الاقتصاد العالمي يخسر 8.8 تريليونات دولار بسب التعاسة الوظيفية!
موظفة: أكره حتى الشوارع التي توصلني إلى عملي..
وآخر: وظيفتي رحلة عذاب يومية تشبه الحبس مع الأشغال الشاقة
«لا أحب عملي. أكره كل يوم أذهب فيه إلى الدوام. صرت أكره حتى الطرق والشوارع التي توصلني إلى مقر عملي. صرت أعاني ضغطا ومشاكل نفسية بسبب بيئة العمل وعدم التقدير».
كانت هذه باختصار إجابة موظفة تحمل شهادة الدكتوراه عندما سألناها: هل أنت سعيدة في عملك؟. وكلماتها كافية لأن توحي بأنها تعاني وبقوة مما يعرف في علم الإدارة بـ«التعاسة الوظيفية».
الموضوع أخطر مما نتوقعه. فقد أشارت دراسة حديثة أجرتها شركة «بام بول إتش آر» BambooHR أن الرضا الوظيفي وسعادة الموظفين في انخفاض، وازدادت حدة المشكلة منذ عام 2020 مع جائحة كورونا، وبلغ هذا الانخفاض معدلات مقلقة في عام 2023.
الدراسة التي حللت بيانات أكثر من 60 ألف موظف في 1600 شركة حول العالم، خلصت إلى نتيجة مقلقة، مفادها أن تعاسة الموظفين لا تؤثر فقط في الصحة النفسية والذهنية في بيئة العمل، ولكنها قد تؤثر في الأداء المالي للشركات، وقد تكلف الاقتصاد العالمي 8.8 تريليونات دولار!، وهو ما يعادل 9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وبالمقابل، تؤكد الدراسات أن الشركات التي تتمتع ببيئة عمل اندماجية وصحية تحقق أرباحا أعلى ومعدل تغيب أقل من تلك التي يكون موظفوها أقل سعادة.
الدراسات لا تقتصر على ذلك، بل تؤكد أن تعاسة الموظفين وعدم رضاهم يمكن أن يكلف الشركات ما يصل إلى 550 مليار دولار سنويًّا في الإنتاجية المفقودة.
كثيرون يربطون السعادة الوظيفية ونقيضتها التعاسة الوظيفية بالجانب المادي. ولكن الخبراء يؤكدون أنه على الرغم من أهمية العائد المادي والمكافآت إلا أن السعادة أو التعاسة الوظيفية أعمق من ذلك بكثير.
فقد أكدت دراسة أجريت في جامعة هارفارد وامتدت إلى أكثر من 85 عاما، أن أفضل الوظائف هي ليست تلك الأعلى أجرا. وأن الوظائف التي تتسم بتفاعل بشري محدود، ولا تقدم فرصاً لبناء علاقات ذات مغزى مع زملاء العمل، غالبا ما يكون العاملون فيها أكثر الموظفين بؤسا!.
عملي.. سر تعاستي
خلال إعدادنا لهذا الموضوع، عمدنا إلى التحدث مع عدد من المواطنين (غير السعداء وظيفيا) لنلمس حقيقة مشاعرهم وأسباب غياب الرضا، وتأثير ذلك على أدائهم وصحتهم النفسية.
ونعود هنا إلى ما ابتدأنا به من الموضوع، وهو مواطنة اجتهدت لتواصل دراستها وتحصل على درجة الدكتوراه على حسابها الخاص، متوقعة ترقية أو علاوة أو حتى ثناء على الأقل. ولكن كما تؤكد كان الجواب عندما طالبت بذلك: لم يطلب منك أحد الحصول على الدكتوراه، بل وأحيلت غير مرة إلى لجان تحقيق. تقول محدثتنا:
«أعتبر نفسي تعيسة في عملي، بل أكره عملي. فأنا حاصلة على أعلى درجة علمية، وبدلا من الحصول على ترقية أو تقدير، أحصل على الإهانات، ومن ذلك أن المسؤولين يرفضون تسميتي بدكتورة! وإنما أخصائية فقط. ربما لأنهم أقل درجة علمية مني. وفي الواقع أشعر أنني أكثر كفاءة وخبرة من المديرة التي تعد جديدة نوعا ما على الوظيفة.
هل تصدقون أنهم مرة طلبوا مني أن أحمل صندوقا وأنقله إلى قسم آخر؟، أخبرتهم أنني لم أحصل على الدكتوراه لأحمل صناديق، فكان الرد إن العمل لا يتم على التوصيف الوظيفي وإنما على مبدأ (ما يوكل إليه من مهام). وعندما رفضت أدخلوني إلى لجنة تحقيق.
كل ذلك جعلني لا أحب العمل، أكره كل يوم أذهب به إلى الدوام، أكره حتى الشوارع والطرق التي توصلني إلى مقر عملي، بل أعتبر الاستيقاظ صباحا والاستعداد للذهاب إلى الدوام عذاب بالنسبة إلي، ولكني مضطرة. وهذا ما تسبب لي بضغط ومشاكل نفسية. وعندما ألجأ إلى الموارد البشرية يقولون لي: «كلنا نعاني مشاكل وأعراضا نفسية».
نقل تعسفي
(ل.ع)، موظفة بإحدى المؤسسات الكبيرة، تؤكد هي الأخرى أنها (تعيسة وظيفيا). وتشرح ذلك بقولها: «أسرد لكم حكايتي ولكم الحكم. فقد كنت في مسمى وظيفي تخصصي ممتاز، وخلال سنوات اجتهدت ودرست وحصلت على شهادات ورخص في تخصص نادر بالبحرين يتعلق بالمرأة.
وفجأة ومن دون سابق إنذار أو حتى إبلاغي، جاء أمر بنقلي إلى قسم آخر، وهو نقل أعتبره تعسفيا. حاولت مناقشة الأمر مع المسؤولين وأفهمتهم بأن تخصصي وشهاداتي وخبرتي بعيدة تماما عن القسم الذي تم نقلي إليه. ولكن لم أجد أذنا صاغية.
والمشكلة أنه حتى في ديوان الخدمة المدنية ما زلت مسجلة في التخصص، بل حتى تقرير الأداء الوظيفي السنوي يشير إلى أنني في دائرة أخرى وبتخصصي الأصلي وليس في القسم الذي تم نقلي إليه. وكل ذلك يعيق حتى فرص الترقية أو الحصول على علاوات لأنني مسجلة في دائرة وأعمل في دائرة أخرى. والمزعج أكثر أنني أجد موظفين جددا يحصلون على فرص لا نحصل عليها نحن. ومع كثرة محاولاتي ومطالباتي قالوا لي إنني اختلق المشاكل.
كل ذلك أصابني بالقلق الذي أصبح مستمرا مع الأيام، وصرت لا أستمتع بالعمل كما كنت سابقا، بل صرت أعاني ضغوطا نفسية بسب هذا الوضع. وفقدت الشغف في تقديم كل ما أستطيع من أداء وإنتاجية بالوظيفة، خاصة وأن الكثير من إدارات الموارد البشرية لا تهتم بالجانب النفسي للموظف بقدر اهتمامهم بالجوانب الإدارية والانضباط».
الاستقالة هي الحل
(س. أ. ن)، كان موظفا بإحدى المؤسسات، يختصر شعوره في العمل: «كانت رحلتي اليومية إلى العمل أشبه برحلة عذاب أضطر إلى تحملها، وأشعر أنني في طريقي إلى معتقل في أشغال شاقة!». ويشرح ذلك بقوله: «عانيت من مشكلتين، الأولى هي المحسوبيات والمضايقات من المسؤول، وبالتالي عدم المساواة أو العدالة، وهذا ما خلق عندي شعورا بكره بيئة العمل. والمشكلة الأخرى هي عدم الحصول على الحقوق بالشكل اللائق. فقد كنت موظف مبيعات، وحسب النظام أحصل على مرتبي وعلى عمولة إضافية للمبيعات. ولكن كانت الإدارة توقف صرف العمولة وقتما تشاء وتصرفها وقتما تشاء، وهدفها إجبارنا على تحقيق مبيعات أكبر. بمعنى إنها تستخدم العمولة كورقة ضغط. وهذا ما كان يسبب لنا ضغطا نفسيا ومشاكل مالية. وعندما راجعت وزارة العمل أبلغوني أنه لا يوجد بند قانوني ينظم هذه الأمر. وهذا ما سبب لي انزعاجا تراكم حتى تحول إلى قلق ثم كره للوظيفة. وعندما شعرت بأن حالتي النفسية تتأثر قدمت استقالتي حتى من دون انتظار الحصول على فرصة عمل أخرى».
وعلى الوتيرة ذاتها يروي (م ج) قصته مع وظيفته مشيرا إلى أنه كان يعمل في مؤسسة خاصة، وكان محبا لعمله ومميزا فيه. ووعده المسؤولون بترقية وصلاحيات كبيرة لتطوير العمل. ولكنه انتظر طويلا ولم يحصل على التقدير الذي يستحقه – حسب قوله –. والأسوأ من ذلك أنه صدم بتعيين شخص من خارج المؤسسة ومنحه صلاحيات واسعة.
يقول محدثنا: «شعرت بالظلم الكبير، حاولت أن أتقبل الأمر ولكن شعرت أن حالتي النفسية تتأثر، ومقياسي في ذلك أنني كنت أحب العمل وأبدع فيه بشهادة المسؤولين، ولكني تدريجيا صرت أعاني من عدم الرغبة بالعمل، وأشعر بالظلم. وبدأ إنتاجي يقل وشغفي يضمحل، ثم صرت أشعر بالضيق عندما أتجه إلى العمل كل يوم. وعندها قررت أن أحافظ على صحتي النفسية قدمت استقالتي».
فرّ من القفص!
«أصبحنا أشبه بالروبوتات، نعمل ونكدح من دون تقدير ولا علاوة ولا ترقية». بهذه العبارة بدأ (س.ك) حديثه. وهو موظف في مؤسسة خاصة، يؤكد أنه لم يحصل على أي زيادة في المرتب منذ سنوات طويلة. وبعد أن كان شغوفا بعمله ويحرص على الإبداع، أصبح يؤدي ما يطلب منه فقط، وفقد الولاء الوظيفي، بل ويشعر بالحنق على وضعه هذا.
ويضيف: «حاليا أبحث عن فرصة عمل أخرى، لأنني أشعر أن القلق في تصاعد، ولا أريد أن أصل إلى مرحلة أبدأ فيها العلاج لأمراض الضغط والسكر وغيرها بسبب وظيفتي».
فترة استراحة
نموذج آخر ربما يكون مختلفا نوعا ما، فمحدثنا (م ر) يقر أن بيئة العمل التي يعمل فيها غير مثالية بل تدعو إلى الإحباط، ولكنه نجح في أن يتعامل معها بطريقة صحية أفادته كثيرا. ويشرح ذلك بقوله: «على الرغم من طبيعة وبيئة العمل إلا أنني أعتبر نفسي سعيدا إلى حد ما في مجال عملي. وسعادتي لا تكمن في الراتب المحدود الذي أتقاضاه ولا في بيئة العمل بالمؤسسة الخاصة التي يديرها رجال أعمال لم يجمعهم الدهر إلا لتقاسم الأرباح على حساب الموظف الذي يعتبر محظوظا إن تجاوز راتبه الخمسمائة دينار. يضاف إلى ذلك ضغط العمل وعدم التقدير، والتمييز والمحاباة والمحسوبيات. فبعض المسؤولين لا يمكنهم حتى تدبير أمور بيتهم ولكنهم بقدرة قادر باتوا مسؤولين علينا!. كل ذلك يؤثر في أداء الموظف وعلى رضاه.
ولكن كما ذكرت أعتبر نفسي سعيدا لأنني عمدت إلى التعامل مع هذه المحبطات بشكل عقلاني، فأنا أحاول قدر المستطاع ألا أربط عملي وإنجازي براتبي أو درجتي الوظيفية، وأعمل على أن أفصل حياتي في العمل عن حياتي خارجه. صحيح أنني أصاب بالغصة عندما تجد زميلا لك غير مواطن يتسلم ضعف راتبك، علاوة على الامتيازات الأخرى، وهو لا ينجز نصف ما تقوم أنت بإنجازه. والجيد أنني نجحت حتى الآن في أن أعتبر ذهابي اليومي إلى العمل فترة استراحة مدة 8 ساعات بعيدا عن دوشة الأولاد والمسؤوليات الاجتماعية!».
استشارة نفسية
تجربة أخرى ينقلها لنا مواطن عمل في شركة ببلدي أوروبي. يقول (م س): «العمل في بيئات العمل تلك أمر آخر، كنت منبهرا بالمهنية والعدالة التامة بين الموظفين، والتقدير لكل إنجاز أقوم به.
وأكثر ما شدني هو التركيز على الجانب النفسي للموظف. فالمسؤول يقوم بجولة يومية ليطمئن على راحة الموظفين. كما خصصت الإدارة لكل موظف جلسة شهرية مدفوعة مع طبيب نفسي في الشركة، يمكن للموظف من خلالها أن يناقش أي جانب يضايقه ويحصل على استشارة نفسية مجانية. ولو تطلب الأمر يمكن زيادة عدد الجلسات!».
تهبط إلى القاع!
بعد سرد هذه النماذج المختصرة لما يمكن اعتبارهم ضحايا التعاسة الوظيفية، نعمد إلى مناقشة الموضوع مع الاختصاصيين المعنيين في هذا الجانب، والبداية مع خبير الإنتاجية والرئيس التنفيذي لمؤسسة جفكون لتحسين الإنتاجية الدكتور أكبر جعفري الذي أشرف على دراسات متعددة تتعلق بالسعادة الوظيفية. انطلاقا من ذلك يقول:
«خلصنا في تلك الدراسات إلى حقيقة غريبة نوعا ما، وهي أن هناك أولويات لقياس السعادة الوظيفية عند كثير من الموظفين يضعونها في قمة القائمة مثل الراتب والعلاوات والمكافآت، ولكن عندما نلجأ إلى التحليل الاستقصائي، نجد أن هذه المعايير تهبط إلى القاع، وبالمقابل تصعد معايير أخرى الى القمة مثل الجوانب الإنسانية وأولها التقدير، ثم العلاقات مع الزملاء والمسؤولين، وهي جوانب حسية معنوية. نعم لا يمكن أن ننكر أن الجوانب المادية وفرص الترقي ضرورية، ولكن صلاحية هذه الجوانب أقصر، بمعنى أنك بمجرد أن تتعود على الامتيازات الجديدة والعلاوات يزول التأثير الإيجابي مباشرة، في حين أن استدامة التقدير المهني أطول وأكثر تأثيرا في السعادة الوظيفية ومن ثم الإنتاجية.
كما أن الجوانب المادية تختلف من فئة عمرية إلى أخرى، فمثلا فئة الشباب يتمسكون بها أكثر نظرا لأن احتياجاتهم المادية بأعلى مستوى ودخلهم بأدنى مستوى. وكلما تقدم العمر يبدأ الاهتمام أكثر بالجوانب الحسية.
* عندما تدخل مؤسسة ما، هل يمكنك أن تحكم على سعادة أو تعاسة الموظفين من مظهرهم وتصرفاتهم مثلا؟
** الدراسة المنهجية هي أفضل وسيلة لقياس ذلك بدقة تصل إلى 97%. وعلى الرغم من ذلك، فإن أهل الاختصاص يمكنهم خلال دقائق فقط معرفة مدى سعادة أو تعاسة الموظف حتى من لغة الجسد والبيئة العامة وأسلوب العمل. فمثلا يمكن التنبؤ بمشاعر الموظف من ملامحه هل هي متشنجة أو مرتاحة، ومن علامات القلق عليه، بل وحتى من نبرة صوته التي تمثل 55% من علامات المشكلة. فنحن نقلق مثلا من النبرة الخافتة التي قد تدل على الحاجة إلى إخفاء كثير من المشاعل السلبية والضيق.
* وإلى أي مدى ينعكس ذلك على الأداء؟
** العلاقة طردية ومباشرة. والتأثير قد يكون آنيا أو تراكميا. فمثلا حدوث موقف غير سليم لموظف قد يؤثر في نفسيته في ذلك اليوم وبالتالي يكون إنتاجه منخفضا، مع احتمالية تزايد الأخطاء وانخفاض الجودة. وهنا إذا تكررت هذه المواقف بشكل متواصل، تتراكم الإخفاقات وقد تصبح التعاسة الوظيفية سمة سائدة في بيئة العمل.
ولا ننسى هنا إمكانية حدوث حوادث في العمل تزيد من سوء الوضع. والمشكلة أن كثيرا من المؤسسات تبرر ذلك بمشاكل فنية مثل خلل في الآلات أو أخطاء بشرية، ولكن في الواقع كثير من تلك الحوادث تعود إلى أسباب نفسية.
* هل أفهم من ذلك أن هناك قصورا في أدوار إدارات الموارد البشرية في المؤسسات سواء العامة أو الخاصة؟
** للأسف في كثير من الأحيان تسمى هذه الإدارات بالموارد البشرية ولكنها تعنى بشأن آخر. وهنا يجب أن نعود هنا إلى تاريخ إدارات الموارد البشرية. ففي البداية كانت معنية بتسجيل الموظفين وإدارة الرواتب فقط. ثم تحولت إلى دائرة شؤون الموظفين ودخلت علاقات الموظفين ضمن اختصاصاتها مثل التظلم والشكاوى والخلافات. ولكن بقيت هذه الجوانب تدار في إطار إداري وليس نفسي.
ورغم تطورها إلى مسمى (الموارد البشرية)، فإنه للأسف لا تعكس المسميات دائما طبيعة الواقع والمحتوى. بدليل إننا نجد العاملين في هذه الإدارات إداريين أكثر من كونهم مختصين بالجوانب الاجتماعية والنفسية.. بل حتى وقت قريب كان أي موظف فائض عن الحاجة يتم تحويله إلى إدارة الموارد البشرية!.
ونأمل أن يتغير هذا الوضع خاصة مع الانتباه إلى أهمية هذه الإدارة. فحسب الدراسات التي أجريناها، تتأثر الإنتاجية سلبا أو إيجابا بنسبة 64% نتيجة أداء بعض الإدارات وفي مقدمتها الموارد البشرية. في حين أن البنية التحتية تؤثر بنسبة لا تزيد على 20%. وهنا في الوقت الذي نجد عدة إدارات تختص بهذه البنية مثل الآلات والمعدات والصيانة والتخطيط وضبط العمليات، لا نجد سوى دائرة واحدة تهتم بالشأن البشري وغالبا ما تكون غير متكاملة.
* في رأيك ما العلاقة بين تعاسة الموظفين والاقتصاد؟
** العلاقة أقوى مما نظن. فأولا يجب أن نعرف أن هناك 3.3 مليارات عامل في العالم، وهم يشكلون 81% من السكان البالغين. وهناك 214 مليون شركة في العالم، ولم يسبق في التاريخ وجود هذه التجمعات من الناس في بيئات مقيدة مليئة بالسلطات وانعدم الأمن.
وهنا عندما ننظر إلى الأرقام التي أشرنا إليها بشأن العلاقة المباشرة بين سعاد الموظفين والإنتاجية في كل شركة، وبنفس الوقت ارتباط الشركات والمؤسسات العامة والخاصة بالاقتصاد في كل دولة، فإننا نجد أن التعاسة الوظيفية تلعب دورا كبيرا في التأثير سواء بشكل آني أو لاحقا. وهذا ما يجعل المشكلة ليست مشكلة وزارة أو شركة، وإنما مشكلة اقتصاد وطني.
* وما الحلول التي تقترحها بهذا الشأن؟
** أولا يجب التعامل مع السعادة الوظيفية كعنصر أساسي لإنجاح المؤسسة والاقتصاد. ونحن في البحرين لدينا أرضية خصبة تتمثل في الثروة البشرية. وبناء على ذلك يجب انتقاء الموظفين في إدارات الموارد البشرية بشكل دقيق ممن لهم خبرة في الجوانب الاجتماعية والنفسية، لأن 85% من عملهم هو جوانب نفسية و15% إدارية. بمعنى أن يكون كل موظف في هذه الإدارات خبيرا نفسيا قبل أن يكون إداريا.
ثم علينا التخلص من مخلفات النماذج الأولى للشركات في بيئة العمل والتي تعتبر دخيلة على البشرية. فمثلا أقدم شركة في التاريخ كانت الشركة الهولندية الهندية الشرقية المتحدة (1472) والتي كانت تمثل الجناح التجاري للاستعمار الهولندي في آسيا، وتدار بنظام عسكري فيه شدة وحدة. وللأسف استطعنا أن نحرر الاقتصاديات ولكن لم ننجح في تحرير مواقع العمل حيث بقيت مخلفات ذلك النمط العسكري مستمرة في كثير من المؤسسات. وعلينا أن نعي مسألة مهمة هي أن (السعادة الوظيفية أحد أهم مؤشرات الشركة الناجحة، والعكس صحيح).
الموارد البشرية
نقاشنا يستمر حول موضوع التعاسة الوظيفية، وهذه المرة مع رئيس جمعية البحرين لإدارة الموارد البشرية، الرئيس التنفيذي لمجموعة أوريجين الدكتور أحمد البناء، الذي يؤكد أن هذه المشكلة تعد عالمية، حيث أشار تقرير لشركة (Inspired work) العالمية إلى أنَ 84% من العمال على مستوى العالم أقرُّوا بأنَّهم أقل من أن يكونوا سعداء بشكل كامل في العمل. كما أفادت دراسة متخصصة لمركز دبي للإحصاء، أن الرواتب والبدلات والميزات المالية جاءت على رأس أولويات موظفي حكومة دبي، بنسبة بلغت 95%، وبفارق طفيف تلتها الجوانب المرتبطة بإيجابية وتميز بيئة العمل، بنسبة أولوية بلغت 94.6%، أما في المستوى الثالث فجاءت الجوانب المرتبطة بالأمان والاستقرار الوظيفي، حيث بلغت نسبة أولويتها 93.7%، أما فرص التطور والتقدم الوظيفي فقد حققت أيضاً أولوية عالية بلغت 92.3%، وجاءت في المستوى الرابع من حيث الترتيب.
ويعقب على ذلك بقوله: «شخصيا ومن خلال خبرتي في القطاعين العام والخاص أعتقد أن التقدير والاحترام يأتي بالنسبة إلي وللكثير من الموظفين في المرتبة الأولى».
* بالمقابل، في رأيك ما أبرز أسباب عدم رضا الموظف وتعاسته؟
** وجدت شركة الاستشارات الإدارية العالمية Gallup أن الشركات التي لديها موظفون مندمجون وسعداء تحقق أرباحاً أعلى ومعدل تغيب أقل من الشركات التي يكون موظفوها أقل سعادة. وكشفت الأبحاث أن أكبر سبب لعدم الرضا الوظيفي هو المعاملة غير العادلة في العمل والتعويضات غير المتسقة ونقص الدعم من الزملاء والمديرين بالإضافة إلى الضغوطات النفسية غير المبررة. ومن ضمن الأسباب أيضاً التي أدت إلى غياب الرضا عن الموظفين (التعاسة الوظيفية) هو الافتقار إلى الإحساس بمعنى وظائفهم وضعف شديد من المسؤولين في الذكاء العاطفي.
* وهل هناك علامات مميزة تدل على عدم رضا الموظف أو تعاسته؟
** نعم هناك عديد من العلامات التي يجب أن يلاحظها المديرون لدراسة نسبة سعادة وتعاسة الموظفين في المؤسسة منها على سبيل المثال لا الحصر: تقلبات المزاج، الشعور بالاستياء أو بالعجز، عدم الاهتمام بالعمل، تأجيل القيام بالعمل والمهمات اليومية، تشتيت الانتباه خلال العمل، الوصول والمغادرة في مواعيد غير مواعيد العمل الرسمية، الانخفاض المستمر في الإنتاجية، الحصول على إجازة أثناء الدوام الرسمي، سرعة الانفعال خلال الدوام، كثرة علامات التوتر والسلبية والتعاسة، تدني جودة العمل.
* كيف ينعكس ذلك على الإنتاجية والأداء من جانب، وعلى الاقتصاد من جانب آخر؟
** الانعكاسات قوية ومباشرة. ففيما يتعلق بالإنتاجية مثلا، ينعكس ذلك في جوانب عدة مثل نقص الحيوية، غياب الإبداع والابتكار، ارتفاع نسبة التغيب عن العمل، ارتفاع معدل تبديل الموظفين في المؤسسة، مشاكل في علاقات الموظفين مثل قيام المديرين دائما بإلقاء اللوم على الموظفين عند وجود خلل، عدم المبالاة برضا العملاء وهو ما يعكس نموا متباطئا لأعمال الشركة وأدائها.
أما بالنسبة إلى الاقتصاد، فإن الدراسات أثبتت أن التركيز على رضا الموظفين ليس مسألة مهمة فقط للصحة الذهنية والنفسية في بيئة العمل، ولكنها قد تؤثر في الأداء المالي للشركات بشكل عام، كما أن عدم انسجام الموظفين وسعادتهم في العمل يكلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص مبالغ كبيرة جدا لأن أكبر جزء في أية موازنة لأي مؤسسة تصرف على الرواتب وعوائد الموظفين.
* هذا يقودنا إلى سؤال مهم حول دور إدارات الموارد البشرية في التعامل مع مسألة السعادة أو التعاسة الوظيفية؟
** في الواقع تشكل إدارة الموارد البشرية العمود الفقري لأي منظومة في عالم الأعمال، ومن أهم المواضيع التي يجب أن تهتم بها إدارات الموارد البشرية كشريك أعمال في المؤسسة هو البيئة الحاضنة داخل المؤسسة، فكلما كانت هذه البيئة حاضنة كان هناك إبداع وابتكار وعطاء متواصل من الموظفين والعكس صحيح. لذلك يجب على إدارة الموارد البشرية العمل على بعض الأمور مثل: دراسات مستمرة لتقصي مدي رضا وسعادة الموظفين والعمل على تطوير بيئة العمل. تصميم برامج وفعاليات بشكل مستمر تهدف إلى إسعاد الموظفين. العمل على حل أي مشكلات بشكل سريع وفعال، خلق بيئة عمل صحية ومناسبة، تحقيق التوازن والتجانس أفراد المؤسسة، تحسين وتنمية المهارات الخاصة بالموظفين، تعزيز انتماء الموظفين للمؤسسة، دعم مهارات التطوير والتأهيل.
* أمام ما ذكرت، ألا تعتقدون أن كثيرا من هذه الأدوار غائبة في مؤسساتنا العامة والخاصة؟
** نعم أتفق تماما مع هذا الطرح والسبب أن بعض أصحاب القرار من القائمين على بعض المؤسسات لا يتفهمون تماما دور إدارة الموارد البشرية وبالتالي عندما يقررون تعيين مدير أو مسؤول لإدارة الموارد البشرية لا يعطون أهمية للكفاءة والقدرة والتخصص وكمية المعرفة بدور هذه الإدارة، بل أحيانا يركزون على أمور أخرى ليس لها علاقة مباشرة بكفاءة من ستسند له مهمة إدارة الموارد البشرية ولذلك في بعض الأحيان لا نجد ابتكارا وإبداعا وتطورا في هذه الإدارات.
الارتباط الوظيفي
الخبيرة في ثقافة العمل والارتباط الوظيفي، والشريك الإداري في شركة الاستشارات الإدارية العالمية Gallup فرح القاسمي تدلي بدلوها في هذا الموضوع، مشيرة إلى أن الدراسات السنوية التي يعدونها في «غالوب» بحوالي 180 دولة تعتمد على معايير عالمية لقياس عدة مؤشرات مثل السعادة والتوتر والحزن والتقدير والتطوير وغيرها.
وتؤكد الدراسات هنا أن الارتباط الوظيفي هو المعيار الأساسي في تحديد اتجاهات هذه المؤشرات، علما بأن الارتباط الوظيفي باختصار هو شعور الموظف بالراحة النفسية والحماس عند التوجه إلى العمل مع الابتكار والأداء المميز، وبنفس الوقت يكون هؤلاء الموظفون يشعرون بأنهم ملاك أنفسهم.
وتضيف القاسمي: «قد تختلف بعض المحاور من دولة إلى أخرى، ولكن بشكل عام هناك عدة معايير تؤثر في الارتباط الوظيفي، من أبرزها التقدير للموظف لمساهماته وإنتاجيته وأدائه وتطويره العمل، والشعور بوجود هدف في العمل والإلمام بطبيعة هذا العمل. فكلما شعر الموظف بأنه متمكن من عمله، ولديه هدف واضح في بيئة العمل يكون أكثر قدرة على الإنتاجية.
* من الملاحظ أنك لم تتطرقي إلى الجانب المادي هنا؟
** الجانب المادي محور مهم جدا في الارتباط الوظيفي، ولكنه يرتبط أيضا بمحور الشعور بالتقدير والاحترام. فالموظف الذي يشعر أنه مقدر سيكون أكثر قدرة على العطاء وتقديم إنتاجية أفضل، والتقدير هنا ليس ماديا فقط، بل معنويا أيضا. وهذا ما ينعكس في النهاية على الأداء العام للمؤسسة. وهذا ما نركز عليه في الدراسات أيضا وهو المردود المادي للارتباط الوظيفي، حيث ندرس نتائج ذلك على الموظف وعلى الشركة ككل.
* من خلال خبرتك الطويلة في هذا المجال هل يمكن ملاحظة عدم رضا الموظف أو تعاسته من شكله الظاهري؟
** هناك ثلاثة تصنيفات في هذا الجانب، الأول هو الموظف المرتبط بوظيفته بشكل عال، والموظف غير المرتبط، وثالثا الموظف الذي لديه نفور من العمل وغير مرتبط بشدة.
وهنا يمكنني القول إن أسهل فئة يمكن ملاحظتها هو الموظف الذي ينفر من عمله ولا يشعر بالرضا أبدا. لأن هذا ينعكس على سلوكياته مباشرة، فتراه مثلا كثير التذمر والشكوى والنظرة السلبية للأمور.
وفي المرتبة الثانية في سهولة الملاحظة هو الفئة الأولى لأنك تلمس الحماس والسعادة في أداء الموظفين.
ولكن الفئة الوسطى غالبا ما تكون غير واضحة للملاحظة المباشرة وتتطلب دراسة واستطلاعات. وقد يعاني من بعض المشاكل ولكن لا يصل على مرحلة عدم الارتباط والنفور. والمشكلة أن الفئة الأكبر بين الموظفين في الغالب هي هذه الفئة.
* ما العلاقة بين هذا الوضع والأداء؟
** العلاقة مباشرة وقوية، وأبسط مثال على ذلك هو الاستقرار الوظيفي. فالموظف غير المرتبط وظيفيا لا يكون مستقرا أو مندمجا في العمل، وإذا كانت بيئة العمل غير إيجابية نجد أن نسبة الانتقالات كبيرة، وهذا ما يعد تكلفة إضافية على المؤسسة خاصة إذا ما استثمرت في تدريب وتطوير هؤلاء الموظفين.
ثم إننا في البيئات غير الصحية نلمس نوعا من السلبية حتى في الأداء، حيث يؤدي الموظف العمل المطلوب منه فقط من دون ابتكار أو إبداع ولا تركيز، مع عدم الرغبة بتطوير الذات أو الأداء. بمعنى أننا لا ننتظر من مثل هذا الشخص إنتاجية كبيرة.
* ماذا عن العلاقة بين أداء الموظف والجوانب الاقتصادية؟
** يمكن القول إن الدراسات تثبت أن هناك علاقة قوية بين الارتباط الوظيفي والجانب الاقتصادي، وكلما زاد الارتباط الوظيفي زاد المردود المادي للشخص وللشركة أو الوزارة. كما إن الاستثمار الذي تضعه الشركة في تنمية هذا الارتباط يعود بعائد إيجابي عليها بشكل ملموس. والعكس صحيح، حيث إن الإنتاجية تقل في بيئات العمل غير المناسبة وهذا ما يؤثر في النتائج المالية في النهاية.
* هل تعتقدين أن هناك قصورا في أدوار إدارات الموارد البشرية في كثير من المؤسسات، بحيث تركز على الجوانب الإدارية أكثر من الدور الاجتماعي والإنساني؟
** للأسف هذا الكلام دقيق تماما خاصة في دول المنطقة. ولكن للأمانة نلمس توجها إيجابيا لتطوير الأداء في بعض الدول خاصة المملكة العربية السعودية التي بات التركز بشكل كبير على الموظف كمحور للعملية الإنتاجية، والإمارات ربما سبقت في ذلك ولكن مازلنا بحاجة إلى تطوير كبير في هذا الجانب في مؤسساتنا، لأننا نلمس أن التركيز على الموظف ليس من الجوانب النفسية والاجتماعية والإنسانية وإنما على جوانب إدارية مثل التسجيل والإجازات وغيرها. في حين أن دور الموارد البشرية أكبر بكثير من هذه الأمور الإدارية البسيطة. وبالتالي يمكن اعتبار أن غياب هذه الأدوار يمثل فرصا ضائعة في أي مؤسسة.
انخفاض جودة الحياة
بعد الخوض في تحليل المشكلة من الناحية الإدارية والإنتاجية، ننتقل إلى محور لا يقل أهمية وهو الجانب النفسي للتعاسة الوظيفية، وهذا ما نناقشه مع الطبيب النفسي الدكتور عبدالهادي حمد الساعي، ونسأله بداية عن المعايير التي يمكن من خلالها الحكم على الموظف بأنه سعيد أو غير سعيد في وظيفته؟
وهذا ما يجيبنا عنه بقوله: «يمكن الحكم على مدى سعادة أو عدم سعادة الموظف في وظيفته من خلال عديد من المعايير والمؤشرات، ومن ذلك:
- مشاركة الموظف وانخراطه في الأنشطة والمشاريع المختلفة، ما يعكس رضاه الوظيفي.
- الأداء الجيد والإنتاج يشير أيضا إلى سعادة الموظف. وإذا كان الموظف يحقق أهدافه بكفاءة ويتجاوز توقعاته، فإن هذا يعكس سعادة الموظف.
- الحضور والانضباط والانتظام والامتثال للقواعد والأنظمة.
- العلاقات الإيجابية مع الزملاء والمشرفين تشير إلى سعادة الموظف في العمل.
- تطوير المهارات واستثمار فرص التطوير المهني.
- قدرة الموظف على الموازنة في الحياة العامة والعمل.
- الملاحظات والتعليقات الإيجابية من الزملاء والمشرفين.
- مدى امتلاك الموظف طموحات وأهداف مستقبلية، فهذا الأمر يشير إلى رغبته في البقاء بالعمل وسعيه للتقدم.
- كيفية التعامل مع التغييرات في البيئة الوظيفية.
وبالتالي يجب أن تكون استجابة الشركة لمثل هذه المعايير التي تسهم في الرضا الوظيفي جزءًا من استراتيجيتها للحفاظ على موظفيها وزيادة إنتاجيتهم وسعادتهم».
* بشكل عام، ما أبرز الظروف والعوامل التي تقود على عدم الرضا النفسي والوظيفي؟
** هناك العديد من العوامل منها:
- عدم توفر بيئة عمل ملائمة للموظف والتي قد تشمل ظروفا غير آمنة أو غير صحية، أو انتشار الضغوط والتوتر في مكان العمل.
- عدم التوازن بين واجبات العمل والحياة الشخصية.
- نقص التوجيه والتقدير للإسهامات من قبل الإدارة.
- الشعور بعدم الحصول على الفرص المهنية للتطوير والترقي.
- نقص التواصل والشفافية بين الإدارة والموظفين.
- التمييز بين الموظفين والتحيز على أسس غير مهنية.
- عدم الاعتراف بالإنجازات.
- نقص التدريب والتطوير.
- الأجور والمزايا غير الملائمة.
- التغيرات المتكررة في البيئة الوظيفية مثل هيكل المنظمة أو الإجراءات.
* وما انعكاسات هذا الوضع على الموظف أو العامل؟
** عدم الرضا في البيئة الوظيفية له تأثير كبير في الصحة النفسية للموظف، وعلى أدائه الوظيفي، وعلى علاقاته الاجتماعية.
ففيما يتعلق بالصحة النفسية، ترتفع لديه ارتفاع مستويات التوتر والقلق ما قد يؤدي إلى مشاكل نفسية كالقلق والاكتئاب.
كما أن الموظف غير الراضي عن وظيفته، قد يشعر بعدم الرضا العام في حياته، ما يمكن أن يؤثر في جودة حياته.
وبالنسبة إلى الأداء، تؤدي هذه المشاكل إلى تراجع في الإنتاجية وفي جودة العمل. وبالمقابل قد يرتفع معدل الغياب بسبب المرض أو الاستجمام للهروب من البيئة الوظيفية.
وعلى الصعيد العالمي، ووفق الدراسات المنشورة من قبل منظمة الصحة العالمية، يُهدر نحو 12 مليار يوم عمل كل عام بسبب الاكتئاب والقلق وهو ما يكلف الاقتصاد تريليون دولار أمريكي سنويا من الإنتاجية المهدرة.
وهناك بعد آخر هو العلاقات الاجتماعية. فعدم الرضا الوظيفي يؤثر في العلاقات الشخصية، حيث يكون الشخص متوترًا وسيئ المزاج بشكل عام. وبنفس الوقت تتأثر علاقاته المهنية مع الزملاء والمشرفين، ما يؤثر في التعاون وجو العمل.
أضف إلى ذلك انعكاسات أخرى لا تقل أهمية مثل تراجع التحفيز والإبداع، تدهور الصحة الجسدية مثل زيادة معدلات أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
من هنا نجد أن الشركات الناجحة تركز على توفير بيئة عمل إيجابية وداعمة تعزز من رضا الموظفين، ما يؤدي في النهاية إلى تعزيز الإنتاجية والأداء والعلاقات الاجتماعية.
* هل هناك ارتباط بين التعاسة الوظيفية والاحتراق الوظيفي؟
*ربما تتشابه بعض الأعراض والنتائج بين الجانبين، ولكن بشكل عام يمكن تعريف الاحتراق الوظيفي بأنه حالة تحدث عندما يشعر الموظف بالإرهاق والاستنزاف البدني والنفسي الناجم عن العمل المكثف والضغوط الوظيفية الزائدة، الأمر الذي يتسبب بتوتر مستمر لدى الموظف ويشعر بأنه غير قادر على التعامل معه. وهذا ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الأداء، وعدم الارتياح في العمل.
أما التعاسة الوظيفية فهي حالة تنجم عن عدم الارتياح العام في العمل دون الضغوط الشديدة أو الإرهاق الواضح. ويمكن أن تحدث التعاسة الوظيفية عندما يشعر الشخص بأنه غير راض عن عمله أو بيئته الوظيفية بشكل عام. على العكس من الاحتراق الوظيفي، يمكن أن يستمر الفرد في أداء واجباته بشكل جيد.
بمعنى أن الاحتراق الوظيفي ينجم عن الضغوط الوظيفية، بينما التعاسة الوظيفية تعكس عدم الارتياح وعدم السعادة في العمل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك