‬الخيوط‭ ‬لاحقاً‭ ‬لسبب‭ ‬ما،‭ ‬بقيت‭ ‬الخيوط‭ ‬الأخرى‭ ‬مترابطة،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬لجهات‭ ‬تابعة‭ ‬وموالية‭ ‬‮«‬مذهبياً‮»‬‭! ‬ويتم‭ ‬دعمها‭ ‬‮«‬ماليّاً‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬تحين‭ ‬الفرصة‭ ‬المناسبة‭ ‬للانقضاض‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬الخبث‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يعرفه‭ ‬الجميع‭! ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬الخبث‭ ‬الصهيوني،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬التشيّع‭ ‬الإيراني،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬داخلها‭ ‬وبث‭ ‬الفتن‭ ‬في‭ ‬دهاليزها،‭ ‬ونشر‭ ‬التعصّب‭ ‬والاقتتال‭.. ‬إلخ،‭ ‬مما‭ ‬يتيح‭ ‬اختراقها‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬سهولة‭! ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأجندة‭ ‬المدعومة‭ ‬بدستورها،‭ ‬ومحاولات‭ ‬تطبيقاتها‭ ‬العملية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬أحدثته‭ ‬‮«‬إيران‭ ‬الثيوقراطية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬غرب‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬عما‭ ‬ستفعله‭ ‬لاحقاً‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأي‭ ‬مكان‭ ‬تنزل‭ ‬فيه‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الوسيلة‭ ‬المعتادة‭ ‬بالتسلّل‭ ‬عبر‭ ‬المراكز‭ ‬الدينية‭ ‬والخيرية‭ ‬والثقافية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬هي‭ ‬وسيلة‭ ‬لصناعة‭ ‬الولاءات‭ ‬لها‭! ‬رأينا‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭! ‬وهي‭ ‬تمهّد‭ ‬حتما‭ ‬لتوسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬العلني‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭! ‬وقد‭ ‬نسمع‭ ‬لاحقاً‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬مليشيات‭ ‬وتدريبها‭ ‬ومدّها‭ ‬بالسلاح،‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أذرع‭ ‬شبيهة‭ ‬بما‭ ‬تمتلكه‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬لبنان‭ ‬أو‭ ‬اليمن‭ ‬أو‭ ‬سوريا‭! ‬وما‭ ‬فكرت‭ ‬في‭ ‬صناعته‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬منه،‭ ‬وإن‭ ‬بتستّر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬أحدثته‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬السابقة‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتحول‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬نهج‭ ‬تصدير‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الطبيعية،‭ ‬فإن‭ ‬محاولاتها‭ ‬ستبقى‭ ‬هي‭ ‬هي‭ ‬ومستمرة‭! ‬سواء‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬قارة‭ ‬أخرى‭! ‬والشاهد‭ ‬عدم‭ ‬تخليها‭ ‬عن‭ (‬أذرعها‭ ‬المليشياوية‭) ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬رغم‭ ‬عودة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭! ‬وما‭ ‬أثارته‭ ‬مؤخراً‭ ‬حول‭ ‬‮«‬حقل‭ ‬الدّرة‮»‬‭! ‬وحول‭ ‬البيان‭ ‬الخليجي‭ ‬‭ ‬الروسي‭ ‬بما‭ ‬يخص‭ ‬احتلالها‭ ‬للجزر‭ ‬الإماراتية‭ ‬الثلاث‭! ‬واستمرار‭ ‬نهجها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ونهبها‭ ‬ثرواته‭! ‬هي‭ ‬كما‭ ‬قلنا‭ ‬خيوط‭ ‬متشابكة‭ ‬كخيوط‭ ‬السجاد‭ ‬الإيراني،‭ ‬تعمل‭ ‬عليه‭ ‬ببطء،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تحقق‭ ‬الفتن‭ ‬والصدامات‭ ‬ونشر‭ ‬الطائفية‭ ‬والتعصب‭ ‬لكي‭ ‬تجد‭ ‬لها‭ ‬مكاناً‭ ‬للنفوذ‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا