العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٧٩ - الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

مقالات

اتحاد الحقوقيين العرب والمسؤولية العربية المشتركة

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

يُعد‭ ‬وجود‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬شرطاً‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬تحقيق‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الصحيّة،‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬يُمثّل‭ ‬السلطة‭ ‬الرابعة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬المجتمع‭ ‬مدنياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬واقتصاديا‭ ‬واجتماعياً‭ ‬وثقافياً،‭ ‬وتلعب‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تعزيز‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملها‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بهذه‭ ‬الحقوق‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬حين‭ ‬وجوبه،‭ ‬وتعتبر‭ ‬جمعيات‭ ‬ونقابات‭ ‬واتحادات‭ ‬الحقوقيين‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬هذه‭ ‬المهمة،‭ ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬العربي‭ ‬يبرز‭ ‬اتحاد‭ ‬الحقوقيين‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الإقليمي‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬في‭  ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1975‭ ‬في‭ ‬بغداد‭. ‬

وقد‭ ‬شهد‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬فعاليات‭ ‬المؤتمر‭ ‬السابع‭ ‬لاتحاد‭ ‬الحقوقيين‭ ‬العرب‭ ‬‭ ‬منظمة‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬ذات‭ ‬صفة‭ ‬استشارية‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ - ‬والتي‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬انعقاد‭ ‬الاجتماع‭ ‬الثالث‭ ‬والأربعين‭ ‬للاتحاد‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬العراقية‭ ‬بغداد‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬دولة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المهندس‭ ‬محمد‭ ‬شياع‭  ‬السوداني،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬فيها‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬تراجعاً‭ ‬عالمياً‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬السياسات‭ ‬الدولية‭ ‬متمثلاً‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الممارسات‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تُمارس‭ ‬ضد‭ ‬أهل‭ ‬غزّة‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬اكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬أثّر‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬جدّية‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬مبادئ‭ ‬احترام‭ ‬وحماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬مدنا‭ ‬فاضلة‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬حقيقي‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬ولاسيما‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬العضوية‭ ‬الدائمة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

وقد‭ ‬استضافت‭ ‬جمهورية‭ ‬العراق‭ ‬وبرئاسة‭ ‬من‭ ‬اتحاد‭ ‬الحقوقيين‭ ‬العراقيين‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ (‬نحو‭ ‬استراتيجية‭ ‬عربية‭ ‬حقوقية‭ ‬نهضوية‭ ‬لمواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭) ‬بإمكانيات‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭ ‬عرفه‭ ‬العرب‭ ‬عظيماً‭ ‬ينضح‭ ‬كرماً‭ ‬وعراقةً‭ ‬وعمقاً‭ ‬تاريخياً،‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى،‭ ‬حيث‭ ‬حضر‭ ‬جلسة‭ ‬الافتتاح‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬الألف‭ ‬حقوقي‭ ‬من‭ ‬ممثلي‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أقطار‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬يتقدمهم‭ ‬معالي‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬العراقي‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬الشواني‭ ‬نائباً‭ ‬عن‭ ‬راعي‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح،‭ ‬وقد‭ ‬تشرفت‭ ‬بالحضور‭ ‬ممثلة‭ ‬لجمعية‭ ‬الحقوقيين‭ ‬البحرينية‭ ‬بمعية‭ ‬الدكتور‭ ‬المحامي‭ ‬عباس‭ ‬هلال‭ ‬عضو‭ ‬المكتب‭ ‬الدائم‭ ‬للاتحاد،‭ ‬كما‭ ‬أطلق‭ ‬اجتماع‭ ‬المكتب‭ ‬الدائم‭ ‬للاتحاد‭ ‬على‭ ‬جلسة‭ ‬استكمال‭ ‬الأعمال‭ ‬اسم‭ (‬غزة‭ ‬الكرامة‭ ‬والعزة‭) ‬على‭ ‬جلسة‭ ‬الافتتاح‭ ‬وجدول‭ ‬اعمال‭ ‬المؤتمر،‭ ‬وخلص‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬للمؤتمر‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬العربي‭ ‬وأهمية‭ ‬استقلال‭ ‬مهنة‭ ‬المحاماة‭ ‬وتعزيز‭ ‬دور‭ ‬المحامين‭ ‬والنقابات‭ ‬المهنية‭ ‬للمحامين‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والقضايا‭ ‬القومية‭ ‬للوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعدوان‭ ‬الغاشم‭ ‬على‭ ‬غزّة،‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬واستقرارها‭ ‬الداخلي‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬وتوصيات‭ ‬تتعلق‭ ‬بخصوصية‭ ‬الأوضاع‭ ‬بجميع‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬كجمهورية‭ ‬العراق‭ ‬والمملكة‭ ‬الأردنية‭ ‬الهاشمية‭ ‬وجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬والجمهورية‭ ‬اللبنانية‭ ‬والجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية‭ ‬والجزائر‭ ‬واليمن‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬قطر‭ ‬والامارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والسودان‭ ‬وانتهى‭ ‬إلى‭ ‬توصيات‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العام،‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فقد‭ ‬أكّد‭ ‬المؤتمر‭ ‬على‭ ‬إدانة‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للمملكة‭ ‬وعلى‭ ‬أهمية‭ ‬أمن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬باعتباره‭ ‬نقطة‭ ‬ارتكاز‭ ‬محورية‭ ‬واساسية‭ ‬للأمن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وبما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي،‭ ‬كما‭ ‬أشاد‭ ‬بدور‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬ومنظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وبتأكيدها‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬ترسيخ‭ ‬وتعزيز‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬وأخيراً‭ ‬ثمّن‭ ‬المؤتمر‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬بشأن‭ ‬العفو‭ ‬الخاص‭ ‬الموسّع‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬ملك‭ ‬البحرين‭ ‬والذي‭ ‬يُبنى‭ ‬عليه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اصلاحٍ‭ ‬مستمر‭ ‬شامل‭ ‬لنهضة‭ ‬ورفعة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬يشكل‭ ‬جسراً‭ ‬للتواصل‭ ‬بين‭ ‬الحقوقيين‭ ‬العرب‭ ‬لتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمهنية‭ ‬والنوعية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضايا‭ ‬الوطنية‭ ‬والعربية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وحرياته‭ ‬الأساسية،‭ ‬كما‭ ‬يعيد‭ ‬تعزيز‭ ‬أواصر‭ ‬الصلات‭ ‬العميقة‭ ‬والوحدة‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬العرب‭ ‬كإخوة‭ ‬يجمعهم‭ ‬مصير‭ ‬مشترك‭ ‬ولاسيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المخاطر‭ ‬والتحديات‭ ‬المعاصرة‭ ‬المحيطة‭ ‬بالأمة‭ ‬العربية‭ ‬بأكملها،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والمنعطف‭ ‬التاريخي‭ ‬الخطير‭ ‬الذي‭ ‬تمرّ‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭.‬

ويهمني‭ ‬هنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الفكري‭ ‬العالي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يسود‭ ‬أجواء‭ ‬المؤتمر‭ ‬وبسلاسة‭ ‬الانتقال‭ ‬بين‭ ‬المحاور‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬من‭ ‬التفاهم‭ ‬والتناغم‭ ‬بين‭ ‬الحضور‭ ‬وفق‭ ‬شعور‭ ‬مهني‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬والاهتمام‭ ‬والإيثار،‭ ‬وتكللت‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬المقر‭ ‬الرئيسي‭ ‬للأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للاتحاد‭ ‬إلى‭ ‬بغداد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬عمّان‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬بسبب‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ليعود‭ ‬الاتحاد‭ ‬إلى‭ ‬مقرّه‭ ‬الأصلي‭. ‬

فشكراً‭ ‬للعراق‭ ‬التي‭ ‬استضافت‭ ‬المؤتمر،‭ ‬وللجهود‭ ‬التي‭ ‬بُذلت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنظيمه،‭ ‬والشكر‭ ‬بداية‭ ‬للدكتور‭ ‬محمد‭ ‬نعمان‭ ‬الداوودي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬المساعد‭ ‬لاتحاد‭ ‬الحقوقيين‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬جهوده‭ ‬وفريقه‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح‭ ‬حفلاً‭ ‬نموذجيا‭ ‬راقياً،‭ ‬شكرا‭ ‬لرئيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدكتور‭ ‬شبيب‭ ‬المالكي‭ ‬وللأمين‭ ‬العام‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬الضمور،‭ ‬شكرا‭ ‬لنقابة‭ ‬المحامين‭ ‬العراقيين‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬النقيبة‭ ‬الدكتورة‭ ‬أحلام‭ ‬اللامي‭ ‬والشكر‭ ‬موصول‭ ‬لجميع‭ ‬الإخوة‭ ‬العرب‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬والمنظمين‭ ‬له،‭ ‬ونتطلع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يُعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬مماثل‭ ‬للحقوقيين‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قريباً‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا