المسجد المؤسسة الحضارية الأولى في التاريخ الإسلامي، يجتمع فيه الناس خمس مرات في اليوم والليلة للقيام بأعظم شعيرة، وقد وضع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اللبنات الأولى للمسجد الأول في المدينة؛ لتحقيق مقاصدَ شرعيةٍ عظيمةٍ وفوائدَ غزيرةٍ ومنافعَ مشهودة، وقد اعتنى الصحابة به فوسِّع غير مرة بحسب الحاجة.
ورغبت الشريعة في إنشاء دور العبادة؛ فعن عثمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي به وجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ له مِثْلَهُ في الجَنَّةِ»؛ أي: أنشأ المسجد طَلَبًا لمرضاة الله تعالى، ويدخل فيه الوقفُ على تهيئتها لأداء الصلاة من فرش ومصابيح، والوقف على القائمين عليها؛ لأنَّ فيها إعمارًا لبيوت الله تعالى.
ومسجد جواثى وهو في البحرين التاريخية، فعن ابن عباس رضي الله عنه: (إنَّ أوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ في مَسْجِدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، في مَسْجِدِ عبدِ القَيْسِ بجُواثَى مِنَ البَحْرَيْنِ)، ويقع حاليًّا في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.
ومن أشهر المساجد الحرمين الشريفين، وقد تسابق الملوك والأمراء في رعايتهما والعناية بهما، وقد استمرت التوسعات المكانية في عهد الدول السعودية؛ لاستيعاب الأعداد المتزايدة والكبيرة من ضيوف الرحمن الذين يفدون إلى المملكة من مختلِف الأقطار؛ وخصوصا موسم الحج.
ومنها: الجامع الأموي في دمشق الذي ظل إلى الآن شاهدًا وماثلًا بعد ثلاثة عشر قرنًا؛ حيث بني في عهد الوليد بن عبدالملك واستغرق البناء فيه عشر سنين، بجهود أعداد كبيرة من العاملين في كل الجهات، وأنفقت فيه أموال طائلة.
ومن أهم مساجد مصر على الإطلاق، وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام الجامع الأزهر، وهو كذلك واحد من أشهر المساجد الأثرية في مصر والعالم الإسلامي، ولا يزال منارة للعلم حتى هذا اليوم، ومن الجوامع الضخمة الكبيرة جامع السلطان حسن في القاهرة.
وفي الأندلس انتشرت الأوقاف وبخاصة المساجد، في ظل حكم الأمويين؛ فالخليفة الأموي عبدالرحمن شرع في إنشاء المسجد الجامع في قرطبة وأنفق فيه ثمانين ألف دينارٍ وأتمَّه ولده هشام، وكذلك بني في عهدهم الجامع الكبير البديع جامع إشبيلية.
ومع انتشار الإسلام كان المسلمون يحرصون عند نزولهم في أي قطر على بناء المساجد وتشييدها؛ فقد أنشأ عقبة بن نافع جامعه الشهير بالقيروان، في القرن الأول الهجري، الذي عُدّ جامعةً إسلاميةً عريقة، وقد وقف كثير من كبار علماء تونس كتبهم عليه.
قسم البحوث وشؤون المساجد بإدارة الأوقاف السنية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك