عُرض فيلم «عذر أجمل من ذنب» للمخرج البحريني هاشم شرف ضمن مهرجان السينما السعودي في دورته العاشرة في الثالث من مايو 2024م، ويتناول الفيلم محنة شاب يحاول تصعيد حصان عن طريق سلّم البناية الضيّق ليعيش معه في شقتهم، إلا أن هذا التصرف يدفع أهالي البناية إلى اعتراض طريقه.
يبدأ الفيلم بحالة مشهدية توضّح مدى ضيق البناية وحالتها شبه السيئة تدلّل على المستوى الاجتماعي لقاطني هذه البناية، فيدور الصراع بين شخصية الشاب (قاسم) ذي الملامح الكئيبة والكهل (أبو غايب) العصبي، حيث كان يحاول قاسم تصعيد الحصان ليعيش معه في شقتهم، ولكن يعترض طريقه أبو غايب بكل غضب بعد أن سأله عمّا يفعله، فيشتد الجدال والصراخ بين الاثنين.
قاسم مُصّر على رأيه ويرغب في تصعيد الحصان، وأبو غايب يشتاط غضبًا لدرجة دفعته إلى جلب أدوات متفرقة مثل (كرسي، دراجة هوائية، وإلخ) وسد الطريق على قاسم في منعطف السلّم، مما يعطّل حياة باقي الشخصيات قاطني البناية.
يصرّح قاسم غاضبًا (أنا حر، خلونا نتنفس شوي) ويجيبه أبو غايب بأن الحرية تجدها في أمريكا وأوروبا ( ويا أنا يا أنت وما راح تركّب الحصان).
وهنا يأتي دور الدلالة التي تم توظيفها بشكل جميل في الفيلم، حيث قاسم يمثّل مبدأ الحرية ولكن حرية يعيبها القصور في الفهم ويغلب عليها طابع الاندفاع والعناد، وأما الكهل فيمثّل الاتجاه التقليدي من التفكير ولكن يغلب عليها طابع العصبية والعناد أيضًا في مفارقة جميلة بين الشخصيتين.
وهنا نجد عدة قواسم مشتركة بين الشخصيتين الرئيسيتين، منها العناد والإصرار على الموقف دون الأخذ بالاعتبار الآثار المترتبة على ذلك، حيث أصبحوا فرجة في الشارع بالقرب من البناية واشتد الازدحام وأخذت أبواق السيارات بالارتفاع، بعدها تتدخل إحدى الشخصيات لمحاولة إقناع قاسم العدول عن رأيه (شخصية تمثّل الوسطية والاعتدال) بعدما باءت محاولة أم قاسم بالفشل، ومع وقت أذان الظهر يقتنع قاسم بالذهاب معه لأداء الصلاة.
في المسجد وخلال أداء الصلاة، ينتظر قاسم لحظة سجود المصلّين ويتراجع للخلف ويهم بالجري متجهًا إلى البناية ومحاولة تصعيد الحصان مجددًا، ومن ثم يلاحظ أبو غريب الذي كان يصلّي في الصف نفسه الذي كان فيه قاسم اختفاءه ويشرع هو الآخر بالتراجع والجري باتجاه البناية، وهنا يكون القاسم المشترك الآخر بين الشخصيتين هو أن الرأي أهم من كل شيء آخر، أهم من مصلحة الآخرين، وأهم من الصلاة التي تمثّل أعلى رمزيات القداسة.
وفي أثناء قيام قاسم بمحاولة فك رباط الحصان الذي كان قد ثبّته في أعمدة السلّم الحديدية الجانبية؛ يدخل أبو غريب غاضبًا ويدفع قاسم على الأرض، يتبادل الاثنان النظرات الحادة، ويقطع هذه النظرات صوت تبرّز الحصان، بعدها لم يتمالك أبو غريب نفسه ويهرب مسرعًا تجنبًا للرائحة، بينما يقوم قاسم مبتسمًا ويفتح رباط الحصان، وينتهي الفيلم بمشهد طفلة تجلس على باب الشقة وتسمع صوت خطوات الحصان على السلّم تاركًا في ذهن المشاهد عدّة تساؤلات.
العمل رغم صغر حجمه وإمكانياته البسيطة؛ إلا أنه عميق في طرحه وجميل في أسلوبه، مع كل الأمنيات للمخرج هاشم شرف بالتوفيق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك