العدد : ١٦٩٩١ - الأحد ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩١ - الأحد ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

التدقيق الجنائي في مصرف لبنان يظهر «سوء إدارة» وثغرات كبيرة

السبت ١٢ أغسطس ٢٠٢٣ - 02:00

بيروت‭ ‬‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬أظهر‭ ‬تقرير‭ ‬أولي‭ ‬لشركة‭ ‬تدقيق‭ ‬جنائي‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬‮«‬سوء‭ ‬إدارة‮»‬‭ ‬وثغرات‭ ‬جذرية‭ ‬في‭ ‬آلية‭ ‬عمل‭ ‬المصرف‭ ‬طوال‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬والمرتبطة‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬بحاكمه‭ ‬السابق‭ ‬رياض‭ ‬سلامة‭. ‬ويوم‭ ‬الخميس،‭ ‬فرضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وكندا‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬رياض‭ ‬سلامة‭ ‬ومقربين‭ ‬منه‭ ‬بتهمة‭ ‬الإثراء‭ ‬الذاتي‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬‮«‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحويل‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭ ‬عبر‭ ‬شركات‭ ‬وهمية‭ ‬لاستثمارها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬العقارات‭ ‬الأوروبي‮»‬‭. ‬

وأورد‭ ‬تقرير‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ألفاريز‭ ‬ومارسال‮»‬،‭ ‬المؤلف‭ ‬من‭ ‬332‭ ‬صفحة‭ ‬واطلعت‭ ‬وكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أمس‭ ‬الجمعة‭ ‬على‭ ‬نسخة‭ ‬منه،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬المالي‭ ‬للمصرف‭ ‬المركزي‭ ‬تدهور‭ ‬بسرعة‮»‬‭ ‬بين‭ ‬العامين‭ ‬2015‭ ‬و2020‭. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إظهار‭ ‬هذا‭ ‬التدهور‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العمومية‭ ‬للمصرف‭ ‬المركزي‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬ضمن‭ ‬بياناته‭ ‬المالية‭ ‬السنوية،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬إعدادها‭ ‬وفق‭ ‬سياسات‭ ‬حسابية‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬أتاح‭ ‬له‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الأصول‭ ‬والأرباح‭ ‬وعدم‭ ‬إظهار‭ ‬الخسائر‭.‬

ويُعد‭ ‬التدقيق‭ ‬الجنائي‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬مصرف‭ ‬لبنان‭ ‬خطوة‭ ‬أساسية‭ ‬كونه‭ ‬أحد‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لمساعدة‭ ‬لبنان‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬دوامة‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬وانتهت‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬ولاية‭ ‬سلامة‭ (‬73‭ ‬عاماً‭) ‬الذي‭ ‬ترأس‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬لثلاثة‭ ‬عقود،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تعيين‭ ‬خلف‭ ‬له‭ ‬بسبب‭ ‬انقسامات‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

وكان‭ ‬سلامة‭ ‬يُعتبر‭ ‬مهندس‭ ‬السياسات‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬تعافي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ (‬1975-1990‭). ‬لكن‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬منذ‭ ‬2019،‭ ‬حمّل‭ ‬كثر‭ ‬أركان‭ ‬الطبقة‭ ‬الحاكمة،‭ ‬بينهم‭ ‬سلامة،‭ ‬مسؤولية‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬أزمات‭ ‬البلاد‭ ‬المتلاحقة‭. ‬وانتقدوا‭ ‬بشكل‭ ‬حاد‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬سلامة،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬راكمت‭ ‬الديون‭. ‬

واعتبرت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ألفاريز‭ ‬ومارسال‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الهندسات‭ ‬المالية‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مكلفة‮»‬‭. ‬وأوردت‭ ‬أن‭ ‬سلطة‭ ‬سلامة،‭ ‬صاحب‭ ‬القرار‭ ‬الرئيسي،‭ ‬لم‭ ‬تخضع‭ ‬لـ«رقابة‮»‬‭ ‬كافية‭. ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬سريعة‭ ‬‮«‬لزيادة‭ ‬الحوكمة،‭ ‬وتدابير‭ ‬الرقابة‭ ‬والتدقيق‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مخاطر‭ ‬أخرى‭ ‬ناشئة‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬الإدارة‮»‬‭. ‬ومنذ‭ ‬عامين،‭ ‬يُشكّل‭ ‬سلامة‭ ‬محور‭ ‬تحقيقات‭ ‬أوروبية‭ ‬تشتبه‭ ‬بأنه‭ ‬راكم‭ ‬أصولاً‭ ‬عقارية‭ ‬ومصرفية‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني،‭ ‬وأساء‭ ‬استخدام‭ ‬أموال‭ ‬عامة‭.‬

وبناء‭ ‬عليه،‭ ‬أصدرت‭ ‬قاضية‭ ‬فرنسية‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬ومدعية‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬ميونيخ‭ ‬مذكرتي‭ ‬توقيف‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬سلامة‭ ‬عُمما‭ ‬عبر‭ ‬الانتربول‭. ‬كما‭ ‬بدأ‭ ‬القضاء‭ ‬اللبناني‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬تحقيقاً‭ ‬محلياً‭. ‬وتركّز‭ ‬التحقيقات‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬مصرف‭ ‬لبنان‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬فوري‭ ‬أسوشييتس‮»‬‭ ‬المسجّلة‭ ‬في‭ ‬الجزر‭ ‬العذراء‭ ‬والمستفيد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬منها‭ ‬شقيق‭ ‬الحاكم‭ ‬السابق‭ ‬رجا‭ ‬سلامة‭. ‬ويعتقد‭ ‬أنه‭ ‬جرى‭ ‬عبرها‭ ‬‮«‬اختلاس‭ ‬أموال‭ ‬عامة‭ ‬بقيمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬330‭ ‬مليون‭ ‬دولار‮»‬‭ ‬بين‭ ‬2002‭ ‬و2015‭.‬

وبيّن‭ ‬تقرير‭ ‬الشركة‭ ‬‮«‬وجود‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬حصول‭ ‬دفعة‭ ‬عمولات‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭  ‬بقيمة‭ ‬111‭ ‬مليون‭ ‬دولار‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬‮«‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬استمراراً‭ ‬لمخطط‭ ‬العمولات‭ ‬قيد‭ ‬التحقيق‮»‬‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭. ‬وبعدما‭ ‬كانت‭ ‬علقت‭ ‬عملها‭ ‬حوالي‭ ‬عام‭ ‬بعدما‭ ‬رفض‭ ‬مصرف‭ ‬لبنان‭ ‬تزويدها‭ ‬بكافة‭ ‬المستندات‭ ‬المطلوبة‭ ‬بحجة‭ ‬السرية‭ ‬المصرفية،‭ ‬استأنفت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ألفاريز‭ ‬ومارسال‮»‬‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬اكتوبر‭ ‬2021‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا