النيابة العامة إحدى ثمار 25 عاما من المشروع الإصلاحي
أكد المستشار وائل بوعلاي مساعد النائب العام أن النيابة العامة هي إحدى ثمار المشروع الإصلاحي الذي دشنه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، والتي جاء تأسيسها تكريساً للعدالة ضمن مبادئ ميثاق العمل الوطني وضمانة لإرساء قيم العدالة والمساواة ضمن نظام قضائي مستقل يعمل على تحقيق رسالة الدولة الأساسية في الحفاظ على حقوق أفراد المجتمع ومكتسباته التي ضمنها الدستور، وكفلتها القوانين والأنظمة المرعية بما يحقق سبل التنمية المستدامة ويدعم ركائزها ويضمن تطورها.
وأشار بوعلاي إلى أن النيابة تأسست بداءة مشتملة على عدد من النيابات الجزئية وفقاً للتقسيم الجغرافي للمملكة، إلا أنه من منطلق الرعاية الملكية للمنظومة القضائية وباهتمام حثيث من الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام، وسعياً نحو تعزيز التخصص القضائي، وتطويراً للمعرفة القانونية فقد تم إرساء منظومة قانونية قادرة على مكافحة الجريمة ذات الطابع النوعي في مختلف صورها؛ وذلك من خلال إجراء تطوير هيكلي بشأن آلية العمل القضائي وسبل مباشرته من الناحية الفنية والتقنية عبر إنشاء عدد من النيابات والوحدات والمكاتب المتخصصة للتحقيق والتصرف في نوعيات الجرائم ذات الخطورة الجنائية والاجتماعية والاقتصادية، والتي شكلت في مجموعها إنجازاً وطنياً في التخصصية القانونية والتي كان لها أبلغ الأثر في تفرد النيابة العامة والارتقاء بها ضمن مصاف أجهزة النيابة العامة الرائدة على المستويين الإقليمي والدولي.
التحول الرقمي
أما في شأن التحول الرقمي في العمل القضائي وسبل مباشرته من الناحية الفنية والتقنية، فقد أشار مساعد النائب العام إلى تبني النيابة العامة استراتيجية وطنية في مجال التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي وتحديث وسائل الأداء القضائي وما يتصل به من خدمات إلكترونية تقدمها النيابة العامة من أجل تيسير سبل وإجراءات التقاضي على المتعاملين مع منظومة العدالة الجنائية في المملكة، سواء تم من خلال تنظيم منفرد من النيابة العامة أو ضمن مبادرات مشتركة بالتنسيق مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية من أجل الارتقاء بالخدمات المقدمة للمتقاضين لتوفير الوقت والجهد عن طريق تفعيل استخدام تكنولوجيا المعلومات لتبسيط وتيسير الإجراءات؛ حيث تم استخدام نظام إلكتروني يتيح استعمال الوسائل الالكترونية في التحقيق عن بُعد، واعتماد نظام التوقيع الالكتروني في مباشرة إجراءات التحقيق، وحفظ التحقيقات في شكل سجلات إلكترونية بدلاً من نسختها المكتوبة، كما تم اعتماد النظام الإلكتروني في إرسال وتبليغ قرارات المحاكم والنيابة العامة إلى الجهات المختصة، وكذلك في تبليغ الإعلانات وطلبات الحضور وفي تنفيذ الأحكام الجنائية، واستخدام الموقع الإلكتروني للنيابة بشكل فعال في تلقي طلبات المراجعين وذوي الشأن والمحامين وتلبيتها وفقاً للقانون، وهو ما أسهم بشكل فاعل في اختصار أمد الإجراءات الجنائية وتحقيق العدالة الناجزة.
الحماية الأسرية
وعلى الجانب التشريعي؛ فقد أكد مساعد النائب العام سعي النيابة العامة إلى استنفاذ أحكام التشريعات الوطنية، لاسيما المستحدث منها واستيعابها ضمن منظومة التحقيق الجنائي في مختلف صوره وإفراغ جوانب تطبيقها في مبادرات وقواعد إرشادية ممتزجة الصبغة بين التطبيق القانوني، ومراعاة البُعد الاجتماعي على نحو يحقق للتشريع غاياته في حفظ المجتمع وصون مقدراته، وقد كان القانون رقم 4 لسنة 2021 بإصدار قانون العدالة الإصلاحية وحمايتهم من سوء المعاملة خير نتاج، تبنته النيابة العامة منهاجاً متطوراً في المعاملة الجنائية للطفل، من خلال اعتبار الجوانب الإنسانية والاجتماعية المرتبطة بتطبيق أحكامه لتحقيق مقاصده الرامية نحو المزيـد من الرعاية والحماية للطفل في مختلف مراحل الدعوى الجنائية وذلك من خلال تدشين الدليل الإرشادي لسؤال الطفل مرة واحدة في جرائم الاعتداء الجنسي عبر اختزال إجراءات استجوابه وسماع أقواله في جرائم الاعتداء الجنسي لتكون مرة واحدة فقط في مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة، وهو ما يضمن وحدة الإجراءات الجنائية قبل الطفل كركيزة صيغت بها معايير وطنية ترسخ لمنظومة قانونية واجتماعية قوامها حماية حقوق الطفل، والأدبية، فضلاً عن إطلاق مبادرة النيابة العامة الاجتماعية «رعاية» من أجل شمول الطفل والمرأة والأسرة بالرعاية وكفالتهم بالخدمات المتنوعة في مجالات التعليم والصحة والعمل وغيرها من أنواع الرعاية والحماية المختلفة سواء المصاحبة لإجراءات الدعوى الجنائية أو اللاحقة عليها، وهي المبادرة التي كشف واقع تطبيقها عن كونها بمثابة رسالة إنسانية في الرعاية الاجتماعي وفق أجلِ صور التكافل الوطني من مختلف مؤسسات الدولة.
أما بشأن قانون العقوبات والتدابير البديلة، فقد كان نواة لجهد وطني مشترك ابتدرت النيابة العامة رؤاه وكانت فكرة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين وتبناه حتى بات تشريعاً سباقاً نباهي به تشريعات العالم، ومن هذا المنطلق كانت التوجيهات الملكية السامية الصادرة للجهات المعنية بالتوسع في تطبيق أحكامه فعمدت النيابة العامة إلى ذلك بالتوازي مع تنفيذ برنامج السجون المفتوحة مستلهمة تلك التوجيهات السامية من أجل كفالة تعزيز الاستفادة من برنامج العقوبات البديلة كأحد البدائل العقابية في تطوير منظومة العدالة الجنائية التي تعكس ما وصلت إليه حقوق النزلاء في مملكة البحرين من مستوى عالٍ وراقٍ يتفق مع أفضل المعايير العالمية المتبعة في مجال مراكز التأهيل والإصلاح، وعلى جانب آخر ثمن مساعد النائب العام التعديلات التشريعية الأخيرة لقانون الإجراءات الجنائية بموجب القانون رقم (7) لسنة 2020 والتي كانت وبحق مرتكزاً قانونياً للتوسع في نظم العدالة التصالحية من خلاله استطاعت النيابة العامة إطلاق رؤيتها لتفعيل الوساطة الجنائية والتوسع في إصدار الأوامر الجنائية والصلح والتصالح كمنهج لتطبيق سياسة جنائية حديثة، وبما أسهم في اختصار أمد الدعوى الجنائية وتحقيق موجبات العدالة الجنائية في مختلف صورها.
وفي شأن التعاون القضائي الدولي أشار مساعد النائب العام إلى حرص النيابة العامة على التواصل مع الأجهزة النظيرة في العالم لتبادل الخبرات والمعلومات والتنسيق لتنفيذ طلبات المساعدة القضائية وبالأخص في الجرائم ذات الخطورة كالجريمة المنظمة وجرائم الفساد وغسل الأموال والاتجار بالأشخاص، وهو ما أسهم في تعزيز قدراتها على ضبط أدلة الجرائم وتتبع مرتكبيها، وبما يضمن إنفاذ القانون وأحكام الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مملكة البحرين، وذلك بالتزامن مع ما أبرمته النيابة العامة من مذكرات تفاهم مع عدد من النيابات والتي كان لها نتائج إيجابية في التحقيقات الجنائية وتنفيذ الأحكام القضائية.
وفي الختام أكد مساعد النائب العام أن النيابة العامة منذ تأسيسها قد بلغت من التقدم والرفعة ما لم يسبق بلوغه تميزاً وتفرداً لوطنٍ عظيم المسيرة وعنوانا للازدهار، مؤكداً المضي بعزم وثبات نحو تعزيز متطلبات العدالة عبر استراتيجية وطنية تتضمن مجموعة من أعمال التطوير لمنظومة التقاضي الجنائي، وما يرتبط بها من مقترحات للنهوض بتلك المنظومة سواء من خلال الارتقاء بالجانب التقني، وزيادة فاعلية نظم الوساطة الجنائية، والتوسع في استخدامات الذكاء الاصطناعي إلى غير ذلك من أشكال التطوير والتحديث في عمل النيابة العامة، والتي تأتي جميعها وفقاً لأهداف ورؤية المسيرة التنموية الشاملة بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك