قال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم في كلمته خلال استقبال قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أثناء زياته التاريخية للبحرين: ويهمنا –قداستكم- بأن تتعرفوا خلال زيارتكم على أهم ما تتميز به بلادنا، بحسب ما توضحه شواهد اليوم، كأرض حاضنة للتعايش المشترك بين أتباع الديانات المختلفة، حيث يتمتع الجميع، وتحت حمايتنا، من بعد الله سبحانه، بحرية إقامة شعائرهم وبتأسيس دور عبادتهم في أجواء تسودها الألفة والانسجام والاعتراف المتبادل، وهذا أمر تحافظ عليه البحرين دوماً من أجل استقرارها المجتمعي وتحضرها الإنساني، كحفاظها على إيمانها الثابت وعلى عاداتها وتقاليدها المورثة، وزيارتكم الميمونة لهي خير دليل على ما تمتاز به مملكتنا الحبيبة، ونشكر الله على نعمه الكثيرة كما نشكركم على كريم زيارتكم.
هذا هو النهج الذي كرسه حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم منذ توليه مقاليد الحكم في المملكة، وهو ما تعزز من خلال ميثاق العمل الوطني ودستور البحرين، فقد كفل المشرع الدستوري هذا الحق، ونص على تلك الحرية صراحة في المادة (22) من دستور مملكة البحرين، والتي جاء فيها: «حرية الضمير مطلقة»، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقًا للعادات المرعية في البلد.
وقد استضافت مملكة البحرين زيارة تاريخية هي الأولى التي يقوم بها قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان رأس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، لمملكة البحرين خلال شهر نوفمبر 2022م حيث تم عقد ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» في دورته الأولى، والإعلان عن إنشاء «جائزة الملك حمد الدولية للحوار والتعايش السلمي».
وبرعاية سامية من جلالة الملك المعظم، تم افتتاح الكاتدرائية الكاثوليكية في ديسمبر 2021م على أرض هبة من جلالة الملك المعظم، وهي ثاني كاتدرائية في البحرين بعد الأولى التي بنيت قبل حوالي 81 عاما.
وبحسب إحصائية بدور العبادة، فإن عدد المساجد السنية بلغ 575 مسجدا، وعدد المساجد الجعفرية 762 مسجدا، وعدد المآتم 634 مأتما، وعدد الكنائس 15 كنيسة، ويوجد كنيس يهودي، و5 دور عبادة لغير الديانات السماوية.
وأكد ناشطون في مجال التسامح والتعايش الديني، وممثلون عن ديانات مختلفة، أن تجربة مملكة البحرين في مجال الحريات الدينية فريدة من نوعها، إذ كفلت البحرين عبر التاريخ حرية ممارسة الشعائر لجميع الأديان بمختلف مذاهبها، ما يؤكد قيمة التعايش التاريخي في البلاد، لافتين إلى أنه في الوقت الذي يشهد فيه العالم صراعات مختلفة تقدم مملكة البحرين نموذجًا من التسامح والتعايش السلمي والتآلف، يعزز من قيم السلام والمحبة بين الشعوب والحضارات والأديان.
وقالوا إن مملكة البحرين حريصة على ترسيخ قيم ومبادئ التسامح الديني والوحدة الوطنية والتعايش السلمي بين جميع الأديان والطوائف، إذ يوجد بها أعلى نسبة للمساجد والجوامع في العالم قياسًا بعدد السكان والمساحة، إلى جانب الكنائس، وكنيس يهودي في وسط المنامة تم بناؤه في عام 1930، والعديد من دور العبادة للطوائف الأخرى، حيث يمارس الجميع وبكل حرية شعائرهم الدينية في إطار من التعايش البناء بين الأديان والمذاهب والحضارات والثقافات المتنوعة.
ونوه الشيخ عبداللطيف آل محمود عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إلى المبادرات الرائدة لصاحب الجلالة الملك المعظم، لترسيخ التسامح ونشر ثقافة السلام واحترام التنوع الديني والثقافي على جميع الأصعدة، الوطنية منها والإقليمية والدولية.
وأكد أن شعب مملكة البحرين يتميز بالتعايش الاجتماعي مع جميع الشعوب والأديان، ويعود هذا التعايش إلى عوامل متعددة، منها أن البحرين جزيرة واقعة في وسط الخليج، وظهرت فيها كثير من الحضارات، ولها مواردها الاقتصادية والصناعية والزراعية المحلية، فكانت منطقة تداخل حضاري وديني وتجاري، ومنها صغر مساحتها، لذا أصبح التعارف بين جميع سكانها مع القادمين إليها سهلا وميسورًا وواقعا معاشًا في كل يوم من أيام الحياة.
وأكد الشيخ صلاح الجودر، إمام وخطيب، أن مملكة البحرين تواصل ريادتها الاستثنائية في غرس بذور التسامح والتعايش السلمي عبر غرس هذه القيم في مواطنيها وفي الجيل الجديد تحديدًا.
وأضاف أن البحرين تتميز بمشهد ديني فريد من نوعه، حيث تجد المساجد والجوامع والمآتم والكنائس المسيحية واليهودية والمعابد جنبًا إلى جنب، وهذا ما أكده صاحب الجلالة الملك المعظم في مساحة الحرية الدينية، ومن أقوال جلالته المأثورة: «نحن في العالم العربي لا نخشى من التعددية الدينية، ولا داعي للخوف منها، بل في الواقع، نحن بحاجة إلى بعضنا البعض، ويجب أن نلتقي مع بعضنا البعض على طريق الاحترام المتبادل والمحبة، ولعلنا سنجد طريق السلام الذي نسعى إليه».
وفي السياق ذاته، قال الشيخ مجيد العصفور عضو مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، «كوننا مسلمين وبحرينيين، ومن تجربة حياتية ممتدة منذ عشرات السنين، نؤمن بالتعايش والتفاهم والتحاور بين المجتمعات الإنسانية من أجل الحياة المشتركة التي تنعم بالسلام والتعاون لإعمار الأرض بالخير والحضارة».
وأشار إلى أن هذا الإيمان قد انعكس في البنية التشريعية المعاصرة في مملكة البحرين، التي تؤكد النظرة الإنسانية والحماية التي تقوم بها الحكومة لجميع المواطنين والمقيمين لممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية وأمان، وانبثق كل ذلك من فلسفة جلالة الملك المعظم، الذي أكده في إعلان مملكة البحرين 2017، حيث الحرية التامة لممارسة الشعائر الدينية، ونبذ أي تصرف يرهب أتباع الأديان والتزام الدولة بحماية جميع أتباع الأديان في مزاولة ما يعتقدون به، من دون إضرار بمكونات المجتمع الأخرى.
وأكد إبراهيم نونو عضو مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي أن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم مكّن بحكمته المجتمع من الوصول إلى مستوى من التفاهم والتعايش من أجل العيش السلمي، قائلاً إن مملكة البحرين تعتبر خير مثال للعالم الخارجي، لما يتميز به المجتمع من أخلاق رفيعة وآداب عالية، والتي أشبه ما تكون بالقاعدة غير المكتوبة المتفق عليها الجميع، مؤكدًا أن اليوم الدولي للتسامح هو تذكير بضرورة التعاطف مع بعضنا البعض كبشر وفهم وجهات النظر المختلفة.
من جانبه، أكد القس هاني عزيز راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية رئيس جمعية البيارق البيضاء، أهمية قيمة التسامح في مملكة البحرين، ووصفها بالإرث المتناقل بين الأجيال، وتقدم للعالم كنموذج متحضر في الوقت الذي تبرز فيه الحاجة إلى دعم السلام والتسامح.
وقال إن مملكة البحرين تعتبر رائدة في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، فهو رجل سلام وقائد له، وقد مثلت رؤيته منارة للسلام في الداخل والخارج، فمن هذه البلد الصغيرة بحجمها الكبيرة بعطائها يتم تصدير التسامح والإنسانية والسلام إلى العالم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك