إعداد - عبدالـمالك سالـمان
تعد قمة أنشاص التي عقدت في عام 1946 بعد عام من تأسيس جامعة الدول العربية، أول قمة عربية وشاركت فيها سبع دول فقط هي الدول المؤسسة للجامعة العربية: مصر والسعودية واليمن وسوريا والأردن والعراق ولبنان. وكان موضوعها الأساسي وقف العدوان على فلسطين والدعوة إلى تحرير الدول العربية من الاستعمار.
لكن مراقبين يرون أن هذه القمة تصنف ضمن القمم الطارئة، ويرون أن أول قمة عربية حقيقية كانت في 13 يناير 1964 بالقاهرة، وقد دعا لها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
كان عنوان القمة الأولى، «القمة التأسيسية لإيقاف العدوان على فلسطين»، وقد عقد بدعوة من العاهل المصري آنذاك الملك فاروق الأول لتجري وقائعها يومي 28 و29 مايو 1946. بعد نحو عام على تأسيس جامعة الدول العربية، وتم خلال القمة، توقيع ميثاق الجامعة العربية للدول السبع.
وقد ارتبط تأسيس الجامعة العربية بقيام كيان عربي يدافع عن استقلال الدول العربية وأمنها وسلامتها من أي عدوان أو تهديد.
عقدت قمة أنشاص يومي 28 و29 مايو، وذلك بزهراء أنشاص استراحة الملك فاروق الأول، بمحافظة الشرقية على بعد 60 كيلومترا شمال شرق القاهرة.
شارك في القمة 7 دول وهي: مصر ممثلاً عنها الملك فاروق الأول، وشهدت أيضا مشاركة الملك عبدالله الأول بن الحسين (1882 ــ 1951)، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية وأول ملوكها، والأمير سعود بن عبدالعزيز آل سعود (1902 ــ 1969)، ولي عهد المملكة العربية السعودية حينذاك وملكها اعتبارا من عام 1953، وسيف الإسلام إبراهيم بن يحيى حميد الدين، نجل إمام اليمن، والأمير عبدالإله بن علي الهاشمي (1913 ــ 1958) الوصي على عرش العراق وقتها. ومعهم، كان بشارة الخوري (1890 ــ 1964) أول رئيس لجمهورية لبنان إثر استقلاله، والرئيس السوري شكري القوتلي (1891 ــ 1967).
شهدت القمة أجواء احتفالية حيث صدر بمناسبة انعقادها طابع تذكاري بعدة نسخ، كتب عليه «اجتماع ملوك ورؤساء الدول العربية» وحمل في كل نسخة صورة لأحد المشاركين من الملوك والرؤساء.
وقد اتسمت القمة بكل الطقوس الرسمية التي تتبع مثل هذه الاحتفالات من الاستقبالات في المطارات لرؤساء الوفود إلى كل البروتوكولات المتبعة، وأظهرت برغم بساطتها دقة في التنظيم.
لم يصدر عن تلك القمة أي بيان رسمي فقط اكتفت بمجموعة من القرارات وكان أهمها مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها، حيث إن كثيراً من الدول العربية لم تكن قد تحررت من المستعمرين بعد.
كذلك دعت القمة إلى جعل قضية فلسطين في قلب القضايا القومية، باعتبارها قطرا لا ينفصل عن باقي الأقطار العربية، وأكدت ضرورة الوقوف أمام الصهيونية، باعتبارها خطرا لا يداهم فلسطين وحسب وإنما جميع البلاد العربية والإسلامية.
وجاءت قرارات القمة العربية بأنشاص على النحو التالي:
1- ضرورة العمل بكل الوسائل الممكنة لمساعدة الشعوب العربية التي لا تزال تحت الحكم الأجنبي لكي تنال حريتها واستقلالها وتبلغ أمانيها القومية، بحيث تصبح أعضاء فعّالة في أسرة الجامعة العربية وفي منظمة الأمم المتحدة.
2- إن فلسطين قطر عربي لا يمكن أن ينفصل عن الأقطار العربية الأخرى، إذ هو القلب في المجموعة العربية، وأن مصيره مرتبط بمصير دول الجامعة العربية كافة، وأن ما يصيب عرب فلسطين يصيب شعوب الجامعة العربية ذاتها، ولذلك تعد قضية فلسطين جزءاً لا يتجزأ من قضايانا القومية الأساسية.
3- إن الصهيونية خطر داهم ليس لفلسطين وحدها بل للبلاد العربية والشعوب الإسلامية جميعاً، ولذلك فقد أصبح الوقوف أمام هذا الخطر الجارف واجباً يترتب على الدول العربية والشعوب الإسلامية جميعها.
4- إن أقل ما نرتضيه في سبيل حماية عروبة فلسطين هو:
أ- إيقاف الهجرة الصهيونية إيقافاً تاماً.
ب- منع تسرب الأراضي العربية إلى الأيادي الصهيونية بصورة تامة.
ج- العمل على تحقيق استقلال فلسطين وتشكيل حكومة تضمن فيها حقوق جميع سكانها الشرعيين دون تفريق بين عنصر ومذهب.
5- أجمعنا مع حرصنا الشديد على استمرار الصداقة والعلاقات الطيبة بيننا وبين حكومتَي بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية - على أن نعتبر أي سياسة تأخذ بها هاتان الحكومتان أو أية حكومة أخرى تناقض ما جاء في الفقرة (4) سياسة عدوانية موجهة ضد فلسطين العربية، وبالتالي ضد دول الجامعة العربية كافة. ولذلك، فأي أخذ بتوصيات لجنة التحقيق، مما فيه إجحاف بحقوق عرب فلسطين، تعتبره دول الجامعة العربية عملاً اعتدائياً موجهاً ضدها.
6- في حالة الأخذ بسياسة عدوانية في فلسطين، لا تتفق وما جاء في الفقرة (4)، تُتخذ كل الوسائل الممكنة للدفاع عن كيان فلسطين الذي هو جزء لا يتجزأ من كيان البلاد العربية الأخرى.
7- أجمعنا على ضرورة مساعدة عرب فلسطين بالمال لأغراض الدعاية وحفظ الأراضي بيد العرب، وغير ذلك من الأغراض التي تعمل على تقوية الكيان العربي في فلسطين، على ألا يقل ما تتبرع به كل دولة سنوياً عن نسبة واحد بالمائة من الدخل القومي.
8- أجمعنا فيما إذا استمر الغزو الصهيوني لفلسطين واضطر عرب فلسطين إلى الدفاع عن أنفسهم أن ندعم عرب فلسطين ونساعدهم بكل الوسائل الممكنة.
وبمناسبة انعقاد قمة أنشاص شدت أم كلثوم (1898 ــ 1975) برائعتها «زهر الربيع» ترحيبا بالضيوف ولقائهم التاريخي. وجاء مطلع زهر الربيع» من كلمات محمد الأسمر وألحان زكريا أحمد، كالتالي:
زهر الربيع يرى أم سادة نجب.. وروضة أينعت أم حفلة عجب
تجمع الشرق فيها فهو مؤتلف.. كالعقد يلمع فيه الدر والذهب
كفاه أن يد الفاروق تنظمه.. وأنه أمل للشرق مرتقب
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك