استخدام مياه الأمطار في تغذية المياه الجوفية وتخزينها لإعادة تأهيلها
البحرين تمتلك الخبرات اللازمة لهذا المشروع
كتبت ياسمين العقيدات:
أكد عدد من الخبراء المعنيين بالبيئة أهمية إدارة مياه الأمطار والاستفادة منها وعدم هدرها، وذلك من خلال تطبيق استراتيجيات مبتكرة بدلًا من التخلص من هذه المياه بتصريفها إلى البحر، كما يمكن استخدام مياه الأمطار القيمة هذه في التغذية الصناعية للمياه الجوفية وتخزينها فيها لإعادة تأهيلها وتخفيف استنزافها من خلال تحديد مناطق المنخفضات التي تتجمع بها الأمطار يمكن حفر آبار تغذية للمياه الجوفية بتصاميم معينة تضمن فعالية هذه العملية.
وأكد الدكتور وليد الزباري أستاذ إدارة الموارد المائية في جامعة الخليج العربي، أن ظاهرة تغير المناخ في العالم والنماذج الرياضية لمحاكاة المناخ موجودة فإنه مع ارتفاع نسب ثاني أكسيد الكربون في الجو وارتفاع درجة الحرارة، التي تعتبر المحرك الرئيسي لنظام الجو العالمي، ستبدأ أنظمة الجو التقليدية والتيارات الهوائية بإعادة التموضع في الكرة الأرضية وستتغير أنماط الطقس ومعها أنظمة الهواطل المطرية وكذلك ستزداد الحالات المتطرفة بسبب إعادة التموضع هذه.
وأضاف أنه يجب أن يتم تحليل بيانات هطول «الأمطار التاريخية» التي تم تسجيلها في الماضي لتحديد التردد المتوقع لكثافة هطول أمطار معينة، ومن ثم يتم استخدامها ضمن معايير تصميم شبكات الجريان السطحي في المناطق الحضرية، فمثلا في منطقتنا يتم تصميم أنظمة الصرف لمعدلات الأمطار التي تتراوح من عامين إلى 25 عاماً (10 سنوات هو المعيار الشائع)، ويحكم هذا المعيار التكاليف، فمثلا سيكون تصميم شبكة جريان سطحي لحالة مطرية تحصل كل 50 سنة كما هو الحال في معظم الحالات المتطرفة مكلفاً جداً من حيث التصاميم الهندسية وكذلك الأراضي الفضاء المطلوب عدم البناء عليها لتصريف السيول، أو ما يسمى بحرم الوديان.
أما بخصوص الاستفادة من مياه الأمطار فقال: بالرغم من أن هذه الأمطار الغزيرة تمثل تحديات عالية، إلا أنها كذلك تمثل فرصاً إذا تم حصادها وإدارتها بالشكل المطلوب وضمن استراتيجيات مبتكرة بدلا من التخلص منها بتصريفها إلى البحر، حيث يمكن استخدام مياه الأمطار القيمة هذه في التغذية الصناعية للمياه الجوفية وتخزينها فيها لإعادة تأهيلها وتخفيف استنزافها، أو توجيهها إلى منخفضات طبيعية أو المناطق الزراعية أو الشجرية المفتوحة، مثلاً من خلال تحديد مناطق المنخفضات التي تتجمع بها الأمطار يمكن حفر آبار تغذية للمياه الجوفية بتصاميم معينة تضمن فعالية هذه العملية.
الجدير بالذكر أن البحرين تمتلك خبرات عديدة في هذا المجال فهناك مشروع تغذية للمياه الجوفية بمياه الأمطار في حوض الدوار الثاني عشر من مدينة حمد وكذلك في مدينة عيسى، وغيرها من المواقع، والمطلوب الاستفادة من هذه الخبرات والبناء عليها، كذلك هناك بحيرة اللوزي الطبيعية التي تتجمع فيها الأمطار، وتقع على منكشف الخزان الجوفي، ويمكن تخفيف الضغط عليها من خلال حفر آبار تغذية تمتص هذه المياه وتخزنها في الطبقات المائية أسفلها بدلا من تركها تتبخر.
بدوره أكد الدكتور زكريا الخنجي الخبير البيئي، أنه يفضل أن تكون مصارف الأمطار جاهزة قبل الموسم بفترة حتى وإن كانت وجيزة، فعندما تتساقط الأمطار فإنه ينبغي أن تتسرب في تلك المصارف الخاصة بها، ومن ثم تجري المياه إلى البحر وهذا هدر، لذلك يجب أن تنتهي مصارف الأمطار إلى مناطق للتخزين، وبعد أو خلال فترة الشتاء تصرف وتخلط بالمياه التي تمت معالجتها ومن ثم تصرف للزراعة، فإن كانت كميات كبيرة تصرف بصورة تدريجية.
وبيّن الخبير أن بعض الدول تلجأ إلى الاستفادة من مياه الأمطار وعدم هدرها على سبيل المثال، يبحث مواطنو سنغافورة، عن مصادر وأساليب مختلفة لتجميع الأمطار، وذلك من خلال استخدام أسطح المنازل ثم تخزين كميات المياه في خزانات لاستخدامها في المهام اليومية، والوضع مشابه في طوكيو باليابان، حيث يساعد حصد مياه الأمطار على تجنب نقص إمدادات المياه، وتوفيرها في حالات الطوارئ، وفي السيطرة على الفيضانات وكذلك في أستراليا، يمكنك أن ترى خزانات مياه الأمطار بجوار كل منزل، والأمثلة على ذلك كثيرة.
وأضاف أن الصين تطمح إلى بناء أضخم مدينة إسفنجية في العالم في (مدينة لينغانغ الحديثة) في (مدينة شنغهاي)، بتكلفة 119 مليون دولار، وذلك لإيقاف الحلقة المفرغة من الأمطار والفيضانات في المدن الصينية، من خلال استخدام أسطح تسمح بتخلل المياه في المدن، بالإضافة إلى البنية التحتية الصديقة للبيئة، لجعل 80% من المساحات المدنية قادرة على امتصاص المياه، وإعادة استخدام 70% من مياه الأمطار.
ولفت إلى أن بعض الدول العربية أقرت لكل عقار جديد حفر خزان تجميعي للمياه لا يقل حجمه عن 12 مترا مربعا، وتطبق الغرامة على المخالفين، فيما خصصت كل من فرنسا وألمانيا مواسير تركب إلى جانب المؤسسات والأبنية لتصرف مياه السيول والأمطار الغزيرة، وتستغل هذه المياه لاستصلاح الصحراء والزراعة بشكل عام.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك