د. خليفة بن عربي: علينا استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للغة العربية
دعا الدكتور خليفة بن عربي أستاذ الأدب والنقد الحديث في قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة البحرين إلى أن تكون هنالك جائزة عالمية لآداب اللغة العربية لتشجيع المجتمع واستنهاضهم نحو اللغة، كما دعا إلى استثمار وسائل الإعلام للترويج للغة العربية فهذه الوسائل تعد وسيلة ناجحة ومهمة جدًا في هذا الشأن.
وحذَّر في حوار خاص من خطورة تدني مستوى الاهتمام باللغة العربية في المجتمع العربي، لأن اللغة العربية ليست مجرد لغة تخاطب وتواصل إنما هي تمثّل ثقافة الإنسان وهويته.
وفيما يلي هذا نص الحوار:
* برأيك ما خطورة تدني مستوى اللغة العربية في المجتمع العربي وجهلهم بأهمية اللغة؟
-الخطورة تكمن في إدراك ماهية اللغة، لأن اللغة العربية ليست مجرد لغة تخاطب وتواصل إنما هي تمثّل ثقافة الإنسان وهويته، ومن أسباب ترّدي هذه الأمة وتراجعها هو تراجع هذه اللغة التي كوّنت ثقافة الإنسان فحينما تضعف اللغة العربية لا شك أن الشخص العربي سينحاز بثقافته إلى لغات أخرى فإذا انحاز للغة أخرى بمعنى إذا أصبحت اللغة الأخرى هي لغة حديثه وإتقانه لا شك أنه سيفقد هويته ومن ثم سيفكر بعقلية تلك اللغة التي يتكلم بها، فأهم إشكالية نواجهها هي ضياع الهوية والثقافة العربية ويكون ذلك بضياع اللغة.
* اللغة العربية من أكبر لغات العالم ولكن اللغة الإنجليزية نراها اليوم هي الأهم في أغلب مجالات الدراسة والعمل فما رأيك في ذلك؟
- اللغة الإنجليزية أُريدَ لها ذلك، فالّذي جعلها الأكثر طلبًا وانتشارًا أن المجتمعات جميعها تدفع نحو ذلك وحتى مجتمعاتنا، فعندما نقرأ إعلانات للتوظيف يُكتب من الشروط إتقان المتقدم للغة الإنجليزية ولم نقرأ قط أن يتقن العربية إضافةً لها، فنرى عدم الاهتمام باللغة العربية حتى على مستوى العمل، ولكن هذا لا يعني أن اللغة العربية ليست الأكثر انتشارًا بل هي اللغة الأفضل والأكمل ببساطة لأنها لغة حافظت على أصولها القديمة منذ أكثر من 2000 سنة تقريبًا وهذا غير موجود في لغة أخرى، إضافةً إلى وجود ظواهر كثيرة في اللغة العربية لا توجد في غيرها من اللغات فهي لغة لها خصوصية متعلقة بثقافة وبدين أمة والقرآن الكريم، وهذا لا يعني ألا نتعلم لغة أخرى بل نشجع على تعلم باقي اللغات ولكن ليس على حساب اللغة العربية فهي الأولى في التعلم ومن ثم يأتي بعدها باقي اللغات.
* اليوم نرى المجتمعات تستصعب اللغة العربية من أبناء اللغات الأخرى وحتى من أبناء هذه اللغة، فما أهم الأسباب لذلك وما الحل بنظرك؟
- أي إنسان يتعلم لغة أخرى فسيجد نوعًا من الصعوبة لكن اللغة العربية لها خصوصية معينة قد تجعل ليس من السهولة أن يُتعلمها وفي نفس الوقت ليس مستحيلاً فهنالك من تعلموها وأتقنوها من غير العرب إنما نحن نحتاج هنا أن نضع المناهج والأصول التعليمية لإيصال هذه اللغة للآخرين غير العرب لمن أراد تعلم اللغة، المفارقة عند العرب أنهم قد يسهل عليهم تعلم لغة أخرى لأن كثيرا من أصول النطق والحديث موجودة في اللغة العربية فمخارج الحروف كثيرة ومتنوعة بينما اللغات الأخرى بعض حروفنا لا يستطيعون نطقها، وهنالك مراكز تسعى إلى ذلك في الدول العربية لكن نحتاج إلى أن تكون رعاية كما تُراعى اللغة الإنجليزية في جامعاتنا ومدارسنا العربية، فمن رأيي إننا نحتاج إلى برامج للغة العربية كبرامج «التوفل و الآيلتس» تراعي اللغة العربية عند الأجانب.
* ما دور وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لحب العربية؟
- يعتمد دور وسائل التواصل الاجتماعي على دور أصحاب الحسابات التي تعمل في قنوات التواصل الاجتماعي، ولا شك الآن أن لوسائل التواصل الاجتماعي التأثير الكبير والمباشر والعميق أكثر من أي شيء آخر، فأعتقد أننا لو استطعنا استغلال التواصل الاجتماعي في الترويج للغة العربية فسنحقق نجاحًا كبيرًا، فأنا أعتقد أن دورها سيكون كبيرًا ولكن تحتاج إلى التفعيل وأن توضع لها التصورات السليمة فهي قناة مهمة جدًا لمن أراد أن ينشر رسالته.
* لماذا اهتم الأهالي بتعليم أبنائهم في مدارس أجنبية خاصة وما تأثير ذلك على نموهم اللغوي في العربية؟
- الاهتمام نابع من هذا الاعتقاد المنحرف عند كثير من الناس بأن اللغة الإنجليزية هي اللغة العالمية، ولأنه يريد مستقبلا مشرقًا لأبنائه فيعلمهم في المدارس الأجنبية للأسف الشديد فيجني على ثقافتهم وعلى جيلهم بتعليمهم للغة الإنجليزية بل والتحدث معهم بهذه اللغة ولا يهتم باللغة العربية فتنشأ عند هؤلاء الأبناء ما يسمى بلغة عرجاء تمزج بين اللغتين فيظنون دائمًا أن اللغة الإنجليزية هي لغة التقدم والتطور واللغة العربية لغة التخلّف، وهذا الاعتقاد حاولت أن تُؤصّل له بعض الثقافات الغربية التي تحاول أن تُعلي من شأن ثقافتهم ولغتهم ودائمًا ما تعكس صورةً مظلمةً عن العرب والثقافة العربية وهذا غير صحيح بل على العكس كما يبيّن ابن خلدون أن من صور تخلّف الأشخاص والأمم أن تهجر الأمة لغتها إلى لغة أخرى.
* تحدي القراءة فتح مجالاً كبيرًا لجيل النشء لمرافقة الكتاب فكيف يمكن الاستفادة من هذا المشروع الكبير لطلاب جامعة البحرين؟
- طبعًا هذا المشروع من المشاريع المهمة والذي يسعى إلى نشر الثقافة، وإذا كنا نريد أن نتكلم عن كيف يمكن أن تستفيد الجامعة من هذا المشروع بكل بساطة بوصفها مؤسسة تعليمية وطنية رائدة أن تبادر لاحتضان هذه المبادرة وهي مبادرة تحاول أن تتعاون مع المؤسسات الثقافية والتعليمية في شتى دول العالم لكي تنشر هذه اللغة، فالأولى أن تأخذ جامعة البحرين زمام المبادرة فتكون لها صلة بهذا البرنامج بحملات ومكاتب لتشجيع الطلاب على المشاركة في هذه البرامج.
* إلى متى تظل جامعة البحرين من دون كلية متخصصة للغة العربية؟
- لدينا قسم للغة العربية وحقيقةً هذه المسميات ليست مهمة كثيرًا، فقسم اللغة العربية يقوم مقام كلية اللغة العربية، صحيح أن كلمة كلية سيعطيها أقساما وتخصصات أكثر فمثلاً سيكون هنالك قسم مخصص للبلاغة والأدب وآخر للنحو واللغويات وغيرها، ولكن القسم نفسه يقوم بذات العمل وهذا ليس بالأمر السهل فأعداد الطلبة في القسم تفوق 1000 طالب، فنحن نتمنى ومع هذه الرؤية لوجود كلية خاصة باللغة العربية ولا شك أنها رؤية طموحة ولكن أيضًا وجود قسم قد يكون عملا كافيا إن شاء الله.
* كيف نعزز تعليم العربية بدراسة القرآن الكريم في المدارس والجامعات؟
- طبعًا النص القرآني بوصفه النص الأكبر والأسمى هو النص الأنموذج الكامل للغة العربية الكامنة والراقية الفصيحة، فلا شك أنه يفترض أن يكون هذا النص هو في مقدمة النصوص التي من خلالها تدرّس جميع المهارات اللغوية والمعتمد في تعليم جميع مهارات اللغة النقد والأدب وغيرها فيكون النص القرآني هو الأساس مع بقية النصوص، هنالك أفكار كثيرة لتعزيز دراسة اللغة بالقرآن الكريم ولعل من أهم هذه الأفكار أن تكون نفس المواد في اللغة تعتمد بشكل أساسي على النموذج القرآني، إضافة إلى المواد الخاصة بذلك أي أن تكون مواد بمسمى النحو القرآني والصرف القرآني في كتب، تعليم القرآن وتحفيظه وتفسيره للأجيال كل هذا له دور في تعزيز اللغة العربية من خلال هذا النص.
* نسمع عن بطالة خريجي العربية في السوق البحرينية، هل هناك أفكار لتطوير تدريس العربية ليتناسب مع سوق العمل؟
- نحن لدينا إشكالية في التنسيق بين سوق العمل والمخرجات التعليمية، وهي أنه لابد أن تكون للمخرجات سوق عمل في حين أن الجامعة ليست مهمتها أن توظف الطلاب بل أن تُعطي علمًا فقط، أما سوق العمل فهذه قضية أخرى وهناك جهات دورها أن تنسق لتوظيف هؤلاء الخريجين، والمفترض ألا نجعل سوق العمل هو الذي يحكم تخصصاتنا، لنفترض أن سوق العمل تشبّع من قسم اللغة العربية فهل نلغي القسم ولا ندرّس اللغة العربية؟! لا شك أن هنالك اقتراحات كثيرة ليس أقل من أن يتم احتضان خريجي اللغة العربية في دورات خاصة لتنمية مهارات تدريس اللغة العربية وتطوير هذه المهارات، وفي هذا المجال نذكر مشكلة أن قسم اللغة العربية في كلية الآداب يعطي علوم العربية فقط لكن لا يوجد اهتمام مباشر بتطوير مهارات تدريس اللغة العربية، فمن رأيي أن يتم انتقاء الأساتذة وإعطاؤهم دورات خاصة ومتابعتهم وتطوير الكتاب المدرسي وتغيير مواضيعه سنويًّا.
* هل يمكن للبحرين أن تعلن عن جائزة على مستوى الوطن العربي في الأدب أو الشعر أو النقد؟
- عن نفسي قدمت كثيرا من التصورات لعدة مؤسسات أهلية وحكومية لتأسيس مسابقة شعرية على مستوى الوطن العربي ومهرجان أدبي شعري أسوةً بالدول العربية فكل الدول العربية لديها جوائز عالمية، فنتمنى ذلك وهو بالإمكان وبسهولة أيضًا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك