القاهرة – سيد عبدالقادر:
طالبت باحثة قانونية بحرينية بإصدار تشريع مستقل ينظم للمحاكمة الجنائية عن بعد، بالنظر إلى ما تتمتع به من خصائص، حيث تتسم بالسرعة والدقة في إنجاز المعاملة، وهي وسيلة لعدم الاعتراض على إشكالات النظام القضائي المتعارف عليها.
وقالت فاطمة فؤاد العوضي مدير إدارة البحوث القانونية والاتفاقيات الدولية بإدارة الشؤون القانونية والسياسية بالديوان الملكي، في أطروحة نالت عنها درجة الدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة القاهرة، «إن المقصود بالمُحاكَمَة الجنائية عن بعد هو إجراءُ المُحَاكَمَة وفق َالمتطلباتِ القانونية والإجرائيّةِ لأطرافِ الدعوى الجِنائيّة، بحيث تبقى الهيئة القضائية في مقرِّها وذلك من خلالِ ربطِها عبر وسائلِ الاتصالِ الإلكترُونيّة».
وقد حضر جلسة مناقشة أطروحة الدكتوراه التي جاءت تحت عنوان «المحاكمات الجنائية عن بعد وضماناتها القانونية (دراسة مُقارنة)، نبيل العسومي رئيس البرلمان العربي، والسفير خليل إبراهيم الذوادي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي بجامعة الدول العربية.
وقالت العوضي إن موضوع دراستها يتناول قضية في غاية الأهمية، كونه يتناول موضوعا تمّ تطبيقه مؤخرا بعد الجائحةِ العالمية، وخاصةً أنّ الدراساتِ القَانُونيةِ المتخصصةِ لم تتناولْ هذا الموضوع بالشكلِ الوافي، حيث إن التّطور التّكنُولُوجِيّ الحديث يعد من أهم مظاهر الحياة المعاصرة، حيث أصبحت الوسائل التّكنُولُوجِيّة تلازم حياة الإنسان في كل الأمور؛ لذا كان لزاما على القواعد الجزائية أن تساير هذا التطور التّكنُولُوجِيّ، وتستحدث قواعد ووسائل جديدة تواجه متطلبات العالم.
وقد أسفرت الدراسة عن عدد من النتائج أهمها إنّ المُحَاكَمَة عن بُعد تمثل آلية جديدة في ظلّ عصر المعلوماتَ والتقنيّة الرقميّة، وأنّ تطبيق نظامِ المُحَاكَمَة عن بُعد لا يقتصرُ تطبيقه على الظروفِ الاستثنائيّةِ، بل أصبحَ نظاماً بديلاً في عديد من الدول التي اعتبرته حلاً لمشكلات بطء التقاضي وتحقيق العدالة.
وإنه على الرغم من إقرار وتطبيق نظام المُحَاكَمَة عن بُعد في الأنظمة التشريعية إلا أنه مازال محلّ خلافٍ فقهيٍّ.
كما أشارت الدراسة إلى أنّ استخدام التقنيات الحديثة في المُحَاكَمَة عن بُعد تُمكّنُ القاضي من تقريبِ صورةِ المتهمِ وملاحظةِ ردود أفعاله، كما أنها تتيح تسجيل إجراءات المُحَاكَمَة وإمكانية إرجاعها للتثبت من أيّ ردِّ فعلٍ للمُتهَم مما يتيح إعطاء تقرير عن حالته الصحيّة والنفسيّة ومؤشراته الحيويّة.
كما أن المحاكمات عن بُعد أكثر مصداقية من المحاكمات العادية والتي لا تتيح إلا مرة واحدة ملاحظة ما يدور في المُحَاكَمَة.
وقد أوصت الدكتورة وفاء العوضي في ختام دراستها بإصدارَ تشريع مستقل ينظم للمحاكمة عن بعد بالنظر إلى ما تتمتع به من خصائص، وبضرورة النصّ على تقرير حق المُتهَم في اختيارِ طريقِ المُحَاكَمَة ممّا سيترتب عليه تفادي أيِّ طعن يتعلق بعدم المحافظة على ضمانات المتهم، والنصّ على حقِّ المتهمِ في الاختيارِ بين حضور المحامي بقاعة المُحَاكَمَة التي يوجد بها القضاة وممثل النيابة العامة، وبين الوجودِ معه في القاعة التي يوجد بها بالمؤسسة العقابية.
كذلك أوصت الدراسة بالعمل على نشرِ منصاتِ البثِّ المرئيِّ لجلساتِ المُحَاكَمَة عن بُعد لممثلي وسائل الإعلام وأصحاب المصلحة لتفعيل مبدأ علانية الجلسات، كما أوصت بالعمل على تحديثِ وسائلِ التقنيةِ ذات الجودة العالية.
وقالت العوضي: يعد نظام المُحَاكَمَة عن بعد نظاما حديث التّطبيق ويتسم بالسرعة والدقة في إنجاز المعاملة، وهو وسيلة لعدم الاعتراض على إشكالات النظام القضائي المتعارف عليها، وإن هذا النظام يتأثر بمدى التطور التّكنُولُوجِيّ الذي وصلت إليه الدولة ذاتها، ومن هذا المنطلق فيجب إخضاع هذا النظام لقواعد تتفق مع طبيعته الخاصة.
جرت الدراسة تحت إشراف الأستاذ الدكتور أحمد عوض بلال، أستاذ القَانُون الجِنائيّ في كلية الحقوق جامعة القاهرة، والعميد الأسبق للكلية، وضمت اللجنة كلا من الأستاذ الدكتور عبد التواب معوض الشوربجي أستاذ القَانُون الجِنائيّ في كلية الحقوق جامعة الزقازيق، والأستاذ الدكتور بشير سعد زغلول أستاذ القَانُون الجِنائيّ كلية الحقوق جامعة القاهرة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك