تقرير من القاهرة - سيد عبدالقادر:
بعد أيام قليلة تتجه أنظار العرب والعالم إلى المنامة، التي تستضيف لأول مرة القمة العربية، في دورتها الثالثة والثلاثين، حيث يترأس جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة القمة العربية للمرة الثانية خلال 21 عاما، حيث ترأس جلالته القمة العربية الخامسة عشرة التي عقدت بمدينة شرم الشيخ المصرية.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فيبدو أن قدر مملكة البحرين أن تترأس القمة العربية في ظروف دولية وعربية شديدة الدقة والأهمية.
ففي عام 2003 عقدت القمة بحضور 11 زعيما عربيا و11 ممثلا عن الحكومات الباقية، واعتمدت موقفا موحدا برفضها شن هجوم أمريكي على بغداد، كما شدد جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة في كلمته كرئيس للقمة على خطورة الحرب التي كانت تلوِّح الولايات المتحدة بشنها على بغداد، ودعا إلى العمل على تجنيب المنطقة ويلات الحرب، مؤكدا حرص بلاده على وحدة العراق. واليوم تترأس مملكة البحرين القمة العربية، ولا شك أن نصرة الشعب الفلسطيني ستكون على رأس أولويات هذه القمة، ومحور كل المباحثات الجماعية والثنائية بين القادة والزعماء الحاضرين للقمة.
موعد مع التاريخ
تأتي استضافة مملكة البحرين للقمة العربية الثالثة والثلاثين، بالتزامن مع احتفال المملكة باليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك المعظم مقاليد الحكم، وهو احتفال يؤرخ لمسيرة حافلة يقودها جلالة الملك المعظم، من خلال مشروع إصلاحي بدأ بإعلان الملكية الدستورية، لإقامة ديمقراطية حقيقية من خلال البرلمان بمجلسيه ودولة المؤسسات.
كما تأتي هذه القمة بعد أيام قليلة من احتفال مملكة البحرين ودول العالم العربي في 22 مارس الماضي بالذكرى التاسعة والسبعين لتأسيس جامعة الدول العربية. ولا شك أن استضافة مملكة البحرين للقمة العربية، تأتي استمرارًا وتأكيدًا لنهج جلالة الملك المعظم، وبدعم ومساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في الاهتمام بالدائرة العربية في الدبلوماسية البحرينية وتقويتها، انطلاقًا من الإيمان بأن العلاقات العربية العربية هي مسـألة مصير لأبناء الأمة العربية، وأن التعاون والترابط يمثل خيارًا استراتيجيًا لتحقيق الأمن والاستقرار والنماء للشعوب العربية.
بحرينيون في بيت العرب
يمتلك شعب البحرين حسا قوميا عربيا، ويشهد التاريخ للبحرين وشعبها دفاعها عن عروبتها كونها جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية العظيمة، عندما أكد شعب البحرين تمسكه بعروبته وقوميته في الاستفتاء الذي أجرته الأمم المتحدة عام 1971، كما يشهد التاريخ على وقوفها بقوة إلى جانب الحق العربي ودفاعها المستميت عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومواقف البحرين الداعمة والمساندة للتضامن العربي في مختلف المجالات وتعزيز التكامل والتنسيق العربي.
وقد انضمت البحرين إلى الجامعة العربية في 11 سبتمبر 1971، وأسهمت منذ هذا التاريخ وعلى مدى عقود بفعالية في أعمال الجامعة مع التزامها الأكيد بميثاقها ومبادئها، وذلك من منطق إيمان القيادة والشعب البحريني بأن الجامعة العربية هي «بيت العرب».
ولأن البحرين غنية برجالها فقد أسهم العديد من الدبلوماسيين ورجال السياسة والاقتصاد البحرينيين في إثراء مسيرة العمل المشترك في «بيت العرب» أو جامعة الدول العربية.
ولعل أول من يجب أن نذكرهم في هذا الصدد السيد تقي البحارنة الشاعر والأديب ورجل الأعمال، والذي كان أول سفير للبحرين في مصر (1971-1974)، وكان بالتالي أول رئيس لبعثة البحرين لدى جامعة الدول العربية.
وعن هذه الرحلة قال السيد تقي البحارنة لـ«أخبار الخليج»: «لقد تشرفت بأن يتم اختياري من لدن سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة لكي أكون أول سفير للبحرين، وكان هذا تشريفا وتكليفا لي كي أمثل البحرين في مصر الشقيقة وفي الجامعة العربية، وقد قمت - بحسب اعتقادي- بكل ما يلزم رغم أني لم أكن في السلك الدبلوماسي من قبل، لكن الثقة التي منحتها لي قيادة البحرين جعلتني أتحمس لأداء مهمتي على أفضل وجه».
وفي كتابه الذي حمل عنوان «مذكرات سفير البحرين والخليج العربي في عهد الاستقلال»، تحدث عن أشياء كثيرة منها تفاصيل زيارتين قام بهما لمصر آنذاك جلالة الملك عندما كان وليا للعهد، حيث كان يحضر اجتماعات مجلس الدفاع العربي المشترك، وزيارته لجبهة القتال عقب حرب أكتوبر 1973 وسجلتها الصور والمعلومات.
وقال البحارنة: «لقد تغلغلت كثيرا في دهاليز الجامعة العربية، ونشرت أشياء مازالت في المحاضر بتاريخها وتفاصيلها وأسماء الحضور».
ومنذ ذلك التاريخ –وما تلاه- حمل العديد من الدبلوماسيين البحرينيين لواء المسؤولية، وأسهموا بأفكارهم وخبراتهم وجهدهم المخلص في مد جسور الحوار والتعاون العربي المشترك من خلال جامعة الدول العربية.
ويتولى حالياً السفير خليل إبراهيم الذوادي منصب الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي بجامعة الدول العربية، وذلك عقب مسيرة طويلة شهدت نجاحات في مجالات الإعلام والسياسة والدبلوماسية، وقد كرمته جامعة الدول العربية والأمين العام للجامعة لدوره في تدعيم وتطوير علاقات بلاده مع الجامعة العربية سبتمبر 2010م، كما كرمته وزارة الخارجية المصرية لدوره في دعم توثيق العلاقات المصرية البحرينية سبتمبر 2010م.
وتشغل فوزية زينل منصب سفيرة مملكة البحرين لدى جمهورية مصر العربية منذ 28 ديسمبر 2022 كما تشغل السفيرة فوزية زينل منصب المندوبة الدائمة لدى جامعة الدول العربية، حيث تشارك بالحضور الدائم والفاعل في كل الأنشطة والاجتماعات والفعاليات الرسمية بجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين.
ويشغل عادل العسومي منصب رئيس البرلمان العربي منذ أكتوبر 2020، والبرلمان العربي، ويشغل 3 أعضاء من مجلسي النواب والشورى في مملكة البحرين عضوية البرلمان العربي، وهم النائب هشام العشيري والنائب ممدوح الصالح وعضو مجلس الشورى علي العرادي.
مد جسور التعاون
ومنذ انضمام مملكة البحرين إلى جامعة الدول العربية، وهي تواصل العمل المخلص والدؤوب من أجل دعم مسيرة العمل العربي المشترك، ومد جسور التعاون بين كل الدول العربية الشقيقة، من خلال خطوات عملية على أرض الواقع، فقد ترأست البحرين العديد من اجتماعات مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، وأثناء ترؤسها لهذه الدورات فهي تترأس أيضاً عددا من المجالس الوزارية المتخصصة.
كما استضافت عددا من اجتماعاتها. واستضافت الدورة الثالثة لمنتدى التعاون العربي الصيني على المستوى الوزاري في شهر مايو 2008، كما استضافت فعاليات أخرى في إطار منتدى التعاون العربي الصيني في وقت لاحق. واستضافت كذلك الدورة الأولى لمنتدى التعاون العربي الهندي في يناير 2016. كما عززت مملكة البحرين دورها البناء في مسيرة العمل العربي المشترك من أجل الدفاع عن أهم القضايا العربية الراهنة، خاصة القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط. وانطلاقا من ثوابتها عززت مملكة البحرين دورها البناء في مسيرة العمل العربي المشترك وعملية السلام في الشرق الأوسط من خلال عضويتها المهمة في لجنة مبادرة السلام العربية منذ تأسيسها بحيث لعبت دوراً مهما وبارزاً في الحراك العربي نحو سلام عادل والتي تضمنت كل متطلبات السلام في المنطقة.
وساندت مملكة البحرين القضايا العربية المهمة وعلى رأسها جهود مكافحة الإرهاب والقرصنة وغيرها. كما تمارس المملكة دوراً مشهوداً في الدفاع عن الدول العربية في مواجهة التدخلات الإيرانية السافرة في شؤونها الداخلية من خلال عضويتها في اللجنة الرباعية العربية المعنية بالتصدي لهذه التدخلات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، لعبت مملكة البحرين دوراً بارزاً وفعالاً خلال أول قمة اقتصادية تنموية عقدت في دولة الكويت الشقيقة يناير 2009 والتي هدفت إلى دعم العمل العربي الاقتصادي المشترك ودعم الاستثمار والمشاريع العربية المشتركة والانفتاح على الاقتصاد العالمي ومنظمة التجارة العالمية وجذب الاستثمارات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك